بين رجل تاريخي صيني وآخر تاريخي مصري … الكاتب السياسي مجدي منصور يكتب عن الرجال والتاريخ والانجاز
بالأمس كنت أراجع آخر ما نُشر عن مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني وقائده “شي جين بينج”، وكذلك أقرأ ما قاله الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي”
في افتتاح المؤتمر الاقتصادي لمحاولة انقاذ البلاد من أحوال صعبة تعيشها ومن شفا هاوية مقدمة عليها.
ونظرت الى الصور ودققت ووجدت تشابهاً في الصفات والسمات المميزة لسلوك الرجلين في الحكم بين شي الصيني والسيسي المصري. كلاهما (شي شين بينج الصيني وعبد الفتاح السيسي المصري) يحاولان إعادة «تأسيس السلطوية» في بلديهما.
وكلاهما أصبح منذ فترة يمتلك «سلطة مطلقة» في التصرف.
وكلاهما يرى نفسه بأنه «رجل الأقدار» الذي «استدعاه التاريخ» ليعيد مجد بلده من جديد.
وكلاهما أطلق على نفسه «لقب» يُحب أن يناديه به الأخرين فبينج الصيني يطلق على نفسه «مهندس» عملية الاصلاح بينما عبد الفتاح السيسي يرى نفسه «طبيب الفلاسفة» الذي يصف الدواء لكل داء.
وكلاهما يحاول الوصول «لمجد» أكبر ممن سبقه من زعماء في تاريخ وطنه (ماوتسى تونج) مع شي، و(عبد الناصر والسادات) مع السيسي.
وكلاهما «استدعى» المؤسسة التى «جاء» منها و«انتمى» إليها إلى صلب المواجهة وإلى عمق المشهد في بلده (الحزب الشيوعي الصيني) في حالة شي، و(المؤسسة العسكرية) في حالة السيسي.
وكلاهما لا يكلان أو يملان من الحديث ليل نهار عن «الأخطار» و «المؤامرات» الخارجية التى تواجه بلديهما.
وكلاهما يحاول مواجهة تلك الأخطار والمؤامرات «بالحشد» عن طريق «التعبئة» بديلاً عن الحشد بانتهاج «الإقناع»، وهو نفس الفارق بين «علم الاعلام» و«فن الدعاية الإعلان».
وكلاهما استخدما «القبضة الحديدية» للسيطرة على الأوضاع في بلديهما.
وأخيراً: كلاهما «يعشق» عقد المؤتمرات الكبرى حيث الألوان الزاهية والحديث أمام الكاميرات والحركة أمام العدسات ولمعان أضواء الفلاشات، والأهم سماع دوى التصفيق مع كل كلمة وفي انتهاء كل جملة من الحضور تأكيداً على سلامة رؤية الزعامة!
لكن على مستوى «الانجاز» على أرض الواقع نرى أن رجل الأقدار الصيني “شي جين بينغ” تفوق على رجل الأقدار المصري “عبد الفتاح السيسي”.
فحسب أرقام البنك الدولي فإن الصين والتي يبلغ تعداد سكانها أكثر من مليار نسمة (1.44 مليار نسمة) استطاعت في عهد تشي أن تضاعف متوسط الدخل في الصين خلال فترتي ولاية شي فقد كان نصيب الفرد الصيني من الدخل القومي الإجمالي (5910) دولار في عام (2012) عندما تولى شي السلطة،
وارتفع بشكل مطرد إلى (11890) دولار بحلول عام (2021).
أي أن دخل المواطن الصيني ارتفع أكثر من الضعف في ولاية شي. ولا أريد أن أسرد بقية أرقام رجل الصين التاريخي حتى لا أتسبب في إحراج أحد. وهذا هو الفرق بين رجل تاريخي صيني وأخر تاريخي مصري!!
وربما يكون نفس الفارق بين «فضيلة» القرار و«شجاعة» القرار التى تحدث عنها الرئيس المصري أخيراً.
ولكن الأكيد أنه نفس الفارق بين «الانجاز الحقيقي» على أرض «الواقع الصلب» وبين «الانجاز المصطنع» في عالم «الأوهام» الذي تصنعه مساحيق الدعاية وألوان الإعلان.