ألابرزالاحدثالاكثر قراءةالشرق الاوسطدولي

العرب وطريق الحرير: الصين تسعى لشراكة النفع المتبادل، لا تريد نطاق نفوذ ولا تعبئة الفراغ – سلسلة الطريق الشائك (2)

مقدمة الناشر: في المحور الثاني يجيب المتداخلون الاربعة على السؤال المتعلق بالاستقطاب الشديد في المنطقة بين القوى الإقليمية الثلاثة ايران وتركيا و"إسرائيل" بما يعكس استقطاب دولي اوسع وكيف يؤثر ذلك في الجزء العربي من مبادرة الحزام والطريق؟ واود ان الفت هنا الى ما جاء في مداخلة السفير كيجيان حول اعادة التأكيد على الحل العادل للقضية الفلسطينية بصفتها جوهر قضايا الشرق الاوسط. ترمز هذه الاشارة الى ان النمو المستدام والشراكات الاقتصادية في المنطقة لا يمكن ان تنسينا قوة العدالة والاخلاق في النظر الى المستقبل كما يشير السفير كيجيان. لقد اكد السيد وانغ يي، وزير خارجية الصين في جلسة المناقشة المفتوحة في مجلس الامن حول قضايا الشرق الاوسط، اواسط العام المنصرم، الى اعتبار قضية فلسطين بمثابة "تحد صريح للإنسانية والعدالة الدولية". (د. بيار الخوري)

لقراءة المحور الاول اضغط على الرابط التالي:

العرب وطريق الحرير: العالم العربي ثروة من الاحتمالات – سلسلة الطريق الشائك (1)

سعادة سفير الصين في لبنان السيد وانغ كيجيان

تلتزم مبادرة ”الحزام والطريق“ بمبادئ ”التشاور والتشارك والتقاسم“ ورؤية ”السلام والتعاون والتنمية“، وتتمسك بالمساواة بين كل الدول سواء كانت كبيرة أم صغيرة، قوية أم ضعيفة، غنية أم فقيرة. وتدعو إلى “التواصل من أجل التقارب ولا التباعد” بين مختلف الأعراق والحضارات، وتفكيك الحواجز بدلا من تشييدها، ونبذ عقلية الحرب الباردة وسياسة القوة بحزم، وسلوك طريق جديد للتواصل بين دولة وأخرى يتمثل في “الحوار لا المجابهة والشراكة لا الانحياز”. وتثابر دائما على ”معالجة شؤون الجماعة عبر التشاور الجماعي“. وتسعي إلى تفعيل القدرة والمزايا لجميع الأطراف المشاركة، وعدم ممارسة ”التكتل الضيق“ أو ”فرض الرأي“. وتحافظ على موقف منفتح متمثل في وضع إيجاد وتحقيق القاسم المشترك الأكبر للمصالح في المقام الأول، من أجل دفع للتنمية المشتركة والازدهار المشترك للجيمع، وتعزيز قوة تعددية الأطراف في العالم.
في الوقت الراهن، تواجه الشرق الأوسط المهام الملحة لإزالة العوائق التي تحول دون السلام والتنمية. في هذا السياق، يرى الجانب الصيني أن المفتاح لتسوية الخلافات يكمن في تعزيز الحوار. لا تُحل المشاكل بلغة القوة، ولا يدوم الأمن بعقلية المحصلة الصفرية. يجب على مختلف الأطراف المتنازعة إطلاق الحوار لإيجاد القاسم المشترك الأكبر وتركيز الجهود على دفع الحل السياسي. ويجب على المجتمع الدولي احترام الإرادة والدور لأصحاب الشأن والدول المجاورة والمنظمات الإقليمية، بدلا من فرض حلول من الخارج، بل ويتحلى بأكبر قدر من الصبر ويفسح أكبر قدر من المجال للحوار. فتلتزم الصين بتحديد سياستها واتخاذ إجراءاتها تجاه الشرق الأوسط بناء على الحقائق عن القضايا ذاتها، وانطلاقا من المصلحة الأساسية لشعوب المنطقة. كما قال فخامة الرئيس شي جين بينغ، نعمل في الشرق الأوسط على النصح بالتصالح والحث على التفاوض ولا نقوم بتنصيب الوكلاء؛ نبذل الجهود لتكوين دائرة الأصدقاء لـ”لحزام والطريق“ التي تغطي الجميع ولا ننتزع ما يسمى بـ”مجال النفوذ” من أي واحد؛ نسعى إلى حياكة شبكة شركاء تحقق المنفعة المتبادلة والكسب المشترك ولا ننوي ”ملء الفراغ“.
تظل القضية الفلسطينية جوهر قضايا الشرق الأوسط، وإيجاد حل عادل ومعقول لها هو شرط مسبق لتحقيق السلام والأمن الدائمين في منطقة الشرق الأوسط. في هذا الصدد، نؤكد على ضرورة التزام المجتمع الدولي بالاتجاه الصحيح لحل الدولتين وبذل جهود لتعزيز عملية السلام في الشرق الأوسط على أساس التوافقات الدولية مثل قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبدأ “الأرض مقابل السلام”. يولي الجانب الصيني اهتماما كبيرا للقضية الفلسطينية، ويؤيد دائما العدالة والأخلاق على المستوى الدولي، ويدعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة لأمته وإقامة دولة فلسطين المستقبلة ذات السيادة الكاملة على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وكذا الجهود التي تفضي إلى التسوية السلمية للقضية الفلسطينية. إن الصين، بصفتها عضوً دائمًا في مجلس الأمن الدولي ودولة كبيرة مسؤولة، على استعداد لمواصلة عملها مع المجتمع الدولي لبذل جهود حثيثة للتوصل إلى تسوية مبكرة للقضية الفلسطينية عبر حل شامل وعادل ودائم، وتقديم إسهامات إيجابية لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية في منطقة الشرق الأوسط.

السيد قاسم طفيلي، رئيس الجمعية العربية الصينية للتعاون والتنمية

وفي ظل الاستقطاب الحاد الذي تشهده المنطقة يمكن القول ان الدور الصيني يتميز عن غيره على عدة مستويات.  ففي الوقت الذي تقوم فيه بعض الدول بتشجيع ورعاية الحروب وزيادة التوترات وتشجيع تعميق النزاعات والعداوة بين دول المنطقة، من الواضح أن سياسة الصين ومصلحتها تكمن في ترويج وتشجيع العلاقات السلمية بين القوى والدول الإقليمية المختلفة. لذلك لقد شهدنا العديد من المبادرات الصينية للحد من التوترات على امتداد المنطقة.  وقد كانت الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس شي جين بينغ إلى مصر والسعودية وإيران في رحلة واحدة في عام 2016 احدى تجليات هذه السياسة الصينية المتوازنة حين اعلن بشكل واضح “بدلاً من البحث عن وكلاء في الشرق الأوسط، فإننا نشجع محادثات السلام؛ وبدلاً من البحث عن أي مجال نفوذ، ندعو جميع الأطراف للانضمام إلى دائرة الأصدقاء لمبادرة الحزام والطريق؛ بدلاً من محاولة ملء فراغ، نحن نبني شبكة شراكة تعاونية لتحقيق نتائج مربحة للجانبين”
ويمكن القول ان الانخراط العربي في اطار مبادرة الحزام والطريق يتفاوت بين الدول العربية بحسب طبيعة اقتصاداتها ومواقعها. ومن المفيد الإشارة هنا ان الأدوار الإقليمية يجب ان لا تتعارض بالضرورة مع اندماج الدول العربية في اطار المبادرة خصوصا اذا تم التفاعل الإيجابي بعيدا عن الاستقطابات السياسية وبمعزل عن الضغوط وحملات التخويف. وهو ما قامت به دول مجلس التعاون الخليجي من خلال الاستثمارات المتبادلة مع الصين وفي الاتجاهين، في مجال النفط والطاقة مع بروز اتجاهات لتوسيع هذه الاستثمارات لتشمل مجالات أخرى. كذلك يمكن ملاحظة ان التخويف المقصود من الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان لا يجب ان يشكل تهديدا لدول مجلس التعاون الخليجي بل ان هذا الممر يمكن ان يشكل ممرا” يسهل ويسرع شحن النفط من الخليج الى الصين من خلال ميناء جودار. بالاستناد الى دراسة للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الاسكوا) نشرت العام الماضي، فقد أدت المبادرة بشكل عام إلى تطورات اقتصادية إيجابية وحيوية لدول مجلس التعاون الخليجي بما فيها مضاعفة ارقام الاستثمار الصيني وارتفاع اجمالي التجارة الصينية العربية الى قرابة 200 مليار دولار في العام 2017.
 لقد وقعت معظم الدول العربية وثائق تعاون مع الصين حول الحزام والطريق لاسيما مصر والمغرب وتونس والجزائر والسودان وفلسطين والأردن ولبنان والسعودية والكويت وعمان وقطر والامارات العربية المتحدة وموريتانيا. كما ان الصين وقعت اتفاقيات تعاون لتطوير القدرة الصناعية مع مصر و السعودية و السودان والامارات العربية المتحدة وعمان. على ان العديد من هذه الاتفاقيات لايزال قيد التنفيذ او انه يحتاج لاتفاقات تنفيذية إضافية. ولكن الامر يتعدى ذلك. ان المشاكل العميقة الجذور التي يتخبط فيها العالم العربي نتيجة إخفاقات مشاريع التنمية  والاضطرابات السياسية والأمنية كلها عوامل تعرقل او تؤجل الاستفادة الكاملة من مفاعيل مبادرة الحزام والطريق.
ويبدو ان الدول العربية في المشرق وشمال افريقيا تبدو عرضة اكثر للضغوطات الى حد التهديد بالعقوبات اذا ذهبت بعيدا في علاقاتها مع الصين وتفاعلها مع مبادرة الحزام والطريق وهو ما يحرم هذه الدول وشعوبها من فرص الاستفادة الفعلية لا سيما وان الصين تفتح ذراعيها للتعاون في مجالات واسعة. ان هناك حوافز مهمة للدول العربية لتفعيل انخراطها في اطار مبادرة الحزام والطريق ولكن الصراعات المتعددة والتدخلات والتهويلات عليها تعيق هذا المسار.

السيد محمود ريا، ناشر منصة الصين بعيون عربية

مما لا شك فيه أن الصورة الناصعة للتعاون المستقبلي بين الدول العربية والصين ليست خالية من الغيوم، إذ أن هناك الكثير من المشاكل التي قد تعترض هذه العلاقات ـ وهي بدأت تعترضها بالفعل ـ مثل حالة التشتّت في موقف الدول العربية تجاه التعامل مع الصين أو مع الدول الأخرى. وهنا بأتي أيضاً دور التأثيرات الإقليمية والخارجية التي تملك حضوراً كبيراً في سياسات الدول العربية، ولها تأثير سلبي في بعض الأحيان على تعزيز علاقات هذه الدول مع القوى الخارجية، ومنها الصين، وهذا يؤدي إلى أن تكون الدول العربية غير موحدة الموقف في كيفية التعاطي مع قضايا التعاون الإقليمي والدولي، ويمنع الصين من التعاون مع الدول العربية كإطار واحد يمكن جعله سوقاً اقتصادية موحدة يسهل التعاطي معها. ولذلك تضطر الصين للتعامل  مع الدول العربية “بالمفرّق”، وهذا يؤدي إلى خسارة الكثير من فرص التنمية.
إن انقسامات الدول العربية تعزز تأثير التجاذب بين دول الجوار كتركيا وإيران و”إسرائيل” على العلاقات بين الدول العربية نفسها، وبين الدول العربية ودول العالم الأخرى ومن بينها الصين، وهذا يجعل فرصة الاستفادة العربية من العلاقات مع الصين ـ ومن مبادرة الحزام والطريق ـ فرصة غير مضمونة وغير مكتملة، وإنما يجعلها تتخبط في الكثير من العقبات التي لا بد من تذليلها قبل الانطلاق نحو العالم والحديث عن دور فعال للدول العربية في مبادرة الحزام والطريق وفي الصورة العالمية الشاملة.

البروفسور دنيس ايتلر، جامعة كاليفورنيا باركلي – الولايات المتحدة

على مدى العقد الماضي ، زادت الصين بشكل كبير من بصمتها الاقتصادية والسياسية، وبدرجة أقل، الأمنية في الشرق الأوسط، وأصبحت بالنسبة للعديد من البلدان في المنطقة أكبر شريك تجاري ومستثمر خارجي.
إن سياسة الصين الخارجية، المتمثلة في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والتعاون متبادل المنفعة والمربح للجانبين، قد أقامت علاقات جيدة مع جميع الأطراف، الكبيرة منها والصغيرة، في المنطقة مما سمح لها بلعب دور الوسيط وراء الكواليس كوسيط نزيه. في حين أن الصين لا تريد تحدي دور الولايات المتحدة بشكل مباشر في الشرق الأوسط أو لعب دور مهم في السياسة الإقليمية، فإن نفوذها الاقتصادي والسياسي المتزايد يجعلها قوة متنامية للاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط.
في حين أن الصين لن تتدخل في النزاعات الأهلية الجارية في المنطقة، فإن مصالحها التجارية يمكن أن تساعد في تخفيف التوترات من خلال إقامة روابط مفيدة للطرفين بين الدول التي قد تكون في حالة نزاع.
فيما يتعلق بالعالم العربي، لقد استضافت الصين مجموعة متنوعة من المنتديات مثل معرض الصين والدول العربية الرابع الذي عقد في مدينة نيشوان بمنطقة نينشيا المتمتعة بالحكم الذاتي (في الفترة من 5 إلى 8 سبتمبر 2019)، بهدف تعزيز التبادل الاقتصادي والتجاري بين بكين والدول الشركاء في الشرق الأوسط، ومنتدى التعاون بين الصين والدول العربية (CASCF) للمساعدة في تعزيز التبادلات نحو الأفضل بين بكين وأعضاء جامعة الدول العربية. بالإضافة إلى ذلك ، تم طرح فكرة إقامة رابطة التجارة الحرة بين الصين والدول العربية الـ 21.
إن دور الصين في تعزيز التضامن الدولي مع العالم العربي إلى جانب مبادرة الحزام والطريق يبشر بالخير لمستقبل العلاقات الصينية العربية.

ندوات الملف الاستراتيجي

يحرص الملف الاستراتيجي على توثيق واسع لاراء الخبراء والباحثين حول المسائل الاكثر تاثيرا" بالمسار العام للاحداث وانعكاساتها على المنطقة العربية. يشمل ذلك ندوات مكتوبة او اجتماعات افتراضية. يعيد الموقع نشر المحاور في كتب الكترونية

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. اهلا د خوري
    دعني أخذ الجانب المعارض إن جاز لي التعبير ،وبالحقيقة لست معارضاً ولكني أُريد أن أُشبع الحوار بوجهة نظر تبدو مغاير لكنها في الخط العام مكملة للحوار أو لرؤية الموقف ..
    دعني أُسجل أولا
    مبدأ أن سياسية الدول الكبرى الاقتصادية ودولة بحجم الصين لايمكن لنا أن نعتبرها (جمعية خيرية) فهي دولة كبرى لها مصالحها الستراتيجية ،وهي دولة صبورة جدا في سياستها ودولة مرنة بمرونة اشتراكيتها التي استطاعت أن تتغلف بغلافات متنوعة منذ الستينيات من القرن الماضي حتى العقد الاول من القرن الحادي والعشرين .
    ما يُميز الصين أن ذاكرة الشعوب العربية أو شعوب المنطقة جميعها تتقبل هذه الدولة ولاتراها دولة استعمارية ،ووجدت في حيادها في الصراع العربي -الاسرائيلي تفهما كبيرا،وان معظم حركات التحرر أو الاحزاب التي كانت معارضة قبل الربيع العربي لها علاقات طيبة مع الحزب الحاكم في جمهورية الصين الشعبية ..
    مايميز حرية الحركة للصين أن شركاتها ليست ملكاً للدولة بل هي شركات عالمية تتقاسم أسهُمها شركات عالمية لها نفوذها في الدول الغربية ،ومنها الولايات المتحدة .
    الصين تلبس قفاز الحرير في سياستها وتروج للمبادئ (الخمسة)في دستورها أو ما أقره الحزب الحاكم في مؤتمره في مطلع العقد الاول من القرن الواحد والعشرين .
    الصين تسير بخطا ثابتة في مد نفوذها العالمي التي تراها يوراً مهما لحمايتها ،ولهذا نراها تتبع مرونة عالية وهي منافس عالي الطراز ،ولا تكاد تشعر الاخرين بانها منافس على النفوذ ،فعروضها السخية تجعل من البلدان الفقيرة تتلهف لالتقافها وتسيل لعابها لأكثر من ذلك …
    وبالمناسبة هي مرنة أيضا مع تعدد أنطمة الشرق الاوسط فهي تملك لكل نظام فريقه التفاوضي المستوعب للحالة السياسية والاجتماعية ….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى