سلسلة الأزرق الملتهب(1): تركيا والعصف العثماني
مع زيادة التوتر في الحوض الشرقي للمتوسط، وعين الدول الكبرى على اعادة اقتسام جغرافية وثروات الشرق الاوسط في ظل تشتت شعوب المنطقة وغياب مشروع حضاري جامع، بات لهيب المنطقة اقرب الينا نقلة بعد نقلة. في هذا الاطار يستضيف موقع الملف الاستراتيجي مجموعة من الكتاب والباحثين للاضاءة على الابعاد المختلفة للصراع على المتوسط واعادة تعريف دور الاسلام السياسي التركي في هذا الصراع وعلاقته بالقوى الكبرى وميزان القوى الإقليمي (أدارت الندوة نور الحلو)
السيد اكرم ناظم بزي – كاتب سياسي وصحافي لبناني
العالمون بتركيبة الأحزاب السياسية في تركيا، يدركون تماماً أن ما حققه رجب طيب أردوغان على رأس حزب العدالة والتنمية وبعد إقصاء الزعيم التركي فتح الله غولان وما يمثله داخل المجتمع التركي يفوق بكثير مما كان يعتقد البعض، إذ أن أردوغان أحكم سيطرته على الجيش والذي كان يعتبر لأمد قريب أنه الحاكم الفعلي للبلاد، والقريبين من أردوغان يعلمون ان الرجل لديه طموحات تتصل بالإرث العثماني القديم منذ أيام مراد الأول واحتلاله لبلاد البلقان، وربما تكون معركة كوسوفا من المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي والعالمي، التي أرقت أحلام أردوغان منذ طفولته هذه المعركة التي دارت رحاها في شبه جزيرة البلقان. وكانت بين تحالف الجيش الأرثوذكسي بقيادة الملك الصربي لازار من جانب، وبين الجيش العثماني بقيادة السلطان مراد الأول من جانب آخر، والبلقان منطقة كبيرة تشكل الزاوية الجنوبية الشرقية لأوروبا شكَّلَت عبر القرون خط تماس وتوتر بين العالَمين النصراني والإسلامي أيضاً. جعل الأتراك العثمانيون هذه المنطقة ميداناً لفتوحاتهم وأنشطتهم في نشر الإسلام، على حساب الإمبراطورية. ويبدو أن الرئيس أردوغان يعمل على ترسيخ فكرة التوسع خارج المدى الحيوي الطبيعي لتركيا، عملاً بمبدأ “عدم جواز تدخل الدول الأجنبية لمنع اتساع دول أخرى عن طريق ضم بعض الدول الصغيرة المجاورة لها، مادام الغرض من هذا الضم هو قيام دولة كبيرة تجمع بين كل أفراد الجنس الواحد”.
يقول اللواء المتقاعد جيم غوردنيز في حديث لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، في تعريفه لـ “الوطن الأزرق” الوصول إلى منطقة عازلة واسعة تبلغ ما يقارب 180 ألف ميل مربع من البحر، تمتد إلى ما وراء الجزر اليونانية قبالة الساحل الغربي لتركيا، اذ “لا يمكن إهمال البحار مرة أخرى، لا يمكن إبعادنا عن الجغرافيا السياسية للبحر الأبيض المتوسط ، وحضارة البحر الأبيض المتوسط”، متسائلاً حول كيفية “مقاومة الأعداء الذين يريدون أن يروا تركيا غير ساحلية”. ووفقًا “لسينم أدار”، باحث في مركز دراسات تركيا التطبيقية في برلين، أنّ “مفهوم الوطن الأزرق لم ينطلق إلا بعد محاولة الانقلاب ضد حكومة أردوغان عام 2016، إذ عمد الأخير إلى تشكيل تحالفاً سياسياً مع القوميين وشرع في سياسة خارجية أكثر عدوانية شهدت انخراط القوات المسلحة التركية في النزاعات من شمال العراق إلى ليبيا”، بحسب الصحيفة أيضاً. وقال إنّ “أنقرة خلصت بعد محاولة الانقلاب إلى أن البلاد مهددة، ولا يمكننا الوثوق بشركائنا الغربيين، علينا أن نساعد أنفسنا”.
والواضح من التدخلات التركية في العراق وسوريا وليبيا وعلاقاته الوطيدة مع قطر (المال)، والمشاكل حول الحدود البحرية بين اليونان وتركيا، وتدخله بدعم أذربيجان في المعارك الدائرة حول إقليم ناغورنو قره باغ، دليل على أن السياسة التركية الخارجية تقوم على فكرة التوسع خارج الحدود التركية وتوسيع رقعة نفوذها في المنطقة المحيطة والأبعد من محيطها، والذي يعتبر بمفهوم أردوغان أنه اكثر ضمانا لصون الداخل والحفاظ على الحدود التركية دون المساس بها فيما لو تطورت الأمور في المستقبل، خوفاً من التحالفات الأميركية الأوروبية والتي تؤدي فيما تؤدي اليه من “تقسيم وتفتيت الدولة التركية” وهذا ما يؤرق المنظرين الفاعلين في المطبخ السياسي التركي منذ أكثر من ثلاثة عقود. ويزعم أردوغان أنه “ليس ثمة دولة أو دول تستطيع أن تحصر تركيا في يابستها، ولهذا عقد مذكرة التفاهم مع حكومة الوفاق الليبية، كما أرسل بوارجه الحربية لتحرس السفن التركية التي تنقب عن الغاز في المياه القبرصية واليونانية، ومؤخرا في مناطق المناطق البحرية الليبية الجديدة”.
ويروج الإعلام التركي: “إلى أن التوسع التركي في جوارها العربي من أجل منع تعرضها للتقسيم، فتركيا حين تكون كبيرة يصعب على الغرب تقسيمها أو كما يحسبها التجار ورجال الأعمال، لندع تركيا تتوسع كما كان حالها إمبراطورية عثمانية، وإذا هاجمها الغرب فستعطيهم جزءاً من بلد عربي هنا وجزءاً من بلد عربي تحت وصايتها هناك، كما حصل بعد الحرب العالمية الأولى وتخليها عن الشام والعراق لبريطانيا، وعن بعض بلدان المغرب لفرنسا”. ولهذا تضمن عدم الوصول الى الحدود التركية”.
ولا أعتقد بأن الدول الأوروبية، وعلى رأسها روسيا ستسمح له بإكمال مشروعه هذا، إذ لطالما شكلت تركيا الخاصرة الرخوة لروسيا أولاً ولأوروبا ثانياً، وعلى هذا الأساس حاولت “أوروبا” وعلى مر عقود مضت، أن تعدها بأن “تضمها” لعضويتها إلا أنها بقيت وعوداً على ورق لغاية الآن.
السيد علي الهماشي – كاتب سياسي عراقي
يجب أن نعرف الخلفية الايدلوجية للرئيس اردوغان ليتسنى لنا الاجابة على التساؤل…
اذا كانت الاجابة بنعم وهو ما يؤشره سلوك الرئيس اوردغان وخطبه في المحافل الانتخابية ،أو غيرها ،تهدف الى إحياء الروح العثمانية التي تناغم مشاعر الفرد التركي سيما في المناطق البعيدة عن العاصمة .
كذلك فأن ايدلوجية الرئيس ارودغان تفضي الى قيام دولة اسلامية ، ولكن اردوغان يضفي على هذه الاسلامية الطابع القومي وهو ما لاتعارضه بقية التيارات في احياء المجد القومي التركي .
اما نقاط القوة والضعف في هذا المشروع فهو حاجته الى التفصيل ، اذ ان ما يُشير اليه الوضع الداخلي ،هو اشتداد قبضة الرئيس على أركان الدولة التركية ،وعلى أركان حزبه والثقة بعائلته سيما بعد الانقلاب (المفترض) والذي سجل فشله وشدد من هيمنة الرئيس اردوغان وفرض سطوته على المؤسسة العسكرية المصنفة كمؤسسة علمانية،وهذا سمح له باطلاق يده في السياسية العسكرية الخارجية ،وفي التأييد الداخلي لسياساته.
الدكتور محي الدين الشحيمي – استاذ في كلية باريس للاعمال
اوصدت تركيا الحديثة ( الدولة ) الباب امام العالمين العربي والاسلامي لمدة قاربت السبعة قرون وتوجهت كليا نحو الغرب وتحولت من دولة نامية في طور النشوء الى دولة حليفة للولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوروبي متوجة ذلك بمساهمتها وانضمامها الفعال لحلف شمال الاطلسي , وقد تم كل ذلك بالعزلة التامة عن العالمين العربي والاسلامي والتي وصلت الى الحد النفور والتوترات في احيان كثيرة , الا ان تركيا في تلك المرحلة كانت صابرة لان في مكنونها هدف اسمى واعمق وهو ان تصبح عضوا في النادي الاوروبي بأن تنضم الى الاتحاد , لم تنجح تركيا في الانضمام الى الاتحاد الاوروبي بالرغم من التقارب الذي حل ودخولها في مفاوصات الانضمام وهي الى الان مستمرة والسبب في ذلك مرده الى عوامل وظروف عديدة منها الداخلية ومنها الخارجية , متغيرات كبيرة وجمة حصلت وخصوصا عقب انهيار الاتحاد السوفياتي وسقوط مفهوم القطبين القياديين والتي كانت تركيا مشغولة به كثيرا لوقوقها الحثيث مع الولايات المتحدة والغرب الاوروبي بوجه الاتحاد السوفياتي مع الابقاء على شعرة الود مع روسيا والتي تتجاور معها دول مناطق النفوذ المشتركة , هذا التبدل في الخريطة السياسية العالمية فتح المجال امام تركيا لكي تتحول من دولة مؤازرة وحليفة من الصف الثاني الى دولة اقليمية وكبيرة من الطراز الاول وخصوصا مع ما تعتبره حقا لها وجائزة لخدماتها ( الانضمام للاتحاد الاوروبي ) والذي يتحول من هدفا ممكنا الى بعيدا نسبيا , لذلك قررت تركيا انتهاج سياسة ما يسمى الاستبدال والاحلال المكاني للوصول الى المكان الاستراتيجي الهدف الاساسي لتركيا , بالتقاطها لاشارات كثيرة ومتغيرات عديدة داخل تركيا مثل صعود الاسلامي التركي والذي يشجع التقارب والاندماج العربي والخارجية منها حاجة الوطن العربي ودوله الى تركيا كحليف قوي وسند في ذروة اطباق القوة الايرانية على العواصم العربية وبالاضافة الى هدف مهم وغير مهمش وهو الحنين للدولة العثمانية الكبرى والذي يدغدغ ويلامس الشعور العاطفي للعديد في الوطن العربي وكذلك لانتهاج ( تركيا –اردوغان ) المنهج التقليدي لهذا النمط , كل تلك العوامل اجتمعت وحتمت على تركيا بالشروع بتطبيق خطة التقارب من الوطن العربي والاحلال المكاني عوضا عن اوروبا ولكن ليس بديل عنها , فهي اقدمت على هذا الموضوع بغاية الاستفادة منه في تدعيم اوراق اعتماده للاتحاد من خلال تحصين نفسها بعلاقات متنية مع العالم العربي بالتوازن مع علاقتها القوية مع الكيان العبري والمعترفة به منذ ال1949 , في ان تحاول ان تكون مربط الفرس والمتحكمة الاولى في خصوصا الملفات المجاورة لها ( العراق – سوريا – ولبنان والمشكلة الكردية ) اضافة مشكلة اللاجئين ايمانا منها بان هذه الالية تجعلها تفرض نفسها بقوة كلاعب اقليمي وعالمي يفتح لها المجال بنسب اكبر للدخول للنادي الاوروبي , لذلك ان مشروعها في التوجه نحو العالم العربي هو بالفعل جدي ولكنه ليس الاصل فتركيا هي علمانية وتحاول الاستفادة من المشروع القطبية الاسلامية للوصول لهدفها وهذا فخ ذو حدين , لانا اعاقت بذلك تقدمها بنفسها وعرقلت مسيرتها بذاتها لتشعب قضايا كثيرة كان المفروض عليها ان تحلها ومنها المشكلة ( الكردية , القبرصية والنزاع مع اليونان , بالاضافة لموضوع بحر ايجه , والسبب المهم ايضا دخولها في مستنقع الاحلاف العربية من بوابة الملف السوري ) وهو الذي اثر عليها سلبيا , لذلك فان نسبة انضمامها الى الاتحاد تقل نسبيا بسبب بعض الاخطاء التقنية والتكتيكية والتي نتج عنها بؤر خلافية كبرى على المستوى الاستراتيجي .
الدكتور عبد اللطيف درويش – أستاذ الاقتصاد وإدارة الأزمات
جامعة كارديف متروبوليتان البريطانية
جرت في الماضي محاولات لخلق وضع او شكل من اشكال التجمع والتحالف السني ولكن عدم نجاح المشروع في الماضي يرجع الى عدم وجود مرجعية سنية وبنية مؤسساتية وهرمية على شكل المرجعية االشيعية او المؤسسات الكنسية والتي تضمن استمرارية الفكرة وإنتاج القيادات المستقبلية والمؤسسات المالية التابعة لها والتي تتكفل بتمويل نشاطاتها خارج اطار النظام السياسي والاقتصادي الرسمي والذي يضمن لها استقلاليتها عن الأنظمة السياسية المستبدة والتي استعملتها واستغلتها وشتتها وعددت ولاءاتها هذا بالاضافة الى افتقار الجانب السني الى قضية يكافح السنة مجتمعين لخدمتها واهداف واضحة المعالم يسعى السنة الى تحقيقها … اما السعي التركي الى عقد تحالفات فانا لاارى انها تتعدى تحالفات دول ولا ترقى الى انصهار دول وشعوب في اطار هدف استراتيجي موحد وهي مرتبطة بمزاج وتوجهات قيادات سياسية ولا تمتد الى القواعد والمؤسسات الشعبية كما ان تعدد الأقطاب والتنافس والخلافات بين دول العالم السني والنزعات القومية لتلك الدول تضعف تلك المحاولات .
البروفسور بيار الخوري – ناشر الموقع
الجمهورية التركية جسربين قارتين كبيرتين و هما آسيا و أوروبا ، معظم مساحة تركيا تقع فى الجزء الأسيوى و الباقى فى قارة أوروبا ، يحدها من الجنوب البحر المتوسط و دولتى سوريا و العراق ، من الشمال البحر الأسود و من الشمال الغربى كل من روسيا و اوكرانيا و رومانيا ،و من الغرب بحر إيجا و بلغاريا و اليونان و يحدها من الشرق جورجيا و أرمينيا و أذرابيجان و إيران.
كان لوصول الاسلام المدني (من نجم الدين اربكان الى رجب طيب أردوغان) إلى الحكم ان عزز نفوذ الإسلام السياسي على حساب مؤسسات الدولة العلمانية.
ان تجربة حزب العدالة والتنمية تمثل اول تجربة ممتدة لجماعة الاخوان المسلمين في السلطة، وفي بلد له تاريخ اسلامي عريق وموارد طبيعية ضخمة وموقع استراتيجي فريد في العالم. الاوردوغانية هي ردة فعل تاريخية على تعليب تركيا واختصار دورها الى دولة الحاجب الذي لعبته بعد سقوط السلطنة العثمانية وطوال حقبة الحرب الباردة. في الواقع فقدت تركيا اهميتها الاستراتيجية بالنسبة للغرب بعد الحرب الباردة في الوقت الذي صعدت فيه ايران الى المسرحين الاقليمي والدولي وفي الوقت الذي انهار فيه النظام العربي.
تجد تركيا نفسها امام تحدي اعادة تأكيد دور الامة الذي نزعته منها هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الاولى وعلبه الصراع الدولي. تركيا بحاجة الى استعادة رسالتها التي تبرر وتفرض وجودها في الشرق الاوسط المستقبلي الى تتنازع عليهاربع امم عظمى وثلاث جبابرة اقليميون: ايران وتركيا واسرائيل.
ان البعد الجديد للاستراتيجية التركية قد عبر عنه منظر تركيا ما بعد الحرب الباردة احمد داوود اوغلو في كتاب “العمق الإستراتيجى: موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية”.يريد داود أوغلو لتركيا أن تتخطى دور الدولة الحاجزة لطموحات موسكو طيلة الحرب الباردة أو حتى الدولة الجسرية بين الشرق والغرب لتصل إلى الدولة ذات العمق الإستراتيجى. وفق هذا المقتضى توظف السياسة الإقليمية لتركيا تحت حكم “حزب العدالة والتنمية” الموروثات التاريخية والجغرافية لتركيا بشكل مثالى، بطريقة تتجاوز العوائق التى حالت دون تبلور سياسة إقليمية تركية فعالة في الماضى. ويربط داود أوغلو بين العوامل الجيو-اقتصادية والجيو-ثقافية والجيو-سياسية في إطار يتوخى إعادة تحليل البناء الجيو-سياسى لتركيا من جديد. (مصطفى اللباد، معرفة)
تعلم تركيا ان التاريخ قد اعطاها مفتاحا” من ذهب اسمه الخلافة الاسلامية، استطاعت من خلاله ان تحكم نصف العالم.الاوراسي لذلك تستفيد تركيا اليوم من ضعف المركز الاسلامي العربي والفراغ القيادي والاحساس بالمهانة تجاه الدول الكبرى والامم الاقليمية الفاعلة الموجود لدى غالبية واسعة من المزاج السنيي في الدول العربية واسيا الوسطى والمهاجرين الى الغرب لتعيد طرح حلم الخلافة الجديد الذي سيعيد وضع المسلمين السنة على طاولة العالم.
يجب على العالم الا يستخف بالمشروع التركي ،كما استخف سابقا” بالمشروع الخميني، لان العالم الاسلامي عالم “مجنون” بقلب الطاولات ولديه امكانات بشرية هائلة ويقع في صلب الجغرافية السياسية لموارد العالم وهو عصب تنفسه.
الفكره الأساسيه هنا هو ان الكاتب غير عادل بل متحيز تماما مما يفقد المقال والموقع المصداقيه تماما فانا أريد حقائق سواء اعجبتني ام لا وما اراه كاتب يكتب بروح صليبيه وتحيز تام وأري كراهيه عميقه تحور المعاني وتنكر الحقائق وراء كلماته هذا غريب جدا في موقع جاد محترم مثل موقعكم هل تعلمون ؟ ربما الأفضل ان ألغي قراءاتي في موقعكم سأضع هذا في إعتباري جديا !!!!