نادي القلم

ضعف التواصل مع الزبائن خلال الازمة: علة العلل في المصارف

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا


يعالج هذا المقال السلوك التواصلي للمصارف اللبنانية منذ بداية ازمة شح الدولار

أردت إجراء محادثة بسيطة مع قريبي ذي الأعوام الخمسة فسألته “كيف المدرسة؟”. فأجابني بكل عفوية: “مافي مدرسة لإنو في شي غلط بالبلد”. أضحكتني براءة إجابته ولكنها لم تفاجئني، فلبنان يمر اليوم بوضع استثنائي يدركه الصغير والكبير. ويمسّ هذا الوضع الاستثنائي بالعديد من القطاعات في لبنان، منها القطاع المصرفي.
نعيش اليوم في عالم متصل حيث سرعة الاتصال والتواصل ونشر المعلومات في تزايد مستمر، ما يؤدي إلى وصول المعلومات إلى الأفراد من عدة مصادر منها الموثوق وغير الموثوق، فيصبح التأكد من صحة المعلومات تحدٍ بذاته خاصة عندما يكون الشخص في وضع استثنائي ناتج عن أزمة معينة.
طرقات مقطوعة، مدارس ومصارف مغلقة، دولار نادر، أزمة ذات أفق غير واضح، وشائعات تنتشر كالهشيم في النار. كلّها أمور تضع سكان لبنان تحت ضغوط يومية متراكمة تولّد لديهم شعورًا بالهلع خاصة إذا فيما يتعلق بأموالهم المودعة في المصارف.
لقد انتشر مؤخرًا الكثير من الفيديوهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي صورها أشخاص من داخل عدّة مصارف تُظهر مناقشات حادة وتلاسن مع الموظفين لسبب أو لآخر من دون توضيح خلفيات الحدث. ولا يصعب على أحد تفهّم إحباط ناشري هذه الفيديوهات لأنّه من الواضح أنّ المصارف تقوم بضبط حركة السحوبات والتحويلات بشكل غير علني. ولكنّني كمودع في مصارف لبنانية، لم يتم التواصل معي ولا شرح الآلية المتبعة من قبل المصرف في هذا الظرف الدقيق. لم يتبقّ لي سوى تلك الفيديوهات وبعض المقالات لأجمع منها المعلومات حول ما يجري. المعلومات التي بحوزتي هي كناية عن تجارب فردية وقيل وقال. لم أحصل على معلومات موثوقة إلا عندما وصلت إلى الكونتوار وتكلمت مباشرة مع أحد موظفين. حتى تلك اللحظة لم يكن لدي أي معلومات رسمية صادرة عن المصرف وهذا أحد الأسباب التي أحدثت صدامات بين المودعين وموظفي المصارف.
أقفلت المصارف أبوابها الأسبوع الماضي لسببين: عيد المولد النبوي الشريف بدايةً، ثم إضراب نقابة موظفي المصارف. وكمودع في عدد من المصارف اللبنانية، أنا اتابع هذه المصارف بطبيعة الحال على وسائل التواصل الاجتماعي. لبنك عوده مثلًا صفحةً على الفايسبوك يتابعها ما يزيد عن 400,000 ألف شخص. وقد أعلن عليها بتاريخ 9 تشرين الثاني عن إقفال البنك بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف، ولكنه لم يُعلن عن إقفال البنك بسبب الإضراب. وقد قام بنك لبنان والمهجر بالأمر نفسه، فأعلن بتاريخ 8 تشرين الثاني عن إقفال البنك بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف، ولم يعلن عن الإقفال بسبب الإضراب. ومن الجدير بالذكر أنّ ما يزيد عن 100,000 ألف شخص يتابعون صفحة بنك لبنان والمهجر عبر الفيسبوك. كان إذًا من الممكن بسهولة نشر المعلومات الواضحة والرسمية عبر هذا النوع من الصفحات. وقد علمت من خلال الخبار عن إضراب موظفي المصارف ولكنني كمواطن لم أعلم أي من المصارف يشارك في الإضراب ولا مدة الإضراب. وقد صُبَّ الزيت على نار المودعين عندما انتشرت شائعات بشأن إفلاس أحد المصارف، ما أدّى إلى هلعهم بشأن مدخراتهم.
التطمينات الوحيدة كانت من خلال مؤتمر حاكم مصرف لبنان الذي عُقد يوم الاثنين 11 تشرين الثاني. ولكنني شبهت الأمر بمن يجلس خارج غرفة عمليات منتظرًا قريبًا له يخضع لعملية. فمن يكون في وضع مماثل لا يحتاج من مدير المستشفى أن يقول له إنّ المريض بأيادٍ أمينة، بل يحتاج من طبيب المريض أن يخرج من غرفة العمليات ويطمئنه أنّ العملية تجري بسلاسة بالرغم من بعض المشاكل.
إن وجود خطة تواصل وتفعيلها خلال الأزمات يشير إلى أن المؤسسة تهتم بموظفيها وعملائها، ووجود خطة تواصل صحيحة مع وسائل الإعلام ضروري لأنه يسهم في إدارة الأزمة بشكل فعال وإبعاد شبح الشائعات التي من شأنها تدمير الثقة والمصداقية بين المصارف والمودعين.

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

محمد دنا، باحث في الشؤون الادارية

محمد دنا، حائز على الدراسات العليا في إدارة الأعمال الدولية من جامعة شيفيلد هالام في المملكة المتحدة. عمل باحث مشارك في جامعة غلاسكو، اسكتلنده في مجال ادارة المشاريع الإبداعية المرتبطة بالتكنولوجيا المالية وتطبيقاتها في قطاع التأمين. يعمل حالياً مسؤول الخدمات المهنية والمتطلبات الإدارية للعقود الخارجية في مؤسسة البكالوريا الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى