اجتماعنادي القلم

كورونا المستجد ومتلازمة اللامبالاة في المجتمعات العربية | با بو زيد محمد سعيد

للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

اتسأل مرارا اين هي طواقم الطبية والمتطوعين من الدول العربية والاسلامية من الواحب الانساني ؟
واين نحن من الدعم الانساني الذي بات يحتاجه الايطاليون والاسبان وقبلهم الصينيين والايرانيين ….؟
قد يقول البعض اننا لا نملك اي شيء وان منظوماتنا الطبية هشة وغير قادرة على تغطية احتاجاتنا المحلية فكيف تكون جاهزة للمساعدة الغير ، واذا كانت هذه هي الحقيقة ولا خلاف، ولكن ايضا اخشى كل ما اخشى ان نكون عدمنا انسانيتنا واصبنا بمتلازمة اللامبالاة بسبب العجز والفشل ومركبات النقص التي ولدت معنا وتكبر يوما بعد اخر ….
لقد اصبحت الكوارث بأشكالها لا تحرك بدواخلنا شيء، لقد اعتدنا على اشلاء القتلى ودمار المدن وهلاك الاطفال والقتل ومشاهد الدم .
كل مشاهد الرعب والخوف ما عادت تجدي نفعا ولا هي اصبحت قادرة على تحريك الضمير الانساني لدينا الى هذا الدرجة تصحرت انسانيتنا ؟
لا يمكن ان نكرر جملة التراكم من المعاناة والوجع الذي عشناه ولن يكون تجاوزه بالنسبة لنا امر يسير ، غير انها لكارثة حقا ، ان تموت كل احاسيسنا ومشاعرنا وتغدو لنا هذه السيكولوجية المتحجرة والغير المبالية والمريضة بكل امراض التناقض الى الحد الذي ما عاد يؤثر بها شيء . اللامبالاة حسب علم النفس هي حالة وجدانية سلوكية، معناها أن يتصرف المرء بلا اهتمام في شؤون حياته أو حتى الأحداث العامة كالسياسة والاقتصاد ….وإن كان هذا في غير صالحه .مع عدم توفر الإرادة على الفعل وعدم القدرة على الاهتمام بشأن النتائج.
نعم يمكن ان نكون قد اصبنا فعلا بهذا النمط السلوكي بفعل ضغوط النفسية المتلاحقة التي افرزت لنا “التراكم نوعي” فجر بداخلنا حالة اللامبالاة هذه.
واللامبالاة هي انطفاء المشاعر بسبب سيادة العقل.
وفي المسيحية دخلت اللامبالاة الفكر الديني على يد كلمنس الكسندروس الذي اعتمد المصطلح للتعبير عن الازدراء من جميع الشواغل الدنيوية، حالة من إماتة الجسد، كما يصف الإنجيل. الفيلسوف روبرت مينارد هاتشينز اوضح ان موت الديموقراطية هو بسبب اللامبالاة السياسية. الدكتور النفسي روبرت مارين يقول إن اللامبالاة ممكن اعتبارها عرض أو متلازمة أو مرض.
ويرجح الباحثون اسباب وعوامل اللامبالاة لجملة من الاسباب من بينها
العامل العضوي :
اللامبالاة يرتبط مع العديد من الظروف الصحية، ومنها:الإفراط في تناول فيتامين (د)، التعب العام، واللامبالاة قد يأتي كنتيجة جانبية من بعض الأدوية واستعمال الكحول والمخدرات الثقيلة مثل الهيروين والكوكاين والبرشام . أو من مرض الزهايمر، مرض شاغاس، – مرض جاكوب، والعته، جنون كورساكوف، أو تحدث كعرض لمرض هنتنغتون، أو انفصام الشخصية، وغيرها.وكذلك هناك علاقة طردية بين الاكتئاب واللامبالاة….
العامل النفسي او السيكولوجي :
وتعتبر اللامبالاة جزء من الميكانيزمات الدفاعية التي تدافع بها الانا عن ذاتها حيث تقترن مع الهروب من الواقع هي والنصوص وأحلام اليقظة والتبلد إذا كان الواقع مليء بالمشاكل التي تكون فوق القدرة. فعندما يتعرض الفرد للحرمان مثل البطالة تظهر لديه ميول عدوانية على المجتمع تتمثل أحيانا في اللامبالاة.وعادة يكون تقدير الذات منخفضا فيشعر ان لاقيمة له في المشاركة. وتارة تكون الأحداث متعبة أو مجهدة فيستبعد مشاركته. وتلعب نظرية مرحلة الطفولة المبكرة عند اريك اريكسون: من 18 شهرا إلى 3 سنوات صراع بين التحكم الذاتي في مقابل الخجل وتنتج ضبط النفس، الشجاعة، الأرادة دورا في اللامبالاة.
العامل الاجتماعي :
في كثير من الأحيان، اللا مبالاة تحدث بعد أن يشهد الفرد ضغوط أو صدمات نفسية مروعة، مثل قتل أو تشويه الناس أثناء الحرب. مفهوم اللامبالاة أصبحت أكثر شهرة بعد الحرب العالمية الأولى بسبب ما تسمى “صدمة القذيفة”، حيث الجنود الذين كانوا يعيشون في الخنادق وسط القصف ونيران الرشاشات، والذين شهدوا ميادين معارك مع رفاقه القتلى والمشوهين وضعت فيهم شعور اللامبالاة وفقدان الحس بالتفاعل الاجتماعي.كذلك يلعب الاغتراب وهو شعور الفرد بعدم انتماءه للجماعة دورا مهما
ويذهب بعض اخصائي علم النفس الى ربط اللامبالات بنوع من الدفاع عن النفس بحيث تكون جزء من أليات الدفاعية النفسية التي تفرضها الانا للهروب من الواقع والتلبد والتخلص من المشاكل التي يفوق قدرة الشخص على حلها .
فاليوم نقف عاجزين كل العجر نلوك صلوتنا بألسنة العجر على مضض نقف مضرعين اماما محاربنا بكل خيبات العجر والضعف .
لقد عرت جائحة كورونا ضعفنا وأظهرت فسادنا وكشفت هشاشتنا . فيروس coved_19 كورونا المستجد جاء فكشف الحجاب عن واقعنا المزري .
دول بملايين السكان لا تمتلك سوى بضع سرائر ومسشتفيات مهترئة تجاوزها الزمن ، وبدون معدات ، بل حتى ابسط انواع المعدات.
لقد تم اهمال الصحة العامة كما تم اهمال التعليم ، وهذاك اصبحت مجتمعاتنا هشة وضعيفة محبوسة بين دفتي الانهيار وعدم الاستقرار .
لقد توالت الانظمة والحكومات في بلداننا العربية فزادت غيا في فسادها وسرقة مقدرات بلدانها واهملت كل مقومات الصمود والقوة وكل اسباب نهضة مجتمعاتها .
كل هذه التركمات بجانب القمع والتضيق على الحريات والنهب والريع والفساد المستشري في كل الانظمة والحكومات العربية شكلت دون ادنى شك عوامل ساهمت بأصابة مجتمعاتنا بمتلازمة اللامبالاة ومرض التصحر الانساني والجمود الضميري . فأصبحت مجتمعات بطئة التفاعل مع اغلب الكوارث الانسانية.

للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

با بوزيد محمد سعيد ناشط حقوقي

مدافع عن حقوق الإنسان وفاعل في مجال التنشيط الثقافي. يتابع التخصص في الحقوق في جامعة الحسن الثاني المحمدية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى