الخيرُ والشرّ يُصنعان في عُقولِنا…وكذلكَ الصدقُ والكذبْ | كتبت نور الحلو

المجاملة، الصراحة، الاحترام، الحقيقة، التجريح، الكذب، النفاق، الوقاحة، كل ما ذكر وسائل نستخدمها في حياتنا اليومية بحكم ما نتعرض له من مواقف تتطلب منّا أن نبدي رأينا في شخص، موقف، حالة، هناك أشخاص في مجتمعنا يحبون سماع الرأي الموافق لرأيهم فقط بمعنى آخر “التطبيل” وغير ذلك ليس مرحّبًا به. وهناك من يعتبر أن إسعاد الآخرين عبر مجاملتهم وسيلة لكسب اهتمام من حولهم، ولكن ما مدى تأثير هذه الظاهرة على المجتمع؟؟ مجتمعنا غير شفاف ولكنه يحتاج إلى الصدق قبل أي شيء آخر. التكتم أيضا هو عمل أخلاقي ما لم تكن صراحتنا قادرة على خدمة أخلاقنا، الصمت هو أحد أدوات الحق، الصمت الوحيد المرفوض هو الصمت عن الحق وهذا يعني تحديدًا الصدق.

الشفافية
هدف مشترك يجمع المجاملة والصراحة “الشفافية”، فالمجاملة هدفها الأساسي رفع معنويات الأشخاص من خلال ذكر حسنات الناس وتجاهل عيوبهم من دون الدخول في دوامة الكذب، لذا فهي تعتبر جزء من الحقيقة.  أما الصراحة فتتطلب الشجاعة، والثقة بالنفس، لأننا نبدي رأينا بالأمور بكل وضوح ونقول الحقائق كما هي مع الأخذ بعين الاعتبار الابتعاد عن التجريح .

كطبيعة بشرية لا يكتمل شعور الإنسان بالسعادة إلا بوجود أناس من حوله، وبالطبع سعادة الآخرين جزء من سعادتنا على سبيل المثال عندما نبتسم نؤثر بشكل غير مباشر على محيطنا، ربما قد تعطي الابتسامة لمن حولنا الأمل بشكل ما، ولكن علينا الابتعاد عن التصرف بعشوائية، ففكرة أن تساعد الناس لا ترتكز على معيار الأسوأ أو الأحسن. لو أنّ المجتمع يسوده الصدق والصراحة، فإلى أي درجة تكون الثقة في المجتمع؟

-ريتشارد وايزمان
يقول عالم النفس ريتشارد وايزمان: “ثُلث سكان العالم تقريبا يكذبون كذبات خطيرة كل يوم”.
وعلى الرغم من ذلك أظهر استطلاع رأي أن خمسة في المئة من السكان يزعمون أنهم لم يكذبوا على الإطلاق.
يقول ريتشارد: “نحن بارعون في الكذب، ونعجز للغاية عن اكتشاف الكذب”.
بعضنا يكذب أفضل من الآخرين، ويضع ريتشارد وايزمان اختبارا للتمييز بين الفريقين، ويطلق عليه اختبار “Q” ويستغرق الانتهاء منه نحو خمس ثوان فقط.
ارسم حرف Q على جبينك، والسؤال هل وضعت ذيل حرف Q فوق عينك اليمنى أم عينك اليسرى؟ بمعنى آخر، هل ترسم علامة Q بحيث يمكن لشخص أن يقرأها وهو ينظر إليك، أو يمكنك أنت فقط قراءتها؟
تقول النظرية إنه إذا وضعت ذيل الحرف فوق عينك اليسرى، حتى يتمكن الأشخاص الذين يقفون أمامك من قراءتها، فأنت تفكر دائما في كيفية جعل الآخرين يفهمونك، وبالتالي أنت تميل إلى الكذب.
لكن إذا وضعت الذيل على عينيك اليمنى، فأنت ترى العالم من وجهة نظرك الشخصية، وتميل إلى الصدق أكثر.
الكذب جزء مهم حقا في القدرة على التنقل في عوالم اجتماعية كبيرة ومعقدة.

متى يكذب البشر؟
يقول ريتشارد وايزمان إن هناك بعض الدراسات المثيرة للاهتمام تحدد العمر الذي يبدأ فيه الأطفال في الكذب.
ويضيف: “اجمع مجموعة أطفال في غرفة، وقل لهم (نحن نضع لعبتكم المفضلة خلفكم، لكن برجاء عدم النظر إلى الخلف)، ثم اترك الغرفة وذكّرهم مرة أخرى بعدم النظر إلى اللعبة”.

الغش أم حل المشكلة؟
ستدرك بعد بضع دقائق، عن طريق مراقبتهم من خلال دائرة تلفزيونية مغلقة، أنهم ينظرون إلى اللعبة.
وعندما تعود إلى الغرفة مرة أخرى، وتسأل السؤال الرئيسي: “هل نظرتم إلى اللعبة؟”
يقول ريتشارد: “عندما تجري هذا الاختبار مع أطفال في الثالثة من العمر، وهو سن بدأوا فيه للتو إتقان اللغة، تجد أن 50 في المئة منهم يكذبون بالفعل”.
ويضيف: “بيد أنه بمرور الوقت عندما يبلغون سن خمس سنوات، لن يصدق أي منهم القول”.
المصدر: اضغط هنا

ساعد من يستحق مساعدتك
يحتاج الإنسان دائمًا للتواصل مع شخص ما لتفريغ ما بداخله من مشاعر مشاكل، مشاركة أفكاره، طلب مساعدة ولكن هل فكرت بأن أول شخص يستحق المساعدة هو نفسك حتى وإن تطلب منك الأمر أن تكون أنانيًا وهنا تجاهل نظرة الآخرين إليك، وإذا كانت مساعدة الناس لن تجعلك سعيدًا فتوقف عنها، ولا تنسى أن تساعد من يستحق مساعدتك، وليس من يحاول استغلالك. لا تتردد في  قول إنني لا أعلم أو لا أملك الفرصة أو الوقت لمساعدتك، حتى لو أن الآخر لم يصدقك أو أبدى استياءه تجاهك، ممكن أن تجد صعوبة في فعل ذلك لأننا تعودنا في مجتمعنا على مساعدة الآخرين. حين نبوح بالصدق نشعر باطمئنان،على الرغم من أنّنا نعلم أنّنا بصدقنا سنتعرّض لِمَا لا يرضينا.

مفتاح السعادة
مفتاح السعادة الأول يبدأ من داخل الإنسان، علينا تقبل أنفسنا من الداخل والخارج، علينا أن نحب أنفسنا، المجتمع الأول هو العائلة لا أحد سيحبك كما تحبك عائلتك عندما تبدأ من نقطة البداية لك، مصدر قوتك، عائلتك انتمائك الأول، وطنك الأول، مصدر الحب والعطاء والثقة، أشكال الدعم كافة من دون شروط، تتقبلك بحالاتك كافة السيئة قبل الجيدة، عوّد نفسك أن الملجأ الأول لك هو العائلة، تحدث معهم عن نفسك، مشاكلك، إنجازاتك، استمع إليهم، عندما نتعلم الاستماع إلى الآخرين والنقاش بشكل حضاري، نستطيع أن نتعلم كيفية مساعدة الآخرين ، بالاستماع من دون إطلاق أحكام مسبقة، تعلّم أن تستمع إلى النهاية ولا تطلق الأحكام من البداية، التحلي بالصبر تجاه شخص ما، وسيلة تساعده على الاسترخاء وتمنحه الوقت لمعالجة الامر من تلقاء نفسه، لا يوجد إنسان على وجه الكوكب من دون أخطاء، من دون أخطاء لن نتعلم، بالتجربة يتعلّم الإنسان.

ثقافة الاستهلاك
الغيرة والكراهية لا تجلب السعادة، ثقافة الاستهلاك “المصلحة” لا تدوم ولا تنفع، فبالغالب يرتدي أصحاب المصلحة قناع التودد واللطافة، للاستفادة في تسهيل أمورهم، وعندما تنتهي المصلحة تلاحظ تغيير جذري إلى حد ما  في معاملتهم، على سبيل المثال إذا كنت صاحب مال كثير فأنت تتعامل من قبل الناس أحسن معاملة، وإذا كنت من أصحاب السلطة فأنت من أصحاب المعاملة الخاصة من قبل الناس ويخافون منك أيضًا، أما إذا كنت من أهل الثقافة والعلم من دون سلطة أو منصب فتعتبر عند أصحاب المصلحة إنسانًا عاديًا لا قيمة لك بالنسبة لهم، عندما تظهر أمامهم يتجاهلونك ببساطة.

إبدأ بالتصالح مع ذاتك، تقبلها بكل عيوبها، بضعفها وزلاتها من دون أن تحكم عليها، عليك ألا تقهر نفسك، ولا تهينها ولا تحقّرها. تصالحك مع ذاتك يعني أن تتقبل الآخر بكل اختلافاته وتناقضاته.

-تعلّم ثقافة التسامح وتقبَل الآخر، جميعنا لدينا عيوب

-تعامل بتلقائية من دون تكلف ولا تصنع

-تعلّم البساطة، الرضا والقناعة

-تعلّم ثقافة الحمد على أبسط النعم

-ابتعد عن النرجسية والغرور

-ثق بنفسك إلى أبعد الحدود، واجعل إيمانك بنفسك قوي بأنك قادر على فعل الكثير والكثير

-خصص وقت للاهتمام بنفسك واشترِ بعض الهدايا لك كل فترة

-انظر بإيجابية في كل موقف صعب وتعلّم من أخطاءك وتجارب الغير

-حاول آلا تشعر بالسخط كثيرًا على الأشياء في حياتك

-ابتعد عن الناس السلبية، لا تعطيهم وقتك وجهدك، لكي تتجنب تأثيرهم، مع الوقت سيتوقفون عن إزعاجك

– تعلّم كيف تشكر الآخرين فلا يمكنك الحصول على التقدير إلا إذا كان متبادلاً.

– لا تسعى وراء من لا يهتم بك،لا حاجة للاستمرار مع شخص يتخلى عنك عند الشدائد

لا تقلل من قيمة نفسك مهما حدث ومهما مرّ عليك من ظروف، ابتعد عن اليأس، حياتنا عبارة عن محطات تجارب نتعلّم منها. اصنع سعادتك بنفسك، واملأ روحك بالأمل، قدّر قيمة ما تملك، ضع أهدافًا لنفسك، إسعى وراء أحلامك، نجاحك يعتمد على أحلامك، كن شجاعًا واهزم الخوف، كن طموحا كي لا تنطفئ شعلة الحماس في داخلك، كن صادقًا مع نفسك أولًا ومن ثم الناس، وفي الختام “إن القدرة على التمييز بين الخير والشر تكمن في عقل الإنسان، لا في المجتمع”، جوستاين غارد.