اجتماعالاحدث

في ذكرى رحيل العلامة (٢): إنّ في بيروت فضلُ الله بقلم علي الهماشي

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

لمن فاتته متابعة الجزء الأول :

كان الرجل الذي يرى أن الاسلام قابل للتحدي، وتكشف عظمته بعظم المواجهات .
و ملأ الدنيا علما ً وحركةً بتخطيط واع، و رأى أنَّ وجوده مسؤولية، كان يريد للباسِ العلم والعمامة التي يرتديها أن تجذب الناس الشباب بشقيه، ولهذا أجهد نفسه في توأمة تطلعاتهم مع المتبنيات الشرعية، فلهذا وجدوه صديقاً وأباً قبل أن يكون مفتياً، ولهذا لم يكن المأذون الشرعي الذي يعودون إليه في أُمور الصوم والصلاة والزواج والطلاق بل كان الملجأ لهم في أُمور الحياة، ولم يجد هؤلاء الشباب أنفسهم في غربة منه، ولم ينفر منهم لا من أسئلتهم، ولا من أفكارهم .

كان يرى أن على العالم أن يُظهر علمه ويذهب الى الناس، وإن لم يأتوا إليه .

لم يخشَ وسائل الاعلام واستأنس به الاعلاميون بمختلف توجهاتهم حيث لبنان التنوع الايجابي، بل وجد بعض الاعلاميين أن ظهوره مع فضلُ الله يعد رصيداً مهنياً له بالإضافة الى رصيد تجربةٍ في الحياة، ولهذا كان الاعلاميون الذين يقابلونه يبتعدون عن النمطية المعتادة وسرعان مايتحول اللقاء الى حوارٍ يشمل جوانب الحياة المتعددة، وكثيرا ما طالب المتحاورون زيادة الوقت وتمنوا لو يطول اللقاء ولا ينتهي .

لم يبالِ لا بالارهاب ولا بقصف العدو الصهيوني، كانت شجاعته وصلابته النفسية تنمو بنمو عمره، ولم تأخذ الكهولة لا من علمه ولا من تركيزه ولا من حركته، كان المتحدي أبداً، يتسابق مع الزمن ليعطي ما مَنَّ الله به عليه.

قد نجدُ بعضَ العلماء يتوقفُ الزمنُ عنده ويخبو عطاءه، ولكن السيد فضلُ الله كان المتجدد دوماً في إنتاجه العلمي، ولهذا نجد أن تفسيره من وحي القران تزداد فيه النكت العلمية والمناقشات للعلماء الاخرين في الطبعات المتقدمة، وتتجدد موضوعاته طبعة عن أُخرى فما تجده في الطبعات الحديثة لاتجدها في الطبعات التي قبلها .

إن كانت بيروت عاصمةً للثقافة والتنوع السياسي، فقد جعلها فضلُ الله عاصمة ثالثة للعلم الاسلامي أو لنقل مثابة للعلم والتعلم للعلوم الاسلامية بعد النجف وقم.

فكلما ذكرت بيروت ستذكر فضلُ الله .
وعندما ذكره أحدهم بهذا اللقب كان محقاً وإن إختلفت نيته، فالرجال العظماء هم مَن يزينون المدن بوجودهم، ولا يتزينون بها.

ويبقى التحدي لما أثاره السيد المجدد لطلابه وللذين خالفوه، لانه حضوره سيبقى ببقاء علمه وأثاره في الأصول والفقه والتفسير، وعلم الرجال ورؤيته في الحديث، والتاريخ الاسلامي.

ولعل من فضل الله التي منَّ الله بها عليه وعلى مدرسته أن بعض مخالفيه تبنى أفكاره الفقهيةَ والتفسيريةَ والاصولية {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ } غافر 51.

السيّد علي الهماشي، كاتب عراقي

السيّد علي الهماشي، كاتب عراقي مواليد بغداد، له كتابات سياسية عديدة في الشان العراقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى