اضطهاد وتجويع: الحلول المتوفرة للازمات المفتعلة الممنهجة ومستلزمات المواجهة | بقلم البروفسور فضل ضاهر
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
رغم تعدد أسباب الانتقاد المباشر للمعنيين نظراً لجسامة وخطورة الانتهاكات بحق الشعب وقد بلغت درجة الجرائم ضد الانسانية بعناصرها وبأركانها القانونية المكتملة، وهي للعلم الجرائم المصنّفة دوليا أشد خطورةً من جرائم الحرب، فإنني سأكتفي باستعراض الحلول الواقعية والقانونية لأغراض تصحيح الواقع المأزوم متجاوزاً امر تقييم اداء المعنيين الذي لا يرتقي عموماً الى حدود الشعور بالمسؤولية الانسانية والوطنية، وشتّان بالطبع بين إداء الدور للإستعراض والوجاهة وبين تنكب واجبات مسؤولية مجتمعية متوجبة بجميع المقاييس والمعايير:
أولا: من يقرأ تعريف الدفاع الوطني وأهدافه بالمادة الأولى من القانون ١٠٢/٨٣ (الدفاع الوطني) يتيقن من حتمية شموله ” ضمان سيادة الدولة وسلامة المواطنين” ، ومن يتمعن بالفقرة الأولى من المادة الثانية من نفس القانون يدرك أن” تعرض مجموعة من السكان للخطر” هو احد اهم الاسباب الموجبة للإنهاء بإعلان حالة التعبئة العامة (النبذة ب من نفس الفقرة) التي ورد تفصيل ما تسمح به مراسيم إعلانها من امكانيات رادعة وحازمة وصارمة بموجب الأحكام المنصوص عليها بالفقرتين الثانية والثالثة (النبذة أ و ب و ج و د) لاسيما لجهة ما توفره الفقرة د الأخيرة من امكانية ” مصادرة الاشخاص والأموال وفرض الخدمات على الأشخاص المعنويين والحقيقيين، وذلك ضمن شروط مراعاة الاحكام الدستورية والقانونية المتعلقة باعلان حالة الطوارئ”.
ثانيا: في ضوء الدلائل الوقائعية والموضوعية المعيوشة التي أدت الى انهيار الوطن و اضطهاد، إن لم نقل إبادة، ٩٨% من الشعب اللبناني من قبل مجموعة حيتان المال ورعاتهم وبأسلوب منتظم وممنهج يتوافق مع التعريف الدولي للجريمة ضد الإنسانية الذي يعتبر ملزما وغير قابل للمخالفة استنادا الى نص الفقرة الأولى من المادة السابعة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 الذي دخل حيّز النفاذ في 1/7/2002 . ومن قبيل تحديد المسؤوليات، تتأكد لنا جميعا، في الداخل وفي الخارج وعلى جميع المستويات، مشروعية وشرعية وراهنية التوجه بأسئلة مباشرة الى كل المعنيين ، وذلك بإسم الشعب أولا، وبإسم كل من لا يزال ثابتا على يقينه ومدركاً لمسؤولياته من ممثلي هيئات الامم المتحدة والمجتمع الدولي الحرصاء على ضمان حقوق الإنسان وعلى رعاية وتعزيز موجبات احترام المواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية، الملزمة جميعها للدول الأطراف، ومنها لبنان، وعلى اوسع نطاق عالمي.
١_ السيد وزير الصحة، الظاهر حرصه ونشاطه بخلاف بعض زملائه الغائبين او المغيبين، الى متى استمرار التداوي بالمسكنات لمعالجة الجشع والاحتكار والاستخفاف بحياة الانسان، كائنا من يكون. افلم يبلغك ان الشمع الأحمر وتنظيم المحاضر والغرامات المحصّلة او المخفّضة استنسابياً لم تعد تنفع جميعها.!!؟
٢_ السيد وزير الاقتصاد، الظاهر عدم تمكنه مع بعض مستشاريه من ابسط معايير الحوكمة والادارة الرشيدة في تخطيط وتنفيذ ومراقبة ما بين يديه من ملفات مصيرية متصلة بحقوقٍ متوجبةٍ بمقتضى نصوصٍ نافذةٍ وملزمةٍ في دستورنا وفي قوانيننا لاستنادها الى مبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهدين المكملين. الى متى الارتجال وتحويل هذا الشعب الى فئران تجارب في معرض إختيار الحلول على قاعدة الانعكاس المشروط reflex conditionné وبأسلوب الحذف المتدرج تلمُساً للصح من الخطأ elimination par tatonnement!!? .
٣_ السيد وزير الصناعة، الظاهر صدقه واجتهاده في سبيل التحسين والتطوير، شكواك من العجز بمواجهة محتكري الترابة المتنفذين، المعززة بمؤازرة خمسة من زملائك في الحكومة بحسب تصريحاتك، لا تسمن ولا تغني من جوع، افلا يؤرقك وجع الناس المدمرة منازلهم المتروكين لرحمة الطبيعة اطفالاً ونساءً وعجّزاً. وانت الذي تعلمت (وعلّمت) بان الحق بالمسكن وبالأمان وبالاستقرار من اسمى مبادئ حقوق الانسان!!؟
النصوص المذكورة أعلاه واضحة كل الوضوح وما عليكم أيها الوزارء سوى التحلي بالجرأة وبالإقدام رحمةً بالبلاد وبالعباد فلربما تنجحون فيستعيد معكم لبنان تجربة الأيادي البيضاء بالقضاء على الفساد في ايطاليا سنة ١٩٩٢ مع بوريللي ودي بيترو وفالكوني وآرلاكي، او ربما يحبط سعيكم وتفشلوا فتكون لكم فضيلة الثوبان الى ضميركم انتصارا للحق وبعثاً لرجاء قيامة الوطن وتعزيزاً لثقة الشعب بأن ثمة من يؤمن بحتمية النضال لتعزيز حقوق الانسان وصون سيادة القانون سبيلا لابد منه للإنقاذ.