لمن فاته متابعة الأجزاء السابقة:
-
اميركا وايران: سياستان متناقضتان لا تلتقيان | سلسلة اليانكي وآيات الله (١)
-
الشرق الاوسط بين ايران واميركا وحلفاءهما| سلسلة اليانكي وآيات الله (٢)
- أميركا وإيران .. نظرة في العمق | سلسلة اليانكي وآيات الله (3)
تعتبر عودة المفاوضات النووية بين ايران والولايات المتحدة سواءً كانت مباشرة أو عن طريق طرف ثالث عامل استقرار لمنطقة الشرق الأوسط .
وهي بداية لصفحة جديدة لمرحلة جديدة لإيران والمنطقة ،وإذا ما نجحت هذه المفاوضات وتمخضت عن اتفاقٍ جديد أو أُعيدت البنود السابقة فإن ذلك يعني أن البلدان يفكران بتجاوز مرحلة الرئيس السابق دونالد ترامب ويطويان صفحته الى النهاية .
ولكن هذا الأمر يتطلب جدية وشجاعة من الطرفين لانجاح المفاوضات والتوصل الى اتفاق جدي .لاشك إنَّ إيران تريد من عودة المفاوضات أن تسجل نصراً لا على المستوى الاعلامي ولشعبها فقط ،وإنما لأنصارها في المنطقة وهي محقة بذلك ،نصرا يجعل من إيران القوة الأكثر تأثيرا في المنطقة ولنعبر عنه بإنها ستكون شرطي المنطقة بلا منازع يفوق تأثير كل القوى الاقليمية ،وهو ماتملكه فعلا في هذه الفترة ،إلا أنها تسعى لتعزيزه باعتراف الولايات المتحدة من خلال الاتفاق معها ،أو ما تسميه في إعلامها رضوخ الولايات المتحدة .أما الإدارة الامريكية بقيادة بايدن فإنها تحاول تلافي (التمرد) النووي الايراني والحد من تطوره بطريقة سلمية ،بعد أن أدركت منذ عهد اوباما أن المفاوضات ،ومراقبة المنشئات النووية الايرانية عن قرب وزيارتها بين فترة وأُخرى هو أفضل حل لعدم تطوير البرنامج النووي ووصوله الى مستوى الانتاج ومن ثم تحويله الى العسكرة التي تعني تحدياً لايمكن السكوت عنه وبحاجة الى معالجة عملية ،وهو مايعني حرباً كبرى في المنطقة والعالم ،لايفكر أي من الامريكين الدخول فيها !.
ولكن دعونا نناقش من هي الأطراف الجادة في إنجاح المفاوضات من كلا الطرفين ،ومن ثم نستعرض بشكل سريع القوى المتضررة من هذا الاتفاق في المنطقة والعالم ..على المستوى الايراني هناك فريقان في هذا المجال وهو ضمن الخلافات بين هذين الفريقين ،مع أن الجو العام على المستوى السياسي الايراني لا يثق بالولايات المتحدة ابتداءً من المرشد الأعلى إلى بقية أفراد القيادة الايرانية من الاصلاحيين وكذلك الاصوليين ،ومما عزز هذا الاعتقاد هو نقض الاتفاق السابق من جانب الولايات المتحدة بعهد الرئيس السابق ترامب .التنافس الانتخابي:
من أخطر ما تواجهه المفاوضات النووية هو دخولها في التنافس الانتخابي الايراني،سيما بعد قرب موعد الانتخابات الايرانية ،التي يراها الفريقان أنها انتخابات مفصلية ستكون نتائجها مفصلية في هذه الظروف التي تمر بإيران والمنطقة لأسباب قد تكون بحاجة الى شرح تفاصيل دقيقة إن بدأنا بسردها قد لاننتهي منها ،تبعدنا عن موضوعنا الرئيسي الذي نتحدث عنه.الاصلاحيون:
فريق الاصلاحيين يرى في عودة المفاوضات نصر لهم يعززه نجاحها باحياء الاتفاق القديم ،أو بنقاط جديدة يتم الاتفاق عليها ،ودون إدخال مسألة الصواريخ أو التواجد في المنطقة أو ما يصطلح عليه الايرانيون بمحور المقاومة .
وهو نصرٌ سيعزز من حظوظ الاصلاحيين في الانتخابات القادمة ،التي أشرت تراجعاً لشعبيتهم لأسباب أهمها الحصار الاقتصادي الذي عززه ترامب بعقوبات جديدة وأثرت كثيراً على المستوى المعيشي للفرد الايراني ،وبالتالي دفعت الى تصعيد المعاداة للولايات المتحدة الأمريكية و سيطرة لغة التعبئة الحربية على الاعلام الايراني مع سكوت الجانب الداعي الى غير ذلك ،لعدم وجود فرصة مغايرة ،ويتم تفسيره على أنه تنازل ورضوخ للاستكبار العالمي ، وبالتالي سطوة عقلية الميدان على الدبلوماسية،وهو ما عبر عنه وزير الخارجية الايراني ظريف في مقابلته الصحفية الاخيرة المثيرة للجدل التي قد تنهي مشواره السياسي بعد الانتخابات،وقد نستشهد بها على مواقف الدول والقوى في مسألة المفاوضات النووية .ويحاول فريق الاصلاحيين أن يوحي للعالم بإنتهاء مرحلة (الميدان ) وبدأ مرحلة الدبلوماسية الحقيقة ولأكون اكثر صراحة يريد فريق الاصلاحيين أن يقول أنها مرحلة جديدة في المنطقة بدأت بعد رحيل الجنرال سليماني وربما هذا ما أوحى به محمد جواد ظريف في مقابلته الصحفية المثيرة للجدل والتي أثارت حفيظة المحافظين بل أزعجتهم واعتبرتها خيانةً للمرحوم ولنهج المقاومة ،ولم يكن المرشد بعيدا عن التأثر بما تم تسريبه ولهذا ألمح بتغريدته بوجود نوع من الشبه بين لهجة بعض الايرانيين ولهجة أو لغة الاعداء .
وقد حاول إعلام القوى الاصلاحية تسريب بعض الاتفاقات المبدئية بين الطرفين أو من خلال الوسيط أو الوسطاء على أنه نصر كبير لمنهجها ،وستكون تباشيره رفع الحصار الاقتصادي والتكنولوجي وإطلاق الارصدة المجمدة ،ورفع أسماءِ شخصياتٍ كبيرةٍ من قائمةِ الارهاب الامريكي والى غيرها من النقاط .
المحافظون :
لم يعارض فريق المحافظين هذه التسريبات التي يراها نصراً لنهج المقاومة.
ولكن فريق المحافظين الذي لايثق ابتداءً بالامريكان ،ويرى في المفاوضات مع الولايات المتحدة (رجس) سياسي سيؤدي الى خلخلة المبادئ التي قامت عليها الثورة الاسلامية في إيران ،مع بروز جيل جديد أو شخصيات داخل هذا الفريق لايرفض المفاوضات مع (العدو) ،ولكنه يضع شروطاً تستند الى عدم الاخلال بأصول الثورة والذهاب الى المفاوضات بنقاط قوة على الارض سواءً داخل أو خارج إيران ، وهو ما يجب أن يستند عليها المفاوض الايراني ..
ولدى هذا الفريق رؤية متشددة قد ترفض العودة الى أي مفوضات مع الولايات المتحدة ،وهناك نوعاً من الغموض يكتنف توجهات هذا الفريق ترتبط بالنظرة الدينية ،وإن مثل هذه المشاريع قد تعطل ما يعتقدونه من أنهم الرجال أو الصفوة المختارة للتمهيد للمهدي المنتظر (ع) .
ولا أُريد الخوض بمبررات هذا الفريق وما يمتلكه ،وما يهمني أن هذا الفريق لايرى في المفاوضات إلا تنازلاً ،وتأخيراً للهدف الذي أُنشأت من أجله الجمهورية الاسلامية .