الاحدثدولي

بعد المناظرة التلفزيونية لمرشحي الرئاسة الأمريكية، هل ستفوز المؤسسة أم الفرد !؟.. | بقلم علي الهماشي

اعتادت الولايات المتحدة على مثل هذه المناظرات بين المرشحين للرئاسة الأمريكية وكانت تعطي دافعًا لمن تكون أجوبته مقنعة ويستطيع إحراج خصمه، ويميل الشعب الأمريكي للمناظرات ويندفع مع الفائز، ولا يتعاطف مع الخاسر اطلاقًا، فهو شعب تطبع بالبراغماتية والتعامل مع الأمر الواقع ، ولا ينظر إلى الخلف وثقافة الفوز بالسباق لا المشاركة فيه هي الطابع الغالب على هذا الشعب .

تَطبعَ الشعب على مبدأ البقاء مع الأقوى و”الحي أولى من الميت” و” لا عزاء للخاسر” و” لا بكاء على الضحية”.

المناطرة الفخ :

وكانت المناظرة (فخًا) لبايدن المتعثر والمتلعثم في خطاباته منذ أنْ وصل إلى سدة رئاسة البيت الأبيض الأمريكي و ( طوق نجاة) لترامب الملاحق من المحاكم في أكثر من ولاية أمريكية وكذلك من المحكمة الاتحادية، وهو أكثر رئيس يتحدث بلغة شعبية ويستخدم مصطلحات غير مسبوقة في خطاباته تحاكي الأمريكي (المضطهد ) الذي يرى أمواله التي تستقطعها الضرائب تذهب إلى أمور لا يستفيد منها !.وكذلك تناغم الأمريكي الذي يعيش عقلية (رامبوا ) او الأمريكي المتفوق على العالم.

كان الفترة الماضية من السباق تشير إلى انحسار حضور بايدن وان حضر تحولت إلى حكايات تندر وفكاهة لما يرتكبه سيد البيت الأبيض، فقد يكون الرئيس الأمريكي الأكثر تعثرًا في خطاباته والأكثر إحراجًا لفريقه لا بسبب اجتهاده بل لفقدانه الأهلية بالحضور كرئيس (قوي ) لأقوى دولة في العالم والجماهير الأمريكية تميل إلى القوي وهذا ما افتقده بايدن في رئاسته للبيت الاييض، وكان حضوره في قمة الدول السبع في إيطاليا وسرحانه ودورانه حول نفسه في ظهور الزعماء خارج قاعات الاجتماع مادة إعلامية دسمة و موضع سخرية لمواقع التواصل الاجتماعي وقد التقط المصورون هذه اللقطات وتناولها الكتاب المناهضون لهذه الدولة بشكل عنيف سيما وأن هذه الفترة فترة حرب ودعم للكيان الصهيوني على حساب شعب أعزل، في ازدواجية واضحة فهي تدعي مساعدة شعب دولة (ضحية ) هي اواكرانيا مقابل (المعتدي) الروسي!!.

في المقابل كان ترامب يمثل دور (الضحية البطل ) الذي سينتصر على المتأمرين في نهاية الفيلم الأمريكي ،ويجيد هذا الرجل التعامل مع الاعلام المرئي و وسائل التواصل الاجتماعي فهو لا يلتزم بثوابت أمريكية التي يلتزم بها السياسيون الأمريكان فهناك سقف لهذه المؤسسة لا يمكن تجاوزها ، لكن ترامب القادم من عالم المال والأعمال إلى عالم السياسية لا يعترف بهذه الثوابت والسقوف، وهو ليس بحاجة إلى ممولين وداعمين بل كان سابقا ممولا وداعمًا للمرشحين، وهو من فضح فيما سبق عملية الدعم المالي لهذا السياسي أو ذاك، وما يشوبها من ابتزاز او ضغط، واعترف بأنه موَّل الفريقين الديمقراطي والجمهوري في انتخابات الگونغرس، وحولها إلى حالة تعاطف معه و وصم بها منافسيه وأهمهم في ذلك الوقت السيدة كلينتون.

نجح ترامب في تحويل محكاماته واتهاماته إلى أن يكون رمزاً للمعارضة للمؤسسة الحاكمة (الفاسدة) والتي يؤمن بهذه الحالة قطاعات أمريكية واسعة ،وترى في ترامب حالةً متمردة لتجاوز سور هذه المؤسسة .

ترامب لم يتخلَ عن سلاحه وسائل التواصل الاجتماعي التي وظفها بشكل لم يستطع منافسه السابق ولا الحالي مجاراته ،فهو لم يكن بحاجة إلى لغة سياسية في نشر تغريداته بل كانت بطريقة شعبية او (شعبوية ) تفاعلت معه قطاعات الجماهير والجيش بطريقة لم يسبق لها مثيل ، ولاننسى بوجود دعم من قيادات الجيش وشركات صناعة السلاح الكبرى في عملية تخادم وتوافق متبادلة.

و المناظرة التلفزيونية لا تعني نهاية النزال لكنها واحدة من أهم المفاصل في سباق الانتخابات الأمريكية، مازال السباق في هذه الانتخابات قائما لكنه نزال من نوع أخر نزال جديد وهو بين المؤسسة الحاكمة وبين أصحاب النزعة الفردية ،وبين مؤسسات حكومية تقليدية وبين مؤسسات الصناعة العسكرية الأمريكية.

فالمحافظون على شكل المؤسسة الأمريكية هم مع بادين وإن مثل أضعف حالة في الرئاسة الأمريكية ، يقابله لوبي لشركات عالمية وقطاعات جماهيرية ، بالاضافة إلى اليمنين والحركات العنصرية تجد في ترامب رأس الحربة في عودة أمريكا قوية من خلال تطهير أمريكا اولا وانهاء حقبة اوباما وطمسها للأبد !.

وهناك عوامل أُخرى سنراها في الأيام المقبلة فالمناظرة جزء من المعركة وليست كلها ، وتعودنا في عالم المفاجئات الأمريكي أن تظهر لنا مشاهد تقلب السيناريو في النهاية ، كما هي أفلام هوليود التي يخبأ المخرج فيها مفاجئته في نهاية المشاهد من الفيلم.

لهذا ما زلت انتظر المفاجئات من المؤسسة السياسية الامريكية التي لاتريد للنزعة الفردية أن تستولي على البيت الابيض ، وقد جربت اربع سنوات (كارثية ) في تراجع قيادة الولايات المتحدة للعالم، وإن كانت بعض خطواته مؤذية للمناوئيين للولايات المتحدة إلا أنها في نفس الوقت (أذلت) الاصدقاء وأبعدتهم عنها ..

هناك مساران وفريقيان في هذه الانتخابات فريق المؤسسة وفريق الفرد ،وسنرى مَنْ سيصرع مَنْ ، وفي النهاية سيصفق الجمهور للفائز وتبقى ثقافة الامر الواقع هي السائدة !!.

السيّد علي الهماشي، كاتب عراقي

السيّد علي الهماشي، كاتب عراقي مواليد بغداد، له كتابات سياسية عديدة في الشان العراقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى