منذ بداية الازمة الاقتصادية والمصرفية نهاية العام 2019 وما قبل ذلك شهدت المصارف في لبنان الكثير من الاحداث والاعمال التي لا تتطابق ولا تتلاءم مع معايير العمل المصرفي ومع أخلاقيات مهنة العمل المصرفي حيث انتشرت المحسوبيات واستطاع بعض العملاء بفعل قربهم من هذه المصارف أو بفعل امتلاكهم لنفوذ سياسي أو حزبي من سحب ودائعهم أو تحويلها للخارج دون أي رادع من قانون أو تعاميم صادرة عن مصرف لبنان .
لقد انخفضت الموجودات الثابتة للمصارف وفقًا للنشرة الصادرة عن جمعية المصارف ما بين العام 2017 ونهاية العام 2021 بقيمة تبلغ حوالي 280 مليار ليرة لبنانية ، ما يعادل ، وفقًا لسعر الصرف الرسمي والتي لا زالت المصارف تستعملها لغاية اليوم وهو 1507.5 ليرة للدولار الواحد ، حوالي 185.74 مليون دولار ، فأين ذهبت هذه الموجودات وكيف تم التصرف بها ، وما هي تفاصيلها ؟
من جهة أخرى بلغت الموجودات الخارجية في نهاية العام 2017 وفقًا لنفس الميزانية الصادرة عن جمعية المصارف حوالي 35579 مليار ليرة ، بينما بلغت في نهاية تموز 2022 حوالي 16159 مليار ليرة بفارق سلبي يبلغ حوالي 19420 مليار ليرة ، ما يعادل وفقًا لسعر الصرف الرسمي المعتمد للتقييم حاليًا حوالي 12.88 مليار دولار ، فما هي تفاصيل هذه الموجودات ، وكيف تم التصرف فيها ، ولمن دفعت ؟
من جهة أخرى اليوم المصارف تتملك عقارات مقابل ديون مشكوك بتحصيلها أو معدومة ووفقًا لتعاميم مصرف لبنان وعلى هذه المصارف ان تتخلى عن هذه العقارات خلال فترة محددة يمكن تجديدها أو تمديدها من قبل مصرف لبنان ، انفاذًا للمادة 153 والمادة 154 من قانون النقد والتسليف ، فأين الرقابة على هذه العقارات وكيف يتم بيعها ، وبأي سعر ؟
من هنا أصدر مصرف لبنان التعميم الوسيط رقم 637 بتاريخ 27 تموز 2022 والمتعلق بتعديل نظام التوظيفات والمساهمات العقارية للمصارف ، وبتعديل القرار الاساسي رقم 7740 تاريخ 21 كانون اول 2000 والمتعلق بتصفية العقارات والمساهمات وحصص الشراكة المستملكة أستيفاءًا لديون موقوفة أو مشكوك بتحصيلها عملًا بأحكام المادة 154 من قانون النقد والتسليف .
بموجب هذا التعميم فقد ألزم مصرف لبنان المصارف ، عند بيع أي عقار مستملك وفقًا للمادة 153 من قانون النقد والتسليف أي المستملكة من خلال رساميل المصارف ، ان يتم ذلك بالدولار الاميريكي وبأموال جديدة أو ما يعادله بالليرة اللبنانية على أساس سعر الصرف المعلن بشكل يومي لليرة اللبنانية تجاه الدولار الاميركي لعمليات التداول المنفذة على المنصة الالكترونية لعمليات صيرفة في اليوم السابق لتاريخ العملية .
كما ألزم المصارف أيضًا أن تتبع نفس الاجراءات بالنسبة لنفس الاصول المستملكة وفقًا للمادة 154 استيفاءًا لديون مشكوك بتحصيلها .
لماذا تم اصدار هذا التعميم في نهاية شهر تموز، هل قامت بعض المصارف ببيع بعض من عقاراتها بالسعر الرسمي حتى تظهر بأنها تخسر، ومن هم هؤلاء الذين اشتروا هذه العقارات، وهل سيضع القضاء يده على هذه المصارف ويطلب تجميد هذه العقارات ومنع بيعها.
أما الاحتمال الثاني وهو ، هل تم بيع بعض العقارات بقيمة تتجاوز قيمتها الحقيقية بواسطة شيكات مصرفية لزيادة ودائع المصارف التي باعت لدى مصرف لبنان وبالتالي تسجيل أرباح وهمية دفترية غير صحيحة ، هذه الاسئلة يجب الوقوف عندها ومن الضروري ان تأخذ جمعيات المودعين هذا التهرب بعين الاعتبار واللجوء الى القضاء اللبناني وتقديم طلب بتجميد الاصول الثابتة المملوكة من قبل المصارف مقابل الاموال الخاصة أو التي يتم استملاكها اليوم مقابل ديون مشكوك بتحصيلها والا فأن التحايل على المودعين والقانون سيستمر من قبل المصارف هذه المصارف .
اليوم المطلوب أيضًا من مصرف لبنان الشفافية في هذا الموضوع وطلب جداول من المصارف التجارية بالعقارات والاصول الثابتة التي تم بيعها خلال فترة الازمة ، وكيف تم بيعها ، ولمن تم بيعها ، وبأي سعر ، كفانا سرقات ، وكفى تحميل المودعين المزيد من الخسائر .