دولي

سلسلة الأزرق الملتهب (3) السلطان وآيات الله: تناقضات وتقاطعات

يعرض الملف الاستراتيجي للمحور الثالث من سلسلة الازرق الملتهب حيث يناقش الباحثون الخمسة السؤال التالي: هناك اسباب وجيهة للقول ان الاتراك يحاولون استنساخ التجربة الايرانية عبر خلق مناخ سياسي اسلامي في المنطقة يدعم سياسات واستراتيجيات الدولة الام. هل تتجه الدولتان الى حلف اسلامي يفرض معادلات جديدة في المنطقة؟

د. عبد اللطيف درويش – استاذ الاقتصاد وادارة الازمات في جامعة كارديف، المملكة المتحدة
تحاول تركيا ان تنسج تحالفات تؤهلها الى لعب دول اكبر في الشرق والعالم الاسلامي بعد يأسها من دخول الاتحاد الاوروبي ولكن ان لاارى ان هناك استنساخ للتجربة الإيرانية وذلك للاختلاف الكبير في التجربة والتركيبة السياسية والاجتماعية للدولتين اما التحالف بين الدولتين بشكله الاستراتيجي فهو بعيد المدى فإيران وعلى سبيل المثال ترى في العلاقات الثقافية والعرقية التي تربط تركيا ببعض الدول الآسيوية خطر عليها قد شاهدنا ذلك في اختلاف الاصطفاف في الصراع بين أذربيجان وأرمينيا كما انه لا توجد قضية ورؤية وعدو وأهداف مشتركة تجمع بين الدولتين والعلاقات لا تعدو كونها تجارية .

السيد علي الهماشي – كاتب سياسي عراقي
كلا الدولتان ايران وتركيا تتكئان على إرث تاريخي عظيم يشكل زخما لقادة الدولتين. لقد استفادت تركيا كثيرا من الهاجس (الشيعي) الذي ولَّده رجال الدين في الدول العربية ،كما الربيع العربي برز الاخوان المسلمين كقوة بديلة في معظم دول الربيع العربي التي تجد في تركيا اوردغان مثالا ونموذجا للنجاح .
وهو ما ساعد على الامتداد التركي في الدول العربية ،باستثناء دول الخليج التي شعرت بالخطر الستراتيجي الذي يهدد كياناتها عدا قطر التي ارتضت التصالح والتخادم مع الاخوان واردوغان وهناك تفاصيل متداخلة حول سلوك هذه الدولة الخليجية بحاجة الى التوقف عندها في مناسبة اخرى.
اما ان يكون هناك حلف بين الدولتين ، فالجواب بالنفي أو الايجاب تدفع بنا الى السطحية وعدم قراءة سلوك هاتين الدولتين اللتان استطاعتا أن تكيف اوضاعهما في ظل التهديدات المتوالية .
وهما يعيشان حالة من التخادم في مناطق الصراع في سوريا والعراق كنموذج لهذه السياسية .
كما ان تركيا لم تجعل من الصراع المذهبي مع ايران عنوانا لخلق أزمة سياسية فيما بينهما ،بل إن اردوغان سعى ويسعى الى انتزاع الخصوصية في حب ال بيت نبي الاسلام والدفاع عنهم من قبل ايران ،ويحاول احياء مراسم عاشوراء ذكرى استشهاد الحسين بن علي حفيد رسول الله في عاشورا ولا اعتقد ان تكون هناك حربا أو حلفا ستراتيجيا مكتوبا بل يبقى الصراع الخفي والسلام العلني عنوانا بارزا للفترة القادمة .

السيد اكرم بزي – كاتب سياسي وصحافي لبناني
لا اعتقد بأن الأوروبيين والأميركيين سيسمحون لتركيا التي وصفت سياستها “بالحمقاء”، في محاولة من ترامب لتبرير سياسته هو تجاه تركيا التي أقل ما توصف به أنها سياسة صارخة الاستكبار والعجرفة تصل الى حد الإذلال للدولة التركية التي ظلت لعقود حليفاً مخلصاً للولايات المتحدة الأمريكية وأداة طيّعة لتنفيذ المخططات الأمريكية والاستعمارية في المنطقة العربية منذ الخمسينيات في مواجهة المدّ القومي العربي الذي تزعمته مصر وعادته تركيا الحالمة باستعادة حكم السلاطين للعالم العربي متوهّمةً مساندة بلا شروط وبلا حدود من الولايات المتحدة الأمريكية حليفتها الاستراتيجية في توسيع رقعة السيطرة التركية في سوريا والعراق وتحقيق الحلم العثماني. وهو ما لم ولن تسمح به الولايات المتحدة الأمريكية الحريصة على أن تبقى مع إسرائيل وحدها هي صاحبة السلطة والهيمنة على المنطقة كلها ولو ضحّت بحليفها السابق ـ أردوغان – كما ضحت بحلفاء آخرين لم يستوعبوا دروس التاريخ ومفادها أنه لا ثبات لتحالف تبرمه الولايات المتحدة الأمريكية باستثناء تحالفها مع إسرائيل. وعلى الآخرين استيعاب الدرس وتصحيح الأخطاء والعودة الى الجذور.
ويبدو واضحاً أن هناك خلافات بين الولايات المتّحدة والدولة التركية حول طبيعة الدور التركي في المنطقة وفي العالم منذ عدّة سنوات وحتى الآن، وهذا ليس بجديد، الا ان ذروة الخلافات كانت في العام 2012 لأن حينها بدأ الخلاف بين أردوغان وبين فتح الله غولان، وغولان مدعوم من الولايات المتّحدة الأميركية، وفي تلك اللحظة بدأت خيوط العلاقة بين الولايات المتّحدة وقوّات الحماية الكردية في شمال سوريا تظهر.
الولايات المتّحدة الأميركية عندما دخلت في خيار التحالف مع الأكراد ودعمهم خاصّةً عشية معركة كوباني، كانت الولايات المتّحدة عندها خطّة معيّنة في المنطقة إن كان لسوريا أو لكل المنطقة، تنطلق من إعتماد القوات الكردية في سوريا ومن ثمّ في أماكن أخرى من أجل إعادة تشكيل سوريا والمنطقة، هذا الأمر الذي وجد فيه رجب طيّب أردوغان خطراً على الأمن القومي التركي لأن أي تقسيم لسوريا أو أي حكم ذاتي في سوريا سيؤثّر على تركيا خصوصاً أن المكوّن الكردي في سوريا أو الكتلة الكردية وهي حزب الإتّحاد الديمقراطي والتي أصبحت فيما بعد قوّات سوريا الديمقراطية بالتحالف مع آخرين.

د. محي الدين الشحيمي – استاذ في كلية باريس للاعمال
شكل تدني احتمالية الدخول للنادي الاوروبي الكبير بالنسبة لتركيا هاجسا وضياعا , ما حتم عليها الشروع بمسودات بديلة تنهل منها مصالحها وتحاول من خلالها الوصول لهدفها المرجو والمبتغى , بالرغم من ان تركيا دولة تعتمد الاثنية كمحور لكل مخططاتها ومشاريعها وانعكس ذلك مؤخرا في الصراع الدائر بين اذربيجان وارمينيا الا انها اضطرت من تغير من تقنياتها محاولة الاستفادة من الثروة الديمغرافية والبشرية والشعبية لديها والتي تتصف باغلبية المسلمين السنة من تعداد سكانها لمحاولة الاستفادة منهم للدخول للعامل الاسلامي والعربي لكي تبحث عن ضالتها في ان تكون دولة اقليمية في ظرف مؤاتي لها في خضم تطبيق الولايات المتحدة لخطة الانسحاب الجزئي من الشرق الاوسط وسعي الاطراف الفاعلين على الساحة الاقليمية من التزاخم لملء الفراغ الاميركي ولكل دولة نمطيتها وخططها وسلوكها , فلكم يكن امام الاتراك الا الولوج من الباب المعتقدي والديني محاولة التأسيس لكونها في ان تكون المرجعية الاساس او من الاساس في العالم الاسلامي مستعملة التاريخ والماضي للدولة العثمانية باعتبارها الوريث المؤسساتي والاداري والكياني وانما بشكل انتقائي , وذلك لقطع الطريق على المد الايراني والذي يعيش الذروة وعصر قطاف الثمرات لثورته الاسلامية في المنطقة العربية عاكسة النجاح الظاهري لمشروعها , انما الامر لا يبدو كذلك حيث ان هذا الامر لن يكون ميسرا بالكامل بالرغم من العلاقة الثابتة بين تركيا وجارتها ايران والتي توصف بالمتوازنة ولكن المخبرية ايضا , لان صعود القطبية السنية اذا ما تمت وهذا مستبعد نوعا ما مع تركيا بالرغم من اتباعها اليات مترابطة بوجه القطبية الايرانية الشيعية لا يمكن ان تكون متناغمة كليا , اذا سوف يتخلل الامر مراحل صعبة من الصراع وخصوصا في مناطق النفوذ المتصارع عليها لكلا القطبييتين والتي اخذت معالمها تتوضح وخصوصا في حوض الشرقي للمتوسط من سوريا الى لبنان وبالاضافة للعراق وما يحتويه , لذلك وان شكلت القطبيتين مساحة متناغمة ومرنى الا ان الامر سوف يتخطى ذلك في احيان كثيرة خصوصا اذا انتقلنا من العوامل الظاهرية والتي تحكم المنطقة بدءا من التوترات العربية التركية ناهيك عن الموقف العربي العريض من ايران .

د. بيار الخوري – ناشر الموقع
ينطلق كل من تركيا وايران من منطلقات متناقضة رغم المشتركات الاسلامية الكثيرة بينهما. ايران هي دولة عقيدية شيعية يقوم مشروعها على الاستقلال عن القوى العظمى من اجل توطيد دعائم امة تطمح لتلعب دور الامة العظمى. يساندها في ذلك حاجة القوى الاربعة العظمى لها: اميركا، الصين، اوروبا وروسيا وهي تعتمد استراتيجية تعقيم الداخل لمنع الدول العظمى من لي ذراعها بما يسمح لها بالصمود حتى تتوافر ظروف فرض نفسها على العالم كقوة مستقلة تربط بين مصالح القوى العظمى.
على العكس تركيا هي جزء من الاقتصاد الراسمالي العالمي وشريك عسكري للغرب ,والمجتمع التركي غير معقم عقائديا” حيث يواجه حزب العدالة والتنمية معارضة علمانية عريضة في الداخل، وهو ايضا” حزب غير ديني بل مدني بارشاد اسلامي ( الاخوان المسلمون).
اضف انه رغم تراجع وظيفة تركيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي فهي تبقى مرتبطة بعمق بالمصالح الاميركية والفضاء الاستراتيجي الاميركي عبر العالم.
تطمح تركيا الاوردوغانية للامساك بالعالم السني ولكن ليس على الطريقة الايرانية. بتحديد اكتر ترغب تركيا بالتقاسم مع الدور السعودي من موقع “ثوري” في مقابل الموقع المحافظ للمملكة العربية السعودية. وتعرف تركيا ان العالم السني بحاجة الى قيادة تعيد احياء احلام عودة الامة الاسلامية الى التاريخ.
اذن نحن امام تجربتين غير متشابهتين في المقدمات والامكانات والطموح. ولكن….
تشاء ظروف الشرق الاوسط بعد صفقة القرن ان تفتح بابا” لتحالف اوسع بين القوميتين على قاعدة مواجهة نفوذ اسرائيل، الذراع المفوض للولايات المتحدة، والذي بات يتموضع في الخليج العربي كنتيجة لاتفاقات ابراهام. ان النقلة الاستراتيجية لدولة اسرائيل سوف تفرض تعاونا” اوسع وتفهما” اكبر بين ايران وتركيا.
الشرق الاوسط اليوم يتشكل من ثلاث قوى اقليمية: اسرائيل وايران وتركيا واي دعسة ناقصة من الامتين الاخيرتين سيصب حتما” في مصلحة القوة الاولى.

 

ندوات الملف الاستراتيجي

يحرص الملف الاستراتيجي على توثيق واسع لاراء الخبراء والباحثين حول المسائل الاكثر تاثيرا" بالمسار العام للاحداث وانعكاساتها على المنطقة العربية. يشمل ذلك ندوات مكتوبة او اجتماعات افتراضية. يعيد الموقع نشر المحاور في كتب الكترونية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى