الاحدثدولي

مؤشرات نجاح وإخفاق المفاوضات النووية ج (2) | سلسلة اليانكي وآيات الله (الجزء الأخير) علي الهماشي

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

 

الجانب الامريكي :
تؤمن إدارة الرئيس الامريكي بايدن وهي امتداد لرؤية الرئيس الأسبق أوباما أن المفاوضات مع إيران والدخول بعلاقات دبلوماسية معها سينتزع (مخالب )الثورة الاسلامية الايرانية وسيحولها من دولة (متمردة) مثيرة للقلاقل في المنطقة الى دولة متفهمة بلغة البرغماتية والمصالح المشتركة بين الطرفين ،وبهذا تمنع استغلالها من الاطراف الاخرى روسيا والصين .

كما أن هذه الرؤية تستند على انتزاع (المخالب ) بطريقة ناعمة وهي تقليم الاظافر ، بدلا من قصها أو قص الاذرع،التي تتطلب جهوداً عسكرية قد تكلف الولايات المتحدة الكثير ،وهو ما لاتريد المجازفة به .

وترى أن نجاح الاتفاق سيؤدي الى اقامة علاقات دبلوماسية تفتح الجدار الايراني بثقوب متعددة تمكن الولايات المتحدة من النفاذ الى الداخل الايراني بطريقة رسمية وتفتح الاوضاع على مصاريعه من أجل تغيير البيئة السياسية ،ويبدو أن ادارة الرئيس بايدن ترى في هذه الستراتيجية خياراً لابد منه ،تاركة للدولة العبرية المناوشات أو المشاغبات في تعطيل البرنامج النووي دون الوصول الى الحرب .
كما إن العقوبات التي شددها ترامب لم تمنع ايران من الاستمرار وحتى تطوير البرنامج النووي .

وهناك فريق من السياسين الامريكان الذي يمثل مصالح الدولة العبرية يرى أن إبقاء الحصار وتشديده بعقوبات أُخرى قد يؤتي ثماره على إيران ،بعد نجاح بعض العمليات التخريبية التي كشفت عن اختراق الجبهة الداخلية الايرانية في كافة المجالات ،ويزيد من نقمة الناس على النظام القائم نتيجة الحصار الذي وصل حدا كبيراً أدى الى مشاكل كبيرة على مستوى النسبج الاجتماعي الايراني وبروز الطبقية الاقتصادية والسياسية ،وقد ساندت هذه الامور جائحة كورونا التي أودت بحياة المئات وسجلت خللاً ملحوظاً في التعامل معها كان الحصار أحد مسبباته .

القوى المتضررة من نجاح المفاوضات:
لقد كشفت المقابلة الصحفية لوزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف مع قناة ايران انترناشينال التي تم تسريب مقاطع منها إن روسيا لم تكن راغبة في نجاح المفاوضات !.
ولأسباب شرحها في مقابلته وأهما أن روسيا تريد إشغال الولايات المتحدة بإيران لكي لاتلتفت إليها !.
وهي سياسية إشغال العدو وتوريطه بأكثر من ملف ،وهذا الملف هو الأكثر تعقيداً للولايات المتحدة ويبقى تهديدا كبيراً لا مصالحها ونفوذها في الشرق الاوسط فحسب بل في العالم كله .
وإذا ما ذكرنا روسيا الاتحادية لابد أن نردف معها الصين كذلك ولذات الاسباب ،وقد رسخت الصين تواجدها في المنطقة واستفادت كثيرا من الخلاف الامريكي الايراني ، كما أن روسيا استغلت ذلك ونجحت في تعزيز تواجدها في سوريا بعد أن فقدت ما كانت تملكه من موطئ قدم في ليبيا فقدته بسرعة دون أن تستطيع تداركه ولهذا لم تشأ خسارة كل شيء فعادت الى سوريا بقوة مرة أُخرى.

الدولة العبرية:
المتضرر الاكبر هو اسرائيل سواءً بقي البرنامج النووي سلمياً أم تحول الى برنامج عسكري ،وفي كلا الحالتين سيؤدي الى تطوير إيران وتعزيز اقتصادها وحضورها في المنطقة وهي البلد الوحيد الذي ينادي ويعمل على زوال اسرائيل .
فأي استقرار لايران عسكريا وسياسياً يمثل تهديدا للدولة العبرية ..
وهي ما ينطبق على دول الخليج التي اختارت أنْ تُقيمَ علاقات مع اسرائيل بالضد من إيران لأسباب تناولتها سابقاً في موضوع الاتفاق الاماراتي الاسرائيلي .

تركيا :
تختلف الاسباب التي تقلق تركيا نوعاً ما عن الأسباب لبقية الأطراف ،لكن تركيا ترى في إيران منافساً كبيراً لها في لعب دور شرطي المنطقة ،وأي استقرار وتفاهم مع الولايات المتحدة واوربا مع إيران يعني تضاءل أو إنحسار الدور التركي الذي اتسع بعد( الربيع العربي ) بشكل كبير ،لهذا ترى في نجاح المفاوضات النووية وإقامة علاقات دبلوماسية تهديدا ستراتيجياً لها.

وفي الختام يبقى النجاح والاخفاق عائد الى جدية الطرفين في نجاح الاتفاق ،وتغلبهما على التحديات الحقيقة في داخل و خارج البلدين .


لمن فاتته متابعة الأجزاء السابقة :

السيّد علي الهماشي، كاتب عراقي

السيّد علي الهماشي، كاتب عراقي مواليد بغداد، له كتابات سياسية عديدة في الشان العراقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى