الاحدثالملف العربي الصيني

العراق بعد القمة العربية الصينية … | بقلم علي الهماشي

تحدثت في مقال سابق عن القمة العربية الصينية وانعكاساتها على المنطقة ولا بد لي أن أتحدث عن مردودات هذه القمة على العراق التي شارك فيها رئيس الحكومة التنفيذية محمد شياع السوداني.

 

نجاح أم إخفاق :

تقاس الزيارات بلحاظ اللقاءات والقرارات التي تنتج عنها ومتابعتها بعد ذلك.

بالنسبة إلى رئيس الوزراء العراقي السيد شياع فهذه الزيارة تعتبر ناجحة لِكَمْ اللقاءات التي عقدها وهي تأتي مباشرة بعد زيارته لايران،فيزور المملكة السعودية ويلتقي بمسؤوليها وكذلك قادة دول المنطقة والوطن العربي بالاضافة الى لقاء مطول مع الرئيس الصيني كأول زعيم عالمي يلتقيه الرئيس محمد شياع.

هذه اللقاءات تعطي رئيس الوزراء دفعة معنوية ومعلوماتية فيما ينبغي القيام به كرئيس للحكومة لإطلالته على أُفق تفكير المسؤولين العرب والرئيس الصيني وهي فرصة كبيرة في مستهل ولايته في الأشهر الأُولى وتزيد من تجربته للادارة في العراق على المستوى الخارجي وكذلك الداخلي.

أما ما أعنيه بالنجاح والإخفاق فإن تحولت نتائج الزيارة الى برنامج عمل وتهيئة البيئة المحلية للتفاعل مع مقررات القمة بما ينفع العراق للتوافق مع الاتفاقات التي أُبرمت فهي أولى خطوات النجاح لدخول العراق كعنصر مهم في مستقبل العالم الاقتصادي.

أما اذا تحولت النتائج الى زيارة بروتوكولية لم تنفع الا على مستوى الخبرة الشخصية فتعتبر إخفاقًا !.

ما تفعله الدول في التحول الإستراتيجي أن تُهيء حكوماتها ورش عمل ويرأس رئيس الحكومة لجنة وزارية لدراسة ما ينفع البلد من نتائج القمة وما تمخضت عنه من لقاءات مع الرئيس الصيني و ولي العهد السعودي لا أتحدث عن خصوصية هذين اللقاءين وإنما كبرنامج عمل لكل زيارة ،أو يصحب رئيس الحكومة الوزارات المتخصصة للاتفاقات الامنية والاقتصادية مثلا.

الجانب الصيني :

للصين تجربة مع الحالة العراقية فعلى الرغم من زيارة كل رؤساء الحكومات السابقة الى الصين وانفتاح الحكومة الصينية على العراق واستعدادها للاستثمار وانها كانت تقدم المساعدات للعراق مباشرة فيما يتعلق بجزء من المساعدات الدولية الانسانية في الجهود لمحاربة داعش بخلاف جوهري مع الحكومات الاخرى التي كانت تقدم مساعداتها عن طريق الامم المتحدة والمنظمات الانسانية ،أي انها تعاملت مباشرة مع الحكومة العراقية وأبدت ثقتها بها ،إلا أن البلدين لم يتقدما خطوات للامام في علاقتيهما.

و قد ترددت الصين كثيرًا بعد تجاربها السابقة أن تعول على الاتفاقات الاولية بسبب تباطوء وضياع الاتفاقات في المؤسسات العراقية أو لنقل (الإهمال) المتعمد وغير المتعمد في تفعيل الاتفاقات التي جرت في الزيارات السابقة.

وكلنا يتذكر الكم الهائل من الترويج الاعلامي لزيارة الرئيس الاسبق للحكومة العراقية السيد عادل عبدالمهدي وما سُمي بالاتفاقية الصينية ،لكننا لم نرَ في الواقع العملي أي مبادرة لتفعيل ذلك.

وكان السفير الصيني في بغداد في حينها واقعيا عندما تحدثت معه بعد أسبوع من هذه الزيارة و(باركت ) له الاتفاق فأجابني بأننا لا نعتبره اتفاقًا ما لم يقره البرلمان العراقي !.

وكانت كلماته صادمة وشعرت بوجود فهم آخر للطرف العراقي من قبل الجانب الصيني.

فإن كانت الحكومة العراقية راغبة في تفعيل قمة (الأمن والاستثمار) فما عليها إلا أن تبدا خطواتها التنفيذية وبعدها تنتقل الى الجانب التشريعي أن كانت بعض الفقرات بحاجة الى تشريع أو ستكون هذه خطوة مهمة من أجل بناء جسور الثقة بين الحكومتين التنفيذية والتشريعية أو لنقل مشاركة في القرار بين السلطتين للمضي بما ينفع العراق.

المصداقية :

تنظر الدول والشعوب الى الجدية والمصداقية فيما يطلقه رؤساء الدول من تعهدات ومن وعود في اللقاءات.

وكانت الدول تطلق المزيد من الوعود والتعهدات للعراق ،وبعض رؤساء الحكومة العراقية السابقين أطلقوا سيلا من الوعود والتعهدات في لقاءاتهم الخارجية و ( اصطدموا ) بالواقع العراقي وتناسوا أو نسوا ما تعهدوا به أو ما وعدوه للاخرين ففقدوا فرصة نمو حقيقي للعلاقات مع هذه البلدان من خلال تعاون اقتصادي رصين كانت ستقضي على الكثير من المشاكل التي واجهناها ومازلنا نواجهها.

 الفرصة ما زالت قائمة:

أمام رئيس الوزراء العراقي فرصة تاريخية وهو في مستهل ولايته أن يبدأ باجراءات فورية لتفعيل ما اتفق عليه في زياراته الاخيرة لإيران والمملكة السعودية وكذلك مع مقررات القمة الصينية العربية وجعل العراق الركن الحقيقي في أي اتفاق اقتصادي عالمي بما ينفع العراق وشعبه على المدى القصير والبعيد ،وهي فرصة تاريخية أيضا لمستقبله السياسي لينجح بما أخفق به الاخرون بغض النظر عن أسباب إخفاقهم ،وكما قيل “ساعي البريد يدق الباب مرة واحدة ” و”الفرصة لمن يستحقها” لانه يستغل الفرصة ويثبت جدارته.


لقراءة الأجزاء التسعة السابقة من ملف القمم العربية الصينية : اضغط هنا

السيّد علي الهماشي، كاتب عراقي

السيّد علي الهماشي، كاتب عراقي مواليد بغداد، له كتابات سياسية عديدة في الشان العراقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى