في”اعلان القدس” الذي وقعه رئيس وزراء العدو في ذلك الوقت يائير لابيد مع رئيس الولايات المتحدة جو بايدن يوم 14 تموز 2022، ورد في مضمون بنود مذكرة التفاهم التاريخية دعم الولايات المتحدة لامن “اسرائيل” ومعالجة التهديدات الناشئة والحقائق الجديدة، وتتضمن دعم مالي بلغ 38 مليار دولار اميركي. وفي اشارة الى الظروف الاستثنائية تم تقديم مليار دولار تمويل تكميلي للدفاع الصاروخي في اعقاب صراع ايار 2021 والذي استمر 11 يومًا بين المقاومة “حماس” والعدو “الاسرائيلي”.
والاهم في “اعلان القدس” الاشارة الى اتفاقيات السلام والتطبيع بين “اسرائيل” وكل من الامارات والبحرين والمغرب، والتي تعتبرهم وثيقة “اعلان القدس” اضافة مهمة لمعاهدات السلام الاستراتيجية بين “اسرائيل” ومصر والاردن. حيث تؤكد “وثيقة اعلان القدس” ان هذه الخطوات مهمة لمستقبل الشرق الاوسط اولًا وثانيًا للامن الاقليمي والاكيد “اطار اقليمي جديد يغير وجه الشرق الاوسط”
هذه الخطوات بدأت مع الاجتماع الرباعي (I2U2) بين قادة الهند والامارات والولايات المتحدة و “اسرائيل” بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي والبنية التحتية الاستراتيجية في تشرين الاول 2021 واستكملت في المنامة – البحرين يوم 27 حزيران 2022 لتستكمل في قمة النقب حول التعاون الاقليمي، وتكلل بوثيقة “اعلان القدس” تموز 2022.
لم يتغير شيء بوصول نتنياهو الى رئاسة الحكومة وخروج لابيد الى المعارضة، الثابت الوحيد ان عملية “طوفان الاقصى” جاءت في سياق عمليات مستمرة ومواجهات متدحرجة كانت ابرزها “عملية سيف القدس”. الواضح ان مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية للولايات المتحدة من الشرق الى الغرب، وانطلاق “معركة الغاز” في شرق المتوسط وشمال افريقيا، وصولًا الى تحضيرات واضحة لبناء شراكات جديدة تحت عنوان “الازدهار والسلام”، مقدمات كشفت عنها زيارات الوفد الاميركية من الرئيس بايدن الى وزير الخارجية ووزير الدفاع وصولا الى مستشار الامن القومي ووفود امنية اطلسية واوروبية.
عملية “حارس الازدهار” في البحر الاحمر جزء من مشروع “البنية التحتية الاستراتيجية” التي تعمل عليه الولايات المتحدة مع حلفاء اقليميين لبناء تكامل اقليمي جديد، امام هذا الواقع اصبح واضح ان المملكة العربية السعودية تنافسها الامارات العربية المتحدة في الخليج، وان مبادارات قطر وسلطنة عمان لبناء جسور التواصل وتعزيز فرص السلام استكمال لهذا البناء الجديد الذي ترسم خرائطه الولايات المتحدة “الدولة العميقة” وينفذ “محور” شرق المتوسط فيه “نتنياهو”.
امام الواقع الجديد، بعد 7 تشرين الاول 2023 ما هو دور”اسرائيل” في هذا البناء التكاملي الجديد للمنطقة، وكيف سيكون دور لبنان في ظل استمرار مخطط التفكك والحصار المالي والاقتصادي على لبنان منذ ما قبل العام 2018.
الاكيد ان مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الطاقة هوكشتناين والذي يزور لبنان لمحاولة وضع اجندة حوار تستكمل ما بدأه في نهاية العام 2022 من ترسيم بحري للحدود البحرية اللبنانية مع “اسرائيل”، او “تفاوض” عناونه اليوم “انتخابات رئاسية” و “تطبيق القرار 1701” مضمونه “امن اسرائيل” او امن الطاقة التي تعتبر “امن قومي للولايات المتحدة” من باب المندب وهرمز في الخليج الى شرق المتوسط وشواطئ لبنان، الولايات المتحدة الاميركية “حارس الازدهار والسلام”.
دور لبنان المصرفي والخدماتي البحري والجوي وصولًا الى اشكالية وجود تكنولوجيا لدى المقاومة وخبرات امنية وعسكرية متفوقة على حدود لبنان الجنوبية تقلق الكيان، لذلك كما يتم الان دراسة واقع المستوطنات في غلاف غزة كذلك امن المستوطنيين والمستوطنات في الشمال يعتبر الهاجس الاول للامنيين في “اسرائيل”.
في هذا السياق، عقد في مدينة عسقلان يوم 25 كانون الثاني، مؤتمر “الامن الاسرائيلي” بالتعاون مع معهد القدس للشؤون العامة، سعى لرسم صورة شاملة للوضع وتم مناقشة الساحات التي تدور فيها الحرب عسكريًا، سياسيًا اجتماعيًا، ودوليًا. كما تم نقاش حول صورة الحرب الشاملة المتعددة الجبهات، الاسباب التي ادت الى احداث 7 تشرين، اهداف الحرب التي يخوضها “الجيش الاسرائيلي” ماذا تحقق وماذا ينتظر “الداخل الاسرائيلي”. وقد اعتبر مؤسس مجموعة “الامنيين” العميد امير افيفي ان “اسرائيل على مفترق طرق حاسم وقرارات الحكومة اليوم سترسم مستقبلنا للمائة عام المقبلة.” كما تحدث نتنياهو بكلمة مسجلة وكان مشاركة من وزير المالية الاسرائيلي اليميني سموتريتش.
اما ما هو مهم للبنان مشاركة العقيد المتقاعد الدكتور جاك ناريا (Neriah) مساعد رئيس الخابرات العسكرية الاسرائيلية ومستشار للشؤون الخارجية لرئيس الحكومة اسحاق رابين.
ولما كانت “اسرائيل” فشلت في استعادت “نظرية الردع”. لتنتصر المقاومة استراتيجيًا بوحدة المحور وتكامله في الاسناد الميداني والسياسي، في مقابل انجازات تكتيكية حققتها “اسرائيل” بدخولها العسكري الميداني الى قطاع غزة للمرة الاولى منذ انسحابها منه في العام 2005.
امام هذا الواقع، خيارات توسيع العمليات العسكرية الاسرائيلية في جنوب لبنان حتى نهر الاولي اتخذت، والسؤال التي تناقشه مراكز الدراسات لدى العدو والقيادات الامنية، مفاوضات وعمليات عسكرية تستهدف البنية التحتية للمقاومة مع تدمير ممنهج لكل مؤسسات المقاومة ومجمعاته ربما تستعيد عبر اعمالها الحربية جزء من توازن ردع فقدته، للبناء عليه بفرض شروط سياسية كما حصل عام 2006 في القرار 1701.
العدو الاسرائيلي يكرر نفسه في العام 2024 كما جرى في العام 2006، وينتظر من حزب الله خطأ في الميدان ليبرر عمليته العسكرية في جنوب لبنان، كما حصل مع حركة حماس في قطاع غزة. تسابق بين وقف اطلاق نار او مناورة الانتقال الى المرحلة الثالثة في غزة، عناوين يحملها الموفدين الدوليين الى حزب الله، لانهم يدركون حجم الخسائر التي سيدفعها المستوطنون والمستوطنات وهيبة جيش العدو الاسرائيلي، الاكيد ان اسابيع “رعب الشمال الآتي” لم تعد بعيدة.