الاحدثدولي

أميركا وإيران .. نظرة في العمق | سلسلة اليانكي وآيات الله (3) بقلم مجدي منصور

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

 لمن فاتته متابعة الجزئين السابقين:

مجرد أن أعلن الرئيس الأميركي جون بايدن قرار بإعادة الاتصالات مع إيران حول اعادة الاتفاق النووي معها ، وصاحب ذلك تصعيد عسكري إسرائيلي ضد سوريا وايران ، كان تساؤل الجميع في العالم وفى المنطقة – أهي حربٌ ضروس ستنطلق بين الجمهورية الإيرانية والولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل؟  أم هو سلامٌ دافئٌ بينهما؟

إن المشكلة اليوم أنه برغم كل التقارير الإخبارية عن الموضوع، سواء المكتوبة في الصحف أو المقروءة في الإذاعات أو المصورة على شاشات الفضائيات ، وبرغم كل الصور الثابتة والمتحركة ، والأخبار العابرة من هنا الى هناك والعكس، وبرغم كل ذلك فإن صورة الواقع تبدو مبهمة، يغطيها الضباب ويلُفها الظلام. وتطرح من الأسئلة أكثر مما تُظهر من الأجوبة.

وقبل الدخول لعمق الموضوع لدي عدة ملاحظات:

1.إننى هنا سأقتصر على الرؤيا الأميركية وسياستها واستراتيجيتها للموضوع الإيراني ، وأتبعه بعد ذلك في مقالة آخري برؤية إسرائيل لإيران ، لأنني أرى أن هناك بعض الاختلافات الاستراتيجية في نظرة كل من أميركا وإسرائيل لإيران.

2.إننى قررت أن يكون عرضي لمقالي على شكل بانورامي سريع ، كما أن مصادر معلوماتي سترد في صلب المقال أو سيتم ذكرها في نهايته كما أفعل دائماً.

(1)

« إذا كان العراق كارثة كان يجب علينا أن نتخلص منها ، فإن إيران كارثة أخرى يجب أن نتفاداها». خُلاصة تقرير رُفع لترامب

إن العلاقة بين أميركا وإيران ليست جديدة فأميركا هي:

من دعمت محمد رضا بهلوي (شاه إيران) قبل الثورة عليه من وقادت انقلاب ضد حكومة محمد مصدق ، بعد هروب الشاه الصغير، في عملية سُميت (أجاكس) قادها كيرمت روزفلت ، ووقف الشاه العائد لوطنه بعد الانقلاب على الثورة الوطنية بقيادة أميركية يقول في حضور كيرمت: «إنني مدين في عودتي لعرشي: لله ، ثم لشعبي ، ثم لك» وكان الشكر لله وللشعب صادر باللسان ، ولكنه لكيرمت روزفلت كان ينطلق من أعماق القلب!

إن الولايات المتحدة كانت تعتبر الشاه في إيران شُرطي المنطقة ووكيلاً عنها في إدارتها وتأمينها ومن أجل ذلك قامت بتسليحه من رأسه إلى أخمص قدميه (من المدفع الرشاش إلى المفاعل النووي) ، وخصوصاً أن الشاه كان لديه المال اللازم لتسديد الفواتير من بتروله ، لدرجة أن الاتحاد السوفيتي الشيوعي دخل هو الآخر على الخط في ذلك وقام بعروض لتسليح الشاه الأميركي! ، مما ضايق وقتها الزعيم المصري القومي “جمال عبد الناصر” وفاتح في ذلك جروميكو (وزير خارجية الاتحاد السوفيتي) قائلاً له:

« ما دمنا نتكلم بصراحة فهناك موضوع آخر أثار استغرابنا وهو أنكم أعلنتم صفقة بيع سلاح لإيران. لقد أعلنها رئيس وزراء إيران في البرلمان الإيراني وقال في إعلانه ولا بد أنكم سمعتم: “إن تحسن العلاقات مع الاتحاد السوفيتي سوف يمكننا من نقل الجيش الإيراني إلى الجنوب حتى نستطيع الوقوف ضد أطماع الجمهورية العربية المتحدة (مصر) ».

وأضاف عبد الناصر  : 

« إن هذا في رأينا يعنى أن إيران مقبلة على استفزاز عسكري موجه إلى العراق. وأنا مقدماً أستطيع أن اتوقع أنك سوف تقول لى أن سياسة الاتحاد السوفيتي من وراء إعطاء أسلحة لشاه إيران هي حصر النفوذ الأميركي وعدم ترك أميركا تنفرد بإيران ، لكن هذا الكلام لا يدخل عقلي بسهولة فارتباط شاه إيران بأميركا ارتباط عضوي ، وأنتم أكثر منى تعرفون ذلك».

وأكمل عبد الناصر:

« وانا لستُ ضد أن تبيعوا سلاحاً لمن تُريدون ، ولكن بيع السلاح لابد وأن تصاحبه تقديرات سياسية لا تأخذ في اعتبارها مصالحكم فقط ، وإنما تأخذ في اعتبارها مصالح اصدقائكم كذلك ».

وعندما قامت الثورة الاسلامية في إيران ، ولم تستطع أميركا أن تمنعها ، كانت السياسة الأميركية في صدمة حقيقية، ضاعفها استيلاء طُلاب الثورة على السفارة الأميركية في طهران واحتجاز بعثتها الدبلوماسية في مشهد فاق الخيال وقتها.

زاد على الصدمة الإهانة حينما حاول الرئيس الأميركي وقتها “جيمي كارتر” تنفيذ عملية عسكرية لتحرير الرهائن ، وبالفعل وفى سنة 1980 وضعت قيادة القوات الخاصة الأميركية خطة لإنقاذ الرهائن من قلب طهران ، وكان المطار العسكري في المنيا (صعيد مصر) إلى جانب القاعدة الأميركية في “مصيرة” (بسلطنة عمان) قيادة تنفيذ تلك الخطة التي عُرفت باسم (الصحراء رقم واحد).

وكان الرئيس المصري “أنور السادات” قد صرح لصديقه الرئيس كارتر باستعمال الأراضي المصرية وتسهيلاتها العسكرية في تنفيذ هذه الخطة ، وبالفعل كان المكلف بالتنفيذ وقتها هو الجنرال “بكويث” قائد القوات الخاصة ، وقد تولى من مطار المنيا توجيه العملية.

ومن نفس القاعدة بعث الجنرال “بكويث” إلى الرئيس كارتر يُخطره بأن العملية فشلت ، بسبب تعطُل وتصادُم اثنتين من طائرات الهليوكوبتر ، ورد عليه الرئيس كارتر بأن “يُجهض” الخطة ويعود بقواته ، وكذلك فعل الجنرال ، مع علمه بأن قواته على الموقع قًرب مدينة “يزد” الإيرانية (على طريق طهران) تركت وراءها جُثث ثمانية جنود قتلوا عندما اصطدمت طائرات الهليوكوبتر ببعضها

ملحوظة:

طلب السيد ياسر عرفات في ذلك الوقت من قائد الثورة الاسلامية “الخمينيأن يأمُر بتسليم الرهائن المحتجزين في السفارة الأمريكية إلى منظمة التحرير. وكان عرفات يعرض خطة مؤداها “أن يقوم هو أو ممثل شخصي له باصطحاب هؤلاء الرهائن جميعاً في طائرة إلى واشنطن ثم يجرى تسليمهم هناك للحكومة الأميركية في مقابل ان تُعلن الولايات المتحدة الاعتراف به وبمنظمة التحرير الفلسطينية”. 

ورفض الخميني وقال لعرفات:
أنكم تريدون عقد صفقة مع الشيطان
الأكبر (الولايات المتحدة) على حساب الثورة الإيرانية!”

وعندما جاء الرئيس الأميركي “رونالد ريجان” استطاع دفع قوة قومية كبيرة هي (العراق) للاصطدام بقوة دينية شيعية ثورية هي (ايران) ساعده في ذلك المخطط المملكة السعودية. ووقف الأميركان والخليجيون كلهم يشاهدون فرحين دماء الطرفين (العراقي والإيراني) وهى تنسكب على رمال الصحراء ، وقواهم وهى تُستنفذ في (ميادين القتال). وكان هناك أسباب أخرى للفرح منها:

1.أن انشغال الدولتين الكبيرتين (العراق وإيران) في حربهما سوف تشغلهما معًا عن مناكفة السعودية وبقية دول الخليج.

2.إن أميركا تركت في إيران قبل الثورة مخزونات هائلة من السلاح قدمتها للشاه عندما عهدت إليه بدور رجل البوليس في المنطقة وبقيام الثورة في إيران أصبح هذا السلاح عنصر قلق وتهديد لدول الخليج والسعودية في المقدمة، وبقيام الحرب بين العراق وإيران فإن هذا المخزون من السلاح سوف يُستنزف وتلك مصلحة خليجية إقليمية ودولية.

3. إن تقدير السعودية وحلفائها أن دخول إيران في حرب على نطاق واسع سوف يجعل الثورة الإسلامية مضطرة للاعتماد على الجيش الإيراني النظامي مما يؤدي إلى أن الجيش حينما يكون له دور رئيسي في الحرب تدعو ضرورتها للاعتماد عليه سوف يجعله أقوى من الثورة، وبالتالي فإنه قد يصبح في يوم من الأيام قادرًا على الاستيلاء على سلطة الدولة نفسها.

وكان ثعلب السياسة الأميركية هنري كيسنجر هو أوضح من عبر عن هدف أميركا من تلك الحرب الطاحنة بقوله:      

« هذه أول حرب في التاريخ نتمنى ألا يخرج فيها منتصر، وإنما يخرج الطرفان كلاهما مهزوم ».

وكان الملك خالد عاهل السعودية في ذلك الوقت هو الذى علق على قيام الحرب بين إيران والعراق أمام عدد من الأمراء والمسؤولين السعوديين بنصف بيت من شعر عربي قديم يقول: « وربما تموت الأفاعي من سموم العقارب».

(2)

استراتيجية هاس لإسقاط عمائم الملالي! 

وبعد أن انتهت الحرب العراقية الايرانية كانت الاستراتيجية الأميريكية التي رسمها خُبراء الأمن القومي الأميركي ، وعلى رأسهم “ريتشارد هاس” للتعامل مع طهران كما يلي:

« محظور على الولايات المتحدة مواجهة الإيرانيين في معارك تتسبب في اراقة دماء الشعب الإيراني ، وسقوط قتلى ، مثل ذلك لن ينساه الشعب الإيراني ، وسيظل باقٍ في وعيه و محفور في فكره إلى الأبد ، مما يُعقد أي تعامل مستقبلي بين أميركا وسياستها مع الشعب الإيراني ، بعد أن يسقط نظام الملالي في طهران.

يجب الضغط على نظام الثورة الاسلامية بكافة الأشكال و بكل السبل من أجل أن يثور الشعب ضدهم ويسقطهم ومعهم عمائمهم».

ملحوظة:

وهكذا اتجهت أميركا وحلفائها إلى الضغط على النظام الإيراني بسياسة الاحتواء المزدوج ، والحصار الخانق (سياسياً ، واقتصادياً، وثقافياً ، مخابرتياً ، وعسكرياً) ، حتى يمل الشعب الإيراني من أوضاعه الصعبة ويثور على قيادته ويسقطهم ومعهم عمائمهم السوداء من فوق رؤوسهم! (كما طلب هاس).

  • وينسى البعض أن تسليح (أمريكا والسعودية) لطالبان (المُلا عمر) والقاعدة (بن لادن) في أفغانستان لم يكن فقط من أجل محاربة الجيش الأحمر السوفيتي ، بل هو كذلك دعم لقوة سنية متطرفة ومسلحة للضغط على ايران الشيعية وهى على حدود تماس مع أفغانستان.
  • وينسى البعض كذلك أن جُزء من أهداف غزو العراق في عهد بوش الابن هو للضغط على نظام الملالي في طهران وكذلك حليفه النظام العلوي البعثي في دمشق ، ففي فترة الرئيس “دبليو بوش” وفى مرحلة التجهيز للحرب ضد العراق ، والإعداد لغزو عاصمة الرشيد (بغداد) ،وفى محاولة إقناع عدد من القادة العسكريين الأميركيين الذين أبدوا اعتراضاتهم في ذلك الوقت لعدم وجود مبرر (حقيقي للحرب) وغزو العراق وإسقاط الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين.

وفى تلك اللحظة قرر وزير الدفاع الأميركي وقتها “دونالد رامسفيلد” أن يصارح القادة العسكريين بجوهر المشروع الإمبراطوري الأميركي التي جاءت إدارة الرئيس “بوش الابن” لتحقيقه ، ويوضح الأهداف الحقيقية من عملية الغزو التي يعترض عليها بعض الجنرالات الأميركيين.

وطبقاً لمذكرات الجنرال “ديفيد ماكيرنان” (قائد القوات البرية فيما بعد في العراق).أنه قد حدث اجتماع بين “رامسفيلد” وبين هيئة أركان الحرب المشتركة الأميركية ، وبحضور قائد المنطقة المركزية الجنرال “تومي فرانكس”: أن وزير الدفاع أشار إلى خريطة تملاء جداراً كاملاً لقاعة الاجتماعات السرية عارضاً ما مؤداه :

« إن نظرة على الخريطة تؤكد أن الولايات المتحدة محيطة بكل ناحية بالعراق ، فهي تملك قواعد على تواصل دائرة كاملة تبدأ من الخليج إلى باكستان إلى أفغانستان إلى أوزبكستان إلى قرجستان إلى تركيا إلى إسرائيل إلى الأردن إلى مصر إلى السعودية ودول الخليج.

وبجانب ذلك فأنها تملك محطات وتسهيلات مفتوحة لها دون قيود في مياه الخليج والبحر الأبيض والبحر الأحمر ، ومعنى ذلك أن العراق بالضبط نقطة في مركز دائرة واسعة ، وهذه فرصة تاريخية:

أولاً للسيطرة على مركز الدائرة في بغداد ليكون النقطة الثابتة في الدائرة الأوسع المحيطة به.                           

 ثانياً لتصفية ما تبقى من مواقع مشاغبة ومعاندة للمشروع الأميركي في المنطقة (إيران وسوريا) وذلك دون حاجة للاستعمال السلاح.

لأن وجود قوات أميركية في العراق يعنى :

حصار (إيران) من ناحيتين:

  • ناحية: “أفغانستان” التي تحتلها بالفعل قوات أميركية (بعد هجوم 11 سبتمبر على برجي التجارة ، وإعلان الحرب على طالبان والقاعدة).
  • وناحية “العراق” إذا وقع احتلاله بقوات أميركية.

كما أن (سوريا) ستكون في وضع أصعب :

  • لأنها بعد احتلال العراق ، مفتوحة من الشرق بوجود أميركي في الجوار المتصل بها إلى درجة الالتحام.
  • ومحاصرة من الشمال “بتركيا” والوجود الأميركي القائم فعلاً على أرضها ، و”بمناطق الأكراد” شمال العراق والولايات المتحدة معهم هناك أيضاً.
  • إلى جانب “إسرائيل” من الجنوب.
  • إلى جانب أن النظام في “الأردن” ليس صديقاً مغرماً بالنظام البعثي في دمشق.
  • إلى جانب وجود عناصر مؤثرة في التركيبة اللبنانية لا يرضيها تحكم سوريا في القرار اللبناني.

و إذن فهذه وبضربة واحدة خريطة جديدة “مثالية” تماماً للشرق الأوسط ، تقوم الولايات المتحدة “بتشكيلها” ورسمها” و أيضاً تنظيفها من “جيوب كارهة” لأميركا مازالت تكابر وتجادل وتعاند”.

 

(3)

أوباما والاتفاق النووي .. ما هي الأهداف الحقيقية للاتفاق؟

  •         وعندما جاء الرئيس الأميركي باراك أوباما خلفاً لبوش الابن سار على نفس الاستراتيجية المرسومة سلفاً ، ويطالعنا كتاب “حروب أوباما .. الصراع بين الإدارة المدنية ووزارة الدفاع الأميركية” لكاتبه الشهير: “بوب ود وورد” ، وهو الصحفي الأكثر اطلاعاً في العاصمة الأميركية.
  • وكان بوب وودوارد قد صعد للقمة منذ قام مع زميله “كارل برنشتين” بتفجير فضيحة “ووتر جيت” التي كسرت رئاسة “ريتشارد نيكسون” عام 1974 وأدت إلى استقالته من رئاسة الولايات المتحدة.
  • و يقول بوب وود ورد في مقدمة كتابه: “أن الكتاب خُلاصة لسجلات اجتماعات مجلس الأمن القومي الأميركي ، بالإضافة إلى مقابلته للعديد من مسئولين إدارة أوباما في لقاءات امتد بعضها لأكثر من 5 ساعات ، وعلى رأس هؤلاء المسؤولين الرئيس أوباما نفسه الذى قابله الكاتب مدة ساعة وربع في المكتب البيضاوى”. أي أن الكتاب تقرير معلوماتي موثق.

ويطالعنا الكتاب في صفحة 58 نصاً:

« أما بشأن إيران فقد أعرب أوباما عن نيته بالانفتاح على الحوار مع الايرانيين ، لكنه أوضح أنه لن يُلغى إمكانية اللجوء إلى الخيارات العسكرية».

لكن أوباما سرعان ما اكتشف وجود مشاكل في الخيارات. فخطة الطوارئ بالنسبة لإيران تعود على ما يبدو إلى أيام رئاسة جيمي كارتر. كانت الخُطة تقتضى البدء بتسعين يوماً من القصف ، يعقبها اجتياح على طريقة غزو النورماندى في الحرب العالمية الثانية. مما يستلزم من القوات الأميركية ما يفوق الأعداد المتوافرة لديها. ولم تجرِ أي محاولة جدية لتحديث خطط الطوارئ العديدة التي يحتاج اليها الرئيس.

أي أن الخيارات العسكرية الأميركية المحدودة للتعامل مع ايران ليست جاهزة.

وفى نفس الكتاب وفى اجتماع لمجلس الأمن القومي الأميركي بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران قال أوباما:

إن أهداف أميركا من الاتفاق النووي مع إيران:

1.   الحركة السريعة نحو مباحثات ما بعد الاتفاق النووي ، سواء حول الصواريخ الايرانية أو القدرة العسكرية الشاملة الايرانية.

2.   حل مشكلات أوروبا الاقتصادية بالاستفادة من السوق الإيراني.

3.   دعم التيار المعتدل داخل السياسة الإيرانية وتقويته فى وجه الصقور.

4.   منع إيران من أن تُكون محور غرب آسيا مع سوريا وحلفائها.

5.   الفصل بين العراق وإيران (وذلك موضوع آخر له تفاصيله الخاصة به ، منها ما يقوم به الأمير السعودي المزركش محمد بن سلمان اليوم في العراق).

ويضيف أوباما أكثر في ذلك بقوله:

« إنني آمل من الاتفاق النووي مع إيران تغيير سياسات إيران ، وصولاً في النهاية إلى تغيير هوية الجمهورية الاسلامية الإيرانية ، إننى آمل إعادة إيران إلى حظيرة المجتمع الدولي ، وإجبار الحكومة الإيرانية على تعديل سلوكها ، والالتزام بقدر من المسئولية بحيث لا توظف قدراتها لمجابهة المصالح الأمريكية وصولاً لسياسات اقليمية ودولية تتماشى مع المصالح الأمريكية ، ومن ثم يطال التغيير أعمدة النظام الإيراني».

(4)

وحسب ما قاله “جوزيف كرينكيون” الخبير في شؤون الأمن القومي بالمركز الليبرالي للنقد الأميركي لصحيفة نيويوركر أن ترامب رُفع إليه تقرير خلاصته:

 “أنه إذا كان العراق كارثة كان علينا أن نتخلص منها ، فإن إيران كارثة يجب أن نتفاداها”.

في تقديري أن خروج ترامب من الاتفاق النووي مع إيران يرجع إلى:

  • الحصول على مليارات جديدة من دول الخليج وعلى رأسها السعودية والامارات.
  • مسايرة إسرائيل التي يحتاجها ترامب مع اللوبي اليهودي بأمريكا هذه الأيام بقوة في مواجهاته مع الجميع في أمريكا.
  • اثبات أنه ليس تابع لروسيا كما يُقال ، والدليل أنه يعاقب حليف روسيا (إيران).
  • محاولة التغطية على كل مشاكله الداخلية بالجري خطوات وليس خطوة واحدة تجاه القضايا الدولية!
  • إن ترامب ليس من الرؤساء العقائديين كريجان وبوش الأب والابن بعده، بل هو رجل أعمال، أي أن عقلية التاجر القائمة على حسابات الربح والخسارة وليس عقلية السياسي صاحب المشروع الإمبراطوري هي التي تحركه وتتحكم في تصرفاته وسياساته.

الأهم من ذلك أن هناك صعوبة كبيرة لاتخاذ قرار الحرب داخل أمريكا اليوم لعدة أسباب:

  • الرفض الشعبي الأميركي لأى حرب جديدة، لما يمكن أن تتولد عنه من خسائر بشرية أمريكية ، و خصوصاً بعد أن تكشفت حقائق غزو العراق.
  • الظروف الصعبة التي تمر بها اليوم القوات الأميركية في أفغانستان ، وإيران حاضرة هناك بقوة ، وكذا ما يمكن أن يحدث للقوات الأميركية المتبقية في العراق وإيران تمسك بالرئة فيها، وكذك فالقواعد الأميركية المنتشرة في الخليج تحت القبضة الإيرانية.
  • عدم اتفاق الدول الكبرى كفرنسا والمانيا والصين وروسيا وبريطانيا على الحرب ضد إيران كما حدث في حرب الخليج (عاصفة الصحراء).
  • صعوبة التخطيط العسكري لتلك المواجهة التي ستكون مكلفة جداً سواء على الناحية المادية والمعنوية.
  • امتلاك إيران لأوراق ضغط تستطيع أن تُجبر أميركا على التفكير مرتين قبل الدخول في صدام معها.
  • بالإضافة إلى مهارة الإيرانيين في التفاوض التي تُمكنهم من عدم بلوغ حافة الهاوية الأمريكية.
  • الخُلاصة:

    أننى أستبعد حرباً أميركية شاملة ضد إيران كما جرى في غزو العراق 2011

 

 

مجدي منصور, محامي مصري وكاتب سياسي

مجدي منصور كاتب سياسي مصري له العديد من المقالات والدراسات المنشورة بكبرى المواقع ك (ساسة بوست - نون بوست - هاف بوست- عربي بوست - روافد بوست).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى