اجتماعالاحدث

لتمكين الجامعات العربية من قيادة التغيير | بقلم د. صفاء الشويحات

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

في ظل التطورات الشاملة التي تجتاح المجتمعات ، وفي ظل واقع مخرجات التعليم العالي في العالم العربي، اطرح التساؤل المغيب عن الطرح في منابرنا الرسمية، الا وهو ” هل مؤسساتنا التعليمية وعلى راسها الجامعات تصنع التغيير كما هو حاصل في دول العالم المتقدم ؟ أم انها تلهث وراء اللحاق بركب التغيير؟

المتفحص لخططنا التربوية بما فيها من مناهج ومقررات دراسية واساليب تدريس واساليب تقويم يجد ان الهدف المحوري لنظام التعليم ككل لا يتجاوز مستوى تزويد النشء بالمفاهيم والمعارف والمهارات والقيم التي تمكن الاجيال من التكيف مع التغيرات الاجتماعية والتطور التكنولوجي والعلمي المنتج غالبا من قبل كبرى الجامعات العالمية؟

التغييرات العميقة الحاصلة في كل مجالات الحياة يجب أن تقابلها تغييرات في النظام التربوي، اعتمادا على اولويات المرحلة الزمنية والتحديات المعاصرة، النظر للاحتفاظ بمفهومنا التقليدي للوظيفة التعليمية في الاردن اصبح معادل للإخفاق، والوقوف على اعتابه لن يمكن الجامعات من القيام بالدور التي اسست من اجله لقيادة التغيير. اذن نحن امام متطلب اساسي لاجراء تحديث في عمق مفهوم التعليم، وايضا في تعريف الوظيفة التعليمية، وتحديد ملامح العلاقة التربوية بين اعضاء هيئة التدريس وطلابهم.

ولعل اهم اسس العلاقة التربوية النموذجية هي التفاعلات الانسانية التي تنشأ بين عضو هيئة التدريس وطلبتهم في الحجرة الدراسية، او في الغرف الافتراضية ، ومستوى الحوار والفكر المتبادل ، تحليل تلك التفاعلات والعمل على تطويرها كميا وكيفيا يشكل المحرك الاساسي لتقدم اجتماعي أكثر اتساعا.

فاحداث تغيير حقيقي في مخرجات التعليم الجامعي يتطلب مشروع تغيير اجتماعي تربوي داخلي على المستوى النظري نحن بحاجه لتطوير مفهوم الوظيفة التعليمية كي يصبح رديفا لقيادة التغيير، وتطوير هدف التعليم كي يصبح اعداد النشء لقيادة التغيير بدلا من اعداد النشء للتكيف مع التغيير، ومن اجل ان يتحقق ذلك عمليا، اقترح تمكين مؤسساتنا التربوية من قيادة التغيير ليس فقط في مجال نشر المعرفة الحديثة وتنمية المهارات الفكرية والمهنية بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل، بل ايضا في مجال تطوير العلاقة التربوية بين اعضاء هيئة التدريس وطلبتهم التي اصبحت مهددة في زمن كورونا ، بما يضمن توفير المناخ الاجتماعي النفسي الملائم لتكوين المتعلم تكويناً نفسياً اجتماعياً ناضجا، ليس فقط لكي يسهل له قبول التغيير الاجتماعي كما كانت النظرة في الماضي ، بل وأيضا أن نهيئه ونيسر له فرص وخبرات لكي يساهم هو بنفسه في إحداث التغيير والتحديث والإنماء.

وعليه فان الدعوة هنا تتجه نحو اعتبار اهمية تقييم فاعلية العلاقة التربوية بين عضو هيئة التدريس وطلبته في جامعتنا الطموحة، ضمن ثلاثة مجالات رئيسية هي: مدى توفير المدرسيين المناخ الاجتماعي النفسي الملائم لبناء حوار علمي منطقي اجتماعي موضوعي يشجع الجميع على المشاركة، ثم تقييم قنوات التواصل بين المدرسين وطلابهم في المنتديات الرقمية واجراء البحوث، وتقييم مدى حرص المدرسيين والتزامهم التربوي في توجيه وتعديل سلوك طلبتهم بما يكفل تزويدهم باسس التفاعل السليم بالبعد عن التعصب والتطرف ونبذ العنف وقبول الاخر والتسامح والسلام .

اقرأ أيضًا :

د. صفاء الشويحات، بروفسور مشارك في الجامعة الالمانية الاردنية وباحثة تربوية

دكتور صفاء شويحات بروفسور مشارك في اصول التربية. عضو هيئة تدريس في الجامعة الالمانية الاردنية، ومستشار التطوير التربوي لوزارة التربية والتعليم الاردنية ٢٠١٩. مستشار الخطة الاستراتيجية للشباب الاردني، ومستشار قطاع العلوم الاجتماعية والانسانية في المجلس الاعلى للعلوم والتكنولوجيا. حاصلة على الزمالة الامريكية في التعليم المدني 2010، ولديها العديد من المقالات والمؤلفات والدراسات العلمية المنشورة في دوريات علمية محكمة. حاصلة على درع عضو هيئة التدريس المتميز عن اعدادها لأول مساق تعليم إلكتروني مدمج في الجامعات العربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى