الام بين الصبي العاق والحاشية الصعبة | بقلم القاضي حسن الحاج شحاده
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
لم تمر الطائفة السنية يوماً بحالة ضعف أو تشرذم منذ الاستقلال حتى اليوم كما هي حالها اليوم.
وكما يعلم غالبية اللبنانيين ، أن السنة هم من كان يطلق عليهم أم الصبي وبالتالي كانت الطائفة تتحمل اللطمات والاذى من الجميع من دون رد، لأنها تعتبر نفسها أم الصبي وهذه من شعارات الشهيد الرئيس رفيق الحريري . لكن!!! لم تكن التوقعات توحي بأن يكون الصبي عاق وليس له دراية بأنه إن تم السكوت عن تجاوزاته هي من منطلق أنه ولد وليس من منطلق أنه ند لهذه الطائفة، لم يكن عدم الرد في الماضي على التجاوزات بحق الطائفة السنية ضعفاً بل كان تجاوزاً لانها راعية أبناء البلد .
هل كان لدى الطوائف الاخرى الحبيبة والشقيقة والشريكة شراكة عضوية في البلد شك بأن السنة لديهم أهداف غير ذلك؟ ومن كان الظهير الداعم للبنان سياسيا واقتصاديا؟ . بفضل تلك الطائفة التي جعلت نفسها ام الصبي فان لبنان عندما كان عمقه العربي سياسياً والخليجي إقتصادياً كان ينهض مراراً وتكراراً من تحت ركام حروب أتت على كل مقومات الحياة فيه .
تلك الدول التي صبرت على تجاوزات السياسيين اللبنانيين منذ إستشهاد ألرئيس الحريري رحمه الله حتى اواخر ٢٠١٨ ، رغم النصائح المتكررة للفرقاء لبنانيين بأن يلتزموا الادبيات والوفاء تجاه الدول العربية وخصوصاً الخليجية التي دعمت لبنان بعد حرب ٢٠٠٦ وكانت السباقة لدعم لبنان وإعادة إعماره ولم تكن على خلاف مع أي فريق لبناني.
وفي لحظة غفلة ترى فرقاء لبنانيون يكيلون التهم ويشجعون على الاذى لتلك الدول التي أوقفت الانهيار الاقتصادي في التسعينات وإستمرت حتى العام 2018.
ولكن هل التزم هؤلاء الافرقاء الحزبيين المرتبطين باعداء الخليج العربي وبالتحديد المملكة العربية السعودية والامارات؟ لقد تحملت المملكة الغدر السياسي والاذى المعنوي والمادي في حرب اليمن والتدخلات بالبحرين ولا تزال تلك القوى في لبنان مستمرة بالوتيرة نفسها . بصرف النظر عن سياسات المملكة الخارجية والداخلية والتي لا يمكن ان توذي لبنان وبالمقابل يطلبون منها المساعدة والدعم إما بتشكيل حكومة او ودائع مالية .
الم يذكر هؤلاء أنه إكراماً السنة في لبنان ومع كل الحب لباقي الطوائف طبعاً كانت المملكة وحلفاؤها في الخليج يقدمون على دعم لبنان بكل ما يلزم والودائع المالية في المصرف المركزي شاهدة على ذلك ؟.
أما اليوم فالأسباب الآنفة الذكر هي التي جعلت الدول الخليجية والسعودية بالتحديد تنأى بنفسها عن أي تدخل في لبنان سياسياً أو غير سياسي وكل ما يقال خلاف ذلك هو إفتراء عليها، وبالرغم من كل ذلك لم تترك لبنان بلا دعم معيشي وطبي وتقديم مساعدات رغم الغصة التي تشعر بها المملكة والشقيقة الامارات من تصرفات فريق أو فرقاء فاعلين رسميين في لبنان لا تليق بحقهم.
أما من جعل الطائفة السنية في حالة تشرذم وضعف بعد إستلام الرئيس سعد الحريري زعامة الطائفة. هو نفس الفريق الذي يتدخل بشؤون المملكة والخليج بلا وجه حق . وساعده في ذلك إتباع الحلفاء من السنة لهم . وعدم مد يد التواصل من الرئيس القوي السني لأبناء الطائفة بتاثير من مقربين له، وليس بقناعة منه، لأنه ابن رفيق الحريري الذي جمع السنة خصوماً ومؤيدين.
واعتقد إنه إذا سمحت الفرصة لدولة الرئيس الحريري اليوم بأن يستكمل تفاهماته مع كل الفرقاء السنة بكل اتجاهاتهم فلن يتأخر . لكن العوائق التي تقف دون ذلك لا زالت قائمة.
– العامل الاول هو مسؤولية معارضيه وعدم اقدامهم على تغيير سياساتهم التي تؤيد من يوصفون بخصوم العمق السني العربي وتغطيتهم لهذا الفريق الذي يتحكم به.
– العامل الثاني هو فريق أو بعض الافراد من فريق الرئيس الحريري. من لا يحبذ اي تواصل مع هؤلاء الفرقاء السنة الذين يؤيدون خصوم المملكة وحلفائها. ارى ان ذلك وان كان من حقهم الا أنه لا يمكننا ان نتخلى عن الصفة الاساسية . وهي ام الصبي والعمل على جمع القوى السنية على اختلاف توجهاتها تحت جناح الرئيس الحريري واقناعهم بان تكون مهمتهم مصلحة الطائفة أولاً والضغط على حلفاء لهم بالكف عن إيذاء العمق العربي والخليجي والعودة للوفاء لتلك الدول الشقيقة والصديقة.عند ذلك تستعيد للطائفة قوتها وتأثيرها .
اما السبب الثاني للضعف الداخلي السني فهو سوء ادارة التعيينات والتوظيفات وتقديم الخدمات لأبناء الطائفة. الذي اصبح يخضع للمناطقية والولاء والمصالح الضيقة بصرف النظر عن الكفاءة والحكمة وهذا لا ينطبق على الطائفة السنية فقط بل على كل الطوائف وهذا هو سبب ضعف السنة .وإنهيار المؤسسات في لبنان .
وأرى أنه بات من الواجب إعادة النظر في تشكيل البنية الوظيفية والمهام داخل مؤسسات الدولة بصرف النظر عن المحسوبيات الضيقة والمناطق بل انطلاقاً من الكفاءة وقوة الشخصية التي يجب أن تكون في المكان المناسب وبذلك تكتسب القرارات قوة دفع أكبر وأشمل، وعندها لا نلقي كل الاخطاء والفشل بالادارة على المرجع .
من هنا نتمنى على جميع اللبنانيين دعم الرئيس المكلف لإعادة الوطن الى حضنه العربي والخليجي، ولكن ارجو منه وبمحبة ان يعمل على ذلك ابتداءً وإنطلاقاً من الطائفة السنية ومروراً بكل الاخوة في الطوائف الاخرى، ولدي كامل الثقة بأن دولته لن يترك فرصة لكي يقوم بها لتحقيق الإنقاذ المنشود وهذا ليس بغريب عنه.
في الختام، إن المشهد الذي نراه اليوم من تطاول وتعدي على صلاحيات الرئيس المكلف بصفته صاحب موقع الرئاسة الثالثة هو إجتهاد في معرض النص وهذا لا سند قانوني له، فيما رئيس الجمهورية أو فريقه يستنفد كافة الوسائل كي يجعل لصلاحياته -التي لا تتعدى التشاور مع الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة- لتصبح له شراكة كاملة بالتشكيل وهذا يجعل من لبنان- الذي بات قاب قوسين أو أدنى من الإنهيار الكبير- في مهب ريح المصالح الخاصة الضيقة، ما يفترض بالجميع احترام الدستور وليس تفسيره كل على هواه .اقرأ أيضا:
الحريرية الجديدة: بهاء للحكومة وسعد للتيار!
لماذا تمخضت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، فولدت فأرا!