حديث شامل مع المحامي نبيل الحلبي
من هو نبيل الحلبي؟ محام وناشط سياسي وحقوقي مقل في ظهوره الاعلامي، الحقوقي الذي يؤكد أن مهنة المحاماة لا تقتصر على عمله في المحاكم إنما تشمل نشاطه العامّ في الدفاع عن الحقوق والحريات عملا بالمادة 2 من نظام مهنة المحاماة. متخصص بالقانون الإنساني الدولي، عضو مؤسس لمؤسسة شاهد لحقوق الإنسان، مدير مؤسسة "لايف" الحقوقية، ومعروف عنه معارضته للنفوذ الإيراني وهيمنة حزب الله على القرار والموارد في الدولة اللبنانية، وتأييده للثورة السورية ودعم المبادرات الإغاثية للاجئين السوريين في لبنان. ابن مدينة بيروت، وابن عائلة منخرطة بالسلك العسكري، فوالده العميد الطبيب المتقاعد في الجيش اللبناني علي الحلبي وشقيقه العقيد في الجيش اللبناني محمد الحلبي الذي شغل مسؤولية قائد فوج إطفاء بيروت. إشتهر بنشاطه الميداني والأكاديمي وحضوره في المجتمع الشبابي المدني اللبناني وفي الخارج، يتمتع بقاعدة واسعة من التأييد السباسي وارتباط إسمه باحداث رئيسية في السنوات الأخيرة. من بين المحطات التي لمع إسمه فيها كان تكليفه من رئيس الحكومة السابق تمام سلام للتفاوض في آب ٢٠١٤ لاطلاق سراح الجنود اللبنانيين المختطفين لدى التنظيمات الإرهابية، حيث نجح في تسلم عدد منهم بالرغم من تعرضه لاصابات من جراء إطلاق النار على السيارة التي كانت تنقله مع الوفد المفاوض إلى عرسال، بعد أكثر من عام وبتتسيق ودعم من اللواء عباس ابراهيم استطاع تسليم فتاتين لبنانيتين و١٦ عسكرياً مخطوفاً إلى الأمن العام اللبناني. الحلبي معروف بعلاقاته الواسعة الإقليمية والدولية التي عززت حضوره في أكثر الملفات تعقيداً في المنطقة. هو منسق عام المنتدى السياسي الاقتصادي الاجتماعي لشباب لبنان ضمن برنامج "مؤسسة لايف" الذي شارك ولا يزال بفعاليات الثورة في بيروت وطرابلس وعكار والبقاع. معروف بدعمه لثورة 17 تشرين ومطالبها، ضمن الاساليب السلمية والديمقراطية، ومعارض ل "محور الممانعة"، وسبق أن اتهمه مقربون من هذا المحور نهاية عام 2017 بالعمالة لإسرائيل. أدار العديد من ورشات التدريب الحقوقية لقضاة وضباط أجهزة أمنية ومحامين في لبنان كذلك قدم ورشات تدريب حول التمكين الديمقراطي وحل النزاعات في عدد من دول الشرق الأوسط. سبق أن اعتقل "الحلبي" عام 2016 بسبب منشورات له على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" ينتقد فيها مسؤولين بوزارة الداخلية اتهمهم فيها بالفساد والتواطؤ المحتمل مع أشخاص أوقفتهم قوى الأمن الداخلي ، على صلة بالإتجار الجنسي بنساء سوريات يقمن في لبنان. ما استدعى بوزير الداخلية السابق نهاد المشنوق إلى استخدام سلطته وخلع باب منزل الحلبي وسجنه بدعوى قدح وذم، ما آثار موجة من الاحتجاجات الحقوقية في العالم. في ما يلي نص الحديث الشامل مع المحامي الحلبي والذي اردنا من خلاله الاضاءة الشاملة على تاريخه ومواقفه من خلال اسئلة "استفزازية" لرجل عرف بصراحته حتى في المواقف التي قد تؤذي مسيرته السياسية. (الناشر)
السؤال الاول: نبيل الحلبي من الحركة الوطنية اللبنانية إلى بيئة الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى تأسيس المنتديات. هل يشكل المنتدى إستمرارا لأي واحدة منهما أم أنه انعطافة كاملة عنهما ؟ كيف ذلك ووفق أي معايير؟
تجربتي الحزبية بدأت في العمل الطلابي، وكنتُ حينها في سن الرابع عشر وانتسبت إلى تنظيم المرابطون ، وكان أشهر التنظيمات في البيئة البيروتية، ثم انتقلت بعد انهاء المرابطون على يد حلفاء النظام السوري الى منظمة العمل الشيوعي حتى احمي نفسي من اعتداءات حركة امل المتكررة، كما فعل العديد من الإخوة حينها، حيث قرر العديد منهم الذهاب الى الأحزاب اليسارية للغاية نفسها.
طبعًا هذا النشاط الحزبي لم يكن يلتقي مع تربيتنا المنزلية، فالوالد ضابط في الجيش اللبناني ويعتبر كل الميليشيات والاحزاب شلل من الزعران ومن المخربين للبلاد والمجتمع. مع تقدم السنوات ومع تصاعد حركات الإسلام السياسية في العالم العربي مطلع التسعينات،ونجاحها في اختراق البرلمانات العربية والمجالس المحلية، تقربتُ منها وكنت لا ازال طالباً ولم يكن لي اي التزام ديني بالعبادات وبالسلوك، ولم استطع الالتزام في اي تنظيم اسلامي لصعوبة تقييد حريتي في إطار تنظيمي ايديولوجي ديني صارم. إنصرفتُ بعدها الى نشاطي الحقوقي والى دراستي للقانون الدولي لحقوق الإنسان وتدرجت في موسسة حقوق الإنسان والحق الإنساني التي كان يديرها الدكتور وائل خير، وبدأت ادافع عن معتقلي الرأي بوجه نظام الوصاية الأمني السوري، تعرفتُ خلالها على الشهيد بيار الجميل وشقيقة الشيخ سامي رئيس حزب الكتائب، الذي لا زالت صداقتنا متينة حتى اليوم. ثم بعد ان بدأ مسلسل الملاحقات الأمنية لدائرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، قام النظام الامني بملاحقتي أيضًا، ظنًا منه أنني من الدائرة نفسها، وهذا الأمر جعلني التقي بالرئيس الشهيد والتعرف عليه وعلى افكاره عن قرب، فوجدته محبًا للحريات العامة وعروبياً متنورًا، وعندما اقفلوا مؤسستي الحقوقية وتعرضوا لملفات خاصة بمهنتي كمحامي، قال لي رحمه الله أن هؤلاء مجانين ولا يمكنهم حكم لبنان، وهذا البلد لا يمكن ان يعيش في نظام امني او عسكري. كان من المفترض ان اكون عنده في قريطم مساء يوم الإثنين في ١٤ شباط ٢٠٠٥، لكن المجرمين تمكنوا منه قبل ذلك بساعات.
كانت عملية اغتياله صدمة لي لدرجة لم اعد اقوى على قيادة سيارتي فور سماعي الخبر المفجع، اذكر اني ركنت السيارة جانبًا واخذت اجهش بالبكاء دون توقف رغم محاولتي حبس دموعي امام المارة. كان ذلك بمثابة فقدان امل لكل ابناء جيلي . استمر تأييدي لنهج الرئيس الحريري مع تولي نجله الخط السياسي نفسه. وبقيت على ذلك حتى عام ٢٠١٥ حين بدأت ملامح التنازلات وتململ الشارع الوطني من الصفقات وأداء وزراء تيار المستقبل في الحكومة وفي طليعتهم نهاد المشنوق، ثم بلغت معارضتي لهذا النهج المتورط في الفساد أشدها ، الى ان تم توقيفي في ٣١ ايار ٢٠١٦ بدعوى قدح وذم لاتهامي وزير الداخلية وكبير مستشاريه بالفساد والتربح الغير شرعي والتورط بحماية شبكات اتجار بالبشر. حيث كان تصرف تيار المستقبل والضباط الأمنيين الموجهين من وزير الداخلية وبيت الوسط، معي ، مثل تصرفات رموز الوصاية في عهد لحود مع خصومهم السياسيين. عندها أدركت ان ارث الشهيد رفيق الحريري السياسي قد ضاع بين ايدي شخصيات متسلقة وفاسدة، غير صالحة لإدارة البلاد.
بقيت على وتيرة معارضة منظومة السلطة بجميع مكوناتها حتى انتخابات عام ٢٠١٨. فحاولت جمع معارضين بيارتة لخوض الانتخابات ضد لائحتيّ السلطة، لكن الأنانيات كانت تغلب على المرشحين المعارضين، فخشيت من سقوط بيروت بيد لائحة حزب الله المكونة من مرشحي احزاب ٨ آذار ، وكنت حينها اتواصل مع النائب السابق عقاب صقر بهدف مساعدة الفنان زياد عيتاني الذي كان موقوفًا بتهمة التعامل مع اسرائيل وكنتُ ادرك ان الملف مفبرك، وان هذا الشخص يجب ان يخرج من السجن فورًا ، ونجحت مساعي الرئيس سعد الحريري بذلك وفي نقل ملفه الى شعبة المعلومات والتي اظهرت التحقيقات عدم وجود شبهة جنائية وهذا جعلني اعود الى بيت الوسط لكن بدون إعلان التأييد السياسي واكتفيت حينها بتغريدة شكر للرئيس الحريري على جهده في هذه القضية.
بعد اشتداد الحصار العسكري على الغوطة الشرقية في دمشق، والخوف من وقوع مجزرة ضد الاف المدنيين، دعوت الى اعتصام حاشد في وسط بيروت ، وحتى لا يعتقد احد ان هذه الدعوة قد تحمل دعاية انتخابية لي ، كتبت على صفحتي الشخصية على الفايسبوك معلنًا عزوفي عن الترشح. بعد ذلك سافرت الى اسطنبول لإدارة ورشة تدريب خاصة بالدستور السوري الجديد. بعد يومين اتصل بي النائب عقاب صقر وطلب مني بحكم الصداقة ان ازور الرئيس الحريري وان اعلن تأييدي للائحته حتى لا تتفرد لائحة حزب الله بالفوز في بيروت، وان اعلن عزوفي عن الترشح من بيت الوسط ومطالبة المحبين بالتصويت للرئيس الحريري ، وهذا ما حصل، فجلست مع الرئيس الحريري وطلبت منه شخصيًا فصل النيابة عن الوزارة كبادرة من تيار المستقبل، الذي اعتبرها الوزير نهاد المشنوق في حينها ،انتقامًا شخصيًا.
بقيت العلاقة ممتازة مع الرئيس الحريري وواكبته في بعض زياراته الانتخابية في بيروت. واخذنا منه وعودًا في إبعاد الفاسدين المتسلقين داخل تيار المستقبل، والسير بملف قانون العفو العام وعملت بتوجيهاتٍ منه مع القاضي هاني الحجار على صياغة القانون الأمثل لضمان إنهاء مظلومية مئات الشباب الموقوفين.
لكن مع تشكيل الحكومة عادت الامور كما كانت، لا بل تمادت الصفقات والتنازلات لصالح طموحات جبران باسيل الرئاسية.
هنا كان لا بد من اخذ القرار بإنشاء تشكيلات شبابية عابرة للمناطق، يتخللها محاضرات وورشات توعية خاصة، حتى لا يغرق الشباب في اليأس فيختارون بين الهجرة من البلد او الانتساب الى سرايا المقاومة ليحصلوا على حقوقهم ويحموا انفسهم في ظل غياب الدولة العادلة والقانون، او التوجه نحو الجماعات المتطرفة التي قد تودي بهم الى الهلاك.
لذلك كان شعار المنتديات التي كانت هي المبادرة او البرنامج الجديد الذي اطلقته مؤسسة لايف في بادئ الأمر ” لا تطرف ولا تفريط” و ” الاعتدال القوي” ، حتى لا يخلط الناس بينها وبين عبارة الاعتدال التي اصبحت عنوانًا للتنازلات على حسابهم.
السؤال الثاني: هناك انطباع أنكم تحاولون عبر المنتديات إستنساخ تجربة التنسيقيات في سوريا وان مشروعكم السياسي هو إستمرار عاطفي للخيبات في أطر تنظيم الثورة السورية. ما مدى صحة وواقعية هذا الانطباع. وهل يستند إلى أساس سياسي؟
على الرغم ان تجربة المنتديات في سوريا والتي برزت في ما يعرف بربيع دمشق، كانت ناجحة في بادئ الأمر، واستطاعت خرق المشهد المظلم الذي خيّم لعقود في بلدٍ يحكمه نظام المخابرات ، إلا أنّ التجربة في لبنان مختلفة من حيث الظروف المحيطة، رغم ان المنتديات في كلا البلدين تهدف الى مناقشة النظام السياسي والازمات وايجاد حل لها ، وطرح الافكار وتبادلها في الوسط الشبابي والمثقفين ، ونشر التوعية في المجتمعات الساكنة. مع اندلاع موجة ثورات الربيع العربي انتجت تلك المنتديات في سوريا تنسيقيات محلية، وكانت المحرك الاساسي للتظاهرات السلمية في مختلف المدن السورية والدماغ التنظيمي لها.
في لبنان سبق الثورة تأسيس المنتديات، وكنا نتحدث مع الرفاق عن اندلاع ثورة شعبية قريبة، وعن انهيار مالي يسبق انهياراً للنظام، وانه يجب ان نكون مستعدين لوضع برنامج سياسي اقتصادي اجتماعي متكامل، وان نشارك في الثورة اذا ما اندلعت، ونؤسس منسقيات محلية فاعلة من اجل النضال السياسي والميداني.
ما اتمناه ان تصل الثورة في لبنان الى اهدافها نحو بناء الدولة العادلة والقوية، وان تتم محاسبة منظومة الفساد بدون استثناء اي أحدٍ منهم. وارجو من الله ألا يحصل في لبنان ما حصل في سوريا، وسنحاول الاستفادة من التجربة السورية لضمان عدم مواجهة مصير مماثل في لبنان.
السؤال الثالث: العلاقة مع رجل الأعمال الشيخ بهاء الحريري تدور حولها الكثير من التكهنات. لماذا انكسرت الجرة بينكما؟ وما الروابط المشتركة التي كانت تجمعكما ؟ وهل صحيح أن التباعد مع الشيخ بهاء قد شل القدرة المالية للمنتدى وأبطأ سرعة إنتشاره السياسي؟
جمعتني بالشيخ بهاء الحريري علاقة وطيدة، وما يجمعنا هو اكثر مما يفرقنا، فنحن التقينا على تأييد الثورة ضد منظومة الفساد والميليشيات، والتمسك بالشرعية الدولية لجهة تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان، واستعادة السيادة اللبنانية كاملة، وبناء شراكة اسلامية مسيحية حقيقية لاستنهاض لبنان والاستفادة من طاقته الاغترابية. حتى لو اختلفت مقاربتنا في اصلاح النظام السياسي بين تطوير للطائف او الذهاب الى جمهورية ثالثة. على الصعيد الشخصي انظر اليه كأخٍ كبير، ولا يمكنني ان انسى انه وضع ثقته بي وبالمنتديات، وهذا الأمر لا يمكن تقديره بثمن ولا يمكن ان انساه ما حييت.
لكن هناك خلافات شخصية حصلت في لحظات غضب، كان يمكن ان تصطلح الأمور لكن هناك ايادي تدخلت لغايات خاصة، ووضعت الزيت على النار من خلال اتهام المنتديات بأمور غير واقعية، ويعلم العارفون انها غير صحيحة مثل قرب المنتديات من تركيا، او تورطها بأعمال شغب، على سبيل المثال .
طبعًا كان لوقف المساعدة التي كانت تستفيد منها المنتديات اثر كبير، فقد تضاءلت المبادرات الانسانية التي كانت تقوم بها في مختلف المناطق، وتراجع الاداء الإعلامي بعد فقدان جهازنا الاعلامي لمتفرغين شباب، اضطرهم وقف التمويل الى البحث عن عمل مدفوع.
لكن المنتديات استطاعت ان تبعد بعض النفعيين الذين دخلوا الى جسمها التنظيمي من اجل التكسب، وهذا ما اعطى المنتديات زخمًا وشعورًا بالتحدي في استكمال المسيرة بشكل تطوعي، وأحيانًا يضطر الاعضاء الى الدفع من مالهم الخاص لسداد نفقات تنظيمية ولوجستية ضرورية. هذا الأمر ترك اثراً ايجابياً لدى القواعد التي توسعت في كل المناطق تقريبًا بشكلٍ مضاعف.
السؤال الرابع: يضم المنتدى قاعدة واسعة من الكفاءات الاجتماعية والمهنية ويغلب عليه طابع أبناء الطبقة الوسطى التي والت آل الحريري تاريخياً. ماذا لو اتخذ تيار المستقبل مواقف أكثر تشدداً ؟ الا يشكل ذلك خطراً بخسارة أفضل كوادركم وعودتها إلى بيئتها الحزبية الاساسية ؟
أعتقد جازمًا أنه لو مهما فعل الرئيس الحريري اليوم، لن يستطيع إعادة الزمن الى ما قبل الانتخابات النيابية في صيف ٢٠١٨. لانه يكاد يكون رئيس الحكومة الأوحد الذي حاز على الفرص تلو الفرص وعلى تأييد كبير في بيئته، فاق تأييد والده الشهيد، إلا انه فقدها جميعًا ، ولا قدرة للناس على تحمل مزيدًا من الانكسارات.
غير ان المنتديات هي حركة فكرية وتيار سياسي اجتماعي توعوي، لا يمكن ان تهزه العواطف او الخطابات التي تشد العصب الطائفي او السياسي، فلدينا شباب اكتسبوا مناعة سياسية وفكرية تمنعهم من الانزلاق.
السؤال الخامس: لديكم موقف واضح ضد العلاقة مع الدولة العبرية، ولكن ماذا عن ارتباطاتكم الإقليمية الاخرى؟ وكيف هي علاقتكم بتركيا الاردوغانية؟ ولماذا لا ترتاح لكم المملكة العربية السعودية ؟
ليس لدينا اي علاقة مع الإدارة التركية الحالية، ولا نعلم من الذي اخذ القرار بالتصويب علينا في هذا الاتجاه . اذا كان بسبب وجودي في تركيا ، فهذا الأمر مرتبط بعملي هناك في منظمات دولية معنية بالشأن السوري ، وهناك العديد من الزملاء اللبنانيين من مختلف الطوائف الذين يعملون في الإطار نفسه، ولا احد يتهمهم بالاجندة التركية، ربما لانني الوحيد من بينهم الذي يعمل في السياسية ، قد يكون هذا السبب.
في كل الاحوال نفت تركيا بشكل رسمي دعمها لي او ان اكون على علاقة مع دوائرها بأي شكلٍ من الاشكال وفي مناسبات عديدة ، وانا بدوري انفي اي علاقة لي مع الإدارة الاردوغانية او مع معارضيها ، فلا شأن لي بتركيا لا من قريب ولا من بعيد، وفي كل الأحوال لستُ انا من اتى بالبواخر التركية الى لبنان ، بل هم من يتهمني الان بالاجندة التركية ، لكي يعطوا المبرر لعمالتهم لإيران ربما، او لإبعاد الناس عنا وإغراقنا في لعبة المحاور الإقليمية التي نرفض الدخول بها.
وفي هذه المناسبة أؤكد انه ليس هناك من مشكلة مع المملكة العربية السعودية ولا مع اي دولة خليجية، على العكس تمامًا ، الاحترام المتبادل موجود، ولكننا كمنتديات نفضل التركيز على مشاكلنا الداخلية.
اما بشأن التطبيع مع اسرائيل، نحن نعتقد ان ذلك لا يمكن ان يحصل بشكل مجاني، وخاصة انه لدينا ٤٠٠ الف لاجىء فلسطينى يعيشون في لبنان في مخيمات تفتقر للحد الادنى من الإنسانية وهم محرومون من ابسط الحقوق . كما ان المسارعة في التطبيع يفقد لبنان مقوماته ومميزاته في الاقليم ويسلبها منه، بدون تعيين وظيفة جديدة للبنان ترافق انشاء نظام اقليمي جديد.
لذلك أدرجنا كمنتديات في ورقتنا السياسية، فيما خص السياسة الخارجية تمسكنا بالمبادرة العربية للسلام، لاننا حتى الساعة لا نرى جدية لدى اسرائيل في عقد سلام عادل ومستدام، فعندما قرر اسحاق رابين السير بمبادرة الأرض مقابل السلام، ارسلوا اليه من يقتله.
السؤال السادس: كيف تقرأون الواقع الذي وصل اليه النظام السياسي اللبناني؟ الى اي تغيير تطمحون ؟ هل صحيح أن انفتاحكم على اللامركزية والفدرالية هو لضرب إتفاق الطائف الذي تستميت القيادة السنية في الدفاع عنه اليوم ؟
نحن كمنتديات ننطلق من بحثنا في جذور الأزمة اللبنانية ، وقد قمنا بتوصيفها على أنها ليست فقط أزمة ادارة ، إنما هي أزمة نظام. ومن هذا المنطلق قمنا بتبني فكرة اللامركزية السياسية كحل جذري لانهاء النزاع الطائفي في لبنان، الذي يتخذ في احيانٍ كثيرة شكل حرب أهلية. فوجود الطوائف والعائلات السياسة سابق على نشأة لبنان الكبير، وهذا يحتم علينا الحفاظ عليها وفك الاشتباك بينها، والانتقال الى منافسة سياسية مبنية على البرامج وليس على التصريحات الشعبوية التي تخلق نظامًا هشاً ومجتمعاً غبياً. لكننا لن نذهب الى مناقشة دستور جديد ما لم يتم إعادة التوازن السياسي في البلد، على قاعدة عدم الاستقواء بالسلاح الغير الشرعي، او بفائض القوة الخارجية، ففي ذلك مخاطرة بالبلاد ورميها نحو المجهول. لذلك ليس لدينا نية للبحث في تعديل الطائف في ظل وجود ميليشيات مسلحة.
السؤال السابع: من الواضح أن لا علاقات لكم مع قوى الثامن من آذار، ولكن ايضاً لا نجد لكم علاقات ودية مع الفريق المقابل. هل أنتم ضد الجميع أم أن الجميع ضدكم؟ وكيف يمنككم أن تغردوا وحيدين خارج السرب اللبناني ؟
أستطيع ان اقول انه ليس لدينا اية قواسم مشتركة مع قوى الثامن من آذار ، وفي الوقت نفسه نعتقد انه بعد سلسلة جرائم الاغتيالات التي طالت شخصيات من فريق ١٤ آذار ، استطاع حزب الله عبر شخصيات هجينة في المعسكر المقابل تدجين تلك الاحزاب ، وإغراقها بملفات الصفقات والبزنس السياسي. لذلك لا تجد المنتديات لها شريك حقيقي في ١٤ آذار، الا بعض الشخصيات المستقلة، وقلة من الاحزاب المسيحية التي نلتقي معها في اجتماعات دورية. علمًا ان القواعد الشعبية لاحزاب ١٤ اذار لديها تعاطف كبير تجاه المنتديات ومع خطابها السياسي ، إلا ان قيادات هذه الاحزاب تخشى من قطيعة دائمة مع الرئيس سعد الحريري الذي يعتبر المنتديات عدواً يجب استئصاله بأية طريقة.
السؤال الثامن: برأيك إلى أين يتجه لبنان بعد كل ما وصل إليه البلد من اهتراء سياسي واقتصادي واخلاقي ومعيشي ومالي ونقدي ؟ وما هو خطر الدعشنة الذي تحذر منه؟
مع الاسف لقد وصل لبنان الى الانهيار الذي كنا نحذر منه سابقًا وعلى الدوام . المشكلة التي تواجه الجميع اليوم ولا يستطيع أحدٌ وقف تبعاتها، هي فقدان الامن الاجتماعي ، والذي ينذر بما لا تحمد عقباه. فانهيار الليرة الى ادنى مستوياتها قد يسقط المؤسسات الحكومية ويعطل عملها، ولن تكون المؤسسات الأمنية والعسكرية بمعزل عن هذا السيناريو . من هنا يأتي خوفنا من إستثمار الارهاب في البيئة الفقيرة وفي ظل الفراغ الأمني ، ويتحول لبنان الى ساحة حرب وتهجير قد تؤدي الى إفنائه ككيان.
السؤال الاخير: تعليق اخير على اغتيال الناشط السياسي والكاتب لقمان سليم
الصديق الشهيد لقمان سليم توصل الى ملف شديد الحساسية خاص ببنية حزب الله التنظيمية، كما اشارت السيدة منى العلمي باسهاب، وذلك يتصل ايضاً بإقتصاد الحزب وعملياته المالية، وكان على تواصل مع مسؤول كبير في الحزب، والذي يشكل مصدر مهم لتلك المعلومات. كذلك تم تداول معلومات – لا يمكنني تأكيدها – عن ان جهازًا امنياً لبنانيًا كشف لحزب الله بعض تلك الخيوط. فاتّخذ الحزب قرارًا بتصفيته وقد يكون انتزع منه بعض المعلومات تحت الضرب او التعذيب قبل قتله على طريقة المافيا.