سندويشات واوكازيون وفاسدُ اكبر: انفوغراف وأد الثورة في لبنان!
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
بعد شهر تقريبا” تطفئ انتفاضة 17 تشرين شمعة ونص شمعة. اطنان من المشاعر افرزها ذلك الحدث وجولات استعادة لا تنطفئ نشهد فصلا” جديدا” لها في ما يحصل اليوم. في الثامن عشر من تشرين الاول 2019 (اي صبيحة اليوم التالي لليلة الواتساب) نشرنا تحليلا” بعنوان: ربيع متأخر ورقصُ على حبال جهنم، حيث يقول الكاتب: “في ظل انفجار الشارع يراهن كل فريق على تحويل الانفجار الى مكاسب… الناس كالماء؟ نعم لا بدّ ان تجد نقطة تخترق منها الصخر وتنفجر، ولكن من سيحدّد مجاري الماء بعد انفجارها. وفي ظل كل هذا التعقيد تعمل القوى الداخلية والخارجية على حفر قنوات لمسارات الماء بعد الانفجار، بعض هذه المسارات مصممة منذ مدة وتنتظر اللحظة الحرجة.”
الثورة عمل معقد وطويل الامد ويحتاج الى تراكمات وعي تكلّف في مسار انضاجها تضحيات وخيبات ثم استنتاجات ثم خيبات وهكذا دواليك حتى ترقية الوعي الى المكان الذي يستطيع معه تغيير الواقع بشكل جذري. كل ما دون ذلك هو غضب وردة فعل وفشة خلق وربما الذهاب الى عكس المرتجى.
ما حصل منذ الانتفاضة هو تراكم وعي اولي مشحون بتناقضات الطائفية والمصلحة الطبقية والفردية واسقاط الاحلام على الوقائع. كانت السلطة تعلم ذلك وهي، رغم انقساماتها وتناقضاتها، فقد استخدمت صمامات امان النظام للدفاع عن وجوده كل من موقعه وكل بما لا يؤذي تموضعه في النظام والشارع.
لذلك اصبحنا امام سيناريوهات مفترضة للثورة كلها تتلطى بمصلحة اللبنانيين:
فبالنسبة للثنائي الشيعي وغالبية قوى الممانعة ما جرى هو اجندة سفارات ( وجدوا دالتهم لها في السندويشات والميكروفونات في الساحات) وهي مصممة لكسر محور المقاومة واخذ لبنان الى المحور المقابل.
وبالنسبة للتيار الوطني الحر الثورة كانت عبارة عن اوكازيون لثلاثة ايام فقط بعدها دخل الزعران الى السوق وسرقوا الثورة “بنكاية بفخامة الرئيس والعهد”.
اما بالنسبة لمتطهري قوى الرابع عشر من اذار ( بكافة تلويناتها) فالثورة هي ثورة على الفساد الذي بدأ مع وصول ميشال عون الى بعبدا والذي باع لبنان لحزب الله (هنا يغيَّب ثاني الثنائي العزيز على قلوبهم جميعاً) مقابل السماح لصهره “الفاسد الاكبر” بممارسة الفساد.
كلن يعني كلن اختبروا الفساد حتى الثمالة، اختلفوا فيما بينهم وفرقتهم مصالحهم وارتباكاتهم وجمعهم فقط: شيطنة الثورة! دفاع النظام يعمل جيدا” لانه لا يستند فقط الى الشيطنة بل ايضا” الى تطيّف الوعي والعمليات الجراحية للاجهزة وفقا” لانفوغراف النموذج ادناه:
هذا نموذج متاهة: نفس المدخلات ستعطى نفس المخرجات اذا احسنا استخدام عوامل التوسط: استغلال الوعي الطائفي – بث الشحن الطائفي – عمليات جراحية للاجهزة ( داخلية وخارجية على السواء).
اين تكمن المشكلة؟ بدائية الوعي، وصولية وانانية الكثير من مجموعات الثورة والتفوق الاستراتيجي لاطراف النظام على الحراك. هذا هو النموذج، لنفكر قليلا” ولنتحرر رويدا” رويدا” من عصبياتنا ولنعرف ان الثورة مسار وليست لحظة والنجاح والفشل يرتبط بتفوق الوعي وتفوق الوسائل. الثورة هي تغيير نظام وليست تغيير ياقات.