هناك محاذير جدية استجدت كنتيجة لعملية اغتيال الناشط السياسي والكاتب لقمان سليم منذ ايام. مصدر هذه المحاذير هو حجم الاتهام والتدليل الذي تعرض له حزب الله لا من اخصامه من رجال السياسة والوجوه الاعلامية المناهضين للحزب فحسب، بل الاهم ان هذه التهمة قد “لبست” الحزب في اذهان فئات واسعة من الشعب.
هناك فارق كبير بين حجم الاتهامات التي تلت اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والاتهامات الحالية يمكن اختزال اسبابها كالتالي:
1- ان الاتهام عام 2005 كان موجها” نحو الاجهزة الامنية السورية واللبنانية
2- تلت عملية الاغتيال تحالفات انتخابية واسعة بين حزب الله واخصامه وهو ما عرف يومها بالتحالف الرباعي
3- كان البلد في تلك الحقبة، وفي ما تلاها من جرائم اغتيال لشخصيات لبنانية، منقسما” بشكل طائفي ولكن عابر للطوائف، كان حزب الله يتمتع بدعم شعبي واسع في البيئة المسيحية من خلال حليفيه عماد التسونامي الرئيس الحالي ميشال عون والزعيم الشمالي سليمان فرنجية. كذلك كان التأييد السني للمقاومة الاسلامية يتجاوز 45% في كافة الاستطلاعات.
4- اثبت اعتصام الاسواق التجارية الذي سبق احداث 7 ايار ان هناك تيار واسع عابر للطوائف يوالي حزب الله ويسير معه كتف على كتف.
الوضع الحالي مختلف تماما” لقد باتت بيئة الحزب قلقة وبهتت صورة حزب الله لدى الطوائف المقابلة خاصة بعد انتفاضة 17 تشرين والأزمة الاقتصادية المعممة والتي تزاوجت مع حصار غربي للبنان كجزء من سياسة الضغط الأقصى على ايران وحلفاؤها ومفاخرة الحزب بدولاراته في بلد نهب ممن منع سقوطهم الحزب. ان بعض واجهات الحزب المسيحي اللصيق بالحزب (التيار الوطني الحر) قد باتت تتحدث عن “القرف” العوني من الحزب والثنائي وتجد بيئتها ترتاح لكلامها وتتبرم من الخطاب النمطي لقيادة التيار. الحرب السورية كانت قد سرعت بدورها مسيرة انفصال المناخ السني عن الحزب رغم نجاح الحزب في الاختراق الانتخابي للنواب السنة لكن شخصيات مثل عبد الرحيم مراد واسامة سعد وفيصل كرامي وعدنان طرابلسي وجهاد الصمد لهم حيثيتهم السنية الخاصة وحساياتهم الخاصة ولا يمكن ان يعتبروا نوابا” “محسوبين” على الحزب.
الوضع الحالي شديد الاحتقان طائفيا” وتاريخ لبنان يقول انه كلما وقفت ثلاث طوائف بوجه طائفة دخل البلد في المحظور.
لماذا تكتسب عملية اغتيال سليم اهمية استثنائية؟ ليس لان الحزب قد اغتال سليم بالضرورة، والملف الاستراتيجي كان قد عرض لاكثر من سيناريو للعملية في مقال ” من قتل لقمان سليم؟” (رابط المقال ادناه) ولكن لان اي عملية اغتيال قد تحصل الان وكائنا” من كان منفذها ستعني على الارجح اتهام الحزب فورا” والشروع في الدخول في الفوضى والامن الذاتي وظهور السلاح علنا” في مختلف المناطق.
قال لنا صديق عمل في الامن لمدة طويلة قبل تقاعده ان معاش القائد يكاد يعادل 400 دولار اميركي؟ ويضيف انه بالتصنيف العسكري تعطى صفة القائد لكل من هم برتبة رائد وما فوق. ويقول ان معاش العسكري يقارب المئة دولار، فمن اين ستأتي القوى الامنية بالتصميم والعزم والارادة ناهيك عن الحماسة اللازمة لمواجهة الفوضى؟ بقى العسكري محافظا” على كرامته يمشي رافعا” راسه طوال الحرب الاهلية لانه ” ابن دولة” حافظت على الكرامة الاجتماعية والمعيشية للعسكر .
امام الثنائية العسكرية ( القوى الامنية اللبنانية واجهزة الحزب الامنية) تحدي كبير اليوم هو حماية المعارضين قبل حماية انفسهم، وحماية شخصيات سياسية وروحية لها حساسية خاصة في كافة الطوائف لان اي خطأ او “حساب حقلة” غير مناسب ل”حساب البيدر” قد يؤدي عن قصد او غير قصد للدخول في مشروع تفتيت لبنان وجره الى الفوضى غير الخلاقة.