كشف أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله أن إستهداف قادة الحزب هو هدف أميركي إسرائيلي سعودي، مشيراً إلى أن “الرياض تحرض على إغتياله منذ وقت طويل، بالحد الأدنى منذ بدء الحرب العدوانية على اليمن”، لافتاً إلى أن “ولي العهد السعودي محمد بن سلمان طرح هذا الأمر في الزيارة الأولى التي قام بها إلى الولايات المتحدة، بعد إنتخاب ترامب”.
وأضاف نصرالله إلى أنه بعد تلك الزيارة أكثر من جهة، شرقية وغربية، أرسلت له تحذيرات بهذا الشأن، موضحاً أن الأميركيين قالوا أنهم سيعهدون بهذا الأمر إلى تل أبيب، بينما أكد السعوديين أنهم حاضرون لدفع كامل تكلفة الحرب في حال أدى ذلك إلى الإغتيال، معتبراً أن المملكة العربية السعودية لا تتصرف في السنوات الأخيرة بعقلانية بل بحقد، مضيفا” أن إغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني كان عمل ثلاثي أيضاً.
أعاد الإعلامي غسان بن جدو شرح ما ذهب اليه نصرالله في مقابلة اعلامية: “على السعودية أن تعلم وحلفاءها الفاعلين أنها قد تجاوزت الخطوط الحمر وعليكم أن تتحملوا مسؤوليتكم” وقال إن السيد حسن نصرالله شئ آخر بالمقارنة مع القادة الآخرين في المحور الذين تم إغتيالهم ( لا نعرف اذا كان سليماني مشمولا” هنا – م. أ.). يردف بن جدو أننا نتجه الى تسوية تاريخية كبرى أو تفجير تاريخي كبير.
كُثر نظروا الى هذه التصريحات (والتي أُعيد التشديد عليها في الذكرى السنويه الاولى لاغتيال اللواء سليماني ورفاقه) باستغراب، خصوصاً على الساحه اللبنانيه، حيث يرى الكثير من القوى السياسية أن تصريحات شبيهة سابقة لنصرالله، كان لها الوقع الرئيس في الحصار الخليجي على لبنان، كذلك هناك تخوف من أن تؤدي هذه الاتهامات الى مزيد من الإحتقان بين الطوائف اللبنانية خصوصاً بين الشيعة والسنة في هذا الظرف الدقيق.
والسؤال هنا : ما الذي دفع نصرالله للتشديد على اتهام المملكة العربية السعودية بالمساهمة في التخطيط لاغتياله واضعاً إياها أيضا في خانة من خطط لاغتيال سليماني في العام الماضي؟
من المحتمل، أن السيد نصر الله ومعه المحور، قد بات على قناعة بأن هناك قرار بتصفيته شخصياً، وأنه كما قيل كثيراً مؤخراً أنه سيكون الشخص الثالث على لائحة الإغتيالات بعد اللواء سليماني والعالم فخري زادة. ربما أيضاً يتكون إنطباع لدى المحور بأن عملية الاغتيال هذه ستكون مصممة لجر حزب الله والمحور إلى ردة فعل تسمح لاسرائيل والولايات المتحده بشن حرب واسعة تبررها ردة الفعل هذه.
ما هي المعادلة التي يطرحها نصر الله من خلال تأكيد دور سعودي محتمل في عملية التخطيط لإغتياله؟
المملكة العربية السعوديه هي عصب إقتصاد العالم ! قد تكون أهمية السعودية قد تراجعت في الاقتصاد الاميركي والنفط الامريكي، مع تحول الولايات المتحده الى مصدر صاف للنفط الخام. لكن ماذا عن أهمية السعودية بالنسبة للاقتصاد العالمي والنظام النقدي العالمي؟ .
لنقرأ ما كتبته “كريستين لاغارد ” في مدونة صندوق النقد الدولي بعد مغادرة كرسي رئاسته: “باعتبارها واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم والدولة الوحيدة التي حافظت باستمرار على قدرة إنتاج فائضة كبيرة ، تتمتع السعودية بمكانة فريدة في سوق النفط العالمية. كانت أهمية هذه الطاقة الفائضة واضحة للغاية في العام الماضي عندما زادت المملكة ومنتجي دول مجلس التعاون الخليجي الآخرين بشكلٍ حاد من إنتاج النفط للحد من التقلبات في أسواق النفط على الرغم من الاضطرابات في ليبيا”.
“مع عدم إستقرار الاقتصاد العالمي، فإن التقلبات المتجددة في أسواق السلع الأساسية ستضر بنا جميعاً، من شأن الزيادات الإضافية في أسعار النفط أن تبطء الاقتصاد العالمي وتؤدي في النهاية إلى انخفاض الطلب على النفط ؛ وبالتالي انخفاض الأسعار وإرتفاع التقلب. لذلك ، فإن درجة معقولة من الاستقرار تعود بالفائدة على الدول المصدرة والمستوردة للنفط.”
لقد شكل هجوم المسيرات على خزانات بقيق وخريص بروفا قوية لما يمكن أن تنزلق الامور اليه الامور (بالرغم من أن الرئيس الاميركي قد أدار ظهره لحلفائه الخليجيين، ربما لأنه كان يريد -على عادته- المزيد من إبتزاز الحماية). لكن ماذا عن ضربة كبرى للمملكة العربية السعودية كردٍ محتمل على إحتمال اغتيال نصر الله عبر إحراق آبار النفط في المملكه وإحراق المصافي وتدميرها وتدمير مرافق ومرافئ الشحن؟
ليس السؤال ماذا سيكون أثر ذلك على السعودية بل السؤال الحقيقي ماذا سيكون أثر ذلك على الاقتصاد العالمي؟ فلنحكم على ذلك في ظل الاقتصاد العالمي الهش، من جراء تداعيات فيروس كورونا. إحتمال تعطيل إنتاج النفط السعودي سيطرح السؤال عن قدرة النظام المالي العالمي على تحمل هذا التطور. وبالتالي هل يؤدي ذلك الى إنهيار الاقتصاد العالمي مع إنهيار قطاع النفط السعودي وربما الخليجي؟ تقول لاغارد “…لكن أهمية المملكة العربية السعودية تمتد إلى ما هو أبعد من أسواق النفط. فهي تلعب دوراً هاماً في دعم الإقتصاد العالمي”
إن الإجابة على هذه الاسئلة توصلنا إلى فهم المعادلة التي طرحها نصرالله: راسي مقابل الاقتصاد العالمي والخيار لكم. فهل لدى المحور القدرة على إمطار المملكة بعشرات آلاف الصواريخ والمسيرات دفعة واحدة ؟ هذا ممكن تقنيا” تماماً كما أن إغتيال نصر الله ممكن تقنياً أيضا”. فهل يمنع توازن الرعب جر المنطقة والعالم الى أتون الرعب؟
لندع الايام القادمة تجيب…والله خير العارفين..