الجانب القاتم لأهل السلطة والمال؛ مقاربة عقلانية بقلم د. سمير مطر
الشرخ بين المواطن و السلطة، يمكن توصيفه على كونه من المسلمات الى حد ما، بمعنى ان اهل السلطة يسنون القوانين و المواطن يعاني من الضرائب و غلاء المعيشة الناتج عنها. هو نمط اعتاد الناس ان يتعايشوا معه بشكل مقبول: إنها لعبة السلطة-الشعب في مختلف البلدان. طبعا عندما يضيق الذرع بالضرائب، ينزل المواطنون الى الشارع بهتافات اعتراضية تنتج عنها بعض المساومات بين النقابات العمالية و الحكومة، ثم يستتب الوضع و يعود الكل الى عمله.
لقد عايشت هذا النمط في فرنسا و اوروبا لمدة طويلة و كأي مواطن اخر اعترضت، تظاهرت، ثم قبلت بالمساومات مع الحكم. ولكن عندما كانت تسوء الامور عايشت ايضا تغييرات جذرية في الحكم حين اقيل تحت الضغط الشعبي بعض رؤساء الحكومات العاجزين عن اصلاح الامور مثل الان جوبيه في ١٩٩٥ في عهد الرئيس اليميني جاك شيراك، و ايضا بعض الوزراء الفاسدين مثل وزير الميزانية جيروم كاهوزاك في ٢٠١٣ في عهد الرئيس اليساري فرانسوا هولاند. عندها يقول القضاء كلمته الفصل بكل استقلالية عن السلطة التنفيذية و هذا امر هام اود الاصرار عليه لان اقضاء المستقل انما هو حجر اساس للدولة العادلة. في هذا السياق نذكر قضية فرنسوا فييون رئيس الوزراء السابق في عهد الرئيس نيقولا ساركوزي (يميني) و مرشح لرئاسة الجمهورية الفرنسية في ٢٠١٧. فقد حكم عليه مؤخرا، في قضية فساد مرتبطة باسخدامه زوجته كسكريتيرة، بالسجن خمس سنوات و زوجته سنتين مع دفع غرامة مالية كبيرة….هل اختير دون غيره ليكون مثلا و درسا لمن يرغب بتجربة طريق الفساد؟ هنا، عامل المال و الممولين يدخل على نطاق كبير خاصة تحت جنح الفساد. فمن لا يملك المال و لا يكون مسنودا من اهل النفوذ يصبح المذنب بالرغم من ان كثر غيره يستحق العقاب. اذا للمال و السياسة رابط ينسحب على تصرف المسؤولين في القطاعين نعود اليهما في سياق المقال. و لكن ما يمكن التصويب عليه هو ان فرنسا قد ركمجت على ازدواجية يمين/يسار لمدة طويلة مما جعل الفرنسيين يستاؤون منها (حتى انا شخصيا، فقد عايشت التغيرات لمدة تفوق ٣٥ سنة). بالنتيجة اتى الرئيس ايمانويل ماكرون في ايار ٢٠١٧ على صهوة حصان بلا لون سياسي…او دون لون لا غير ؟
نظرية كبش المحرقة
بالعودة الى قضية فرنسوا فييون التي اهتز لها الرأي العام، هل توصيفه بكبش محرقة وارد؟ ربما. لكن فلا ننسى ان القضية جديدة و لا زالت تستفز الكثير من المحبذين و من المعارضين لهذا الطرح. ولكن ما هي المفاعيل الناتجة عن هكذا توصيف؟
كبش المحرقة يضحى به على مذبح الشعب لكي يعود الى الهدوء و الشعور بأن الجاني نال عقابه و ان كل شيء على ما يرام. كثيرون من لحظوا قساوة الحكم المبرم بحقه لكن كانت للقضاء الكلمة الفصل. لماذا التركيز على فيون؟ يجب ان نضع قضيته في سياق التغير الكبير في السياسة الفرنسية المبنية على الازدواجية يمين/يسار منذ الجمهورية الخامسة اي جمهورية الجنرال شارل دي غول بعد الحرب العالمية الثانية و التي انتهت بولاية اليساري فرنسوا هولاند في ٢٠١٧، و انتخب ايمانويل ماكرون رئيسا من خارج تلك الازدواجية رغم كونه وزير المال في عهد هولاند. لكن و باعتراف الكثير من المحللين، اتت به سلطة المال و المصارف الكبيرة مثل الروتشيلد. فرانسوا فيون مرشح اليمين، كان من اقوى اخصامه في تلك الانتخابات و استعملت الجريدة الساخرة(le canard enchaîné) لتدمير سمعته في نهائيات الحملة الانتخابية.
ان المقاربة بين كل هذه المعطيات تمكنني من القول بان تيارا سياسيا جديدا فرض نفسه، بعيدا عن المحورين يمين/يسار، يتموضع في فرنسا على حساب الاحزاب و بطبيعة الحال تستهدف السياسين المنتمين اليهما. نهاية الجمهورية الخامسة و بناء منحى جديد. انه “تدمير خلاق” سبق وصفه من قبل الفيلسوف النمساوي جوزف شومبيتر المعاصر (في القرن الماضي)، في سياق شرح اندلاع الثورات الصناعية الثلاث (الرجاء مراجعة مقالي عن الثورة اللبنانية في هذا السياق على الموقع strategicfile.com ، في نوفمبر ٢٠١٩)، بحيث لا تبدأ حقبة جديدة دون تدمير سابقتها. هكذا تدمير تنتج عنه الضحايا كفرنسوا فييون على سبيل المثال، ليس حصريا. و لكن من ناحية اخرى من شأنه ان ينتج عنه الجديد الغير مألوف، هنا جمهورية جديدة تتموضع بعيدا عن المحاور الكلاسيكية. الخطر يكمن في تعاظم احزاب التطرف يسارا و يمينا و لكن حتى الآن لم تحظى باقبال كبير في فرنسا خلافا عن النمسا و هنغاريا…
اخيرا يجدر بنا وضع كبش المحرقة في النطاق التاريخي كمنحى ملازم للانسانية و تقاليدها، اذ انه عابر للاجيال و قد تطبق منذ غابر العصور كجزء من العادات الدينية. الصورة الامثل له موجودة في الكتاب المقدس، العهد القديم، حين قبل ابراهيم طوعا ان يضحي بابنه اسحاق عند طلب الله منه ممتحنا بذلك اخلاصه له. و لكن استبدله الرب في اللحظة الاخيرة بجدي سفكت دماؤه فداء عن الخطايا. امثال كبش المحرقة كثيرة في التاريخ و تؤخذ منها الدروس لفهم تصرف المجتمعات. من المفكرين الذين تعمقوا في توصيف منحى كبش المحرقة و درسوه بدقة في النطاق المجتمعي نذكر رينيه جيرار René Girard، فيلسوف و انثروبولوجي (علم الانسان) معاصر، توفي في ٢٠١٥. ان ما يمكن استنتاجه من هذه المقدمة المسهبة هو ان اهل السلطة في المال و السياسة في شتى البلدان، حتى تلك المتقدمة منها كفرنسا ذات التاريخ الديمقراطي العريق، لهم وجوه ظاهرة و اخرى خفية. يتصرفون و كانهم في عالم اخر لا يمت بصلة مع عالم الشعب المعاني مما يفسر بشكل اوسع الشرخ الكبير الآنف ذكره.
أغرب ما في الامر هو ان هذه الطفرة تاتي غالبا متلازمة مع دخولهم و ممارستهم في مجالي المال و السياسية. و تكون عادة مرتبطة بالكيدية و المراوغة و المحاصصات و اكثر من هذا كله انها تتلون بالمنحى الطائفي. هنا ايضا علينا ان نلحظ بعض الامور عند الاوروبيين الذين عايشوا الحروب المذهبية في التاريخ الماضي و الحديث, مثل ما بين المسيحيين الكاثوليك و البروتستانة (مذبحة سان بارتيليمي في ١٥٧٣) و مؤخرا في النصف الثاني من القرن العشرين بين الانكليز و الارلانديين في بلفاست. لا ننسى ايضا مذبحة الارمن على يد الاتراك في ١٩٠٥ و الحل النهائي الذي مارسته النازية بقيادة ادولف هتلر على اليهود خلال الحرب العالمية الثانية. هذا المنحى الطائفي فقد الكثير من وزنه في الغرب، خلافا عن الشرق، خاصة الاوسط حيث وتر الطائفية حساس و حساس جدا و يدخل الى حد كبير في اللعبة السياسية و لعبة المحاور. ربما هذه المصائب العبثية جعلت الغرب يتنصل شيئا فشيء من الدين و يتوجه نحو الوجودية المطلقة التي تدحض الدين. ناخذ مثلا من تحول فرنسا الى دولة علمانية بعد ثورة ١٧٨٩، حيث الشعب ابتعد عن الدين بعدما كانت فرنسا تسمى البنت المفضلة لدى الكنيسة الكاثوليكية. و لكن هذا موضوع يعالج في مضمار اخر.
في لبنان نرى منذ سنوات عديدة ازدياد التباعد و تعاظم الشرخ بين السلطة التي تشمل اهل المال و السياسة من جهة و الشعب من جهة اخرى. و شهدنا على مدى نصف عام اي منذ اندلاع ثورة ١٧ تشرين٢٠١٩ تدهور الحالة الاقتصادية و الاجتماعية نظرا لهبوط القيمة الشرائية لدى المواطن. و منذ ذلك الوقت لا زال يتدهور سعر صرف الليرة اللبنانية امام العملات الصعبة و بالخصوص الدولار الاميركي الذي نفذ من سوق القطع. التضخم تجاوز حدود المعقول و البلاد ذاهبة حاليا نحو المجهول…
آنذاك كان لا بد من كبش محرقة فسمي رئيس الوزراء سعد الحريري، واسقطت حكومته ولكن الشارع لم يهدء. الثوار باتوا يتهمون السلطة بالفساد و اطلقوا شعار كلن يعني كلن. اي ان كل الطبقة الحاكمة منذ ٣٠ سنة انما هي التي انهكت البلاد بسلب المال العام و عدم الشفافية في التدقيق بالحسابات حيث على سبيل المثال علمنا مؤخرا ان ثلث الدين العام اي حولي ال٤٠ مليار دولار مجهول المصير، اذ انه غير ظاهر في جداول ديوان المحاسبة. حتى اليوم السلطة القائمة عاجزة عن الإصلاحات المطلوبة من المجتمع الدولي خاصة فرنسا التي قالت بصوت وزير الخارجية J.Y. Le Drihan “ساعدوا انفسكم لكي تساعدكم فرنسا و المجتمع الدولي” ، و ايضا الصعوبة في اعتماد شركة عالمية للقيام بتحليل مالي جنائي(Forensic Audit ).
اليوم و بشكل تصاعدي الجو مشحون بغضب عارم و استياء لا حدود له، يواكبه الشعور بخيانة اهل السلطة و المال خاصة المصارف التجارية التي تلاعبت بأموال المودعين، و اكثر من ذلك كله الشعور بالحقد.
لأني اتالم و اتعاطف مع كل مواطن مستاء من هؤلاء المسؤولين، اود ان اتقدم بمقاربة عقلانية لتصرفات أهل السياسة و المال، علها تساعد على استرجاعنا بعض الهدوء و السكينة لكي نتوصل الى اسداء حكم رصين. نعم الشعب مصدر السلطة و الكلمة له كما هو متعارف عليه:
(by the people, for the people)
فلنقدم توصيفا عقلانيا انطلاقا من مقاربة فلسفية وجودية.
حسب واضعي الانظمة الفلسفية الأساسية في العصر الحديث (اي ما بعد قدماء الاغريق : سقراط و افلاطون) مثل باروخ سبينوزا و ارثر شوبنهاور و فريدريخ نيتشه، هنالك قوة داخلية في اعماق كل كائن حي تدفعه الى النمو و الاستقواء بالرغم من كل عائق يمكن ان يعترض طريقه. سبينوزا يسميه الكوناتوس (conatus) و شوبنهاور يصفه بالارادة الجامحة نحو القوة(wille zur macht) و ذلك بدأ من النبتة وصولا الى الانسان. اليكم هذا المثل التوصيفي: في غابة الامازون الكثيفة يصل القليل الضئيل من ضوء الشمس الى الارض حيث الحياة تصعب لنمو الكثير من الغرسات اليانعة و معظمها تيبس. لكن هناك نوع من اللبلاب(ivy) يبذل جهدا كبيرا ليصعد نحو الضوء الى قمة الاشجار(canopy) بالتفافه بقوة حول اقرب جذع شجرة، و بفعله هذا يمتص مويتها و يخنقها في النهاية. ولكن اللبلاب ينتصر و يصل الى النور. نلحظ ان بفعله يرتقي الى العلى…
هل باستطاعتنا مقاربة هذا المثل عاطفيا بوصف اللبلاب بالشرير و الشجرة التي ساعدته بالضحية المسكينة. طبعا لا، اذ ان لا مكان للخير و الشر في هذا النطاق. لما حصل ذلك؟ لان كان معني له ان يحصل! كما لو كانت غرسة اللبلاب مبرمجة(ممن، كيف، لماذا….) لفعل هذا بعيدا عن ازدواجية الخير و الشر، لان العكس من ذلك هو الاضمحلال، و ربما انقطاع نسل اللبلاب الامازوني.
طبعا هذا المثل له ارتدادته في عالم الحيوان، حيث شريعة الغاب هي القاعدة والبقاء فقط للإصلح(the fittest survives) و لكن من المتعارف عليه ان رغم ذلك الكثير من الحيوانات، خاصة الثديات منها، عندها العاطفة و منحى الانتماء و العائلة و الجماعة.
و لكن لا نستطيع بالمبدء ان نطبق هذا المسلك البدائي على الانسان الذي ينتمي الى اعلى درجات التطور العقلي و العاطفي، و بهذا يفوق على الثديات من الحيوانات. الفرق الشاسع بين الاثنين هو ان الحيوان ياتي الى الوجود مجهزا، كامل الاوصاف و له جوهر، بينما الانسان ياتي الى الحياة عاريا ضعيفا كوود محض و عليه ان يبنى جوهره بجهد كبير اي انه يبقى مشروع انسان خلال جزء كبير من حياته في السعي للارتقاء. هذه المقاربة معروفة و هي مستمدة من أسطورة بروميثيوس الاله الاغريقي القديم( Myth of Prometheus ).
بالرغم من هذا نجد اناسا عديمي التعاطف (empathy)، يتصرفون بشكل يتحدى كل مفهوم انساني، فيقتلون بدم بارد و دون مبرر، يسرقون كل ما تصل يدهم اليه، و لا يشبعون. هكذا اناس يمكن تصنيفهم بالمعتللين نفسيا و اجتماعيا (psycho and socio-pathes). و ما اكثر الافلام الخيالية المنسوجة حول شخصيتهم ، مثل سكوت الحملان ,(the silence of the lambs) حيث الممثل الشهير انطوني هوبكنز يمثل دور قاتل له ذكاء شيطاني يتلاعب بعقول الناس. كذلك الامر في افلام السطو حيث اللص ياخذ دور البطل موصوفا بالذكاء و المهارة الفاءقة في فيلم( Entrapment) حيث يلعب دور البطل الممثل الشهير شون كونري المعروف في افلام جيمس بوند ٠٠٧. ان انتقاء المشاهير لتمثيل هكذا افلام ليس بريئا، اذ المشاهد ذو الشخصية الضعيفة بعض الشيء يأثر بشخصية الممثل الايقوني مما يدفعه الى تقليده ….
و لكن المقاربة الأجدى لموضوعنا و التي نجد ارتدادا كاملا هي أسطورة دراكولا مصاص الدماء. لماذا نستجلب الأساطير وما هي فائدتها. الأساطير هي أمثلة تجعل من الممكن تفسير ظاهرة غريبة بطريقة تصويرية، وبالتالي يمكن للجميع الوصول إليها. مثلا أسطورة أوديب Œdipe في العصور الاغريقية القديمة، التي توصف سفاح القربى و قتل الأب، أو حتى الأساطير الحضرية urban legends التي تحكي قصصًا غريبة تحدث في ضواحي المدن الكبرى … فيما يتعلق بمصاصي الدماء ، فهم مفترسون يتطفلون الكائنات الحية عن طريق امتصاص دمائهم (تذكر مص اللبلاب من عصارة الشجرة) ، في صورة تأتي من بعض الخفافيش التي تنقض على الماشية ليلًا.
إذا ربطنا هذا بالبشر ، فإنها كائنات خارج الزمن والعالم الذي نعرفه. يتم التعرف عليها كمفترسين يعيشون على ظهور الآخرين (الطفيليات) كما هو الحال في عالم المال. على سبيل المثال نذكر نظام “Ponzi” الذي ينطوي على الربح السريع للمال مبني على اسس مخادعة. حيث الاسم الاكثر تواردا هو المجرم برنارد مادوف الذي استحوذ على مدخرات و حتى تعويضات التقاعد للكثير من الناس في أميركا، لقد وثقوا به للربح السريع و بالنهاية خسروا كل شيء. الخسائر وصلت الى مليارات الدولارات ، مما تسبب فقط جزئيا اي الى جانب الsubprimesبانهيار الأسواق المالية في عام ٢٠٠٨ ، من الولايات المتحدة الأمريكية إلى أوروبا والعالم كما هو الحال في لعبة الدومينو.
لكننا نجد أيضًا هذا المنحى الفردي في العالم السياسي. نحن في حضور أشخاص ، غالبًا ما يكونون من الطبقة الاجتماعية المتواضعة (بالتاكيد لا عيب في هذا، انا انتمي الى الطبقة المتوسطة) ولكنهم يصلون إلى أهم المواقع بفضل استزلامهم لذوي السلطة او يكونوا من الأقرباء، و ذلك للاستفادة المادية من المال المتاح خاصة المال العام، اي مال الشعب. انهم :
-مثل مصاصي الدماء، يعيشون ويتغذون ليلاً ، أي في الأكاذيب والدجل و ذلك بتعطش بلا حدود.
-يحترقون ويموتون عند التعرض لأشعة الشمس ؛ أي بالتواصل مع الحقيقة اذ انهم يصرون على الكذب.
-ليس لديهم انعكاس في المرآة ، أي أن كيانهم الحقيقي مخفي.
– أغنياء بشكل غير مبرر اي غير شرعي لكنهم ينكرون ذلك لأن الكذبة تداعب عقولهم ، وينتهي بهم الأمر إلى تصديقها بأنفسهم. غناءهم الفاحش يعطيهم السلطة.
– عديمو الضمير، لا يهمهم سوى الوصول صعودا مثل نبتة اللبلاب.
-يزعمون اليملن بالله. ويصلون في الكنائس و الجوامع لكنهم في الواقع يعيشون انفصام في الشخصية.
-قلبهم اسود و لا امل بزرع التعاطف او اي منحى انساني.
لقد استوعب القارئ اننا هنا في عالم بعيد عن أي منطق ثنائي ، أي 0/1 او الخير / الشر ، او مؤمن / كافر ، او أبيض/أسود. كل شيء اضحى في ظلال رمادية. كل تصرف اصبح في عالم النسبية. اخطلتت الامور….
وأخيرًا في رسم بياني مستعار من الديناميكية اللولبية( dynamics spiral) الذي يتعلق بالتنمية الشخصية انتقالا من الفرد إلى المجتمع تصاعديا حتى الوصول الى الارتقاء و الوصول الى الفرد/المجتمع المثالي ، يصنف هؤلاء الأشخاص في أدنى مستويات التطور الشخصي والمجتمعي. اي الأنانية المطلقة على مستوى الشخص والقبلية و العشائرية و …فلنقلها، المذهبية الطائفية للمجتمع. هذا وصف البدائيين من الناس الذين لا يهمهم سوى البقاء على منحى غريزي، فيقتلون و يسلبون و يغزون… نعلم ان في عالم الحيوان تطغى شريعة الغاب، فيهاجم الأسد غزالًا لأنه جائع و بفعله هذا يعلم نسله الصيد. ولكن ايضا، غالبًا ما نرى الأسود تنام بالقرب من الغزلان: لا صيد ولا هروب… بالعكس البعض من هؤلاء البشر لا يشبعون و لا يتخمون ، فهم يلتقطون كل شيء يمكنهم وضع أيديهم عليه بلا هوادة..
عودة الى الارتقاء الى اعالي الديناميكية اللولبية، ان الحاجة الماسة هي لمسؤولين في السياسة و المال ارتقوا متجاوزين الدركات المنحدرة للتطور الشخصي و الوصول الى تطور نوعي يرون عالمهم بنظرة شمولية نظامية systemic.
مواطني العزيز قارىء هذا المقال، يمكنك الآن ابرام الحكم بعقلانية بعيدا عن العواطف و الاستياء على من جرحك في الصميم ماديا و معنويا، على من سلبك من مدخراتك و قاد البلاد الى الافلاس. الكلمة الفصل لك، علما ان في الوقت عينه، ربما نجد هنا و هناك اهل سياسة و مال شرفاء لهم بعض المصداقية لا زالوا بانتظار الفرصة للعمل في سبيل الوطن، ولكن بالنسبة لأولئك الذين حكموا لبنان لأكثر من ٣٠ عاما ، حتى لو اتضح أن بعضهم ليسوا فاسدين، على الأقل كانوا جزءًا من المشكلة ؛ فلا يمكن أن يكونوا جزءًا من الحل!
لسوء الحظ ، هذا الحل بعيد المنال اليوم في لبنان.
٢٣/ ٧/ ٢٠٢٠