ما جدوى ان تبوح بما يشغل بالك ما دام المستمع او المستمعين غير قادرين على تغيير مسار حزنك إلى فرح وغير قادرين استبدال الدمعة بالابتسامة.
لا تشكو معاناتك لأي آخر فليس بالضرورة من يسمعك يحزن معك إذ ربما شعر بالطمأنينة ان هناك من يعاني اكثر منه وانّه ما زال بخير ما دام غيره يعبّر عن المه بشدة.
احتفظ بمأساتك لنفسك ولا تفصح عنها لأن الكلام أمام الجهة غير المعنية بالأمر لن يفيدك ابداً.
لا تنشر غسيلك اينما كان،كن ذكيا كأمّك التي اعتادت نشر المناشف الطويلة المرتبة والجديدة عند أول حبل غسيل مكشوف أمام شرفات الجيران ونشر باقي الثياب والجوارب و الثياب الداخلية الممزقة خاصة عند الحبل الخلفي حيثما يصعب رؤيتها من اي احد.
لا داعي لعرض متاعبك أمام من لا يستطيع مدّ يد العون ولا يقدّر وجعك.
احتفظ حتى بامورك السعيدة ولا تفصح عنها مزهوّاً بنجاحاتك اذ ليس بالضرورة من يسمعك سيفرح لك إذ ربما اعتبر نجاحك وكأنّه يجب ان يكون له و ليس لك كمحظوظ لا اكثر و لانّ نجاحك لا يليق بك ولا يناسبك بل يُناسب غروره هو.
اخفِ نجاحاتك دائماً.
ربما الحسد والنحس كذبتان كبيرتان الا ان لا شيء يثبت ان المستمع لن يلجأ إلى أي عمل خفيّ يجعله يفوز بجائزتك.
هل استمعت او قرأت يوما قصيدة”المخبر” لبدر شاكر السيّاب؟
كل مستمع لك احتمال ان يكون مخبراً.
لا تنتظر ان يلسعك الآخر لتقتنع ان الآخر غدار وخائن للأمانة وللصحبة.
التزم الصمت ولا تتحدث عن نفسك ابدا لا فرحا ولا حزناً ،ثرثر ما يكفي عن الرياضة وعن السياسة وعن النساء وعن المسلسلات وحتى لو اضطرّرت تحدّث عن الأبراج وعن الجغرافيا .
تذكّر أن مأساتك ملكاً لك لوحدك ولن يتقاسمها معك احد ابدا اما فرحك فبإمكان اي كان ان يطمع به.
التزم الصمت وكن خبيثا تنجو.
اصمت تنجو!
“انا ما تشاء انا الحقير
صبّاغ أحذية الغزاة وبائع الدم والضمير للظالمين،
انا الغراب يقتات من جثث الفراخ،انا الدمار،
انا الخراب،
شفة البغي اعفّ من قلبي واجنحة الذباب أنقى وادفأ من يديّ كما تشاء…انا الحقير!
لكنّ لي من مقلتيّ-اذا تتبعتا خطاك وتقرتا قسمات وجهك وارتعاشك-ابرتين
ستنسجان لك الشراك…”
