اجتماعالاحدث

بيار الخوري يختم ملف ذكرى السيّد فضل الله (7): شهادة حية

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

 

كان ذلك في العام 1985 في تلك اللحظه التي اتهم فيها السيّد فضل الله رحمه الله بالعقل المدبر خلف تفجيرات المارينز والقوات الفرنسية او الارهابي الأول كما وصفته الصحافة الغربية.

هي تلك اللحظه التي سبقت مجزره بئر العبد التي قيل انها جاءت ردا على ذلك الاتهام او مكمل لها.

كانت الساحة الاسلامية في لحظه تحول بين تيارات العلمانيين وصعود التيار الشيعي الجهادي، وكان ذلك الفرز واضحا بين الطلاب بعضهم عن بعض يوم استقبال العلامة السيد محمد حسين فضل الله لالقاء محاضرة في كلية العلوم الاقتصادية واداره الاعمال في الجامعة اللبنانية.

ففي مقابل المنبر الذي كان يجلس عليه السيد كتلتين على جانبي القاعة افرزتهما تلك اللحظة فعلى يساره كتلة اتحاد الطلبة المسلمين وعلى يمينه مزيج اليسار والعلمانيين على اختلافهم.

بعد البسملة والصلاة على النبي، بدأ السيد محاضرته برمي سؤال ثقيل على الحاضرين على اختلاف مشاربهم: من منكم يشكّ بوجود الله؟ صمت مطبق في القاعة. أعاد السيد سؤاله بطريقة فيها بعض التحدي وبعض الغضب، وكانت وجوه الجميع تنظر الى بعضها البعض. اعاد السؤال ثالثة بالكثير من النبرة العالية كانه يتحدى من يشكك في وجود الله. في تلك اللحظة ردّد شباب اتحاد الطلبة “صلاة الله على محمد وال محمد” في ظل صمت مطبق للآخرين.

هنا اعاد سيد تركيز عمامة سليل اهل البيت، تلك الحركة التي اشتهر بها دائما وقال: علينا ان نشكّ بوجود الله! وهناك ساد الصمت الاكبر الذي لم اجد لعمري حتى اليوم تناغم دهشة يشبه ذلك الذي نشأ في تلك اللحظة بين الاسلاميين والعلمانيين.

اكمل السيد وبعد تركيز اخر للعمامة، علينا ان نشكّ بوجود الله لان الشكّ هو المدخل السليم للايمان، اخرجوا من الافكار المعلبة ولا تعلبوا أنفسكم.

في تلك اللحظه حصل تبادلُ لردود الافعال بين العلمانيين والاسلاميين. بدا الملحدون والعلمانيون واليساريون اكثر انشداداً الى السيد ينتظرون بشغف ما الذي سيقوله.

بعدها اكمل السيد وعلى مدى ساعة ونصف الساعة الافكار النيرة التي ميزته دائماً وعرّج على اطروحته حول نقاط الضعف لدى المحتل والتي اذا فهمناها وعرفنا كيفية توظيفها لتحرير الارض ستصنع الانتصار الذي عجز العرب عن صناعته منذ اغتصاب فلسطين. كانت تلك مسالة حاسمة في جدلية المقاومة والاحتلال قبل الانسحاب الاسرائيلي الاول.

اذكر ذلك اللقاء بتفاصيله كما لو انه يحدث اليوم!

لماذا يموت رجال كالسيد فضل الله؟

رحمه الله، فذلك تدبير من رب العالمين.

لمن فاتته متابعة الأجزاء السابقة :

البروفسور بيار بولس الخوري ناشر الموقع

البروفسور بيار بولس الخوري اكاديمي وباحث، خبير في الاقتصاد والاقتصاد السياسي، يعمل حاليا مستشار ومرشد تربوي ومستشار اعمال. عمل خبيراً اقتصادياً في مجموعة من البنوك المركزية العربية وتخصص في صناعة سياسات الاقتصاد الكلي لدى معهد صندوق النقد الدولي في واشنطن العاصمة. له اكثر من اربعين بحث علمي منشور في دوريات محكّمة دولياً واربع كتب نشرت في الولايات المتحدة والمانيا ولبنان تختص بإقتصاد وادارة التعليم العالي، ناشر موقع الملف الاستراتيجي وموقع بيروت يا بيروت المختص بالادب. منشأ بودكاست "حقيقة بكم دقيقة" على منصة بوديو. كاتب مشارك في سلسلتي "الأزرق الملتهب: الصراع على حوض المتوسط" و" ١٧ تشرين: اللحظة التي أنهت الصفقة مع الشيطان" المتوفرتان عبر امازون كيندل. في جعبته مئات المقابلات التلفزيونية والاذاعية والصحفية في لبنان والعالم العربي والعالم ومثلها مقالات في الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية الرائدة. يشغل حالياً مركز نائب رئيس الجمعية العربية-الصينية للتعاون والتنمية وأمين سرّ الجمعية الاقتصادية اللبنانية وعميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى