يومًا ما ستنتهي جائحة كورونا وسنعود إلى حياتنا الطبيعية، فهل تعود مع الحياة أساليب وسلوكيات التصنّع التي حدت منها جزئيًا ظاهرة الحجر؟
التصنّع والتظاهر في محاولة لكي نكون شخصًا مختلفًا عما نحن عليه في الحقيقة ظاهرة باتت منتشرة بشكل كبير بخاصة في مجتمعاتنا التي تعتمد بشكل كبير على المظاهر والتفاخر والبهرجة والنفاق. لا أحد راضٍ عن نفسه، معظم الناس يظهرون صالح أفعالهم ويخفون قبيحها لكسب مودة الآخرين، دائمًا نبحث عن نقص أو عيب فينا من خلال المقارنة بالآخرين بخاصة المقارنة بالأشياء المادية(الممتلكات، الشكل، المظاهر،المكانة الاجتماعية، إلخ…)، نبدأ بجلد أنفسنا بالتركيز على أخطاءنا مهما كانت صغيرة ونسلط الضوء عليها للتقليل من شأننا وتفعيل عقدة الذنب وتأنيب الضمير مثال (المصائب: لماذا أنا، الدراسة: هو أفضل مني، المظهر الخارجي: هي أجمل مني، العمل: هو أنجح مني، العائلة: هو محبوب أكثر مني…) وفي معظم الأحيان يكون نتيجة الغيرة أو الحسد.
يقول أستاذ علم النفس السلوكي عبدالله عمرو “أصبح التفاخر في الوقت الحاضر ظاهرة ملفتة بشكل كبير، ونرى أن الفنانين أو المشاهير هم عادة من يقومون بذلك في المجتمع، ولكن مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتداولها سريعا بين أفراد المجتمع، أصبح الكل يمارس هذا السلوك؛ ففي عالم الإنترنت نشاهد العديد من الأشخاص الذين ينشرون صورا لهم في مكان مشهور أو حين يحضرون حفلة لمغن مشهور، أما في العالم الواقعي فإن معظم من يقوم بالتفاخر والتباهي، لا يمتلكون ثمن تذكرة وسيلة النقل التي ستوصلهم إلى مثل هذه الأماكن. المصدر “العرب نيوز”
الغيرة أحد أهم عوامل التصنّع، من الطبيعي أن يتأثر الإنسان بمن حوله، ولكن تحدث المشكلة عندما يبدأ الإنسان بتقليد من حوله من دون وعي، فبدلا من أن ينشغل الشخص بما ينفعه، يبدأ بتتبع أخبار فلان وماذا حقق من إنجازات وماذا اقتنى من ضروريات أم كماليات ومن ثم يحتمي على نفسه أن يكون مثله أو أعلى مستوى منه، وبالتالي فإنه لا يملك الاستقرار النفسي ويفتقد نعمة القناعة.
فمثلًا ترى الشخص الغيور لديه رغبة داخلية بتجاوزك، ويعتقد أنه يستطيع ذلك بتقليد جميع تحركاتك وتعابيرك، يطمئنه تقليدك، ويمنحه رأيًا أفضل بنفسه ولكنه يكشف أيضًا رغبته الشديدة بالتشبه بك. لا تدع هذا الأمر يؤثر عليك وحاول أن تنصحه لتطوير أسلوبه الخاص واكتشاف نفسه ونقاط تميزه.
نقطة أخرى لدى الغيور رغبة بالإشارة إلى إخفاقاتك حتى يذكر من حولك بنقاط ضعفك، وسيشعر بسعادة عارمة برؤيتك تتعرض إلى الإهانة أو التوبيخ، هنا عليك أن تتذكر أنه لكل منا عيوب وأخطاء ومن خلال تقبلك لذاتك وثقتك بنفسك ستتجاوز الأمر بدعابة وروح مرحة، بذلك تكون قد حافظت على صورتك واتزانك الانفعالي من خلال التحكم في انفعالاتك.
الغيرة غير العادية
تنجم الغيرة غير العادية وغير الطبيعية بالعادة عن انعدام الشعور بالأمان وعدم النضج والوعي الكامل، وفي بعض الحالات تحدث نتيجةً لأحد الامراض العقلية التالية: جنون العظمة، أو الفصام، أو الاختلال الكيميائي في الدماغ. المصدر “موضوع”
مقارنة النفس بالآخرين سببًا لتعقيد النفس وأول خطوة نحو الفشل، لذلك يتوجّب على الإنسان أن يبحث عما يميّزه عن الآخرين، وأن يحاول إبراز اختلافاته عنهم، وذلك كفيل بأن يشعره بالرضا عن نفسه؛ لأنّه سيشعر أنّه يمتلك شيئاً لا يمتلكه غيره.
-ابحث في داخلك عن الأشياء التي تحب فعلها
-قدّر ما تمتلك من نِعَم (العائلة، المأوى، تحصيلك العلمي، الستر)
-اعطِ قيمة للأشياء التي تمتلكها وفكر دائمًا بأن هناك أناس تتمنى أن تحصل على القليل مما لديك ولا تستطيع بسبب ظروفهم
– تصرّف على طبيعتك أمام الناس فذلك سيعزز ثقتك بنفسك
-غيرك ليس أفضل منك، كل واحد لديه إمكانات ومواهب
-فكر بالأشياء الإيجابية وابحث عنها في تجاربك السيئة في الحياة وبالأخص في حياتك الإجتماعية عليك أن تتقبل آراء الناس، وألا تأخذ منها السلبي، لأنّ ذلك لن يغير شيئًا، وإنّما سيزيد من إحباطك، فكر بإيجابية دائمًا.
-تعوّد على فكرة أن هناك شيئًا إيجابيًا في كل شيء سيء حدث لك
-تقبل عيوبك وتعلّم من إخفاقاتك من دون أن تعتبرها مواضيع حساسة
– لا تنافق من أجل كسب مودة الآخرين فمن سيحبك سيحبك لشخصك ونفسك وصدقك وحسن نيتك
-سامح نفسك على كل ما مضى من أشياء سيئة لأن ذلك سيمنحك القوة للاستمرار في حياتك
لقد خلقك الله متميزًا لا تشبه أحدًا سوى نفسك، إن امتكلت نعمة الرضا ستعطي لحياتك راحة وطمأنينة وثقة بالنفس لا يستطيع أحد أن يكسرها.
برأيي من المهم تناول مواضيع التنمية الفكرية والنفسية عند الفرد في المجتمع، لأنه(المجتمع) انعكاس للأفراد وافكارهم. أهتم كثيرا بالسلامة الفكرية والنفسية على الصعيد الاجتماعي خصوصا في مجتمعنا السطحي المرتكز على الماديات. اعجبني المقال كثيرا بتفسيرك الواضح والمفهوم، شكرا.