الاحدثنادي القلم

الشهادة الجامعية بين الحبس والحرية بقلم يوسف معروف حمد

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

إن الحصول على الشهادة الجامعية أصبحت غاية أساسية يسعى إليها غالبية البشر بل أصبحت حلم لكل أب وأم في الأسرة الواحدة أن يروا أبنائهم حاملين لشهادات جامعية ويعملون بموجبها، حيث أنها تعتبر ثمرة جهد تطول لعدة سنوات تقدر بالعادة أربع سنوات من الجد والاجتهاد و الإصرار على النجاح حتى تتشكل حصيلة الجهد والإصرار لتكوين مفتاح يفتح لنا باب الحياة العملية التي نسعى لها من بداية الطريق، لكن ما نرى أن هنالك بعض الجامعات تقوم بحبس الشهادة الجامعية والامتناع عن تسليمها لحين استيفاء حقوقها المالية التي تكبدها الطالب أثناء مرحلته الدراسية في الجامعة وحرمانه من شهادته الجامعية لحين سداد كامل مستحقاتها المالية، والتي قد يكون لجأ الطالب لجامعته للاستقراض منها لدفع قسط أحد الفصول أو قد لا يكون بحوزته المال الكافي لاستخراج شهادته أو لأي سبب آخر لم يستطع الطالب به سداد مستحقات الجامعة المالية.

هذا كله دفعنا كقانونين للبحث هل من حق الجامعة اتخاذ مثل هذه القرارات وحرمان الطالب من الحصول على شهادته الجامعية لحين استيفاء مستحقاتها المالية أم لا، بالبداية علينا ان نعرف ما الغاية من حق الحبس، ولماذا تلجأ الجامعة لاستخدام أسلوب وطريقة حبس الشهادة الجامعية، فالغاية من حق الحبس ما هي الا وسيلة لدفع المدين (الطالب) على تنفيذ التزامه حفاظا على حق الدائن (الجامعة) لتحصيل حقوقها من اموال المدين، فهذا ما تقوم به بعض الجامعات بان تمتنع عن تسليم الشهادة للطالب لحين سداد الطالب كافة مستحقات الجامعة المالية، حيث ورد في هذا المجال قرار لـ محكمة التمييز الاردنية رقم 2018/5671 تمييز حقوق والصادر بتاريخ 18-2-2019 حيث جاء بمضمون هذا القرار بأنه لا يجوز للجامعة الامتناع عن تسليم الطالب شهادته الجامعية حتى لو كان مدينا للجامعة بمبالغ مالية ولا مجال لتطبيق أحكام حق الاحتباس في هذا المقام، تعد الشهادة الجامعية حقاً معنوياً ولا تصلح أن تكون محلاً للحقوق المالية باعتبار أنها لا تعد مالاً بالمعنى المقصود في المادة (53) من القانون المدني كما لا تصلح أن تكون محلاً للمعاوضات المالية بالمعنى المنصوص عليه في المادة (54 ) من القانون ذاته لكونها ليست محلاً للتعاقد بين الطالب والجامعة ذلك أن التزام الطالب بدفع الأقساط الجامعية يقابله التزام الجامعة بالتعليم والتسجيل وتمكين الطالب من استكمال متطلبات الدرجة العلمية سنداً لأحكام المادة 6 من قانون الجامعات الأردنية وتعديلاته فالشهادة الجامعية هي الكاشف لهذا الالتزام وفي حال امتناع أي من الفريقين عن الوفاء بالتزامه يكون من حق الأخير مطالبته بالوفاء وفي حالة الدعوى الماثلة المطالبة بالأقساط الجامعية وإقامة الدعوى لضمان التنفيذ ولا يكون باحتباس الشهادة الجامعية.

من خلال ما تم عرضه فإنني أرى تأييد حكم محكمة التمييز الأردنية بأنه لا يجوز للجامعة استعمال حق الحبس والامتناع عن تسليم الشهادة الجامعية لطلابها والانتفاع بها حتى لو كان مدينا للجامعة بمبالغ مالية، باعتبار أن الشهادة الجامعية هي حقا معنويا ولا تصلح أساسا أن تكون محلا للحبس، إلا أنني أتفهم حق الجامعة بحبس الشهادة الجامعية وحرمان الطالب منها بسبب قيامه بالغش أو التزوير أو أي شيء يشكك بالأمانة العلمية للشهادة الجامعية لأن ذلك كله من مقتضيات

الشهادة الجامعية ومصداقيتها، وأنني أيضا أيد الامتناع عن تسليم الشهادة الجامعية في حال لم يقم الطالب بسداد المستحقات المالية الناتجة عن اصدار الشهادة فقط (تكاليف طباعة وإصدار الشهادة) وهذا بالقياس مع ما ذهب إليه الدكتور عثمان التكروري ضمن حديثه عن موضوع حق الحبس والاستثناءات الواردة عليه حيث ورد استثناء على الأشياء التي لا يجوز الحجز عليها إلا لاقتضاء ديون معينة مثل الكتب والادوات اللازمة لمهنة المدين التي يستعملها بنفسه في عمله، هنا لا يجوز الحجز عليها الا لاستيفاء ثمنها أو مصاريف صيانتها )أ. د. عثمان التكروري، أحكام الالتزام (آثار الحق الشخصي)، 2014م، ص 135)، وبغير ذلك لا يحق للجامعة استعمال حق حبس الشهادة والامتناع عن تسليمها بسبب المبالغ المالية المستحقة على الطالب أثناء مرحلته الدراسية بالجامعة، فاذا أرادت الجامعة استيفاء المبالغ المالية المستحقة على الطالب عليها ان تتوجه للقضاء بالطرق الاعتيادية لاستيفاء المبالغ المالية وتحصيلها بالطرق القانونية.

يوسف معروف حمد

ولد يوسف معروف حمد فى مدينة طولكرم - فلسطين ، نشأ وترعرع في قرية صيدا والتي تقع شمال طولكرم ، حذى مسيرته العلمية بداية في مدرسة ذكور صيدا وتخرج منها بامتياز ، وأكمل مسيرته العلمية مرحلة البكالوريوس في كلية القانون جامعة النجاح الوطنية- نابلس وتخرج منها بامتياز وبرتبة الشرف،وكما تخرج أيضا من نفس الجامعة من كلية الشرف. عمل الكثير من الأنشطة اللامنهجية منها : كان أحد مؤسسي مشروع نظام الاتحاد العام لجمعيات حماية المستهلك ، كما أنه أسس وترأس tomorrow's leaders ، و عمل أيضا في كرسي اليونسكو للديمقراطية وحقوق الإنسان - في جامعة النجاح الوطنية ، كما أنه تدرب في جهاز النيابة العامة الفلسطينية ، وعمل الكثير الكثير من الأنشطة التطوعية ... وحالياً يطمح حمد الى ان يؤسس شركة محاماة كبرى يشار اليها بالبنان .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى