طفح الكيل، وبلغ السيل الزبى، مع ذلك أخشى المراهنة على القضاء نظرًا لسلبية التجربة، فقد مسحت بكرامته الارض ولم ينتفض، لم تراع الشبكة الحاكمة كرامة القضاء ودوره، حاولت استخدامه في التغطية على جرائمها، فسادها وسرقاتها وصولا الى فجورها بالتنكر لحقوق المواطنين الذين سرقت اموالهم من المصارف والسياسيين ورياض سلامة وشقيقه، هذا الفجور الذي فاق كل حد، ليس برفض محاكمة السارق فحسب، وانما بحمايته.
لفتتني بعض المواقف التي صدرت عن بعض الجسم القضائي، فركت عيني وقلت، ماذا ارى وماذا اسمع، هل اصدق ان ثمة انتفاضة في القضاء، فقد كان بعضه شريكا في شيطنة البعض الآخر، وصولا الى منعه من اداء مهامة التي يفترض انها مقدسة بموجب الدستور والقانون، ووفقا. لوظيفة القاضي وقسمه، لقد وصل التجريح بالقضاء للشخصي، ولكن للاسف لم ينتفض القضاء، ولم ويضرب يده على الطاولة ويقول كفى، لقد زاد في الرقة حتى انفلق.
فكما يقول الشاعر العظيم مظفر النواب استعيرها عنه بتصرف “من باع لبنان واثرى بالله سوى الشحاذين على موائد واعتاب الدول الكبرى، اقسمت باعناق اباريق الخمر وما في الكأس من السم وهذا السياسي المتخم بالصدف البحري ببيروت تكرش حتى عاد بلا رقبة، اقسمت بتاريخ الجوع ووم السغبة، لن يبقى لبناني واحد ان بقيت حالتنا هذي الحالة بين حكومات الكسبة ” اعلم انه في الكتابة السياسية يمكن الإسترشاد بشعراء ومفكرين وفلاسفة، لذلك اعتبرت ان استرشادي بمظفر النواب بتصرف هو وقت مستقطع، ونعود، كما يقال في البرامج التلفزيونية.
المؤشرات تشي ببدء تهاوي الشبكة السياسية الحاكمة اذا ما انتفض القضاء، لم يفلح نجيب ميقاتي حامي الفساد في ترويض القضاء بالكامل رغم التهديدات،، ورغم استمرار سلطاته ومعه وخلفه وامامه نبيه بري المسيطر على بعض القضاء.
تمرد كل من رئيس مجلس القضاء الاعلى سهيل عبود، ومدعي عام التمييز غسان عويدات عن الحضور الى مجلس الوزراء شكل بداية استنفار لإعادة الإعتبار للقضاء الذي مسحوا بكرامته الارض، عندما قال ميقاتي ” منبعتو على بيته” ويقصد مدعي عام. التمييز، كذلك كان لصلابة القاضية غادة عون دور بارز وما زال، كما تأكيد القاضي منصور على مذكرة التوقيف لرجا سلامة والإدعاء عليه واستدعاء شقيقه رياض سلامة للتحقيق، والقاضي طنوس المصر على ملاحقة رؤساء مجالس ادارات المصارف، وإدعاء القاضي عقيقي على سمير جعجع للتحقيق مغه في جريمة عين الرمانة، ولن ننسى بالطبع شجاعة القاضية مريانا عناني، كل ذلك يشي بإنتفاضة يقوم بها القضاء سيجعل نجيب ميقاتي يخرج عن طوره بعد ان اسقط بيده.
عندما انتهت الحرب العالمية الثانية سأل تشرشل مستشاريه عن واقع القضاء البريطاني، وقال لهم هل القضاء بخير ؟؟ اجابوه ان القضاء بخير، قال اذن لا خوف على بريطانيا. عندما يصبح قضاؤنا بخير عندها استبشروا فلا خوف على لبنان.