“عمالة” الدواء ومرض الاستقواء | بقلم الخوري طوني بو عسّاف
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
استفاقت الامجاد والاحقاد والابواق والأصوات من هنا وهناك… وانقسم الشارع بين مؤيد وشاجب لموضوع المطران موسى الحاج… بدا الشارع اللبناني وكأنه اتون نار يغلي ويستعر، تؤججه الطائفية من جهة وتذكيه السياسات الخارجية من جهة أخرى…
والسؤال يكمن هل القصة هي “رمانة ام قلوب ملياني”؟ هل نحن في صراع هويات وانتماءات؟ هل الحدث في مكان من أجل تمرير ملف في مكان آخر اخترعوه لإلهاء الرأي العام وحجب نظره عن الأهمّ؟
نعيش اليوم في مستنقع تتخبط فيه مجموعات لم ترتقِ حتى الآن إلى مفهوم الوطن والدولة والمواطنية…. ندرك جيدا ان السياسة في لبنان لعبة إقليمية ودولية ونحن لاعبون لا نجيد اللعبة ولا نعرف تسديد الأهداف، جلّ ما نستطيع فعله هو تمرير الوقت…
نستنهض الغريزة من أجل البقاء، ندوّر الزوايا، نشخّص العلّة ولا نستأصل المرض.
بتنا اليوم في مستنقع وكأننا نختنق من رائحة النتن المتصاعد من فساد طغمة من الفاسقين والناهبين.
بات شعبنا يشحد الدواء والماء والخبز والكهرباء. نتهم بعضنا بالعمالة رغم ضيقنا وشدتنا. هل العمالة لدولة عدوة محصورة في تأمين مال ودواء لأمراض مستعصية خطيئة لا تغتفر؟
العمالة الحقيقية هي في نهب صناديق الدولة وافراغها من كل مستلزمات العيش.
العمالة الحقيقية هي في الاستعلاء والاستكبار والاستقواء وكأننا في غابة شريعتها مستباحة للأقوى والمفترس…
العمالة الحقيقية ليس في خرق القانون بل في الاستنسابية في تطبيقه وفرضه إذ يصح فينا اليوم قول أحدهم “يصح للشاعر ما لا يصح لغيره” ويا ليتكم كنتم شعراء لشعرتم مع انساننا الممزق والجالس يستعطي على قارعة الأمم.
قضية المطران موسى الحاج مع باقة من اشكاليات تُطرح اليوم على بساط البحث: اي وطن نريد واي مواطن نبني؟ اي دولة نحمي مؤسساتها ونصون دستورها ونحرس إداراتها؟
نسير ولا نصير لنا سوى الساكن في الأعالي يجعل من المصير موت على رجاء القيامة…