الاحدثفلسطين

ماذا بعد غزة ؟ .. بداية نهاية الدولة القومية | بقلم علي الهماشي

أُحاول اليوم أن أُسلط الضوء على الاجواء العالمية السائدة بعد رفض الكثيرين لما تقوم به آلة القتل الصهيونية التي تستند في ذلك الى تعاليم ومفاهيم في كتبهم.

ولا بأس بالتذكير أنَّ التعاليم الدينية تتجه الى القومية، فلا فرق بين القومية والدين عند اليهود، وقد أشرت في مقال سابق إلى ذلك، وهو قانون أقره الكنيست في 2018 لتكريس الرؤية السياسية للحركة الصهيونية، وبه تمت (شرعنة) كل الأفعال الصهيونية على الاراضي الفلسطينية كأمر واقع، وربما كان ذلك من أخطر القوانين التي تم إقرارها، وربما حكومة الحرب على ذلك في عملياتها في الهجوم على فلسطين /غزة تحت مسمى السيوف الحديدية، وقد تعمد الى البقاء في شمال غزة وبذلك يُمنع عودة المهجرين ..

في المقابل كانت هناك حملة عالمية وربما تقف خلفها الصهيونية العالمية لترويج فكرة قبول الكل، واعطاء الحرية لمن يحدد نوعه الجنسي خلافًا لطبيعة خلقه، وسعت لكسر الايدلوجيات في العالم وجعل ألوان الطيف شعارًا ورمزًا لقبول الكل، مع الابقاء على الايدلوجية الصهيونية في منأى عن ذلك .

و لم يكن مسموحًا في الدولة العبرية، الحديث عن الليبرالية الحديثة، و كان هناك نوع من القمع جرى للحركات الليبرالية داخل الكيان في مدن تل أبيب وغيرها، ولكنها بقت بعيدة عن التحليل ولم يسلّط الإعلام الغربي الضوء على ماجرى لانه يدخل في اطار انتقاد الكيان .

وجاءت عملية طوفان الاقصى كطوق نجاة لنتنياهو ليُظهر نفسه كزعيم مدافع عن وجود الدولة وطرح نفسه منقذًا، واستخدم تعابير توارتية ليعطي لحركته نوعًا من القداسة والشرعية كما هو موجود في كتبهم وتعاليمهم الكنسية، وسكتت المعارضة لتدخل في حكومة الحرب أو توافق عليها، وجاءت النتائج على عكس ما أراده بالرغم من الدمار الهائل لشمال غزة وبقية أطرافها، إلا أنه لم يتضح بعد القضاء على قوة حماس العسكرية كما كان الهدف المعلن بل أُجبر الكيان على التفاوض معها عبر طرف ثالث او أكثر من طرف مما يعني بالعرف العسكري والدولي الاعتراف بقوة الاخر، الذي فرض شروطه و وافق نتنياهو على ذلك، بالرغم من إدعائه بأن حماس انصاعت لطلباته !!.

في المقابل وجدت حماس فرصة للاستعراض وجلبت المدنيين بأحلى هيئة وكأنهم كانوا في سفرة سياحية مع زي عسكري يتم ارتداؤه في الاستعراضات العسكرية ولا تظهر أثار الحرب عليهم في عملية نفسية نجحت فيها حماس بشكل كبير، إضافة لشهادات المفرج عنهم، مقابل شهادات الاسرى الفلسطينين من الاطفال والنساء في سجون الاحتلال.

هل ستتراجع الفكرة القومية في الكيان !؟.
قد يكون من السابق لأوانه أن أقول بنهاية الدولة القومية كما بدأت بذلك في العنوان لكنه بداية النهاية، وكما هو معلوم فإنَّ الأفكار إذا ترجمت الى الواقع تكرس في عقول الناس وتكون أمرًا واقعا وتسمى نجاحًا، والعكس واضح أيضًا.

وعندما ننتقل الى نتائج الحرب على فلسطين غزة فلا يمكن لنا إلا أن نسجل الفشل الذريع على المستوى العسكري، والاعلامي مما هدد فكرة قبول الدولة القومية اليهودية على المستوى العالمي ورفض الابادة الجماعية للشعب الفلسطيني.

كل ذلك سيعطي زخما أكبر للمعارضة وللحركات الليبرالية التي بدأت تنشط داخل الكيان، وخارجه فما نراه من انتقادات واسعة لم توجه لنتنياهو وحكومته فحسب بل للحركة الصهيونية ذاتها ومن أتباع الديانية اليهودية ممن كانوا يؤمنون بالصهيونية وهذا الامر شمل فئات متعددة في مستواها الثقافي أو في مكانتها الاجتماعية، مما سيؤدي الى مراجعة كبيرة لدى الصهيونية العالمية وتلملم أوراقها التي بعثرتها عملية طوفان الاقصى.

أو تنتصر الليبرالية ويسقط نتنياهو الذي قدم نفسه على أنه زعيم وممثل لتكريس القومية اليهودية او الاسرائيلية ..

وقد بدأت الأصوات تطالب بمساءلته ومحاسبته لأنه أضر بسمعة الكيان على كافة الصُعُد، وستكون الاطاحة بقطعة الدومينو الاولى بداية لسقوط جميع القطع هذا ما يبدو لنا في هذه الرؤية بعد فشل الهجوم العسكري على فلسطين /غزة فهل سيستمر نتنياهو ويجد ذريعة لخرق الهدنة واستئناف عملياته، أم تتدارك الصهيونية العالمية الضرر الذي ألحقه بها فشل نتنياهو في عملياته العسكرية، وتوقف تموجات طوفان الاقصى الذي لم يصب تل أبيب فحسب بل ضربها في كافة مناطق العالم .

سننتظر ما ستخطط له بعد الافراج عن الاسرى من الطرفين، لكن طوفان الاقصى لن تمحو أثاره بسهولة ولن تستطيع الصهيونية العالمية استيعاب تموجاته وتردداته على الاقل للعشر سنوات القادمة، هذا إن لم تفاجئ المقاومة أركان الصهيونية بأمور خارج حساباتهم على غرار طوفان الاقصى، فهي بداية ولن تكون نهاية.

السيّد علي الهماشي، كاتب عراقي

السيّد علي الهماشي، كاتب عراقي مواليد بغداد، له كتابات سياسية عديدة في الشان العراقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى