حرب الملائكة والشياطين في بيروت | ريتا بولس شهوان
الوقوف ضد رياض سلامة كحاكم مصرف لبنان خطير على مصالح الفرد. هذا ما يحرك فرضية ان هناك مخطط ما لكل من يرجم الاخير بحجارة كما فعل الثوار في الايام المنصرمة. رئيس الحكومة حسان دياب وخطاب رئيس الجمهورية اتجه لاعتبار ما يحصل بانه مؤامرة. خلع اليوم حزب الله “تلبسية” التآمر عنه اليوم بمتابعة شأن الدراجات النارية في الضاحية الجنوبية.
ريتا بولس شهوان
موقف حزب الله مما يجري في الساحة اللبنانية ليس موقف مرتبط بالاتجاهات التي تبدو عليها التحركات الشعبية في اكثر من مكان بل هو يتطلع الى ما هو ابعد من ذلك بكثير بحسب النظرة الاستراتيجية. هذا لا يعني ان لحزب الله موقف من هذه التحركات والاحتجاجات تحت العنوان المطلبي فحزب الله كسائر البيئات في لبنان لديه بيئة واسعة في لبنان متضررة مما الت اليه الامور على المستوى الاقتصادي والمالي هو لا يضع فيتوهات ولا يشترط بشروط من هنا واخرى من هناك. هذا باختصار تقييم الصحافي والمحلل السياسي اللبناني القريب من حزب الله فيصل عبد الساتر الذي رفض وجهة النظر التي تقول ان حزب الله يضع كل ما يجري في خانة المؤامرة واستهداف لكن الحزب على حد تعبيره لا يستبعد احتمال ان يكون هناك شئ ما يتحرك عبر اوامر معينة في هذا الاطار وخشيته من انحراف الوضع نحو الفوضى. هذا الكلام لا يعني الوقوف ضد الحركة الاحتجاجية لكن الحزب على حد تعبير عبد الساتر منسجم مع نفسه لا يتبع سياسة الكيدية السياسية بالتالي لا يمكن ان يكون في الحكومة وينقض عليها في الوقت نفسه لو لم يكن كذلك لكان الامر اختلف عندما كان الرئيس الحريري في السلطة وتمسك به حزب الله وبدات التحركات .
معركة “نزع الفساد” ليست مقابل “نزع السلاح”
هكذا اذا حزب الله معني في محاربة الفساد وفق امكانياته وما له علاقة به فهو لا يكلف نفسه مهمة “نزع الفساد” كما يفعل اخرون بموضوع سلاحه من لبنان لكنه يتحمل مسؤوليته في اطار المسؤولية السياسية ويتبع سياسة فمن لديه ملفات فليتجه نحو القضاء المطلوب منه تحمل مسؤوليته.
ما يجري في الساعات الاخيرة والاتهامات بمؤامرة تُقرأ من وجهة نظر حزب الله فهي أن الساحة اللبنانية مفتوحة فلا احد لديه معلومات عن اتجاهات التحركات فكل التغريدات والتصريحات اتهمت حزب الله ومنطقة محددة علما ان ما تبين ان العكس على حد تاكيد عبد الساتر مشيرا الى ان المشاركين في ما حصل من بيئة تيار المستقبل سابقا او بهاء الحريري حاليا وهم من تحركوا في بيروت في هذا الشكل علما ان كل العناوين كانت تشير الى ان هناك ما يحرك الفتنة تحت سياق فتنة سنية شيعية. هذا ان دل على شئ فهو غياب الحكمة في اطلاق المواقف السياسية.
تاجج التحركات في كل المناطق اللبنانية حتمت على البعض ان تكون لديهم مبادرة معينة تجنبا لاي مشكل قد يحصل واتهام ان حزب الله وحركة امل بذلك فهما لا يقبلان المساس بالامن الاجتماعي على ما اطلق من مواقف عبر الاعلام في الايام الاخيرة لذلك راينا انتشار لعناصر من حركة امل او مناصرين لحزب الله على مداخل الضاحية الجنوبية قيل نقلا عن عبد الساتر ان هذه التجمعات تمنع الدراجات النارية التوجه الى بيروت حتى لا يصار الى افتعال مشكلات او حتى توجيه رسالة الى من يهمه الامر ان ما حدث بالامس لم يكن لاهل هذه المنطقة او هذه البيئة علاقة. الامر في يد القوى الامنية التي كشفت ان من نزلوا الى وسط بيروت تجمعوا في منطقة معينة وقد تم تعيين الشخص. اذا باختصار من وجهة نظر حزب الله هذه التحركات تريد اسقاط الحكومة. ووضع لبنان في مأزق سياسي.
اما باتهام حزب الله انه يريد اثارة مشاكل “مصرفية” نتيجة قانون قيصر وغيره اكد عبد الساتر ان حزب الله غير معني بموضوع المصارف على الاطلاق فلا يهمه حماية احد لا في المصارف ولا في المصرف المركزي ما يعنيه ان يرتدع هؤلاء عن التلاعب بتسعيرة الدولار. كشف النائب حسن فضل الله عن عملية تهريب الدولار المنظمة ومن هي الجهات المسؤولة مطالباً القضاء التحقيق. السؤال الاساسي بالنسبة الى عبد الساتر هو “لماذا استدعى القضاء عدد كبير من الصرافين ومن ثم اطلق سراحهم؟ ولم توجه الى اي مصرف واي مسؤول مصرفي اي تهمة واخرج حاكم مصرف لبنان من دائرة الاتهام”.
هل اقالة رياض سلامة مطلب حزبي او ثورة؟
الثورة هي شاملة مؤلفة من مجموعات منظمين وغير منظمين سياسيا. من الطبيعي تنوع الخطابات السياسية الا ان المشتركات هي ما تؤسس للبديل. للثورة مطالب على كل الصعد السياسي المعيشي والمالي والاقتصادي. عندما تتبنى مجموعة مطلب واحد متجاهلين المطالب الاخرى فتتقاطع مصالح حزب ما من احزاب السلطة مع هذا المطلب تثير هذه النشاطات ريبة تجاهها هذا ما شرحه الناشط السياسي اسامة وهبي مستفيضًا في استراتيجية العمل ضد رياض سلامة في سياق الثورة “اصوب على حاكم مصرف لبنان وسياسته معترفين بمسؤوليته في الدولة والوضع المالي لكن هو ليس وحيدا في هذه المسؤولية. لا يجب التركيز على مسؤوليته فقط حتى لو كانوا محقين متغاضين عن المسؤولية السياسية والحكومات المتعاقبة. بذلك يكون هناك هدف واحد اسقاط الحاكم بهدف تعيين اخر يكون اكثر تجاوبا من رياض سلامة باعتباره متهم بانه عميل للولايات المتحدة الاميريكية”. بنظر عدد من الناشطين كما اسامة عندما يتراجع رياض سلامة يكون فعل ذلك لزوال الغطاء السياسي عنه لذا لا يجب التوقف عند تقاطع مطالب بل اكمال نحو الشعارات الشاملة لتحقيق كل ما نريده من الثورة اي اسقاط المنظومة.
رفض في الشارع كبير من اعتبار ما يحصل في سياق الشغب واتهامهم بالانتماء للثنائي الشيعي فللثورة اوجه متعددة هناك منها ما وهو سياسي وما هو شعبي. يحدد اسامة الفرق بين الشغب والغضب فالغضب هو انسداد الافق سببها الطبقة السياسية بالتالي تصبح مواجهة القوى الامنية فشة خلق امام القمع ولو تركوا لكانوا دخلوا الى البرلمان ووصلوا رسالة الى المعنيين. اما الشغب فهو تكسير دون هدف. ما يحصل بنظره وهو راي يختذل زملائه هو غضب مشروع. عندما يتم استقطاب اشخاص من الخندق الغميق والضاحية لا يمكن اتهامهم الانتماء للثنائي الشيعي فانا دعوتهم لتوحيد وجعنا. لا احد يمكنه جزم ان من يكسر هم من هذه المناطق.
اما بالنسبة الى حكومة حسان دياب ما زال الشارع غير راضياً عنها ويعتبرها حكومة تضليل تحاول اعادة سرقة الشعارات من الثوار مؤكدا اسامة ان “هذه الحكومة لم تلامس شعارات الثورة. لذا كنا نرفض فرصة المئة يوم التي اخذتها نتيجة كورونا ولم تقم باي شئ خلال هذه المدة فحتى الارقام والاراء الاقتصادية متضاربة واحتفظت بسين التسويف التي استخدمها الحريري”.
فتح حسان ديان ملف مصرف لبنان دون ملف الكهرباء زاد النقمة عليه وقرا الثوار دلالة الامر انه يعمل عند جزء من اجزاء السلطة ضد الجزء الثاني. المحرك خلف الكواليس جزء من السلطة الفاسد واي خطوة فعلية ستقوم بها ستكون ضدها كيف ستفعل ذلك. حسان دياب كذب على الشعب اللبناني عندما قال انها حكومة مستقلين فكلما رفضت السلطة سياسة ما من ناحية التعيينات او عودة المغتربين كانوا يهددون بالانسحاب من الحكومة فهذا دليل وحدة انها غير مستقلة.
هكذا في ظل كل هذا الوضع المتشابك ما زال الثوار لسبب او لاخر يسالون بين بعضهم البعض “هل انا قدا اوقف ضد رياض سلامي؟”. فهم يفكرون يمستقبلهم المهني وما يمكن ان يجر من تبعات عليهم هكذا مواجهة. فهل من طرق اخرى غير الشارع والمواجهة المكشوفة اقله للتاثير على سياسة سلامة لتعديل ما يمكن منها؟