الاحدثفلسطين

 قضية أمة عمرها ٧٥ عامًا | بقلم د. محمود حمصي   

 مرت الايام والسنين واصبحوا خمسة وسبعون عاما خارج ديارهم، ينزحون من مخيم الى اخر ويتذكرون ايام طفولتهم وجمال منازلهم وطبيعة ارضهم، يحاولون التقاط الصور العميقة من ازهانهم فيتذكرون روعة جيرانهم وتكاتف اقربائهم واعيادهم ثم تنزل دمعة حارقة على خدودهم تذكرهم بالنكبة حينما اتى الصهاينة بالسلاح الثقيل وبدأ بطردهم من مساكنهم، لم ينسوا يوما ان العرب حاول حينها مساعدتهم ولكن بطش الصهاينة كان اشد وطأة على المدافعين فهزمنا جميعا ومزقت اجسادنا في ارض فلسطين . انها النكبة حينما شرد الفلسطينيون من ارضهم الى مخيمات الشتات في العالم .لم يعلم الفلسطينيون حينها ان نزوحهم سيكون طويلاً بل ظنوا انها ايام وسيعودون، فمضت الايام والسنين وتوفي بعضهم وهم في مخيمات الشتات، وبقي ابناؤهم يتذكرون كم كان شوق آبائهم بالعودة الى ارضهم .مضت السنين واستمر الصهاينة باحتلال اراضينا العربية فاطماعهم التوسعية ليس لها حدود وبوجود الاجرام الذي يسيطر على عقولهم والدعم الغربي الاهوج توسع الصهاينة واحتلوا اراضينا العربية . وبعد النكسة احتفلوا في الشواطئ المصرية باعتبارها ارض أجدادهم . ومضت السنين وما زالوا يحتفلون في الأراضي الفلسطينية ويمرحون ويغنون ويكيدون المكائد لامتنا العربية ويفتعلون الحروب ويقتلون النساء والأطفال ويقصفون المستشفيات ويقتلون من فيها ولو اردنا ان نحصي جرائم هذا العدو ومجازره لجفت اقلامنا وبقي يرتكب الجرائم حتى هذه اللحظة . لقد ولدت هذه الجرائم مقاومة ترفض الذل، ولدت في الملاجئ واباؤها قتلوا وامهاتها تشردوا فلم تجد سبيلاً لتحرير ارضها سوى بالمقاومة فحرروا سيناء وغزة ولبنان وسطروا بطولات كان اخرها حرب تموز واكتوبر الذي جعل الصهاينة يدفعون ثمن جرائمهم واغتصابهم لاراضينا العربية، وبالرغم من النكبة والنكسة قام ابطالها من تحت الأنقاض ومسحوا الرمال من على وجوههم وحملوا السلاح وكان شعارهم ان الموت لهم عادة.

هذه ايام عصيبة مملوءة بالحذر، فالقضية العربية على المحك والشعوب العربية اليوم تصطف يدا واحدة، فانتهى زمن الخضوع وبدأ زمن الوقوف في وجه كل مغتصب للأرض، يد المقاومة على الزناد للدفاع عن الحضارة والتاريخ والأمة وإعادة الحق لأصحابه، لم ينتظروا من امة يوما نقطة دم للدفاع عنهم ولكن اليوم نعم يحتاجون الى موقف صلب مملوء بالشجاعة والنخوة العربية التي عودتنا الشعوب العربية على مبادئها الراسخة، اسرعوا ايها الشعوب العربية، وانقذوا جارتكم ودافعوا عن عرضكم وارضكم وكرامتكم في فلسطين، انهضوا اليوم فقد تصحون غدا ولا تجدون شيئ اسمه فلسطين، سوف تقهر قلوبكم احتفالتهم في حال هجروا اخوتكم في فلسطين، لن يبق حينها لاصحاب الارض حتى الذكريات، أصحاب الارض الذين بقوا خمسة وسبعون عاما في مخيمات الشتات يحلمون باليوم الذي يعودوا فيه الى قراهم ويتعرفون فيه على منازلهم ليزرعوا ارضهم التي رحلو عنها ولن يتركوها مجددا.

 احملوا السلاح، ورابطوا ودافعوا عن ارض فلسطين لإعادة الارض لاصحابها، قوموا من رقادكم، وانفضوا الذل والعار من تاريخكم وارفعوا رؤوسكم في وجه مغتصب ارضكم، لا تصغوا لازيز ادواتهم فهم عملاء لا اصل ولا تاريخ لهم، سيرحلون مع العدو يوما. واعلم ايها العدو الغاشم، ان الحق سيعود لاصحابه ما دام الدم يجري في عروق الشعوب، واعلم ان المعادلة تغيرت، فلن تكون الامة العربية ضحية حروب داعميكم، وان ارادوا ايوائكم، فليقدموا اراضيهم ولا يرموا مهملاتهم في اراضينا، فقرانا وترابنا ليست مستوعبات للقمامة بل هي شرف وكرامة.

محمود أحمد الحمصي

الدكتور محمود الحمصي، باحث ومحلل سياسي، مولود في بيروت حاصل على دكتوراه الفلسفه في الادارة العامة ومحاضر في جامعة بيروت العربية، شارك في العديد من المقالات العلمية والبحثية المتعلقة بالشؤون الإقليمية والدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى