الشرق الاوسط

هل تفرّدت قطر في فهم لغة الرموز الايرانية؟ | ريتا بولس شهوان

للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

مهارات المدرسة “الدبلوماسية الايرانية” عالية في تأويل الرموز. لا يهم اذا كان دو سوسير او بيرس خلف اللغة الدبلوماسية الايرانية، لكن على الخصوم في الملعب السياسي والسياسة الدولية كما الحلفاء ادراك هذه الخلفية “الرمزية”. بمعنى آخر لا يجوز لأي مدرسة دبلوماسية أن لا تدرك ان هناك لغة دبلوماسية ما خلف اي حراك سياسي وأي مجهود لبناء قنوات التواصل المباشرة وغير المباشرة، فحتى هذه رمز يُقرأ بالنسبة الى ايران. للمبتدئ في التعامل مع السفارات الايرانية عليه ان يعرف أن أي تصرّف غير “قاطع” مع هذه إنما يعتبر قنوات مفتوحة للتواصل او بادرة امل للتفاوض بالنسبة الى ايران حول اي ملف كان، فهي تحدده فلا يعود يهمها أي تصرف يمرّ عبر الدولة. لا! فهذا ليس ركنًا تستند اليه.

ايران لا تقرأ الرسائل ببراءة. ولا حتى بحسن نية او عفوية المرسِل. بل وفق أهوائها هي، اي تتلقى الرسالة، تعيد تفكيكها، وتؤطرها بما يتناسب ورغبتها. ومن الواضح من كلام روحاني الذي يستشف هذه الاشارات من الواقع اللبناني حينًا بعد أن يدقق جيدًا في قنوات التواصل المفتوحة ويحدد منهج عمل ناشطي المدافعة والمناصرة على الخطوط أجمعين ومن الواقع العراقي واليمني كما السوري إن همه في هذا المرحلة اعادة رسم مشهد الاتفاق النووي ليفاوض بورقة العقوبات على التسلح.

يشّم الأخير رائحة الندم الاميريكي من الانسحاب من الاتفاق النووي. قد تكون اشارات يقراوها من تصرف سعودي في لبنان، يحاول توضيحها عبر الضغط على السفارة السعودية من باب سوريا، ليستفهم عن مصير العلاقات السورية – السعودية من الباب اللبناني، بعد ان تم عرقلة رحلة عودة سعوديين من سوريا، إذ ان كانت اليد السعودية “خسعة” مع الثنائي الشيعي في لبنان حتى لو كانت عبر “تموجات” تيار المستقبل وثنايا وتعيقدات علاقاته السياسية التي لا يمكن تفسيرها منطقيا، وقد فهم من هذه الاشارة ان هناك باب للتسوية علمًا انه من الممكن ان تكون السفارة السعودية في لبنان “ركّبت” واقعها الدبلوماسي وفق “منظومة” جاهزة من “عقر الدار” لبنان مما يؤدي معنويا ذلك ان لا “رسالة” فعلية ترسلها السعودية الى ايران من باب “تركيب” العلاقات على القاعدة الجاهزة هذه “بالصدفة”.

عدم “حسم” السعودية في لبنان، اوقع اذا روحاني في قراءة خاطئة لهذه الارضية. تدعمها اخرى مرتبطة بالحملة الرئاسية الأميريكية التي تقسم الواقع الاميريكي قسمين قسم مع ترمب وقسم ضده اضافة لقسم منحاز الى الجانب الايراني في اميركا وهذا القسم نفسه الذي يضغط نحو تحرير رهينة اميريكية – ايرانية في اميركا مقابل رهينة اميريكية في ايران.

اذا المشهد المنقسم في الشرق بين دولة فارس ودول عربية تتربع على رأسها السعودية “تعارضها” قطر من ناحية تعاطفها مع ايران ، دفع قطر عبر تقرير على قناة الجزيرة يسلط الضوء على سياسة اليد الخسعة في لبنان وبعض المناطق الاخرى اضافة الى جريمة الخاشقجي ليصف التقرير عن لسان صحيفة “بلومبرغ” ان اميركا اصبحت تعتبر السعودية ضعيفة. مما يعني ان قطر تحاول ان تحصر كل صراع المنطقة داخل دولتها لتقول انها قادرة على “القطع” و”الشد” اينما يجب بعلمية بعدما اطلق مركز المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات وحدة غير مسبوقة مختصة بالدراسات الايرانية وتاخذ على عاتقها انجاز دراسات وبحوث وتحليلات معمقة عن الشان الايراني وصلته بالفضاء العربي مركزة على البحث في العلاقات العربية – الايرانية فتكون بذلك دولة قطر تفوقت علمًيا على المنحى الخطابي “الشعاراتي” لبعض الاكاديميين اللبنانيين الذي يكتفون باطلاق مواقف داعمة لايران دون قاعدة علمية.

اذا هناك حلان امام اميركا وحلفائها: من جهة السعودية ان تعيد تركيب علاقاتها وقنواتها وفق منطق اللغة الدبلوماسية هذه دون التركيز فقط على البروتوكول الدبلوماسي ولا استيراد مناهج وعلاقات عامة جاهزة ومن جهة اخرى ان تعيد اميركا بلورة اجندتها الخارجية باستقلالية عن حلفائها وخصومها لتسيطر على الرسائل التي توزعها على الصعيد المحلي ومن المحلي الى الدولي (high politics) بشكل يعيد ربط قطر بواقعها العربي. غير ذلك ستستمر الاقطاب بارسال رسائل عشوائية يأوّلها روحاني كما يحلو له دون أن يكون لذلك نتيجة الا مزيد من التعقيد على الواقع اللبناني، السوري، القطري، والعربي.

للأشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

ريتا بولس شهوان، باحثة استقصائية وصحافية لبنانية

ريتا بولس شهوان، ناشرة موقع الخبر. صحافية وباحثة وناشرة موقع الخبر. صدر لها عدد من الكتب منها "الكويت وإرادة الاستقلال في الوثائق العثمانية" و "ماذا فعل مدحت باشا في الخليج"(ذات السلاسل) وعملت في عدد من الصحف والمواقع الالكترونية العربية. تلقت تدريبات دولية على الاستقصاء وتخصصت في الاستقصاء الاجتماعي – الاقتصادي كما تولي اهمية كبيرة للشأن السياسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى