نشرت “الفينشيال تايمز” مقالًا للكاتب جدعون راشمال بعنوان “الاستياء من الديمقراطية في الشرق الأوسط“والكاتب يقول في المقال:
إنه منذ عقد من الزمن، كانت الشعوب العربية تحتفل بسقوط الطغاة، لكنها الآن تحتفل بسقوط الديمقراطية!!
واعتبر أن هذه الانتكاسة التي تعرضت لها الحرية السياسية في الشرق الأوسط لها دلالات دولية. ويرجّح الرئيس الأمريكي جو بايدن أن المعركة بين الاستبداد والديمقراطية سوف تكون سمة هذا العصر.
و على النقيض من ذلك، نجد بكين وهي تحاول فرض “النموذج الصيني” الذي يؤكد على أن الاستقرار والنظام مقدمان على الحرية. وأعتقد أن الأحداث الحالية في الشرق الأوسط تمثل نذير شؤم لقضية الديمقراطية بصفة عامة”.
ويتساءل الكاتب “إذن كيف يمكن لمن يؤيدون وجهة نظر بايدن تفسير تراجع الديمقراطية في الشرق الأوسط؟”
ويرى في إجابته أنه لا داعي للتخلي عن الإيمان بأن الحرية السياسية شيء مهم ولا التخلي عن الأمل في أن تُرسى قواعد الديمقراطية في المنطقة في نهاية الأمر.
لكنه يؤكد – أن هناك حاجة إلى قدر من التوازن بين هذا المبدأ وبين معاناة العامة العالقين في دول فاشلة. فالديمقراطية مهمة دون شك، لكنها تأتي في أسفل ترتيب الاحتياجات بعد الغذاء، والمسكن، والأمن. ويشدد أنه إذا فشلت الحكومات المنتخبة في توفير هذه الاحتياجات الأساسية، فسوف تتوافر مغريات قوية جدا تدفع بالناس إلى التعلق برجل قوي يعد بالاستقرار.
ونوّه الكاتب – إلى أنه ليس من الغريب في العراق أن تُسمع أصوات تجهر بالحنين إلى أيام صدام حسين، الذي كان على الأقل يوفر التيار الكهربائي بشكل مستقر بين احتياجات أساسية أخرى، وهو الحنين الذي ظهر بعد أن اتبعت البلاد نظاما ديمقراطيا يوزع السلطة على أساس طائفي، مقوضا أية محاولات للإصلاح وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين.
ويؤكد الكاتب كذلك أن أقوى وأغنى دول في المنطقة، هي دول أوتوقراطية لا مصلحة لها في نجاح التجربة الديمقراطية.
ثم تأتي أهم فقرة في المقال من وجهة نظري، حينما يقول الكاتب:
إن تجربة الدول الآسيوية، مثل كوريا الجنوبية وتايوان، تشير إلى أن فترة من التطور الاقتصادي والتعليمي والمؤسسي السريع في ظل نظام استبدادي يمكن أن تهيئ الظروف التي تجعل الانتقال إلى الديمقراطية أكثر احتمالا للنجاح. وحتى أوروبا في القرن الثامن عشر، تطورت بسرعة في ظل مجموعة من الحكام المعروفين باسم الطغاة المستنيرين.
لكن تكمن الصعوبة في أنه في الشرق الأوسط، كان الطغاة غير المستنيرين أكثر شيوعا من الطغاة المستنيرين. وكان أحد أسباب اندلاع ثورات 2011 هو الاشمئزاز الشعبي من سنوات الفساد والركود.
ويرى الكاتب أنه يمكن أن تبدو “الأوتوقراطية” مقبولة من الناحية النظرية، ولكنها عادة ما تعني التعذيب والقتل والظلم. ويشدد أن الطغاة في الزمن القديم كانوا يشترون بعض الشرعية بمواد غذائية ومنتجات طاقة مدعومة من الحكومات، لكن هذا الخيار أصبح رفاهية بالنسبة للطغاة الجدد في الشرق الأوسط، إذ أصبحت حكوماتهم غارقة في الديون.
ويختتم أنه إذا كانت تجارب الديمقراطية فشلت في حل مشاكل الشرق الأوسط فمن غير المرجح أن تكون النظم الاستبدادية (الأوتوقراطية) المتجددة أكثر فعالية.