الاحدثالملف العربي الصيني

خمسون لبنان والصين “الجزء الرابع والأربعون” : يومًا ما كانت الصين تعاني! بقلم د. محمود الحمصي

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

ليست لي تجربة محددة مع الصين لكن شيئًا ما كان يدفعني دائمًا لاختيار اختباراتي البحثية في كافة مراحل الدراسة الجامعية من الاجازة إلى الدكتوراه عن موضوعات تتصل بالتجربة الصينية. وهذا هو دافعي للكتابة في هذا الملف القيم.

الشعوب تجارب وعبر ونحن لدينا تجارب كبيرة ولكن مع عبر قليلة.
ان العلاقات التاريخية التي جمعت هذين البلدين والتي تعدت العلاقات التجارية والاقتصادية والمصرفية بل شملت ايضا العلاقات الثقافية والسياحية وبامل واعد ومستقبل مشرق برفقة دولة الصين لقيادة لبنان نحو التطور بعد الاستفادة من الموارد البشرية التي يتمتع بها اللبنانيون عموما واخذ العبر من دولة الصين التي اعتمدت على نضال شعبها واستثمرت به حتى وصلت الى ثاني اقوى اقتصاد في العالم ومن صاحبة القرار الدولي الوازن والقائم على الوعي وحرية الشعوب والحفاظ على السلم والامن العالميين والعمل الدؤوب لاستقرار الدول من بينها لبنان.

يجمع لبنان والصين علاقة متينة قائمة على الصداقة في كافة المجالات الاقتصادية والثقافية والمصرفية بالإضافة لمراعاة مبدأ احترام سيادة الدول. لقد ساهمت الصين في المحافظة على سد حاجات السوق اللبناني بافضل المنتجات التي تقدمها الشركات الصينية والتي لبت متطلبات اللبنانيين. فالصين بالنسبة للبنان المركز التجاري الاول في العالم بسبب تنوع المنتجات الصينية وجودتها وسعرها، كما ساهمت الصين بخفض القيود التجارية وعملت على التبادل التجاري ليس فقط مع لبنان بل مع كامل المحيط العربي وساعدت لبنان مرارًا وتكرارًا في جميع ازماته اخرها انفجار المرفأ وجائحة كورونا الصحية من خلال الدعم الاقتصادي اللازم.

من ناحية اخرى، ومع تطور العلاقة الثقافية بين لبنان والصين، اهتم الطلاب اللبنانيين في تعلم اللغة الصينية والانغماس في حضارتها التاريخية من خلال تبادل المعلومات مع الفئات العمرية الشابة بين لبنان والصين واهتم ايضًا في تعلم الثقافة الصينية من خلال مشاهدة الافلام الصينية وممارسة ثقافة شعبها وقد حظيت هذه الثقافة باهتمام واسع لدى غالبية اللبنانيين من الفئات العمرية الشابة، وذلك من خلال ارتداء الهندام الصيني في الحفلات المدرسية الذي يمثل رمزا للثقافة الصينية وتناول الوجبات الصينية. اضافة الى ذلك، اهتمت الجامعات الصينية باعطاء المنح الدراسية للطلاب اللبنانيين كما ساهمت في دعمهم حتى اوصلتهم الى اهدافهم الدراسية. في المقلب الاخر، شهدت العلاقات المصرفية بين لبنان والصين تقدما كبيرا من حيث المبادرات واللقاءات والمؤتمرات المصرفية المشتركة.

كما ان مجموعة فرنسبنك اللبنانية هي عضو مؤسس في الرابطة الصينية العربية والتي قادها بنك التنمية الصيني بالاضافة الى مذكرة التفاهم بين لجنة الرقابة على المصارف في لبنان وهيئة الرقابة الصينية. في هذا السياق، ينظر غالبية اللبنانيون الى ضرورة تعميق العلاقة الشعبية بين لبنان والصين نظرًا لتاريخ الشعبين الحضاري وقدرة الشعبين على تحقيق النجاحات في كامل دول الجوار.

لقد رسمت العلاقة التاريخية بين لبنان والصين مسقبل مشرق. يوما ما كانت الصين تعاني كما يعاني لبنان اليوم من ازمات، عملت سويا مع شعبها ووظفت كامل طاقاتها حتى وصلت الى هذه المكانة العالمية العريقة بفضل ثبات وارادة شعبها.

ان الشعب الصيني هو شعب محب وودود، محب للنجاح لا يرضى بالفشل، صاحب عزيمة، مدافع عن ارضه، مناضل، يكافح بكل اصرار، ينافس، صاحب رؤية، طموح ومحقق لمتبتغاه. لقد عمل في كافة المجالات بدءًا من الزراعة وساهم التكنولوجيا وعمل في شتى الوسائل وكافة المجالات، لم يكن لدى هذا الشعب سوى هدف واحد هو وطنه وقد وصل بفضل وعي حكومته التي لم تستثمر سوى برأس المال الفكري والبشري لديها الى قمة التطور والازدهار.

لقد خلت العلاقات الصينية اللبنانية من اي تناقضات او خلافات والسبب هو ان الجمهورية الصينية بقوتها الاقتصادية والعسكرية كانت تنظر الى لبنان كدولة شريكة وصديقة لها وميزته من بين كامل محيطه بل كانت تنظر الى حضارته التاريخية بنوع من المحبة التي تشاركه بها الخلفية الثقافية والتاريخية للجمهورية الصينية.

لطالما تميزت الصين ببعدها كامل البعد عن فرض هيمنتها او نفوذها على الدول، فلم تكن سوى دولة سيادية تعمل جاهدة على حفظ استقرار الدول وتعمل على الحلول لا على استثمار الازمات وادارتهابل على السعي الدائم لحلها وكانت تقود حملاتها الديبلوماسية للحفاظ على الامن العالمي دون تمييز بين دولة واخرى.

ينظر غالبية اللبنانيين الى ان الجمهورية الصينية سوف تكون المحطة الرئيسية التي سوف تنشل لبنان من ازمته الحالية وبالتالي الى نهوضه من الوادي الذي كلما حاول لبنان الصعود منه، انزلق بسبب السياسة الخارجية التي تقسم اللبنانيين الى افرقاء تصارع نيابة عن الدول الخارجية ولكن بفضل مستقبل واعد يجمع لبنان مع الجمهورية الصينية وبالاستفادة من الادارة الصينية سوءًا على الصعيد الزراعي والتطور التكنولوجي بعد الاستثمار بالعنصر الفكري البشري اللبناني الذي اثبت نجاحاته الكبيرة خارج لبنان وبالتالي قد يصل لبنان الى المستوى الذي يليق في تاريخه الحضاري. لقد استثمرت الصين في شعبها فوصل بها الى قمة النجاح واليوم الصين بفضل شعبها، تحتل قائمة الدول من الناحية الاقتصادية والعسكرية.

على امل ان تبقى الصين بقوتها المدافعة الاولى عن حرية الشعوب واستقرار الدول ودوام التقدم والازدهار لهذه الدولة الكبيرة ولشعبها وعلى امل الاستفادة من العروضات الصينية الحالية والقادمة دون النظر الى اي اعتبارات جانبية خارجية تاخذ احداها غضب الجانب الاميركي او عقابه. فالانفتاح على الجمهورية الصينية اثبت نجاحاته في غالبية الدول العربية، من بين هذه النجاحات: الموانئ في الجزائر والصناعة في المغرب والزراعة في الامارات والطاقة في السعودية.


لمتابعة باقي أجزاء السلسلة : اضغط هنا

محمود أحمد الحمصي

الدكتور محمود الحمصي، باحث ومحلل سياسي، مولود في بيروت حاصل على دكتوراه الفلسفه في الادارة العامة ومحاضر في جامعة بيروت العربية، شارك في العديد من المقالات العلمية والبحثية المتعلقة بالشؤون الإقليمية والدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى