Uncategorized

لبنان… بين العاطفة والعاصفة

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

ما جرى في الأسبوعين الماضيين يتطلب من القوى الحيّة وقفة جادة وموضوعية في التحالفات والأداء والأهداف حيث أنه كان متوقعاً ولكن ليس بالكمّ أو بامتداد الجغرافية العابرة للطوائف واختلاط الأوراق من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين ومن قوى علمانية ذات منبت طبقي ومسلكية صحيحة ومطالب محقة وقوى غارقة في التبعية والانحراف والفساد وخدمة مشروع أعداء لبنان، وهذا ما يتطلب منا القراءة الدقيقة وفرز الصالح من الطالح والتاجر من الفاجر عبر توضيح النقاط التالية:
1- إن ما أطلق عليه اسم ثورة كمصطلح ومفهوم لا يتطابق مع الحالة التي حصلت حيث أن الثورة لها عواملها الذاتية وظروفها الموضوعية وبرنامجها وأهدافها وبالأساس قيادتها ذات الأفق والمسلكية الأخلاقية والجرأة القيادية مترافقة مع التمثيل الشعبي الواسع والذي له تجربته النضالية لفترة زمنية .
كذلك لا يطلق على هذه الحالة مصطلح انتفاضة لأن هذه الحالة تسبق الثورة التي سرعان ما تستولي على المؤسسات الشرعية وتقيم بدلاً منها مؤسسات ثورية .
إن ما يُطلق على الذي جرى مصطلح حركة احتجاجية مطلبية تفتقد إلى القيادة الثورية الحقيقية , استغلت من قبل البعض بسبب آلام وأوجاع الناس “الغلابة” الذين يرزحون تحت الوضع المالي االمتردي واستغلال النظام الطائفي وقيادته التي تضع مصالحها الذاتية والمذهبية على المصالح الوطنية والشعبية العليا .
إضافة إلى ركوب الموجة من قبل جزء من هذا النظام الفاسد والذي يتحمل مسؤولية أكبر في الفساد والولاء للغرب من أجل حرف طموحات وآمال هذا الشعب من أجل خدمة الطبقة السياسية المسيطرة على النفوذ المالي والمصرفي وكل ما يمت إلى جبايات الدولة ومساعداتها وإنتاجها .
2- إن هذا الوضع الداخلي المأزوم المرتبط بأوضاع المنطقة المتوترة أصلا يجعلنا نثبت بما لا يقبل الشك الارتباط الوثيق بين العوامل الداخلية والعوامل الخارجية حيث أن موقع لبنان الاستراتيجي والدورالمتعاظم لمقاومته المنيعة وتحقيقها لانتصارات متعددة على الكيان الصهيوني والقوى المتصهينة ذات النزعات الدينية مثل داعش والنصرة وغيرها , جعلها في مجال الاستهداف الدائم بعد أن ساندت هذه المقاومة قوى التحرر في المشرق العربي وأصبحت خشبة خلاص للشعوب العربية والاسلامية كافة من المحيط إلى الخليج.
3- إن الدعم الكبير الذي قدمته المقاومة لسوريا وانتصار سوريا وبداية الانهزام الأمريكي والانسحاب من سوريا جعلت هذه القوى توعز لأذنابها وأدواتها في المنطقة إلى التحرك وخاصة بعد أن تم فتح معبر نصيب مع الأردن ومعبر القائم مع العراق ومحاولة حلفاء محور المقاومة التحدث بوضوح أن حل مسألة النازحين والوضع الأقتصادي المتجهة ضمن السياسة الأقتصادية الحالية للأنهيار وخسارة كل شيء وغرق المركب على من فيه.
وهذا ما كان واضحاً في مواقف فخامة الرئيس ميشال عون في الأمم المتحدة والكلمة التاريخية لدولة رئيس مجلس النواب نبيه بري ولوزير الخارجية في جامعة الدول العربية، كل ذلك أدى فرض تحديا فكان لا بد لهؤلاء من دفع الثمن هم والمقاومة بنفس الوقت ويتم ضرب “عصفورين في حجر واحد” ومن هنا نؤكد على أن ما يجري هو صراع واضح وجلي بين محورين محور المقاومة ومحور قوى الشر المضادة الممثلة بأمريكا واسرائيل والرجعية الخليجية وبقايا 14 آذار ومن يدور في فلكهم.
4- إن مطالب الناس محقة وهي مطالب محور المقاومة المدافع دائماً عن المظلومين و المستضعفين والكادحين والمدافعين دائماً عن الوطن في وجه الاحتلال والاستعمار والغزو والاستغلال وهذا ما يتطلب من بعض القوى اليسارية والوطنية أن تعرف أين اصطفافها , لأن مقدمة أي تغيير تبدأ من الموقف من أمريكا واسرائيل وحلفائها .
5- إن خلط الأوراق يضرّ بهذه القوى ودورها في تحقيق مطالب الجماهير الكادحة ويضعها أسيرة بين أيدي قوى ظالمة ومرتبطة ومشبوهة. كذلك أن تغطيه قوى طائفية تتحمل مسؤولية الفساد والهدر يشوش الصورة للجماهير ويصبح عالة على المقاومة ويبعدها عن تحقيق أهدافها الآنية والاستراتيجية وهذا ما يجعلنا نأخذ موقفاً من القوى المتذبذبة التي لا تشهر العداء لإسرائيل وحلفائها.
وهذه القوى المشبوهة التي كانت جزءاً من السلطة ومتمثلة بالحكومة وحتى من رأسها لم تكن يوماً مخلصة للمقاومة بل كانت مهادنة ومساكنة وتنتظر الفرصة للإنقضاض على سلاح المقاومة ودورها ووظيفتها , وتم استعمال الحرب الناعمة بعد عجزهم مع حلفائهم عن النيّل منها، وقد تمثل ذلك بالتالي:
1- الإعلام : وتمثل بالفضائيات ودورهم التحريضي طيلة الفترة والتركيز على العهد والمقاومة وتجاهل الإصلاح والمطالب الشعبية .
2- الحصار المالي والنقدي: من خلال المصارف وحركة المال واسعار الصرف وضعاف سلسلة الرواتب والقيمة الشرائية لليرة والابقاء على سيطرة الدولار في العديد من المرافق الاقتصادية حتى العامة منها(شركات الاتصالات وغيرها) وارتفاع أسعار السلع بشكل لافت .
3- قطع الطرقات : وتغليب دور الميليشيات واستفزاز الجماهير وخلق اقتتال مذهبي وطائفي ومناطقي .
4- إغلاق المرافق العامة كالمرفأ والمطار و النفط والخبز والدواء وغيرها .
5- محاولة استغلال عامل النازحين وبعض اللاجئين المرتبطين مع الغرب وبعض الخليج .
فيما تقدم نرى أن ما جرى مخطط مدروس وضع منذ فترة ويطبق حسب الظروف والأدوات وقد يأخذ هدفه واستراحة وتفاوض ووقت من أجل الإرباك وتسجيل النقاط وشل البلد من أجل تشويه العهد وإضعاف المقاومة، وهنا علينا العمل بالنقاط التالية :
1- توضيح المخطط وأدواته وأهدافه أمام الجميع .
2- مواجهة هذا المخطط بشكل واعي .
3- التأكيد على التحالفات على أساس الإصلاح ومعاداة الغرب وعدم التحالف مع الأشخاص والفعاليات والأحزاب الفاسدة .
4- التأكيد على مطالب الشعب المحقة وإيضاح ذلك لأكبر شريحة من المتظاهرين واستمالتهم ووضع ثلاثية ( الجيش والشعب والمقاومة ) نصب أعين الجميع.
5- تأمين متطلبات الصمود لمجتمع مقاوم من ماء وكهرباء وحل المشاكل البيئية .
6- الحرص على كشف مختلف أشكال الحروب الناعمة عبر مراقبة سلوك الأعداء والعملاء والمشبوهين.
7- الحفاظ على المؤسسات والممتلكات العامة وحمايتها وتحصينها.

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

الدكتور حسين النابلسي، كاتب في الاقتصاد السياسي واستاذ جامعي

د. حسين نابلسي، حائز على دكتوراه في الاقتصاد العام حول الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص في المجال الاجتماعي. قيادي جامعي في الجامعة الأميركية للثقافة والتعليم، امين الصندوق في صندوق التعاضد الصحي اللبناني وعضو الهيئة إلادارية في العديد من الجمعيات الانسانية. ناشر للعديد من المقالات والابحاث في عدة مجلات علمية محكمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى