اجتماعالاحدث

كيف تكون قائدًا؟ | بقلم د. أحمد عياش

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

مهما حاولت ،لن تغيّر من قناعة أحد، للناس ميول عاطفية أقوى من المنطق لأن المشاعر والأحاسيس والحدس والغريزة أقدم من بزوغ العقل بكثير.

كلّما تطوّرت بفكرك ظانًّا أنك ارتقيت، لا تنتظر من الآخرين أن يُعجبوا وأن يلحقوا بك فللناس اهتمامات أخرى ، أوّلها من يساعدها على تأمين عيشها في دنياها ومن يطمئنّها أنّها لن تندثر عند مماتها إنما ستحيا من جديد.

ما نفع الفلسفة عند الجوع وماذا ينفع الفيلسوف عند المرض المستعصي.

الخبز أكبر والرب أكبر.

ليس لأنك قرأت عشرات الكتب وأنّك تنطق بلغات عدّة وأنّك تعرف الكثير من القصص على الآخر ان يُصدّقّك وان ينضمّ اليك.

طالما أنت لست بساحر، أنت مثير للضجر وللسأم .

طالما أنت لا توزع الخبز، أنت سفسطائي بلا فائدة.

طالما أنت لا تأتي بعمل و لا تشفي الأجساد ولا تطمئن القلوب و لا تعد بمال ولا تضمن الآخرة ، أنت ثرثار وانت حكواتي انتهت رواياتك بمقتل أبو زيد الهلالي ونحر عنترة.

لن تدخل عقل أحد بالحجّة وبالبرهان وبالمنطق وبالمعادلات الحسابية إن لم تعبر بصره بلطف ولم تدخل في قلبه بشغف ولم تسقط في جيبه كوعد ولم تندمج بروحه كإيمان.

لا تتعجب إن لم يصدقك أحد وأنت تملك ألف دليل عن إجرام غيرك.

من قال لك إن الناس لا تحب اللصوص والمجرمين؟

قصص اللص ممتعة و المجرم رمز حماية وقوة في الحكايات عند الملل.

لن يتبعك أحد طالما أنك لا تعالج قلق الناس اليومي وطالما أنك لا تحميها من خوفها من الموت.

كلما طالعت كتابًا ابتعدت عن الناس مسافة طريق إضافية.

كلما أعجبك فيلسوف أو أخلاقيّ ، هجرت ديار الناس.

انت لا تصلح لقيادة وأنت لم تُخلق لزعامة.

انت بكل بساطة لست بساحر ولا بماكر ولا بمحتال ولا بمغامر ولا بمجنون مقتنع بامتلاكه للحقيقة المطلقة عن الدنيا وعن الآخرة.

كل الذين يخبرونك عما ستؤول إليه الأحداث غدًا وبعد غد وبعد عمر وبعد موت لا يعرفون ماذا ستطهو نسائهم من طعام في نفس اليوم.

ان كنت لست بساحر، لا تتطوع لقيادة الناس لأنها ستخذلك إلا اذا تمكنت أن تبهرها بفنون إجرام جديد يفوق فظاعة إجرام القادة الحاليين.

دعك من كذب الناس.

الناس تعشق اللص وتتابع أخبار المجرم كبطل و لا ترضى قائدًا لها غير الساحر.

تعلّم السحر واتبعني.

الدكتور أحمد عياش، باحث في علم النفس السياسي والديني

الدكتور احمد عياش، طبيب نفسي وكاتب. صدر له كتاب الانتحار الصادر عن دار الفارابي (2003)، وكتاب الاعاقة الخامسة: الاعاقة النفسية الاجتماعية الصادر عن مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب (2008)، بالاضافة لكتاب الشر والجريمة عن دار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر والتوزيع (2013)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى