الدكتور طلال ابو غزالة يتحدث الى الشباب العربي – خاص الملف الاستراتيجي
في بحثنا المستمر عن أهدافنا علينا أن نطارد لنصل إلى الحقيقة، والحقيقة هي أن العالم ينتقل من الدولة الحديثة إلى دولة الإبداع والاختراع، الأمر الذي يؤكده وجود شركات إبداعية في عالم المعرفة حجمها أكبر من حجم الاقتصاد العربي، يؤكد رجل الأعمال العربي والمؤثر الدولي الدكتور طلال أبو غزالة. وبرأيه فإن البقاء داخل الصندوق المغلق، والاعتماد على التّلقين واتِّباع الطرق التقليدية في الحياة والتعليم وحل المشاكل لم يعد يجد نفعًا، معتبرا أن " أينشتاين" في عبارته الشهيرة: "الخيال أهم من المعرفة"، أيقن أن أمتع وظيفة، يمكن للإنسان البحث عنها هي الخيال؛ لأنه هو من يقود إلى الشغف والحماس، وهو يصنع الابداع من رحم الخيال. هذا التحول الذي يشهده العالم اليوم دفع بأبو غزالة إلى إطلاق "كلية طلال أبوغزاله الجامعية للإبتكار"التي تهدف إلى تخريج مبدعين، حيث يكون شرط التخرج منها اختراع جديد يضيف قيمة منافسة للمهن ولسبل المعيشة. (د.مازن مجوّز)
- لقد تغير العالم كثيرًا مع الثورة التكنولوجية أو ما يعرف بالثورة الصناعية الرابعة، فأمم خرجت من الفقر وأمم استطاعت برأسمالها البشري أن تعوض فارق التطور التاريخي بينها وبين الأمم الكبرى. في ظل هذا المشهد وقف العالم العربي على هامش طريق التطور السريع، متفرجًا باكيًا مصطرعًا. ماذا عن مستقبل الاقتصاد العربي في ظل الفارق الذي يكبر يومًا بعد يوم بين العرب والأمم الاخرى؟
ابو غزالة: أنت هو من يقرر مصيرك ونصيبك..
أقصد: هذا قرار يجب أن يتخذ من قبل الدّولة.. كما هو الحال في كلّ ثورة من الثورات السابقة!
وفي واحدة من أهم مراحل التغيير في تاريخ البشرية، وهي ثورة المعرفة الصناعية، الثورة الصناعية الرابعة التي تشير إلى ثورة المعرفة، أي الثورة المرتكزة على تقنيات المعرفة وعندما نتحدث عن المعرفة في هذه المرحلة نقصد معرفة “تقنية المعلومات والاتصالات” (ICT) Information and Communications Technology التي ستقود عملية التغيير في كل مجالات الحياة.
هذه الثورة ليست مشروع في قطاع خاص كما كانت الصناعة أو الزراعة؛ بل في كل شيء منها الطب والأدب والحياة وأيضا في الإنسان ! لقد دخلنا “ثورة الإبداع والاختراع“، أي انتقلنا من مرحلة البحث العلمي والتطوير إلى مرحلة الإبداع أو الاختراع. لقد كنا سابقًا نبحث ونقدم دراسات وأبحاث أما الآن فنحكم الأمور بالهدف. في النهاية المطلوب هو أن نتحول إلى مجتمع إبداع واختراع، وبالتالي قمنا بتأسيس أول جامعة في العالم هدفها الاختراع وليس التعلّم؛ لأن الطالب لا ينجح من خلال تقديم إمتحان بل عند تقديم إختراع حتى يتخرج، فاليوم أهم مؤسسات العالم التي أصبحت قيمة كل منها تريليون دولار، هي مؤسسات إختراع وليست مؤسسات نفط، ولا بنوك وعقارات، ولا أي شيء، فإختراع المعرفة هو الطريق لصنع الثروة!
ولكن . . ما هو المجتمع الرقمي؟…
عندما أتكلم عن المجتمع؛ أقصد الدولة والإنسان، هذا المجتمع عندما يصبح الإنترنت فيه كالجهاز العصبي في جسم الإنسان، نحن حتى الآن بعيدين جداً عن هذا، يجب أن يكون هناك نهضة حقيقية نفسية – توعوية ، كي نحقق هذه النقلة التي حتى الآن لسنا جاهزين لها، المشكلة تكمن فينا نحن، ولدينا مشكلة أساسية في الوطن العربي وهي عدم تقديرنا للإستثمار في المعرفة، وكي ننشئ شبكات من الإستثمار في الإبداع هناك طرق عدة لمساعدة المخترع ليصبح اختراعه منتج، أيضا لدينا مشكلة في الوزارة إذ لا يوجد لدينا وزارة للإبداع، فعقولنا محصورة فقط في الاستثمار في الصناعة والتجارة، أما الاستثمار في الإبداع فهو شيء مختلف، وليس بالعقلية نفسها؛ لأن الاستثمار في الإبداع يكمن في معرفة كيف تحتضن المخترع، وكيف تربطه مع الجهات التي تحول إبداعه إلى إنتاج، ثم نحن بحاجة لأن يكون هدف نظامنا التعليمي تخريج مخترعين ومبدعين وليس باحثين عن عمل، الآن من يخترع لا يبحث عن وظيفة بل يقوم بالتوظيف لديه، الإختراع موجود في أغلب المجالات ولا ينحصر في مجال معين.
وأخيراً.. نحن بحاجة إلى إئتلاف عربيّ تديره إما الجامعة العربية أو إحدى الدول العربية؛ لربط الدول في المجالات كافة.. ونحتاج إلى مؤسسة دائمة في الوطن العربي؛ لتركز على تقنيات المعلومات والاتصالات لأغراض التنمية وتبادل المعلومات، ففي الأمة العربية خير كثير ولكنه يحتاج إلى تنسيق وربط… والجانب الاقتصادي واحد منها..
- من نافل القول إن العالم العربي يمتلك قاعدة شبابية قلّ نظيرها بين أمم الأرض تركيب عمري شاب. حاجة هذا الشباب إلى فرصة فقط فرصة واستعداده لفعل الكثير من أجلها. ماذا عن التعليم وتطوير إمكانيات الشباب في العالم العربي خاصة في الدول التي تتميز بالعنصر الشاب؟ هل لا زالت المدارس الجامعات قادرة على قيادة مشروع المستقبل للشباب العربي؟ وهل ندرك حجم الفارق الذي يتسع يوماً بعد يوم بين ما وصله العلم وبين طبيعة مناهجنا الدراسية المتقادمة؟
ابو غزالة: الشباب هم مصدر الابتكار والإلهام والرّيادة. تلك التي تشكل المساهم الرئيس في التغير والتحول في عالمنا، ومن الضروري تمكين الشباب العربي من وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتفعيل مشاركته في استخدامها وتوطينها وإنتاجها، بما يحقق احتياجاته وطموحه، ويساهم في إنجاز مخططات التنمية المستدامة للبلاد العربية، وأرى أن جيل اليوم من الشباب قد تفوق بصورة رائعة عن طريق تسخير روحه المتمردة للإبداع الإيجابي، ويمكن للشباب أن يكونوا مصدراً للإبتكار الإيجابي نحو الأفضل ومن واجب الشباب أن يأخذوا زمام المبادرة دون إنتظار تمكينهم من أحد، وأدعوهم لأن يحددوا قدرهم بأيديهم.
ويجب خلق “عمال معرفة” ..
أولئك الذين يتميزون بمعارف تقنية تلبّي متطلبات الاقتصاد العالمي الرّقمي، ويواكبون تحدّيـات عصرهم الرّقمي الجديد، ويؤشرون لابتـكارات نكون من خلالها فــي طليعــة العالــم لا في ذيله!
ومن هنا أدعو الشباب إلى التّعلّم.. وتطوير مهاراتهم وبناء أفكار ومشاريع بالإستفادة من الشبكة العنكبوتية وما توفره من كم هائل من المعلومات ومساواة في الفرص والتواجد بين أغلب المستخدمين حول العالم، فالعالم يحتاج الى الإبتكارات والإختراعات في قطاعات متعددة وإلى توجهات حديثة مثل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وأمن المعلومات، وغيرها من التوجهات الحديثة في عالم الإنترنت.
كما أن ما يمكن أن تقدّمه شبكة الإنترنت للشباب من المعلومات والمهارات والخبرات قد لا يحصل عليها من خلال التعليم التقليدي المدرسي أو الجامعي، وأن المستقبل هو للمعرفة وللإقتصادات المبنية على الرقمية والانترنت. “إن لم تكن عامل معرفة، ولم تطوع الإنترنت لخدمة حياتك وإقتصادك، فلن يكون لك مكان في هذا العالم مستقبلا”.
ولقد سعينا في “مجموعة طلال أبوغزاله” إلى تسهيل وصول المعرفة للجميع، من خلال منصات معرفيّة حديثة، ومزودة بخطوط إنترنت لكل من يرغب، وسعينا إلى تطوير الشباب العربي من خلال دورات في التقنية، للوصول بالفرد العربي إلى مصاف مواطني العالم المعرفي، وإزالة فجوة التعلّم الرّقميّ بين النّاس، ووضع حدّ للبقاء خارج السّحابة التكنولوجية. ولم نصمّم أجهزتنا إلا لهذا الغرض، فقد أسسنا شركة طلال أبوغزاله للتقنية “تاج تيك” لإنتاج أجهزة ذكية بمواصفات عالمية وبأقل الأثمان، محاولين محو الأمية المعلوماتية في المنطقة العربية، ومعززين المكانة الاقتصادية للمنطقة، وموجّهين شبابنا نحو روح الابتكار بالتّمكين الذي نضمنه لهم.
ولقد أصدرت كتاباً حديثًا في هذا الموضوع بعنوان “المستقبل الرقمي الحتمي” وتكلمت في جزء منه عن التحول المطلوب في التعليم، أي أن ننتقل من التعليم إلى التعلُّم، وأقصد بهذا أن نتحول من “ثقافة التعليم” أي القراءة وتعليم العلوم والآداب وغيرها، ثم فحص الطالب على ما حفظه من هذه العلوم، حيث إن الهدف من الإمتحانات معرفة قدرة الطالب على الحفظ وأنا أحدهم، أما الآن قد إنتقلنا إلى مرحلة التعلم وليس التعليم حيث يقوم الطالب بتثقيف نفسه وتعليم نفسه.
أذكر أنني قلت في إحدى محاضراتي في جامعة هارفرد: “إنني أتحدى هذه الجامعة العظيمة بأن تُحضر لي أستاذًا يأتي بمعلومة ويضيفها للطلبة غير موجودة في محيط الإنترنت”، بإمكان الطالب أن يقرأ ويتابع يومياً أكثر من أستاذه؛ لأن المعلومة الموجودة في محيط المعرفة الرقمية هي أكثر بكثير مما يمكن لأي أستاذ أن يقدمه لطالبه.
أمامنا مسؤولية كبيرة لتوجيه التّعلّم نحو غرض “الابتكار”..
ففي” كلية طلال أبوغزاله الجامعية للابتكار” إمتحان التخرج هو بمثابة إختراع، فإذا لم يقدم الطالب إختراعاً في أي مجال مبنياً على تقنية المعلومات والاتصالات لن يستطيع التخرج وذلك هو مقياس التخرج والنجاح، أي أننا نريد تخريج مخترعين بدلاً من حافظين يبحثون عن العمل؛ لأن المخترع يقوم بإنشاء عمل، من خلاله يُوظف العديد من الأشخاص بدلاً من البحث عن عمل.
أنا شخصياً ممّن تخرجوا من أفضل الجامعات وبأعلى المراتب .. ليبحثوا عن عمل أو وظيفة وبقيت أسعى لمدة ستة أشهر من دون فائدة، لم أوفق بوظيفة إلا عندما عرضت على صاحب العمل أن يقوم بتوظيفي مجاناً، وسألني حينها لماذا تريد العمل بشكل مجاني، أأنت مجنون؟ وكان جوابي أنني أريد إكتساب الخبرة بدلًا من جلوسي للبحث عن عمل؛ لأن هذا قد يساعدني على إيجاد وظيفة، أو أن أحصل على ثقتك بي لتوظيفي لديك وبراتب.. يجب أن يكون هدف التعليم الوحيد هو الإبتكار، فلن أستفيد من طالب تخرج وتفوق في الحفظ أو “مُتلقن” أجاد قدرة التلقن ليُلقن غيره، وبذلك نبقى مكاننا من دون تقدم، يجب أن ننتقل إلى الإبداع والإختراع.
هذا الكلام ليس بدعة أو اختراعاً، فجميعنا يعرف مجموعة المبدعين الذين يقودون العالم في الفكر، والمعرفة، والإختراع الذين لم يُكملوا دراساتهم الجامعية كما يسمونهم في أمريكا والعالم (The Dropouts)، فـ”المتسرب” إكتشف أن كل ما يستطيع أن يلقنه إياه الأستاذ موجود في محيط المعرفة، حيث يمكنه البحث عنه، والاطلاع عليه، وتحليله، ودراسته.
نطالب أن يكون دور المعلم دوراً تقنيًا.. وليس مُلقنًا يحمل الكتاب الذي يحتوي على معلومات تتكرر من سنة إلى أخرى ليعيدها للطالب.. ويُمتحن الطالب على حفظ هذه المعلومات، هذا الأسلوب في التعليم لا يُفيد، أنا أمام مسؤولية تجاه أبنائنا بأن أقول لهم: “لا أريدك أن تقول أنك متعلم؛ لأن المُتعلم ليس له فضل لأنه تعلم وحفظ عن غيره، أريدك أن تكون مُخترعاً”، دور الأستاذ لن ينتهي بل سيتغير ويتحول ليصبح موجه تقني، لأن عملية التحول الرقمي تسري على جميع الأعمال في التعليم، تسري على الطالب الذي يتعلم وعلى الأستاذ الذي يُعلم الطالب كيف يمكنه الاختراع.
وأخيرًا..
يجب أن نتذكر أن الاختراعات الكبرى في العالم.. أنتجها شباب وطلبة في بداية مراحل حياتهم، فيجب علينا الإهتمام بهذا الجانب من الآن وليس الإنتظار حتى وصول الطالب إلى المرحلة الجامعية، أو في الدراسة الثانوية، بل من البداية يجب أن تبدأ عملية التحول الرقمي في المراحل الابتدائية .. هي العملية التي ستقوده إلى مراحل “الإبتكار والإختراع”.
- الواضح أن هناك حاجة لنموذج مثلث تعليم – فرص في الاقتصاد- اندماج بالاقتصاد العالمي. هل يمكن لواحدة أن تكون القاطرة للاثنين الآخرين؟ أم أن ضغط الأزمة قد بات يحتاج إلى زلزال سياسي اقتصادي اجتماعي معرفي يسمح بوضعنا على خارطة الأمم مرة جديدة؟
ابو غزالة: إن المنطقة العربية ستكون الأقل تأثراً في الأزمة الاقتصادية.
وثمة إختلاف في معايير الرفاهية؛ فالإقتصاد الغربي يعتمد على معايير، وهناك تحول ضد الديمقراطية في العالم، وعندما أقول إننا أمام تغيير سيُفرض علينا، فإننا أمام تغيير حتى في أنظمة معيشتنا، وسنكون الأقل تضرراً من أي وباء مثل (وباء الكورونا)؛ لأننا في الأصل ” غير مُعافين”!
نحن أكبر منطقة في العالم في معدلات الدمار والفقر والمعاناة الاجتماعية والعجز، على عكس العالم الغربي الذي يعيش برفاهية و”يتربع على ثروات العالم”، ولكن، ستنهار النظرية التي تقول “كل شيء للغرب، والغرب هو المانح الآن”، وسيبدأ مستقبل الازدهار بالتحول تجاهنا، إلينا حيث العرب.
أما لماذا سيبدأ عالمنا العربي بالازدهار ؟
لأن المنطقة الأكثر دماراً في الدّنيا هي المنطقة العربية، والمنطقة الأكثر ثروة هي المنطقة العربية؛ وبالتالي ستصبح مصلحة العالم كلّه عندها، وستبدأ عملية إعادة الإعمار والبناء في هذه المنطقة، وذلك ليس لمحبة العالم لنا بل لأن العالم هكذا يسير!
وأخيراً..
أنا متفائل بالنسبة لإقتصاد المنطقة العربية، حيث أقوم حالياً بإعداد دراسة ترتكز على “أين سنكون في عام 2025؟ ” وهي السنة التي أتوقع أن يكون فيها بداية الازدهار، فخمس سنوات في عمر الحروب تعني خمس دقائق، وستبلغ بعض الدول في وطننا العربي مستوى اقتصادي كالذي بلغته الصين.
- هناك استقطاب واسع في المنطقة العربية بسبب ضعف المناعة السياسية للدول العربية وعجزها عن إعادة صياغة مشروع عربي حضاري. هذا الاستقطاب له اليوم عنوانين دوليين كبيرين طريق الحرير والعالم الغربي. هل يمكن لنهاية هذا الاستقطاب أن تكون عن طريق اندماج كامل بأحد المشروعين بما يؤول إلى إعادة إطلاق طاقات الشباب العربي ضمن وظيفة محددة للاقتصادات العربية في الاقتصاد الدولي؟ أم أننا بحاجة لانتظار انتصار طرف على طرف كما ننتظر منذ 80 عامًا للشروع في مشروع رؤيوي نستطيع من خلاله إعادة ادماج مجتماعتنا وشبابنا وتحويل العرب إلى حاجة للنظام الاقتصادي العالمي؟
ابو غزالة: ثمة مشكلة بين الصين ومنافسيها من العالم الغربي..
فالصين لديها رؤية واضحة قامت بتحديدها في مشروع “طريق الحرير” السابق الذي يسمى اليوم “الطريق والحزام” (Belt and Road Initiative)، والذي يعتبر خطتها لكيفية الهيمنة على التجارة العالمية، ومن خلال الهيمنة الإقتصادية تحمي نفسها ومستقبلها وتحقق دورها القيادي في العالم.
الدول العربية ليست حليفة لأحد..
لأنها لا تشكل قوة مهمة في العالم، ومع ما حصل في العشرين سنة الأخيرة من عودةٍ إلى إستعمار هذه المنطقة، وتخريبها، وخلق الفوضى الخلّاقة فيها، والثورات وما سمي بالربيع العربي أي “الدمار العربي”.. وهذه الفترة جعلتنا أضعف من أن نكون في أي معادلة صراع، أفضل ما يمكن أن نقوم به هو البقاء على الحياد، فما سيحدث في العالم سيقرر مصيرنا على أي حال..
فهل ثمة فرصة للنهضة بالاقتصادات العربية ؟
نعم، ولكن عندما ينشأ نظام عالمي جديد بأنظمته وتكتلاته الجديدة، وكل دولة ستتموضع إما هنا أو هناك، وسيكون للعالم قيادتان، حكم ثنائي للنظام العالمي الجديد، سيتم وضع خطط ستنشأ عنها قرارات لتنظيم العالم، ولتنفيذه يلزم إنشاء مشروع يشبه مشروع (مارشال) الذي أنشأه (جورج مارشال) وزير خارجية أمريكا في نهاية الحرب العالمية الثانية لإنقاذ أوروبا بعد أن دُمرت في أغلبها، وما نتج عنه أن المستفيد الأول هو أمريكا، لأنه لو كان هنالك عملية إعادة إعمار المستفيد جميع الأطراف فالطرف الممول له مصلحة، والطرف الذي يقوم بالتنفيذ له مصلحة، السوق من حيث المنتجات التي ستمول لها للإعمار لها مصلحة، أي أن هنالك فائدة كونية في إعمار العالم، ولكن هناك إجراءات صعبة يجب إتخاذها على المدى القصير والمدى الأبعد حتى عام 2025
وأخيراً..
نتطلع إلى النهضة العربية من خلال نهضة عالمية؛ لأن (المارشال بلان العالمي) سينشأ من هنا؛ لأننا المنطقة الأكثر دماراً في الدنيا وبالتالي الأكثر فرصاً، ولأن الله تعالى أنعم على هذه المنطقة بوجود بعض الدول العربية التي لديها فوائض لمصلحتها، ومصلحة الدول التي يجري إعادة إعمارها، ومن هنا أتوقع أزمة لكنها مؤقتة، أما على المدى الطويل فالخير قادم، وهذه الأمة العربية المستقبل لها، فالإعمار مصلحة مشتركة وعند بداية إعادة الإعمار سيبزغ من هنا أول نجم للنهضة الجديدة العالمية.