الاحدثالشرق الاوسط

سوريا ولبنان: أيام صعبة مليئة بالأحداث | بقلم د. محمود حمصي

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

لبنان وسوريا: “وحدة المصير المشؤوم، إلا اذا”

لم يثمر اي مسعى للحل في اسعاف علاقة لبنان وسوريا من جهة والدول العربية من جهة اخرى في ظل غياب امريكي واضح عن ازمات الشرق الاوسط وتركيز الاخير على القضايا الكبرى المتعلقة بالملفات الدولية الكبرى التي تتضمن الملف الصيني، ملف القرم والملف النووي الايراني. ومع استمرار المواجهة بين المحور الايراني والعربي سياسيا وعسكريا وفشل انضمام سوريا للحضن العربي، يغزو الملف النووي الايراني على محور الصراع لتشكل نتائجه تفتيت ما تبقى من هياكل دول او تعيد تشكيل انظمة على وشك الانهيار. وبين الصراع العربي الايراني ومفاوضات الملف النووي، يعيش النظام اللبناني والسوري وحدة المصير المشترك بين الانهيار او الصمود بانتظار اتفاق اقليمي ذات رعاية دولية يرسم معه مستقبل البلدين.

الجمهورية اللبنانية تلفظ أنفاسها الأخيرة

دخل لبنان مرحلة خطيرة من حياته بعد قضاء مئة عام عاش فيها حروبا داخلية وخارجية وتدخلات دولية واغتيالات وانفجارات، وهاهو اليوم يلفظ انفاسه الاخيرة بعد فقدان دوره في الشرق الاوسط. لبنان الامس كان محور الامة العربية بعد محاربته اسرائيل اثر الصراع العربي الإسرائيلي، اما اليوم فهو بلا دور ولا غطاء، وانتهاء كيانه قد لا يكون له تأثير على مجريات الأحداث في الشرق الأوسط. ومع تراكم الازمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وانهيار شامل للقطاعات الخدماتية والصحية مترافقا مع فشل الحكومة اللبنانية في تحقيق ادنى مطالب المجتمع الدولي، وقد بات النظام اللبناني برمته يلفظ أنفاسه الأخيرة وليس الانتخابات النيابية فقط، وجعل لدى الدول الداعمة يقينا ان لبنان لا يمكنه ان يحكم نفسه بنفسه بالرغم من تقديمها كافة انواع الدعم والجرعات التي تبقي لبنان على قيد الحياة، الا ان اصحاب القرار في هذا البلد لم يساعدوا انفسهم واستمروا في النكايات السياسية التي اثارت استياء الدول الراعية للجمهورية اللبنانية. وبات الجميع في الداخل والخارج يدرك انه لا بد من ميثاق جديد ينظم الحياة الاجتماعية وفق نظام ترعاه القوى الدولية.

في هذا السياق، اوردت وسائل إعلام عربية الى ان اعلان لبنان دولة فاشلة اصبح جديآ ما يعني انهاء الاعتراف الدولي بالنظام اللبناني وفرض عقوبات على سياسيين لبنانيين والعمل لفرض نظام جديد عن طريق الامم المتحدة من خلال عملية تغير بعد اعطاء الثقة لبعض الاطراف اللبنانية والقوى العسكرية دون غيرها وفي حال لجئ المجتمع الدولي الى خيار العقوبات، فالحكومة اللبنانية قد لا تصمد الى موعد الانتخابات وتعلن استقالتها وتسليم قيادة الجيش زمام الامور.

سوريا على موقف صلب

عملت بعض الدول العربية برعاية روسية الى فتح باب ديبلوماسي لاعادة العلاقات المقطوعة مع سوريا بشرط عودة الاخيرة الى المحور العربي والنئي بنفسها عن الصراع العربي الايراني، بالإضافة الى الطلب الواضح من دمشق بإبعاد كافة المقاتلين المحسوبين على طهران المتواجدين في الاراضي السورية.

فين حين تتكفل الدول العربية على رأسهم السعودية والإمارات العربية المتحدة في اعادة الاعمار والنهوض في سوريا واعادة سوريا الى دورها الاقليمي المؤثر التي لعبته مسبقا قبل العام ٢٠١١. رأت سوريا ان تلك المطالبات قد ينهض بالدولة السورية الى سابق عصرها ولكنه قد يفقدها الحليف الذي قاتل معها طوال الاعوام السابقة، فكان رفض دمشق لتلك المطالبات مقدمة فشل المفاوضات العربية السورية. بالإضافة الى ذلك، عبرت الولايات المتحدة الأمريكية عن عدم رغبتها في اعادة العلاقات مع نظام الاسد وان ادارتها ما زالت تنظر الى ان النظام السوري نظام ديكتاتوري ولابد من محاكمته، فتم اعلان نهاية المفاوضات العربية السورية من بوابة الامم المتحدة على لسان سفير السعودية في الامم المتحدة عبدالله المعلمي الذي اصر على عبارة لا تصدقوهم والتي اخذت تعلو في كافة ارجاء الميدان على انها بداية اعادة التموضع وان الحرب السورية لم تنتهِ بعد.

سوريا ولبنان – ايام صعبة مليئة بالاحداث

يبدو ان لبنان وسوريا المرتبطين بطهران على موعد مع احداث مليئة بالمغامرات قد تترجم من خلال المزيد من المواجهات والمظاهرات في لبنان وتصعيد في سوريا على جبهات درعا وغيرها من الجبهات الغير مرتبطة بتركيا وقد تعيد شرارة الحرب التي قد تم اخمادها عن طريق اتفاقيات وقف التصعيد في المناطق السورية. لم تكن هذه الامور لتنضج لولا دخول الدول العربية ساحة المواجهة الشاملة مع ايران. ان ما يتم طرحه في كواليس المباحثات الخاصة بين الدول وفق العديد من المصادر الصحفية هو اعادة رسم خريطة لبنان وسوريا وفق اتفاق دولي، الامر الذي لم ينضج بسبب رفض تركيا وايران له، ان اي رسم جديد للمنطقة سوف يعطي الاكراد دولة مستقلة وهذا امر قد تواجهه تركيا عسكريا في حال تم. من ناحية اخرى، ان التقسيم قد يكون بوابة التطبيع مع العدو الاسرائيلي الذي لن تسمح به ايران بشكل قاطع وقد تواجهه في كافة السبل الممكنة.

ويبقى مفتاح الحل عند نتائج مباحثات فينا والتي وصفت بانها تعالج قضايا وليست قائمة فقط على انتاج اليورانيوم. في حال ارتسمت هذه المباحثات بالنجاح، قد تقلب الموازين ويعود هذا المحور الى قوته بعد الانتصار ويرسم معه مستقبل الاستقرار لكل من لبنان وسوريا.

محمود أحمد الحمصي

الدكتور محمود الحمصي، باحث ومحلل سياسي، مولود في بيروت حاصل على دكتوراه الفلسفه في الادارة العامة ومحاضر في جامعة بيروت العربية، شارك في العديد من المقالات العلمية والبحثية المتعلقة بالشؤون الإقليمية والدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى