العرب وطريق الحرير: لبنان شريك طبيعي للصين في البناء المشترك لـ”الحزام والطريق” – سلسلة الطريق الشائك (الجزء الرابع والأخير)
مقدمة الناشر: ونحن ننجز هذا الجزء من ملف الطريق الشائك، المتعلق بلبنان ودوره على طريق الحرير، تبلغت مناقلة سعادة السفير الصيني من بيروت. لقد ربطت سعادته علاقة طيبة بالكثير من اللبنانيين وأنا بكل فخر واحد من هؤلاء. يهمني ان أوثق شهادتي بهذا الرجل الملئ بالتواضع الانساني والكياسة السياسية والدبلوماسية الذين تحس معهم بفيض من مشاعر الاحترام والاستماع والاجابة الصادقة التي صاغها دائما" بلسان دبلوماسي دمث. دبلوماسي غير صدامي لا يتدخل بما لا يعني دور سفارته جريا" على المقاربة الدبلوماسية الصينية القائمة على عدم التدخل بشؤون الدول الاخرى. انا افخر باني تعرفت بهذا الرجل، وكما اقول دائما" ان الصين تصنع من بناتها وابنائها ثروات من الكفاءات الذين يردون الجميل لأمتهم بثروات من السمعة الطيبة لها ولمؤسساتها ومواطنيها. الى اللقاء مجددا" وانغ كيجيان. (د. بيار الخوري)
____________________________________
لمن فاتته متابعة الأجزاء الثلاثة الاولى:
العرب وطريق الحرير: العالم العربي ثروة من الاحتمالات – سلسلة الطريق الشائك (1)
العرب وطريق الحرير: الصين تسعى لشراكة النفع المتبادل، لا تريد نطاق نفوذ ولا تعبئة الفراغ – سلسلة الطريق الشائك (2)
العرب وطريق الحرير: الشباب العربي يمكن ان يصنع الفارق – سلسلة الطريق الشائك (3)
____________________________________
____________________________________
سؤال المحور الاخير: رغم أن الصين تتمتع بصداقات واسعة مع اللبنانيين وقواهم السياسية، يبدو هذا البلد الأقل انشغالا بمد الجسور التنموية مع الصين. كيف يمكن لهذا البلد الصغير الذي يمثل عقدة تجارية أساسية بين مناطق هامة لطرق التجارة الاندراج الفاعل في مبادرة الحزام والطريق؟
____________________________________
سعادة سفير الصين في لبنان السيد وانغ كيجيان
يصادف عام 2021 الذكرى الخمسين لإقامة العلاقة الدبلوماسية بين الصين ولبنان. على مدار الخمسين عاما الماضية، صمدت العلاقة الصينية اللبنانية أمام اختبارات الزمن، وحافظت دائما على زخم التنمية الصحية والمستقرة. يعتبر لبنان شريكا طبيعيا للصين في البناء المشترك لـ”الحزام والطريق”. وقوبلت مبادرة “الحزام والطريق” بتجاوب إيجابي من مختلف الأوساط في لبنان. وقد أعربت الحكومات المتعاقبة والأحزاب اللبنانية عن رغبتها الإيجابية في تعميق التعاون العملي مع الصين، ولم تنقطع المشاورات والتواصل بشأن التعاون الثنائي في إطار مبادرة “الحزام والطريق”. وفي عام 2017، وقعت الحكومتان “مذكرة تفاهم بشأن التعزيز المشترك لبناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين”، والتي حددت اتجاه بناء “الحزام والطريق” بشكل مشترك للجانبين في العصر الجديد.
التزم الجانب الصيني دائما بمبدأ “التشاور التشارك والتقاسم” لتعزيز التعاون في مشروعات “الحزام والطريق” مع لبنان، ولن يفرض الشروط السياسية على التعاون مع لبنان. كما يصر الجانب الصيني على احترام سيادة لبنان وإرادته والالتزام بالقواعد الدولية، ولن يقف الجانب الصيني مع طرف بعينه ضد طرف أخر. ان الجانب الصيني على استعداد للتواصل والبحث والمناقشة بنشاط مع الجانب اللبناني حول أي مشروع في لبنان ويشجع الشركات الصينية المشاركة فيه طالما أن المشروع يلبي احتياجات التنمية الوطنية ورفاهية الشعب في لبنان ويضمن المنفعة المتبادلة والكسب المشترك لجميع الأطراف المشاركة فيه، ويساهم في تعميق الصداقة القائمة بين البلدين .
خلال السنوات الأربع والنصف الماضية منذ أن توليت مهمة السفير الصيني لدى لبنان، لمست الرغبة الإيجابية والتطلعات القوية من الأصدقاء اللبنانيين من مختلف الأوساط لتعزيز التعاون بين الجانبين في مختلف المجالات. ولأسباب عديدة لم يتم طرح مشاريع كبيرة في لبنان في السنوات الأخيرة ولا يوجد للصين حاليا مشروع استثماري كبير في لبنان. كما يشكل جائحة فيروس كورونا المستجد عقبة أمام التواصل الإنساني والتبادل التجاري بين الجانبين. ومع ذلك، حافظت الصين ولبنان على الاتصالات والمناقشات الإيجابية حول زيادة تعزيز التعاون العملي حيث تتابع بعض الشركات الصينية بالمشاريع الكبيرة في مجالات الطاقة والاتصالات والمواصلات والري وغيرها من مجالات البنية التحتية في لبنان وتعمل حاليا على الاستطلاع والدراسة عن السوق اللبنانية. بينما يبذل الأصدقاء اللبنانيون جهودا في توسيع التعاون مع الصين من خلال القنوات الثنائية والمتعددة الأطراف لتزويد المستهلكين الصينيين بمنتجات تتميز بالجودة العالية والخصائص والقدرة التنافسية القوية. وفي الوقت الحاضر، يواجه لبنان تحديات متعددة، وتتأثر حياة اللبنانيين الكثيرين بشكل كبير. ونأمل بصدق أن يعمل الشعب اللبناني بتضافر الجهود على التغلب على الصعوبات من أجل مستقبل سلمي وآمن ومزدهر. ونتطلع إلى مواصلة تعميق التعاون العملي في مختلف المجالات مع الأصدقاء اللبنانيين ونعمل على ترجمة رؤيتنا الجميلة إلى نتائج ملموسة وتحقيق المزيد من الفوائد للشعبين الصيني اللبناني وتقديم مساهمات أكبر لبناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك.
البروفسور دنيس ايتلر، جامعة كاليفورنيا باركلي – الولايات المتحدة الاميركية
يتمتع لبنان بتاريخ غني من التعددية الثقافية وقد عمل تاريخياً كقناة توصيل بين الشرق والغرب. ولذلك ، فهي في وضع جيد ليكون بمثابة عقدة تجارية رئيسية لمبادرة الحزام والطريق. يمكن للصين أيضًا توفير رأس المال والخبرة اللازمتين لإعادة بناء ميناء بيروت ليصبح عمليأً ذات مستوى عالمي وبالتالي تنشيط الاقتصاد اللبناني.
ومع ذلك ، هناك قوى تريد أن ترى العالم العربي مجزءأً ودول الشرق الأوسط على خلاف مع بعضهم البعض ، لأنها تخدم احتياجاتها للحفاظ على نفوذها الخبيث في المنطقة وتعزيز طموحاتها في الهيمنة. يمكن للصين أن تكون بمثابة تأثير مواز للمساعدة في تشكيل الوحدة والتضامن في العالم العربي وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط.
السيد محمود ريا، ناشر منصة الصين بعيون عربية
كما هو الحال بالنسبة للدول العربية الأخرى، كذلك هو بالنسبة للبنان. فلبنان هو بلد صغير من حيث المساحة وعدد السكان، ولكنه بلد أساسي وفاعل على مستوى المنطقة، وهو بوابة أساسية لمشروع الحزام والطريق باتجاه أوروبا والعالم من الصين، وباتجاه الداخل العربي أيضا من الصين عن طريق البحر. وهذا الأمر يجعل من لبنان محطة مهمة يجب أن تأخذ دورها في تطوير وتعزيز مبادرة الحزام والطريق. إلا أن المأمول لا يتحقق فعلاً واقعاً على الأرض، بل العكس هو ما يحصل. وهناك عدة أسباب تكمن وراء ما نعيشه في هذا المجال، يمكن تلخيصها على الشكل التالي:
ـ ليس هناك إيمان لدى الكثير من االمسؤولين اللبنانيين ـ بشكل عام ـ بأهمية التعاون مع الصين، وإنما يرى هؤلاء أن التعاون مع الغرب هو الأفضل للبنان.
ـ فوق ذلك، هناك خوف من عقوبات تفرضها الدول الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية، في حال قرر لبنان التوجه شرقاً، أو على الأقل فتح بوابات للتعاون مع الصين.
ـ وهناك، للأسف، بحث بعض المسؤولين عن منافع ذاتية وخاصة من التعاون مع الخارج. وهذه المنافع الضيقة ليست سهلة التحصيل عندما يكون الطرف الآخر في الاتفاقيات هو الصين، في حين أن هذه المكاسب قد تكون أقرب للتحقيق حين يكون التعامل مع دول غربية معتادة على التعامل مع السوق اللبنانية وتعرف آليات تبادل المنافع مع المعنيين فيها.
ـ يبقى هناك مسألة القوانين التي تطلبها الصين لحماية استثماراتها في الخارج، وهي القوانين التي مازالت بعيدة عن الإقرار في لبنان، بالرغم من اجتيازها العديد من المراحل.
يمكن القول إن لبنان مرغوب من الصين، وقد عبر الكثير من المسؤولين الصينيين عن هذه الرغبة في التعامل مع لبنان في مجالات مختلفة، وأكدوا على أهمية لبنان من ناحية الموقع والنظام المصرفي والخبرة التجارية على مستوى العالم. ويبقى أن يؤمن اللبنانيون بأهمية هذا الموقع وهذا الدور كي يستفيدوا منه لجعل لبنان في قلب المبادرة. وهذا يتطلب تحرر اللبنانيين من القيود ومن الضغوط ومن العقبات ومن الخوف من العقوبات، وهي الحواجز التي تجعل لبنان يقف على رصيف مبادرة الحزام والطريق دون الاستفادة من خيراتها ومن وعودها الاقتصادية الضخمة التي يمكن أن تجعل من لبنان على مستوى السياحة والتجارة والخدمات والنظام المصرفي، وحتى على مستوى بعض الصناعات المميزة والمنتجات الزراعية المرغوبة صينياً درّة التاج في مسار مبادرة الحزام والطريق.
السيد قاسم طفيلي، رئيس الجمعية العربية الصينية للتعاون والتنمية.
بالفعل وكما يوحي السؤال انها لمفارقة كبيرة ان يكون لبنان اقل استفادة حتى الآن من مفاعيل مبادرة الحزام والطريق وهي مبادرة تقوم بالأساس على تعميق التواصل وفتح قنوات التواصل بين شعوب البلدان المنضوية. وليس خافيا” ان الصين التي تربطها بلبنان علاقات جيدة منذ خمسون عاما” تسعى لكي يكون له دورا” مهما” في اطار هذه المبادرة. لقد اتسمت هذه العلاقات بالاحترام المتبادل وقد كانت الصين تساند لبنان دائما” في قضاياه الدولية.
واذا كان التفاعل العربي مع مبادرة الحزام والطريق يتصاعد ويتفاوت بين دولة عربية وأخرى اجمالا”، فان لبنان الذي يغرق في السنوات الاخيرة في صراعات إقليمية حادة مضروبة بانهيار اقتصادي لم يشهده من قبل ضاعفته جائحة الكورونا لا يزال يفتقر الى المشاريع الحيوية التي يمكن ان تأتي في اطار توقيع لبنان لمذكرة الانضمام الى المبادرة عام 2017. المفارقة هنا ان لبنان هو في امس الحاجة لمشاريع البنية التحتية والتنمية الصناعية التي كان يمكن التخطيط لها. والمفارقة تزداد حين نجد ان معظم القوى السياسية ترحب بمبادرة الحزام والطريق ولكنها تفشل في توحيد عملها لتنفيذ اية مشاريع ضخمة ومهمة، رغم ان الجانب الصيني لم يقصر في ابداء ليس فقط الاستعداد بل ان العديد من الشركات الصينية مدعومة من الحكومة الصينية قد أنجزت دراسات أولية بانتظار تبلور خطة حكومية لبنانية واضحة وهو ما يبدو اول ضحية للتجاذب السياسي المحلي والإقليمي وهو ما يمنع احراز أي تقدم حتى الان. بل على العكس فان احتدام الازمة المالية اللبنانية وما جرته من نتائج مدمرة وكارثية على القطاع المالي والمصرفي وهو ما كانت الصين تعول ان يكون من ضمن عناصر التعاون المتبادل، فان لبنان يخسر فرصا” إضافية كان يمكن ان تشكل بابا” مهما” لإعادة استنهاض الاقتصاد.
وفي سياق ذلك كله، فان التجاذب السياسي قد وصل أيضا” الى اثارة الجدل بين الحين والأخر حول ما يسمى الاتجاه شرقا” في ظل “الخوف المصطنع” او التخويف والضغوط التي تمارس من قبل بعض القوى الدولية وهو ما يحرم لبنان بالنتيجة من فرص واعدة لبناء بنيته التحتية والاسهام في تنميته. والمؤسف ان هكذا سياسات لا تقدم اية بدائل ولا تثمن من جوع ولا تجعل المصلحة اللبنانية هي الاساس. لقد التزم الأصدقاء الصينيين دائما” بعدم التدخل في الشؤون الداخلية وهذه نفطة يجب على القوى السياسية المختلفة البناء عليها بحثا” عن كيفية الاستفادة من مبادرة الحزام والطريق. ان اختلاق وترويج التناقض بين مصالح لبنان في التنمية والعلاقة مع الصين وبين ما يسمى ارتباط معظم نخبه السياسية والاقتصادية تاريخيا” بالقوى والرأسمال الغربي ينتج خسارة صافية للبنان. لذللك يجب العمل على إيجاد توازن بين الامرين بما يحقق المصالح اللبنانية.
لكن الأفق لا يبدو مقفلا” تماما”. لابد من ملاحظة ان مبادرة الحزام والطريق لا تقف عند جوانب اعمار وتجديد البنية التحتية بل ان تطور الاقتصاد الصيني وانفتاحه المتزايد خصوصا” في مجال فتح الأسواق الصينية امام البضائع والخدمات المستوردة يشكل فرصة تاريخية لدول الحزام والطريق ولبنان من ضمنها. لذلك وفي ظل حالة الانهيار الاقتصادي شبه التام تبرز الحاجة الماسة للعمل على تعزيز تصدير البضائع ذات الجودة العالية من لبنان الى السوق الصينية وهو ما يتطلب انخراطا” فعالا” من قطاعات إنتاجية مختلفة.
ربما تجد الصين فرصة في لبنان
اذا ما تم عرض تأهيل ميناء بيروت وأعتقد أن الصين ستكون قادرة على الفوز بأي عقد وستقدم العروض المناسبة …
لكن الصين لم تشترك بمؤتمر اعادة اعمار بيروت بوفد يمثل اهتمامها العالي بالمسألة واكتفت بحضور السفير الصيني في المؤتمر الاضافي ..
هل السوق اللبنانية غير جاذبة للصين ؟ولاتقع لبنان ضمن خط الحرير ،
هل الساسة اللبنانيون فتحوا حوارا مع الصين ؟
بعض اجابات النفي لهذه الاسئلة يبين عدم رغبة بين الطرفين لتفعيل علاقاتهما ليبدأ النشاط الصيني في لبنان
علي الهماشي