الاحدثدولي

الدول الإقليمية والتحدي القادم : أميركا ماذا ترسم؟ | كتب محمود الحمصي

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

ترسم الولايات المتحدة الأميركية علاقاتها الإستراتيجية مع الدول الإقليمية المؤثرة في الشرق الأوسط بعد الخروج من أفغانستان والسعي إلى تخفيض عديد القوات الأميركية في العراق وسوريا. ما تسعى له أميركا اليوم هو رسم علاقاتها وفقاً لمصالحها الإستراتيجية في منطقة الشرق الاوسط، الأيام المقبلة كفيلة لتوضيح هذه التطورات في علاقات الولايات المتحدة الأميركية الخارجية التي ستؤدي إلى خلاف مع السعودية، توتر مع تركيا وإتفاق مع إيران.

السعودية والخلاف القادم

تشير مصادر اعلامية ان أميركا على موعد مع تعاطي جديد مع المملكة العربية السعودية، اذ يعتقد معظم المحللين الاميركيين ان بلدهم قد تتحرك في القريب لحظر السلاح عن المملكة العربية السعودية بسبب استمرار الحرب في اليمن، فالسعي الامريكي كان وما زال لوقف هذه الحرب الغير محسوبة النتائج والتي ادت الى تزايد سيطرة الحوثيين اضافة الى الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي يعيشه اليمنيون، الامر الذي يرفضه السعوديون دون حل سياسي يقضي بتراجع عسكري للحوثيين. من ناحية اخرى تعالت الاصوات مؤخرا في الولايات التحدة مطالبةً بضرورة محاسبة المسؤولين عن مقتل الصحافي جمال خاشقجي واحترام حقوق الانسان وحرية التعبير والافراج عن السجناء السياسيين داخل المملكة العربية السعودية. هذه الامور تصفها المملكة بالامور السيادية المتعلقة بها والتي لا يجب على اي احد التدخل بها او حتى مناقشتها، كل هذه النقاط الخلافية التي لن تصل الى قطع علاقات، سوف تؤدي دون ادنى شك الى خلاف سياسي حاد بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الاميركية.

نووي إيران، إتفاق بعد عناء طويل

منذ ابريل الماضي والمحادثات في فينا تجري برعاية الاتحاد الاوروبي والتي ترمي الى اعادة أميركا الى الاتفاق النووي مقابل تخفيض الاخيرة اجراءاتها العقابية التي تفرضها على ايران، ورغم تعليق هذه المباحثات في اواخر يونيو بعد فوز الرئيس الايراني المحافظ المتشدد ابراهيم رئيسي وعدم اعلان موعد لاستئناف هذه المباحثات على الرغم من الدعوات المتكررة من الغرب الذي يشعر بالقلق من تصعيد ايران الاخير في برنامجها النووي، تشير مصادر اعلامية ان المفاوضات الايرانية الاميركية لم تتوقف بل تجري على نار هادئة لايجاد صيغة لاتفاق جديد شبيه بالاتفاق الذي تم عقده في ادارة اوباما مع بعض التعديلات التي تحفظ ماء الوجه للإدارة الاميركية. هذا الاتفاق لن يبصر النور وفق العديد من المراقبين بل سيسبقه شد حبال وتوتر وتصريحات عالية النبرة ولكن سوف ينتهي لصالح ايران التي سوف تصفه بالإنتصار لحكومتها وشعبها.

تركيا وإستمرار التوتر

تتوتر العلاقة بين الحين والاخر بين أميركا من جهة وتركيا من جهة اخرى من خلال بعض التصريحات والردود النارية بين الطرفين ولكن ثمة اعتبارات عديدة تدفعهما الى محاولة ضبط حدود الخلافات في اطار ما يمكن تسميته بالتوافق “البراغماتي” الذي تفرضه المصالح الخاصة بكل من

انقرة وواشنطن. تحاول الولايات المتحدة الاميركية اقامة علاقة تستند الى قواعد ثابتة اكثر صرامة مع تركيا التي تعتبرها شريك مهم واساسي في الحلف الاطلسي ولكن بالرغم من استراتيجية العلاقة الى انها تحمل في طياتها خلافات اساسية تتضمن على راسهم منظومة الدفاع الصاروخية اس 400 الذي مثل اختبار تركيا لها متغيرا اساسيا في علاقة الولايات المتحدة مع الحكومة التركية، في هذا السياق تعتبر الولايات المتحدة مسألة التعاون التركي مع الروس من الامور التي قد تعرض تركيا لعقوبات اميركية وفق قانون كاتسا الصادر في عام 2017 والذي يقضي بفرض عقوبات على الدول التي تتعاون مع اعداء الولايات المتحدة من بينهم روسيا.

اطلقوا النار على الخلافات

لطالما عودتنا الولايات المتحدة الاميركية على “البراغماتية” في السياسات التي تنتهجها والصيد في الماء العكر لتبقى لها كلمة الفصل وادارة الازمات. وعندما تجد الاتفاق يصب في صالحها سوف تجدها راعية لهذا الاتفاق، فلا تغيير في سياسات الولايات المتحدة الاستراتيجية سوى بالتعقيد والمزيد من عدم النزاهة في التعاطي مع الدول. فيما تتمدد الخلافات بين الدول الاقليمية في الشرق الاوسط، فالجميع يخشى من تمدد طرف على حساب اخر. في حين تسعى الدول العظمى على رأسهم الولايات المتحدة الاميركية الى تهميش تلك الدول والعمل على السيطرة على قراراتها ومصادرة رأي شعوبها. لذا ليس امام الدول الاقليمية سوى التعاون ووقف حدة التوتر والخلاف الذي انعكس سلبا على شعوب هذه المنطقة.

محمود أحمد الحمصي

الدكتور محمود الحمصي، باحث ومحلل سياسي، مولود في بيروت حاصل على دكتوراه الفلسفه في الادارة العامة ومحاضر في جامعة بيروت العربية، شارك في العديد من المقالات العلمية والبحثية المتعلقة بالشؤون الإقليمية والدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى