تيارين في عزلة: سلسلة التسوية الملتبسة (2)
يعرض الملف الاستراتيجي للمحور الثاني من سلسلة " التسوية الملتبسة بين تيارين" حيث تناقش الشخصيات المشاركة السؤال التالي : يبدو المشترك الكبير بين الطرفين اليوم هو انفضاض الحلفاء ،للمفارقة الطرفين يفتقدان لحلف سياسي وطني واسع . وللمفارقة ايضا في الوقت الذي يحافظ فيه تيار المستقبل على علاقة ممتازة مع الرئيس بري يحافظ الوطني الحر على نفس نوع العلاقة مع حزب الله . كيف تقرأ ذلك ؟ هل بات الثنائي الشيعي هو نقطة الوصل الوحيدة في التناقضات الداخلية ؟ سيما في التباعد الواضح والكبير حيال مسار تأليف الحكومة بين فريقي تيار المستقبل من جهة وفريقي رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر من جهة أخرى، في وقت يستغرب عدد من مراقبي المشهد السياسي كيف أن بعد محطات هذه التسوية شهدت كيمياء سياسية لفترات ولو متقطعة بينهما . وهل سنشهد كشفا عن تسوية محتملة أم تباعد أكبر بين طرفي التسوية الأساسية في كلمة الرئيس الحريري بعد يومين (د. مازن مجوز)
الاستاذ صلاح سلام رئيس تحرير جريدة اللواء اللبنانية: هي فعلا ظاهرة غير مسوقة في تاريخ السياسة اللبنانية ان يكون الطرفان المعنيان بالسلطة مباشرة سواء كان رئيس جمهورية أو رئيس حكومة لا يتمتعان باي تحالفات سياسية او حزبية تدعم توجههما أو توجه أحدهم تجاه الآخر.
فاليوم تيار المستقبل يعتبر بلا حليف حقيقي كذلك التيار الوطني الحر هو في عزلة عن كل المجموعة السياسية الحالية ومن أجل ذلك أعتقد ان الهوة بين الطرفين تزداد يوما بعد يوم لعدم وجود طرف من الاطراف السياسية اللبنانية يستطيع ان يلعب دور الوسيط بينهما.
حاول الرئيس بري أكثر من مرة ان يلعب دور الوسيط وكانت مبادرته الاخيرة موضع تقدير من قبل الرئيس الحريري، لكن رئيس الجمهورية وفريقه رفضوا هذه الرسالة ومضمونها، وبالتالي فقد الرئيس بري هذا الدور التقليدي الذي كان يشكل همزة وصل بين الرئاستين الاولى والثالثة في فترة الخلاف بينهما.
الثنائي الشيعي فقد فعالية دوره في هذه الازمة لأن كل طرف يحاول ان يراعي مواقف الحليف الاقرب له، فحزب الله يراعي مواقف رئيس الجمهورية ولا يسعى الى الخروج عن التحالف معه في هذه الفترة بالذات، رغم كل الملاحظات على ادائه واداء فريقه في هذه المرحلة .
الكاتب السياسي الاستاذ جوزيف ابو فاضل:
مما لا شك فيه أن الثنائي الشيعي يشكل القاسم المشترك بين هذين الطرفين المتنازعين، فهو يتحدث مع الجميع، وهذا أمر جيد لا بد من الاشارة اليه، وحتى أنه ليس الوسيط بين هذين المتخاصمين حصرا بل هو وسيط بين فرقاء آخرين، فحزب الله هو الذي يدور زوايا الخلاف بعد أن حاول الرئيس بري في مسعاه الأخير ولم يوفق، من دون أن ننسى الخطوات الجيدة التي قام بها اللواء إبراهيم على خط التوفيق بين الأفرقاء المختلفين .
وأن يكون الثنائي الشيعي هو نقطة الوصل الوحيدة، هذا أمر مهم ويجنب لبنان المشاكل لأن الثنائي الشيعي هو القوة الاقوى في البلد، وبالتالي إذا لم تؤلف الحكومة مع كل هذا الضغط الحاصل بالاضافة الى رفع الخطوط الحمراء وإستبدالها بأضواء خضراء للكثير من الساعين، من التواصل بالرئيس الفرنسي ماكرون وإتصاله بالقيادة في المملكة العربية السعودية، إلى الدور الأميركي والتركي والقطري.
وفي حال – مع هذا كله- لم تؤلف الحكومة سنكون عندها أمام مشكلة كبيرة مشكلة بنيوية في البلد نتيجة الخلاف الحاصل والمستحكم بين فريق الرئيس عون والرئيس عون وبين فريق الرئيس الحريري والرئيس الحريري من جهة أخرى.
اذا لا مناص من الإتفاق بينهما، وأظن أن الثنائي الشيعي يلعب دورا كبيرا في هذا المجال واصبح القوة المشتركة الكبيرة بين الطرفين.
الدكتور مصطفى علوش ، نائب رئيس تيار المستقبل:
لا شك أن التحالفات التي نشأت بعد العام 2005 انهارت بشكل مباشر بعد عام 2008 بعد اتفاق الدوحة، وبالتأكيد أتى عليها بالكامل ما سمي عندها بالتفاهم السعودي السوري ومن بعدها خروج سعد الحريري من الحكم بعد انقلاب جبران باسيل وحزب الله عليه سنة 2011 كلها أمور اصبحت الان من الماضي .
التحالفات المبنية الان هي تحالفات الضرورة وهي عملياً لا تبدو أنها تحالفات سياسية مبدئية فهي تحالفات مؤقتة ومصلحية، بالتأكيد الثنائي الشيعي الان له تأثير اساسي وكبير في الواقع السياسي اللبناني. فمن جهة هناك الثقل الذي يمثله الرئيس بري كرئيس مجلس نواب وداخل الطائفة الشيعية، ومن جهة اخرى هناك السلاح غير الشرعي الذي يمثله حزب الله، وهو متحالف ليس عن قناعات وليس عن اتفاق سياسي واضح المعالم، بل على مصلحة أيضا وانا سميتها “زواج متعة” مع التيار الوطني الحر ولكن الاثنين بحاجة لبعضهما الآن. واي تحالفات سياسية بالنسبة لي أرى أنه يجب أن تقوم على رؤية واضحة ماذا نريد من لبنان؟ كيف سيكون شكل هذا البلد ؟ هل نحن نرغب باستمرار إتفاق الطائف؟ هل نرغب باستمرار الحدود الجغرافية للبلد؟.
ما هو الموقف من إستمرار رهن لبنان للخيارات الخارجية وبالأخص المسألة المتعلقة بإيران؟ هل هناك أفق لحل للسلاح غير الشرعي أم أن القضية ستستمر الى ما شاء الله؟ لذلك أرى أن كل التحالفات الحالية ما هي الا تحالفات مؤقتة بانتظار تبلور رؤية جديدة للبلد.
الاستاذة رندلى جبور ، قيادية ومنسقة اللجنة المركزية للإعلام في التيار الوطني الحر:
التحالفات كلها لم تعد كما كانت قائمة في الفترة الماضية، وفي هذه المرحلة ليس التيار الوطني لم يعد لديه حليف، إنما التحالفات كلها تداخلت في ما بينها وأصبحت أكثر تحالفات “على القطعة”.
والتيار الوطني الحر ليس حليف لحزب الله، إنما هو محافظ على التفاهم معه وهو يطور هذا التفاهم وجاهز لإعادة صياغة التفاهمات من أجل المصلحة الوطنية ولسنا نحن من خرج من تفاهماتنا ومن تحالفاتنا، إنما الآخرين ربما من أجل مصلحة معينة أو لانهم لم يحققوا مصلحة معينة، أو لانهم كانوا يتأملون شيء وما حصل خيب آمالهم فخرجوا من هذه التفاهمات أو هذه التحالفات.
وليس جديد أن يكون التيار الوطني الحر يصارع بمفرده ، دائما عندما يكون هناك معارك كبيرة نخوضها بمفردنا، تماما كما كنا في معركة الحرية والسيادة والاستقلال، واستعادة استقلال لبنان، وكذلك نحن بمفردنا في معركة مكافحة الفساد وهذا لا يجعنا ضعفاء إنما نشعر باننا اقوياء لأننا اصحاب قضية
أما التحالفات والتفاهمات فمن الممكن ان تجمع الصداقة فريقين في السياسة وغدا يصبحا خصوم، ومن الممكن أن يتحول خصمك الى صديق ولكن هناك تفاهمات ثابتة مثل تفاهمنا مع حزب الله لأنه تفاهم حمى لبنان ومنع الفتنة، ومنع إعادة الحرب اللبنانية، وجعل لبنان منتصرا في حرب تموز، واليوم نبحث ببنود لها علاقة أكثر ببناء الدولة مع حزب الله والتفاهم ثابت أيضا لأننا متفقين على امور جوهرية
واليوم حتى الآخرين كالقوات اللبنانية تحاول خلق جبهة معارضة، ولكن نعتقد أنها لن تنجح وذلك لغياب الرؤية المشتركة بين المعارضين، وليس هناك التقاء على مبادىء وأسس إنما على مصلحة كل فريق .
قراءة متصلة
سلسلة “التسوية الملتبسة بين تيارين” (1): زيارة جديدة للتسوية الرئاسية
يجيب المتحاورون يوم الجمعة المقبل على سؤال المحور الثالث التالي:
التوافق الوطني مفقود اليوم لتأليف الحكومة وبالاخص بين الطرفين المذكورين، فهل توافقهما قدرا لا مفر منه للاستقرار السياسي ؟ أم أن اتفاقهما او خلافهما هما شكلين لاستمرار الازمة ؟