لمن فاتته متابعة الأجزاء السابقة :
-
اميركا وايران: سياستان متناقضتان لا تلتقيان | سلسلة اليانكي وآيات الله (١)
-
الشرق الاوسط بين ايران واميركا وحلفاءهما| سلسلة اليانكي وآيات الله (٢)
-
أميركا وإيران .. نظرة في العمق | سلسلة اليانكي وآيات الله (3)
-
مؤشرات نجاح واخفاق المفاوضات النووية ج(1)| سلسلة اليانكي وآيات الله (4)
مما لاشك فيه أن الموضوع الإيراني له عدة أوجه ، فهو له وجه داخلي متعلق (بالنظرة الوطنية) لكل من الجانب الإيراني والجانب الأمريكي ، و له وجه متعلق (بالصراع الإقليمي) في المنطقة و بالتوازنات فيها. ووجه (دولي) يستغل تلك الصراعات لتوسيع هامش نفوذه ولفرض تأثيره خدمةً لمصالحه وأهدافه .
وذلك ما حاولت طرحه إيضاحه في الجزء الأول ، وأتمه اليوم بطرح الرؤى الاستراتيجية للطرف الأمريكي.
(1)
استراتيجية أوباما: تقوية المعتدلين .. الجزرة قبل العصا!
تمثَّلت استراتيجية أوباما في التفاوض مع عدد من القوى الدولية من أجل اتفاق عام 2015 الذي نجح في تحجيم البرنامج النووي الإيراني.
وبحسب ما جاء في مُذكِّرات جون برنان ، مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي أي إيه) في إدارة أوباما ، التي صدرت عام 2020 بعنوان “الباسل”، فقد اعتقد أوباما أن الاتفاق النووي الإيراني كان «مُهماً ؛ ليس فقط للاستقرار الإقليمي ، وإنما أيضاً لتقوية شوكة المعتدلين الإيرانيين ، لا سيما الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير الخارجية جواد ظريف ».
ويطالعنا محضر لاجتماع مجلس الأمن القومي الأمريكي في ذلك الوقت ، وفيه :
إن أهداف أمريكا من الاتفاق النووي مع إيران :
1. الحركة السريعة نحو مباحثات ما بعد الاتفاق النووي ، سواء حول الصواريخ الايرانية أو القدرة العسكرية الشاملة الايرانية.
2. حل مشكلات أوروبا الاقتصادية بالاستفادة من السوق الإيراني.
3. دعم التيار المعتدل داخل السياسة الإيرانية وتقويته في وجه الصقور.
4. منع إيران من أن تُكوِن محور غرب آسيا مع سوريا وحلفائها.
5. الفصل بين العراق وإيران (وذلك موضوع آخر له تفاصيله الخاصة به ، منها ما يقوم به الأمير السعودي المزركش محمد بن سلمان وحلفائه في محور الاعتدال اليوم في العراق).
ويضيف أوباما أكثر في ذلك بقوله:
« إنني آمل من الاتفاق النووي مع إيران تغيير سياسات إيران ، وصولاً في النهاية إلى تغيير هوية الجمهورية الاسلامية الإيرانية ، إنني آمل إعادة إيران إلى حظيرة المجتمع الدولي ، وإجبار الحكومة الإيرانية على تعديل سلوكها ، والالتزام بقدر من المسئولية بحيث لا توظف قدراتها لمجابهة المصالح الأمريكية وصولاً لسياسات إقليمية ودولية تتماشى مع المصالح الأمريكية ، ومن ثم يطال التغيير أعمدة النظام الإيراني».
(2)
دونالد ترامب واستراتيجية الضغط .. العصا بدون جزرة!
عندما استلم ترامب وإدارته (الجمهورية) مقاليد الأمور في البيت الأبيض من إدارة أوباما (الديمقراطية) ، فإنه وإدارته بدأوا من حيثُ انتهت إدارة بوش الابن ومشروعهم الامبراطوري الكبير.
ووفق أوراق مجلس الأمن القومي الأمريكي التي ظهرت أخيراً ، يمكن القول بأن إدارة ترامب رأت بأن السيطرة الأمريكية يجب تثبيتها على منطقة الشرق الأوسط الكبير الممتد حتي إيران وباكستان.
لأنه إذا حدث ذلك سيساعد أمريكا على وقف واحتواء المشروعات الدولية المنافسة (روسيا والصين).
وتلك رؤية دعاة المشروع الإمبراطوري الأمريكي الذي بدأه رونالد ريغان بعد سقوط الاتحاد السوفيتي ، وأكمله جورج بوش الأب «بتدميره» للعراق في حرب (عاصفة الصحراء) ، وتبعه على الطريق نجله بوش الابن «باحتلال» عاصمة الرشيد جهاراً نهاراً أمام العرب من المحيط للخليج!
ووفق رؤية إدارة (بوش الابن) وقتها فإنه يجب القيام بعملية تصفية نهائية لمؤثرات عربية قومية قد تعاودها أحلام قديمة لم يعد لها الآن مجال ، وتأمين ذلك يقتضي إجراء عملية جراحية واسعة في العالم العربي تغير أفكاره وتوجهاته وقيمه ومعتقداته ، حتى إذا اقتضت الجراحة زرع قلب جديد – يقبل به الجسم العربي فكراً وفعلاً – مهماً كانت درجات الحساسية والمقاومة والرفض.
وإذا أصر الجسم العربي على العناد فإن الجراح القائم على زرع القلب مخول بتوقيع شهادة الوفاة للمريض بختم نجمة داود!
وعلى هذا قامت إدارة بوش باحتلال العراق وإسقاط صدام ، ولكن سقوط النظام البعثي في بغداد أفسح المجال أكثر لتدخل أكبر لنظام الملالي في طهران.
و كذلك بدخول القوات الأمريكية إلى “أفغانستان” تم إزاحة نظام سنى متطرف ضد الشيعة عامةً وإيران خاصةً (طالبان) بقيادة “المُلا عمر” ويحالفه جماعة أكثر تطرف (القاعدة) بقيادة “أسامة بن لادن”. وذلك رفع من على كاهل طهران عبئاً كبيراً ، وأتاح لها فرصة أكبر في الحركة في تلك الجبهة.
إن إيران بعد ذلك دخلت إلى الساحة الأفغانية وقامت بدعم الشيعة في أفغانستان بكافة الطرق والأشكال ، كي يكونوا ثقلاً موازياً أمام السنة في أفغانستان ، وكى تكون طهران حاضرة في أي تسويات قادمة في ذلك البلد. وهذا ما نراه الأن في المفاوضات الجارية بين الأمريكيين والأفغان.
ثم قام أوباما (الديمقراطي) ومعه حلفائه من (محور الاعتدال الملكي العربي وتركيا) بإثارة القلاقل في سوريا (حليف طهران الأقرب) عن طريق استغلال ثغرات نافذة في بنيان نظامه ، لدرجة أن النظام العلوي فيه ترنح و كاد أن يسقط لولا تدخل حلفائه وعلى رأسهم إيران مرةً ثانية ، وذلك عزز نفوذ طهران أكثر وأضاف الى رصيدها وضخم من قدرتها و ضاعف من هيبتها.
رافق كل ذلك حدوث اختراق مهم في المشروع النووي الإيراني عندما قامت إيران بالحصول على عدة تقنيات تُفيد وتسرع من وتيرة البرنامج النووي الإيراني من مدير البرنامج النووي الباكستاني العالم “عبد القدير خان”.
كيف تبدوا إيران في الرؤى و التصورات والأوراق الأمريكية؟
كانت إيران بذاتها وصفاتها (كما العراق قبلها) حاضرةً في الرؤي التصورات والأوراق الأمريكية الماضية و الحالية والقادمة.
· فقد كانت إيران (قبل الثورة الإسلامية) جزء من خطة حصار الاتحاد السوفيتي ، وهى الآن جزء من فتح المجال للنفوذ الروسي والصيني اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً في المنطقة الأهم للولايات المتحدة.
· وإيران بالطبع داخلة في قضية النفط وضرورة السيطرة الأمريكية الكاملة على منابعه وإنتاجه.
· وكانت إيران طرفاً نشيطاً في ظاهرة الغضب الإقليمي ضد المصالح الأمريكية.
· وكانت إيران داخلة في قضية أمن إسرائيل عن طريق البرنامج النووي الإيراني ، وتحريض الآخرين رافعين شعار المقاومة ضد إسرائيل بتسليحهم (حزب الله وحماس).
· وكانت إيران طرفاً رئيسياً في قضية تكديس السلاح والسباق فيه في منطقة الشرق الأوسط من الصواريخ الباليستية حتى مشروع القنبلة النووية.
و من هنا كان على ترامب وإدارته أن يُكملاَ بقية المشروع الإمبراطوري ، (بقطع) عنق نظام الملالي في طهران ، كما قطع نظام (بوش الابن) عنق النظام البعثي في بغداد ، وكما أسال الرئيس (أوباما) دماء النظام البعثي في دمشق ، وكاد أن يُرديه قتيلاً مقطوع الشرايين ثم صلبه في حاضرة الأمويين!
لأنه لو حدث ذلك (قطع عنق النظام الإيراني) بإزاحته فإن هذا الأمر يضرب ثلاث عصافير بحجر واحد.
العصفور الأول – التخلص نهائياً من أية منغصات تقاوم مشروع السيطرة الأمريكي على المنطقة. وبذلك يتم بسط السيطرة الأمريكية نهائياً على المنطقة.
العصفور الثاني – السيطرة الكاملة والنهائية على كامل حقول ومنابع النفط في الشرق الأوسط الكبير.
العصفور الثالث – قطع الطريق نهائياً على المشروعات العالمية المنافسة للمشروع الأمريكي مثل المشروع (الصيني) و(الروسي).
وبالفعل حاولت الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترامب اتخاذ المسار المعاكس عن طريق الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني ، ومحاولة الضغط على طهران «للاستسلام» أو «الانهيار» ، و قد قال وزير الخارجية الأميركي ، مايك بومبيو، عام 2018:
«ستُجبَر إيران على الاختيار ، إما الكفاح من أجل إبقاء اقتصادها على قيد الحياة وإما تبديد ثروات هائلة على نزاعات خارج أراضيها. لن يكون لديها الموارد لتقوم بالأمرين».
ومع كل ذلك ، استمرت القبضة الإيرانية قوية وأحياناً عنيفة في الداخل الإيراني مع تمدد إيران أكثر على الناحية الإقليمية ، وكما توسع نطاق برنامجها النووي أكثر.
كان أمام إدارة ترامب أربع سنوات لإثبات صحة النظرية البديلة ، التي تقول:
إن زيادة الضغط الأميركي دون دبلوماسية يمكنها أن تكسر شوكة النظام الإيراني.
ومع أن ترامب وضع إيران موضع الإذلال ولحرمان اقتصادي هائل – بما في ذلك اغتيال (قاسم سليماني) وهو أعلى قائد عسكري إيراني في يناير/كانون الثاني 2020- فإن النظام الإيراني وحد صفوفه ، وتضاعفت قدرة برنامجه النووي مرات ومرات ، ولم يمس النفوذ الإيراني إقليمياً أي أذى رغم تقليص النفقات نتيجة الضغط الاقتصادي عليه.
وحسب ما قاله “جوزيف كرينكيون” الخبير في شئون الأمن القومي بالمركز الليبرالي للنقد الأمريكي لصحيفة نيويوركر أن ترامب رُفع إليه في نهاية ولايته تقرير خلاصته:
«أنه إذا كان العراق كارثة كان علينا أن نتخلص منها ، فإن إيران كارثة يجب أن نتفاداها».
وفي النهاية ابتعد ترامب بعصاته وتصوراته ، واستمر النظام الإيراني بنهجه و سياساته!
(3)
إدارة بايدن … مزيج من سياسة العصا والجزرة
يُعَد إحياء الاتفاق النووي أهم تحدي الآن أمام إدارة بايدن ، إذ تريد واشنطن أن تتراجع إيران عن خطوات تقدمها النووي ، كما أن إيران لن تستطيع مداواة انهيارها الاقتصادي بدون إعادة إحياء الاتفاق كلياً أو جزئياً.
ورغم انسداد الطريق أمام إحياء الاتفاق حتى الآن بسبب السياسات الداخلية لكل من واشنطن وطهران ، وانعدام الثقة الكبير بين الطرفين ، والخلافات التكتيكية ، فإن هذه العقبات يُمكن التغلُّب عليها في نهاية المطاف.
من جانب أخر ، سيتمثَّل تحدٍ أكبر في إدارة بايدن المعلنة “إطالة مدة الاتفاق النووي وتعزيزه” ، إذ تريد تمديد موعد انتهائه إلى ما بعد عام 2023، حيث تنتهي صلاحية بعض بنود الاتفاق ، كما تريد توسعة نطاق الاتفاق ليشمل مسائل غير نووية لكنها تبعث على القلق مثل نشر إيران للصواريخ عالية الدقة إلى وكلائها الإقليميين.
ويعتقد منتقدي نهج بايدن: أن هُناك أمران يعيبان إدارة بايدن.
الأول – يتمحور حول شخصية بايدن نفسه ، فمنتقدوه يرونه طبعة (أمريكية غامقة) من شخصية “هاملت” في مسرح “شكسبير” – رجل معذب بالحيرة و تتجاذبه الهواجس وتستغرقه التصورات ، وكعادة هذا النوع من الشخصيات فإن ترددهم في الفعل يستهلك استعدادهم للقيادة ، وهي في النهاية حسم بين البدائل وقرار.
والثاني – موضوعي متعلق بفكر ورؤية الإدارة ذاتها ، فإن إدارته (وفق رؤيتهم) يجب أن تحاول تقوية الاتفاق قبل العودة إليه ، وليس بعد العودة ؛ مُستفيدة في ذلك من العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب.
وبصرف النظر عن الترتيب ، فأي محاولات أميركية لتحصين الاتفاق ستلقى معارضة شرسة على طول الخط من إيران، أما الضغط على إيران الذي يجب أن تتراجع عنه إدارة بايدن لإحياء الاتفاق النووي ، فقد تحتاج إلى ممارسته مرة أخرى من أجل تحسين الاتفاق النووي.
أما بالنسبة لهؤلاء المستشارين المؤيدين للعودة السريعة إلى الاتفاق النووي:
فالحسابات بالنسبة لهم بسيطة: وهى تبدأ بسؤال بديهي ، هل يجب على بايدن أن يبدأ فترته الرئاسية بأزمة تصعيد مُحتمل مع إيران في خضم الجائحة (كورونا)؟ ، أم أن عليه تأجيل هذه الاحتمالية؟
من جانبهم ، يستشهد منتقدو بايدن ، ومعظمهم من الجمهوريين ، بقول هنري كيسنجر: «إن الضغوط الناجمة عن التنافس تجذب المرء نحو تصديق بأن تأجيل مسألة ما يعني تجنُّب مشكلاتها، بيد أنه غالباً ما يكون استجلاباً لكارثة».
و يُعَد إحياء الاتفاق النووي أهم تحدٍ الآن أمام إدارة بايدن.
فأمريكا تريد أن تتراجع إيران عن خطوات تقدُمها النووي ، ولجم أذرعها في المنطقة و تقييد مشروع الصواريخ لديها.
كما أن إيران لن تستطيع مداواة انهيارها الاقتصادي بدون إعادة إحياء كلية أو جزئية للاتفاق.
وتلك معادلة إقدام وإحجام لكلا الطرفين ، فهي تبعث على الاتفاق وتحض على الاختلاف في نفس الوقت!
وذلك مبعث سخرية الأقدار كما جاء بالملاحم الإغريقية مما رواه “سيفوكليس” في (أنتيجونا وألكترا) ، أو ما صوره “أسخيلوس” في (أجاممنون وحاملات القرابين).
ويرى بعض الخبراء:
أنه على الرغم من أنه لا يمكن (محو) النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط ، فإنه يمكن كشفه و(مُجابهته) و(احتواؤه بفاعلية). فقد أثبت الاتفاق النووي أنه يمكن تحقيق خليط من الضغط العالمي والدبلوماسية الأميركية المتواصلة – المُتمثلة في تحجيم برنامج إيران النووي وليس القضاء عليه وذلك في إطار السعي نحو نتيجة مُرضية لجميع الأطراف.
ويثور تساؤل ، هل تستطيع الولايات المتحدة استخدام الضغط والدبلوماسية ، لوضع حداً للبرنامج النووي الإيراني ونفوذها الإقليمي؟
يُعد هذا هو التحدي الذي يواجه بايدن. فهو يحتاج إلى إطار عمل استراتيجي ينظر إلى إيران نظرة أكثر شمولاً.
ويمكننا هنا الاستعانة بما قاله “جون لويس جاديس”، المؤرخ في جامعة ييل ، في كتابه الكلاسيكي (استراتيجيات الاحتواء) ، إلى أن الاحتواء الأميركي الناجح للاتحاد السوفيتي – الذي أرسى قواعده جورج كِنان، (وهو أبرز مَن دبَّروا السياسة الأميركية أثناء الحرب الباردة) – كان مبنيا على ثلاثة محاور مهمة:
1- تحصين حلفاء أميركا وشركائها (بما فيهم إيران عام 1946).
2- تفتيت الحركة الشيوعية العالمية.
3- توظيف الترغيب والترهيب في محاولة “تعديل السلوك السوفيتي”.
لم تكن هذه الأهداف تتعارض مع بعضها بعضا ، لكنها كانت أجزاءً من استراتيجية يُعزِّز بعضها بعضا.
وبمراجعة السياسات الأمريكية تجاه إيران بعد الثورة الاسلامية نجد:
أن السياسة الوحيدة التي حقَّقت أي تأثير يُذكر على سلوك إيران كانت خليطاً من ضغط دولي كبير ودبلوماسية أميركية غير متهاونة.
فقد فشلت محاولات واشنطن حتى الآن في تحفيز تغيير سياسي في طهران.
كما لم تُوفَّق جهود تقوية شوكة الإصلاحيين داخل النظام الإيراني في وجه المنافسين المتشددين ، فالإصلاحيون يفتقرون إلى الإرادة ، والمتشددون لديهم التسليح الجيد.
ولم تُحرِز الولايات المتحدة تقدما ملحوظاً في محاولاتها لتحفيز المدنيين الإيرانيين العُزل و المتشرذمين الذين لا قيادة لهم للخروج في وجه قيادة إيرانية منظمة وقوية التسليح.
لكن التاريخ أثبت أن المعارضة السياسية لا يُؤجِّجها الفقر المدقع فقط ، إنما بحسب ما يُعرَف بنظرية (منحنى جيه) الذي يقول:
« يؤدي تحسُن الظروف الاقتصادية في المجتمع إلى رفع سقف التوقُّعات التي لا يمكن مواكبتها وإشباعها».
ولهذا السبب ، فمن المُحتمل أن يتسبَّب التحسُّن الاقتصادي قصير المدى ، الذي قد ينتج عن رفع العقوبات الأميركية ، في خلخلة النظام الإيراني على المدى المتوسط والبعيد ، وليس تثبيت أركانه كما يعتقد البعض.
فكلما استوعب الإيرانيون أن قيادتهم ، لا واشنطن ، هي مَن يحول بينهم وبين مستقبل أفضل ، انقلبت أيديولوجية البلاد الأقوى – القومية الإيرانية – لتكون مضادة للنظام نفسه لا أداة في خدمته.
هكذا يرى ويراهن عدد كبير من الخبراء الأمريكيين في واشنطن.
وفى النهاية
يمكن وصف نظرة ومشاعر كلا الطرفين (أمريكا وإيران) لبعضهما البعض بقول الرئيس الأمريكي روزفلت لرئيس وزراء بريطانيا تشرشل عندما طالبه تشرشل «بالعمل معه بدون شك و بحسن نية» ، فكان رد روزفلت: «أنه يمكن استئجار النوايا الحسنة ولكن لا يمكن شراؤها».