الاحدثفلسطين

كيف تٌغيِّر فلسطين حياتنا ووعينا | بقلم قاسم قصير

منذ ان وعيت على الحياة شكل الصراع مع العدو الصهيوني أحد أبرز العناصر التي تؤثر على حياتنا ووعينا ودورنا السياسي، رغم انني ولدت في العام 1960 اي بعد 12سنة على قيام الكيان الصهيوني فقد كانت القضية الفلسطينية هي أهم قضية تؤثر في حياتنا اليومية ووعينا السياسي. وقد قرأت الكثير من الكتب والروايات والدراسات حول أسباب فشل العرب في حرب 1948 وتأثيرها على كل العالم العربي وقيام الأحزاب القومية واليسارية والإسلامية ومن ثم كانت أحداث الثورة الناصرية في مصر في العام 1952، وحرب العام 1956 وما حققه عبد الناصر من إنجازات الى ان حصلت حرب 1967 والتي كانت هزيمة كبرى جديدة للعالم العربي، وما تلاها من تطور دور المنظمات الفلسطينية وقيام حركة “فتح” وتغير التفكير العربي والإسلامي. وقد قرأت عن ذلك الكثير وكنا في لبنان نتأثر بكل تطور على الصعيد الفلسطيني سواء على الصعيد السياسي أو العسكري أو الأمني وكذلك في حياتنا اليومية وعشنا انتقال العمل الفلسطيني العسكري الى جنوب لبنان، وما قام به العدو الصهيوني من اعتداءات على لبنان وخصوصًا في مرحلة الستينات والسبعينات، وكان لبنان إحدى أهم الدول التي نشط فيها العدو الصهيوني من خلال المخابرات والأعمال الأمنية والاعتداءات المستمرة، وكان الإمام موسى الصدر من أوائل من تصدى إلى اعتداءات العدو الصهيوني، وكنا نتابع دوره ونشاطه دفاعًا عن جنوب لبنان وكنا نحن نراقب ما يجري من موقعنا الطلابي وخصوصًا في ثانوية الطريق الجديدة في بيروت، وشاركنا في مسيرة تشييع القادة الفلسطينيين في العام 1973 والذي قتلهم العدو الصهيوني في فردان وكذلك في العديد من المسيرات المؤيدة للمقاومة والمنددة بالاعتداءات الإسرائيلية.

لكن الحدث الأول المباشر الذي أثر في حياتي الشخصية كان العدوان الإسرائيلي على لبنان في العام 1978وبسببه غيرت مسار حياتي فقد كنت أستعد للسفر إلى إيطاليا لدراسة الهندسة الزراعية وبسبب هذا العدوان قررت عدم السفر والبقاء في لبنان والعمل في صفوف المقاومة وتلقي التدريب مع حركة “فتح”.

ولاحقًا وبعد انتمائي للاتحاد اللبناني للطلبة المسلمين واللجان الإسلامية كنا مع الشباب المؤمن الذين تصدوا للعدوان الصهيوني في العام 1982، ومن خلال العديد من الأنشطة عملنا في الصفوف الخلفية لدعم المقاومة، وكان لهذا العدوان ونشوء المقاومة اللبنانية والإسلامية تاثير كبير في تغيير مسار حياتنا وعشنا اجمل اللحظات في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي في محطات عديدة حتى التحرير في العام 2000،  ولاحقًا عشنا حرب تموز 2006 وما أنجزته المقاومة الاسلامية وهذا كان له تأثيرًا كبيرًا في وعينا وحياتنا، وكذلك كنا نتابع ما يجري في فلسطين المحتلة من انجازات من قبل المقاومة وخصوصا انتفاضة العام 1987 وبروز التيارات الإسلامية ومن ثم انتفاضة الأقصى وكل الحروب والأحداث التي عاشتها فلسطين والمنطقة وتابعنا كل محاولات التطبيع مع العدو الصهيوني وفشلها وكان اي مشروع سياسي او فكري لا يضع في أولوياته النضال لتحرير فلسطين هو مشروع ناقص.

وفي العام 2023عشنا معركة طوفان الاقصى وما حققته من انجازات وها نحن نتابع الحرب على قطاع غزة وما يحققه المقا ومون من انجازات وكذلك كل قوى المقاومة في المنطقة مما يؤكد ان هذا الكيان الصهيوني الى زوال وانه لا خيار لنا إلا المقاومة وان مستفبل لبنان ومصيره ومصير كل المنطقة والعالم أصبح مرتبطًا بنهاية الحرب على قطاع غزة.

نحن اليوم أمام مرحلة جديدة تحتاج لوعي جديد لما يجري ولكل العالم وعلينا جميعا ان نفكر بطريقة جديدة انطلاقًا مما يجري في فلسطين لان الحرب هناك ستحدد مصير العالم وعلينا أن نحدد أين موقفنا من ما يجري وهل نحن مع الحق او الباطل وهل نكون مع الظالم أو المظلوم.

لا يمكن ان نكون حياديين في هذه الحرب الهمجية على الشعب الفلسطيني.

انها كربلاء العصر وعلينا أن نكون مع المظلومين من الشعب الفلسطيني ومع الأبطال الذين يقفون في وجه الظلم ولا خيار آخر.

وأما طبيعة دورنا في هذا الصراع فيعود لكل منا حسب ظروفه وإمكانياته وقدراته ويستطيع كل منا ان يقوم بدوره ولو بكلمة أو موقف أو نشر صورة أو تقديم أي دعم أو المساهمة في أي جهد.

قاسم قصير | كاتب سياسي متخصص في الحركات الإسلامية

قاسم قصير، كاتب سياسي متخصص في الحركات الإسلامية، حاصل على ماجيستير من كلية العلوم الدينية في جامعة القديس يوسف حول خطاب حزب الله بين الثابت والمتغير. مرشح لنيل شهادة الدكتوراه حول العنف الديني التكفيري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى