نادي القلم

حروبٌ وقتلٌ ورصاص اشدَّ فتكاً من الفيروسات

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

ما يخيف العالم اليوم هو فيروس كورونا، فيروس لا مرئي لكنه أصبح أمرا يقلق الجميع. لكن العالم لا يقلقه صوت الظلم و لا يقلقه أعداد المشردين التى تزداد يوما بعد يوم.
العالم لا تقلقه المؤامرات التى تحدث يوما بعد يوم و لا صوت الشر الذي أصبح مسموع أكثر بكثير من صوت الخير.
العالم لا يقلقه أصوات الرصاصات و لا الرصاصات التى تجتاح صدور العديد من الضحايا كل يوم.
العالم لا يقلقه حجم الفيروسات التى تنتشر يوما بعد يوم، فيروس الشر الذي أصبح يجتاح نفوس الناس لكن بدون أن يكون له دواء و لا علاج.
أعداد الفيروسات في العالم أكثر بكثير من فيروس واحد و هو فيروس كورونا ماذا عن فيروس الظلم ؟ ماذا عن فيروس المصالح ؟
ماذا عن فيروس الحروب الذي انتشر بعد الثورات العربية بدون توقف ؟
ماذا عن الفيروسات التى تدمر النفوس و حياة الملايين يوما بعد يوم بدون توقف؟
ماذا عن فيروس الموت كل ثانية ليس بسبب كورونا بل بسبب الظلم ؟
ماذا عن فيروس التدمير و التشريد الذي يزداد يوما بعد يوم ؟
ماذا عن الفيروس الذي انتشر في اليمن و دمر الملايين و قتلهم في كل مكان ؟
ماذا عن الفيروس الذي دمر العراق بصفة كلية و دمر حتى احلام الشباب ؟
ماذا عن الفيروس الذي انتشر في ليبيا و حذف كلمة ليبيا حيث لم تعد إلا مجرد بقايا مندثرة على الأرض ؟
ماذا عن الفيروس الذي دمر بلاد الشام و لازالنا نشاهد كل يوم في الظلم يزداد و أعداد اللاجئين كل يوم ؟
ماذا عن الفيروس الذي دمر فلسطين و لازال يدمر في حياة الأطفال؟
ماذا عن فيروس القهر و الذل ؟ماذا و ماذا؟ سأبقى اكررها و أسأل الناس هل أصبح فيروس لا يكاد يكون مرئي يقلقكم و يحير أمركم و حياتكم ؟
ماذا عن الفيروسات التى تجتاح عالمكم كل يوم ألا تستغرق ان تحيركم مثل فيروس كورونا ألا تستحق هذه الفيروسات التى تشاهدونها كل يوم أن تفكروا فيها و لو قليلا
ألا يستحق فيروس الدمار و العداء أن يقلق راحتكم و استقراركم أم أن فيروس كورونا يشكل في نظركم أكثر خطورة، مع أن الموت بفيروس الظلم أكثر خطر بكثير من فيروس كورونا؟
ماذا عن فيروس العدوانية الذي لم يتوقف بعد و لا زال ينتشر ؟
هل يقلقكم فيروس كورونا إلى هذا الحد ماذا لو فكرتم في الفيروسات المنتشرة و الأكثر خطورة بمليون مرة من هذا كورونا !!!
الجريمة المرتكبة في حق الشعوب لا تكمن في قتلهم بالسلاح و ذبحهم فقط ستسألوني هل يوجد أكثر من هكذا إجرام؟ سأجيبكم بكل تأكيد الابشع من هذا أن تسرق هذه الحروب المستقبل و الأمل و التفاؤل و الغد مع الحلم في الإشراق، أن تسرق كل المعاني و كل الاهداف و كل المخططات و كل السبل لتحقيقها أن تحكم على أشخاص ليس لهم ذنب بالركود و الجمود بالسجن و أن تغلق كل الطرق و السبل نحو التجديد و التطور و الغد الأفضل
كيف سيكون حال أبناء الجيل الذي أنشأته الحرب ،الحرب لا تولد الدمار فحسب و الموت لأن الموت في هذه الحالة أرحم بكثير من مخلفاتها الأخرى و هي الجهل أليس الجهل و الرجعية أكبر قاتل للحياة؟
هل يوجد أبشع من جريمة ستولد الجهل و تحارب العلم و التقدم؟
هل يوجد أبشع من ارجاعنا إلى سنوات العبودية، عبودية الأفكار السخيفة و السطحية التي كانت سجن للكثير عبر الأزمنة و العصور السابقة؟
أين السبيل لتحقيق الديمقراطية في هذا الوضع؟
أثناء تصوير بعد مقتطفات من مخيمات اللاجئين في صورة كانت توجد كلمة واحدة و هي الله سأل شخص عدة أطفال عن إسم الكلمة الموجودة على الصورة لم يتمكن أحدا منهم من فهمها و أعمارهم كانت تصل حتى لسن الاثنى عشر استغرب هذا الشخص مع أنني لم أستغرب لأنه ليس بإمكاننا أن نلوم هؤلاء الأطفال لأنهم ضحايا لمنظومة بأكملها سعت لتدميرهم لغاية واحدة و هي خلق جيل غير متعلم.
كيف سيتعلمون و هم من هربوا من الحرب إلى مصير أسوء بكثير ؟
هم من هربوا من أصوات الرصاصات إلى طعم الجوع و الذل و القهر.
كيف سيتعلمون و هم محرومون من أدنى مقومات العيش الكريم: لا أكل صحي لا مال لا قوة لا مستقبل لا شئ
من حكم على هؤلاء بهذا المصير أليسوا من دبروا الحروب بدون حسابات لنتائج دفع ثمنها أبرياء بدون ذنب؟
الجريمة ليست فحسب الحرب بل الجريمة الأكثر بشاعة ما خلفته هذه الحرب من مخلفات لن تزول إلى ما لا نهاية.
“لا أعرف” هي الكلمة الوحيدة التى اكتفى بقولها هؤلاء الأطفال. نعم هم لا يعرفون ليس فحسب الكلمة الموجودة في الصورة هم لا يعرفون ما الذي أوصلهم لهذا المصير ،هم لا يعرفون لماذا ماتت أمهم و تركهم اباهم أو ذويهم هم لا يعرفون لماذا تركوا وطنهم و منزلهم هم لا يعرفون لماذا لم يلتحقوا بالمدارس هم لا يعرفون ماذا حدث و ماذا يحدث و ماذا سيحدث كلمة لا أعرف تتجسد في الكثير لديهم هم لا يعرفون حتى ماهو ذنبهم ليصل بهم الحال لكلمة لا أعرف.
فلماذا يطرح هذا السؤال لتكون الاجابة المتكررة لا أعرف السؤال يجب طرحه في هذه الحالة عدة مرات عن كل من تسبب في هذا الإجرام اسأله مرارا فلن يقول لك لا أعرف بل سيقول مصالح ،صراع قوة ،نفوذ ،سلطة ،البقاء للاقوى ،العالم لن نحكمه إلا بالقوة و الحرب و لن يقول لك أبدا لا أعرف بل سيجيبك بصوت مفتخر هكذا تكون حرب الأقوياء سيقول لك الحرب لن تدمر أشخاص فحسب بل ستدمر قوة إقتصادية ستدمر العلم و التقدم سيقول لك انه إنجاز عظيم نفتخر بهذه النتيجة و مضمون بقائنا الأبدي لن يقف أي شعب في وجهنا بعد اليوم لأن مستقبل الأجيال أصبح واضح لدينا و هو التشرد و الجهل و الفقر و الجوع و الظلام
سيقول لك هو مستقبل مجهول لديهم لكنه واضح لدينا و سيفتخر هو و كل من شاركوه في هذا الإجرام
في نظري و نظرك إجرام لكنه في نظرهم إنجاز عظيم و عبقرية لا مثيل لها.

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

فريهان طايع، صحفية تونسية

فريهان رؤوف  طايع  صحافية مجازة ومحررة أخبار، عملت في عدة جرائد عربية  من بينها الشاهد ، الفراعنة ، جورنال الحرية ، خط أحمر  الإخباري ،آفاق  نيوز،ا لمجالس ،الميدان، الوطن، الحدث، دازيرتوب وغيرها. تناولت قضايا اجتماعيه  متنوعة مثل زواج القاصرات والبطالة و الخيانة و الإرهاب والقضايا السياسية و الفنية مثل فساد الدراما والفن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى