ان المتتبع لمسار التنمية في مختلف دول العالم يجد أن هناك قاسم مشترك يكاد يتفق عليه جميع المعنيين ، ألا وهو تفعيل البحث العلمي وتوظيفه خدمة للأغراض التنموية.
الملاحظ أن البحث العلمي في العلوم الاجتماعية والانسانية متأخر نوعا ما عن البحوث العلمية في مجالات أخرى كالطب والهندسة وعلوم التكنولوجيا ولا سيما في البلاد العربية، وفي زمننا زمن انتشار الفقر والبطالة والجريمة والاوبئة وتاثيرها السلبي على المجتمعات الانسانية ، أصبحت الحاجة ملحة لتفعيل البحث العلمي في مجال العلوم الاجتماعية والانسانية، من هنا جاء الهدف العام للدراسة الحالية للاجابة عن سؤال رئيسي مفاده :
ما هي أسس تفعيل البحث العلمي في مجال العلوم الاجتماعية في دول العالم النامي، ولا سيما الدول العربية؟ لقد قفزت بعض الدول قفزت أشبه بالطفرة في منظومة البحث العلمي، فأحدثت أثراً تكنولوجياً في المجالات الانسانية والاجتماعية والعلمية وحسنت من مستوى معيشة شعوبها، فاطلق عليها الدول المتقدمة كأمريكا ودول أوروبا وغيرها، فقدمت وسائل لرفع مستوى المعيشة وتسدسد الاحتياجات وامتد أثر تقدمها ليشمل مجتمعات دول أخرى،. ولم يكن ذلك إلا من خلال ما قدمته من بيئة علمية محفزة وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات.
ومن المؤسف أن الخطاب التنموي في دول العالم النامي مازال منغمسا في مصطلحات المقارنة والمقاربة بين ثنائية الفقر والغنى، التقدم والتخلف، و الفجوة الرقمية، والمتغير المعلوماتي بين دول العالم المتقدمة والدول النامية، وهذه أزمة حقيقة من صنع الإنسان.
فالتخلف في مستوى البحث العلمي بمختلف مجالاته عاملا مشتركا بين جميع دول العالم النامي ولا سيما الدول العربية، حيث أنها دول تقتات على منتجات العالم المتقدم. وفي ظل التآخر التنموي و الآثار المترتبة على أزمة كوفيد 19 الذي أدى الى مزيدا من التراجع في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والصحية والسياسية وغيرها، أصبح لازاما البحث في سبل التقدم التنموي وأهمها تفعيل البحث العلمي في العلوم الاجتماعية على وجه الخصوص، والعلوم بعامة. ومن المشروع لكل باحث علمي أصيل أن يطرح تساؤلات حول التنمية والبحث العلمي وأسس تفعيلهما خاصة في مجال العلوم الانسانية والاجتماعية ، وعليه نورد اجتهاداتنا في هذا الاطار ويترك الباب مفتوحا للحوار والنقاش لعلى هذه التساؤلات تشكل منارة متواضعة في طريق الارتقاء في البحث العلمي وهي:
ما أسس تفعيل البحث العلمي بعامة وفي العلوم الاجتماعية والانسانية على وجه التخصيص؟ ومنه تنطلق الاسئلة الفرعية الأخرى ، وهي:
1-هل البحث العلمي حق من حقوق الانسان والشعوب في الدول النامية ؟ وما هي النصوص الدالة على ذلك في المواثيق الدولية وكيف يمكن تفعيل هذا الحق؟
2- ما الدروس المستفادة من السياسات العلمية و التخطيط الاستراتيجي المتبع في دول العالم المتقدم.
3-ما واقع الفجوة الرقمية ،والمتغير المعلوماتي بين دول العالم النامي ودول العالم المتقدم ؟
4- ما دور توظيف تكنولوجيا المعلومات والاستفادة من مواردها في دعم البحث العلمي؟
5- كيف يمكن تفعيل دور الجماعة العلمية والتزامهم بأخلاقيات البحث العلمي، وردم الهوة بين الكفاءات العلمية وأصحاب القرار؟
6- هل هناك ارتباط بين البحث العلمي في مجال العلوم الاجتماعية والأمن القومي؟