الاحدثدولي

جورج غالاواي نصير الحق والحرية والكرامة | بقلم معن بشور

لن يكون فوز السياسي البريطاني جورج غالاواي المناضل الاسكتلندي العريق، في الانتخابات الفرعية في “روتشديل” الشهيرة، مجرد حدث عادي في الإمبراطورية “التي لم تكن تغيب عنها الشمس”، كما كان يقال، حدثاً عادياً في السياسة البريطانية، لاسيّما بعد تورط حكومتها في الدفاع عن حكومة نتنياهو وارتكاباتها الإجرامية بذريعة الدفاع عن النفس، بل يمكن اعتبار هذا الفوز مؤشراً لتغيير عام في المزاج البريطاني تجاه الكيان الصهيوني الذي انطلق الوعد بقيامه على يد بلفور وزير خارجية بريطانيا عام 1917، والذي تمّ في مجلس عمومه التوقيع على معاهدة “سايكس بيكو” (1916) التي قضت بتجزئة الوطن العربي وكشفت عنها موسكو التي كانت حكومتها مشاركة فيها قبل الثورة البلشيفية بقيادة فلاديمير لينين والتي كان الكشف عن هذه المعاهدة الاستعمارية من أول انجازاتها بعد أكتوبر 1917.

لم تكن علاقة غالاواي بفلسطين الذي انتخب نائباً لأول مرة عن مسقط رأسه في اسكتلندا عام 1987، ليصبج نائباً على مدى قرن منافساً ونستون تشرشل في الاحتفاظ بمقعد نيابي كل هذه المدة، تعود إلى حرب “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، كما يحاول البعض أن يقول، لكنها تعود إلى أواخر سبعينيات القرن الماضي، حين التحق وهو شاب (25 عاماً) في صفوف حركة (فتح) في لبنان، وكان قريباً من الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي طلب منه مغادرة لبنان عشية الغزو الصهيوني عام 1982، ليساعد الثورة في الخارج، كما قال له أبو عمار..

ويقول غالاواي إن من عرّفه إلى قضية فلسطين هو صديق من بلدة نابلس نجح في اقناعه بتوأمة المدينة الفلسطينية العريقة المعروفة “بجبل النار” مع مدينته “داندي” في إقليم اسكتلندا في المملكة المتحدة، وكان غالاواي عضواً في مجلس بلديتها آنذاك، بل نجح أيضاً حين أصبح نائباً في مجلس العموم في توأمة مدينة بيت لحم بمدينة غلاسكو عاصمة اسكتلندا.

هذه العلاقة بفلسطين الممتدة إلى نصف قرن تقريباً هي التي تفسر حماسته اليوم في التصدي للمجازر الصهيونية في غزّة عام 2024، كما لكافة القضايا العربية امتداداً، وفي مقدمها الحصار على العراق والحرب عليه عام 2003، والتي جعلت طوني بلير رئيس حزب العمل (Labor Party) رئيس وزراء بريطانيا أبان غزو العراق، إلى فصله من الحزب الذي كان أحد أبرز نوابه على 16 عاماً، كما بقي داعماً للمقاومة في لبنان التي حرص أن يحضر إلى لبنان بعد حرب تموز 2006، وليعلن أثر مقابلة شهيرة يومها مع أحد المسؤولين الرسميين اللبنانيين الكبار، والذي كان يشكو من تلك الحرب ونتائجها المأساوية: “عادة أزور مسؤولين عرب يجعلون من هزائمهم انتصارات، ولكنني اليوم التقي للمرة الأولى مسؤولاً عربياً يرى في انتصار بلاده هزيمة”.

جاء انتخاب غالاواي المعروف بقدرته الخطابية وكلماته اللاذعة بحق المسؤولين في بلاده وخارجها اليوم، وما ناله من أصوات تعادل الأصوات التي نالها مجتمعين مرشحو حزب العمل والمحافظين والأحرار معاً، “انتصاراً لغزة”، كما قال بنفسه بعد إعلان النتائج، وتعبيراً عن مزاج جديد يتكون في بريطانيا، كما سائر دول الغرب، حيث تترنح الرواية الصهيونية أمام تصاعد مصداقية الرواية الفلسطينية، وحيث بدا بوضوح ارتباط المواقف في السياسة الخارجية لهذه الدول الغربية مع المواقف في السياسة الداخلية التي كان غالاواي من أشد المعارضين للسياسات الاقتصادية والاجتماعية للطبقة الحاكمة في بلاده، والمرتبطة بمصالح كبار الرأسماليين والاحتكاريين في تأكيد على عمق العلاقة بين السياسة الإمبريالية لدول وحكومات الغرب في الخارج مع السياسات الاحتكارية لهذه الحكومات في الداخل.

إن حزب العمال (Workers Party) الذي يضم الآن غالاواي وأمثاله من أحرار بريطانيا ويقدم نفسه بديلاً لحزب العمل (Labor) مؤهلاً لأن يلعب دوراً سياسياً كبيراً في مستقبل “الإمبراطورية” العجوز التي آن لها أن تجدد نفسها عبر التغيير أو تسقط في مهاوي التاريخ.

معن بشور، الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي

معن بشور كاتب سياسي قومي عربي لبناني، الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي. حصل على شهادة بكالوريوس اقتصاد من الجامعة الأميركية في بيروت وإجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية. عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي ونائب أمينه العام (2000-2003) وأمينه العام (2003-2006). عضو لجنة المتابعة في المؤتمر القومي الإسلامي منذ تأسيسه. تولى مسؤوليات قيادية بارزة في حزب البعث العربي الاشتراكي وحضر مؤتمره القومي الثامن عام 1965، وخرج منه في عام 1975 ليشترك مع عدد من رفاقه في تأسيس تجمع اللجان والروابط الشعبية الذي يتولى الآن مسؤولية منسقه العام. عضو قيادي في العديد من المؤسسات السياسية والإعلامية الفلسطينية، وكان أول عضو غير فلسطيني ينتخب في الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين في مؤتمره الثاني في تونس عام 1977. عضو مؤسس للمؤتمر الوطني لدعم جنوب لبنان عام 1968. عضو مؤسس في المنظمة العربية لحقوق الإنسان عام 1982، والمؤتمر القومي العربي عام 1990، والمؤتمر القومي الإسلامي عام 1994. المدير العام لدار الندوة في بيروت حتى عام 2004. رئيس اللجنة التحضيرية لملتقى القدس الدولي في إسطنبول عام 2007. المشرف العام على مجلة «المنابر» اللبنانية الثقافية. المشرف العام على مخيمات شباب لبنان الواحد، وعضو هيئة الإشراف على مخيمات منظمة الشباب القومي العربي والعديد من الهيئات والجمعيات الشبابية والاجتماعية. الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي عام 1997، والذي أطلق حركة ثقافية عروبية في لبنان وقاد العديد من أنشطة التضامن بين البلدان العربية. شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات العربية والدولية وحاضر في العديد من العواصم والمدن العربية والأوروبية. عضو مجلس أمناء لجنة المتابعة لقضية المعتقلين اللبنانيين في سجون الاحتلال «الإسرائيلي»، وعضو الجمعية اللبنانية لحقوق الإنسان، عضو الجمعية الصحية اللبنانية. منسق الحملة الأهلية لنصرة فلسطين والعراق التي قادت المسيرات والتظاهرات والاعتصامات ضد الحرب على العراق وفلسطين. عضو مؤسس في مؤسسة القدس، وعضو في مجلس إدارتها. عضو مؤسس في اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة التي تأسست في دمشق في مطلع العام 2001. عضو مؤسس في الهيئة الوطنية لمقاومة التطبيع، وفي اللجنة الوطنية للدفاع عن المعتقلين. ■ مؤلفاته دولة بعض فلسطين. في سبيل الوحدة العربية. بيروت من الحصار إلى الانتفاضة. الحركة العربية الواحدة. إشكالية العلاقة بين العروبة والإسلام. العروبة الجديدة. مقاومة التطبيع أفكار وأساليب. إشكالية التغيير السياسي وسبل تحقيقه. التجربة الحزبية العربية، ما لها وما عليها. بالإضافة إلى مقالات ودراسات في العديد من الصحف والدوريات اللبنانية والعربية حول قضايا النضال العربي والمشروع الحضاري العربي والديمقراطية والمجتمع المدني والاقتصاد العالمي والتجارب الحزبية والحرب اللبنانية. مقالات هذا المؤلف (189) من وحي الانتصار الأرض تقاتل مع أهلها ثورة يوليو والنداءات الثلاث التضامن الحقيقي مع أسرى الحرية عشية ذكراها 62.. غزة وثورة يوليو نتنياهو والهروب إلى الأمام 25 أيار 2000:من تحرير الأرض...إلى تحرير الإرادة 5 آب 1982 يوم من أيام الكرامة العربية نوبل الآداب والطب... في صلب مشروعنا النهضوي المحمود أبو محمود من حرب على سورية إلى حروب على روسيا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى