فن الحرب (8) : التكتيك العسكري | بقلم علي أمين

لمحة تاريخية:

على مر الزمان كان للقتال أسلوب وفكر وأسلحة يتميز به كل عقد وعصر وخلال تلك الفترات التاريخية كانت الحروب تشتعل هنا وهناك رغم اختلاف أسبابها وعوامل اشتعالها ومع كل حرب يكون هناك منتصر و مهزوم ومع دراسة عوامل وأسباب النصر من قبل المهزوم ومعرفة أسباب الهزيمة يبدأ كل فريق في محاولة تعزيز انتصاره او تدارك اسباب وعوامل الهزيمو فان كان من أسلحة يبدأ الاعداد لذلك وان كان من تنظيم وتدريب يبدأ العمل وبذل الجهد والعرق لزيادة واكتساب الخبرة للتعامل مع السلاح او البحث عن احلاف لتقوية الجبهة البشرية مع القبائل او الدول الصديقة والمجاورة وان كان من أسبابه التكتيك والخداع والتخطيط ورص الصفوف وتقسيم القوات وتشكيلات الجنود وتوزيعهم ولأجل ذلك يبدأ العمل لكسب المعرفة وتطبيقها وتزداد الحاجة لذلك كلما اقترب وقت المواجهة مع الخصم ومعرفة خططه وتقسيم انساقه.

أصل كلمة تكتيك يرجع إلى جذر يوناني أيضًا ومشتقه من كلمة تاسو Tasso يعني يعالج أو يدير.

يصنف التكتيك بأنه فن استخدام القوات المسلحة والجيوش في ميدان المعركة من خلال طريقة تنظيم القوات والتشكيلات وتركيزها في منطقة او تحريكها الى منطقه اخرى واستخدام اسلحتها النوعية والتعاون والربط بين مختلف صنوف تلك الأسلحة في اثناء المعركة.

بمعنى آخر اعتقد انه فن ادارة المعركة والصراع أثناء القتال والالتحام الناري بقوات العدو اي هو فن القتال.

والرؤية المباشرة لخط سير المعارك وإصدار الأوامر القوية والناجحة للظفر بالمعارك القتالية، ومحاولة فهم خطط واسلوب العدو القتالي وفهم خططه و تفكيكها والقضاء عليه.

والبدء في إعداد ورسم الخطط الحربية حسب دراسة طبوغرافيا الأرض وحساب الامكانيات المتاحة للقوة والعتاد وما تقابل قوات العدو، ويعتبر التخطيط العسكري هو علم وفن تنظيم القوات العسكرية وتقنيات استخدام الأسلحة والنيران والحركة في المعركة أو الوحدات العسكرية جمعا في مواجهة أو اشتباك وهزيمة العدو في المعركة.

تنعكس تغيرات في الفلسفة والتقنية على مر الزمان على التغيرات في التكتيكات العسكرية. التكتكات هي ادنى مستويات التخطيط الثلاث أعلى مستويات التخطيط هو مستوى الاستراتجيات وهي تحويل القوات العسكرية إلى قوة سياسية وبشكل أكثر تحديدا ان تجمع كل الوسائل معا من قوات وسياسة ونحوها للانتصار بالحرب المستوى المتوسط هو مرحلة تحويل الاستراتيجيات إلى تكتيكات وهو المستوى العملي لتشكيل الوحدات وقوات الجيش، تستطيع الدول ذات النزاعات العسكرية وضع الخطط للحرب والإعداد لها وشنها في اللحظة التي تختارها يضاف الى ذلك مقدرتها على شن الحرب الوقايية الرادعة في اية لحظة تجد ان هذه الحرب مواتية لصالحها.

حيث ان قمة الفن العسكري لا تكمن في الانقضاض على العدو عندما تسنح الفرصة والقضاء عليه رغم كونه الهدف الاساسي والذي لأجله قد تضرم نيران الحرب ولكن بالنسبه للمهتمين بمجال فنون الحرب ودراسة الخطط الحربية ومعرفة ادق الاسرار بها وكيف تم الاعداد والتخطيط للحرب ومعرفة واضعيها ومن قاموا برسمها كل هذا الوهج يجعل من هذه المعارك عبارة عن قطعة من سيمفونية نارية تزيد من متعة المعرفة بحد ذاتها ومعرفة العبقرية التي بذلت الجهد لكي تصل المناورات الذكية التي تستهدف وضع العدو في موقف لا يسعة فية الانسحاب من الحرب الا بشروط قاسية مجحفة وقاسية او التقهقر والانهزام بشكل مخزي.

كان الأسلوب المباشر رائجًا في الماضي عندما كانت الاشتباكات لاتزال بأسلوب بدائي وتقليدي من حيث استخدام الاسلحة الفردية المكونة من السيوف والفؤوس والتسليح الكامل بالأسلحة البيضاء والأسلوب العسكري الغالب على الحروب.

القوة العددية الشاملة لجهاز عسكري يمتلك قوات واسلحة تتوزع داخل فروعة ووحداته القتالية تساندها تقنية في علم الحرب معرفة لفنون التعبئة والقيادة المتعلقة بطرائق الحرب وأساليبها الجديدة في التدريب والتخطيط والحصول على الاسلحة الحديثة فقد شكل للناس والجيوش صدمة للخصوم وعنصر معنوي لمن يمتلك هذا السلاح في بداية القرن الخامس عشر حيث شكل المدفع عامل مهم والغواصة الالمانية في الحرب العالمية الاولى والطارة بين الحربين العالميتين والقنبلة الذرية وما شكلته لأمريكا والعالم من اسرارها وما نسج حولها من الأساطير حيث شكلت ومثلت عامل القوة والردع والسيطرة.

وما مثلت انتاج الصواريخ العابرة للقارات من قبل الاتحاد السوفيتي من تفوق قلب موازين القوى وجعل الرئيس السوفيتي يطلق جملتة الشهيرة ان اميركا تمتلك الرصاصة لكنها لا تملك البندقية.

وادخل البلدان في سباق تسلح محموم وغزو للفضاء الكوني، كل هذا غير من تكتيكات الجيوش وقضى عليها ووضع تكتيكات جديدة وبلور ووضع استراتيجيات حديثة تتناسق مع الموقف ومع خطورة وحداثة الاسلحة عالية الكفاءة وذات القوة التدميرية الهائله التي قد تلحق بالقوات والجيوش تدمير هائل رغم انتشارها على مساحة جغرافية كبيرة.

ان الامكانيات القتالية العادية يمكن ان تضاعف بمقدرة الفريق على مراقبة وتوجيه المدفعية ذات المدى البعيد والإسناد الجوي ويمكن ان يقع تعزيز القوات بإمدادات جديدة من معدات وجنود حتى يساهموا في اكمال الاحتياجات للمهمة ومثال لذلك فرق الاستطلاع.

والاسناد الناري الذي يجب ان تقدر الامكانيات والحدود وتسيرها ويجب ايضا توفير المعلومات الدقيقة كالخطوط بين الاهداف واسلحة الاسناد ومعرفة الأحداث الراسي والاقصى لكل سلاح اسناد حتى يتم التنسيق بين شتى انواع الأسلحة الأرضية والجوية اثناء تنفيذ المهام التي تم الاعداد لها والمراد تنفيذها.

حيث صرح الجنرال موريس دي ساكس بقوله لا أحبذ المعارك المحددة سلفا وبخاصة مع بداية حرب ما وأنا على اقتناع تام بأن اي قائد عسكري ماهر قادر على ان يجعل الحرب هي حياتية من دون ان يضطر الى خوضها ولا اعني بهذا أنه يجب علية عدم الاجهاز على العدو عندما تحين الفرصة المناسبة او عدم الاستفادة من اخطاء هذا العدو ولكنني أعني ان من الممكن خوض الحرب من دون ترك اي شي للمصادفة وتلك هي اعلى مراتب الكمال والمهارة التي يمكن ان يصل اليها القائد العسكري.

حيث يعتبر التكتيك احد مستويات فن الحرب من حيث التجهيز والاعداد للدراسات التحضيرية وتنظيم والمعركة على مستوى الوحدات القتالية المتنوعه من حيث الامكانيات ومختلف وحدات التشكيل والاسلحة المقاتلة للقوات المسلحة بمختلف صنوفها وانواعها حيث يعتمد على تحريك القوات والاسلحة واقتناص اللحظة المناسبة لكل سلاح وكل قوة للهجوم او الدفاع والتمشيط والقصف باسلحة المدفعية والراجمات والهجوم بارتال المدرعات المختلفة من دبابات وعربات او تحريك بطاريات المدفعية والصواريخ والقيام بنشرها في نقاط محددة كذلك تغيير تكتيكات القتال كالبدء بتنفيذ عمليات الهجوم والاقتحام من قبل وحدات المشاة، اوالقوات الخاصة والدخول في معترك حروب المدن او حروب العصابات، او تعزيز خطوط الدفاع لبعض المواقع والنقاط المهمة.

اعتقد ان التكتيك هو المنهج والطريق والاسلوب الذي يتم اتباعه اثناء المعارك من خلال نشر وتوزيع القوات المحاربة و لكل نوع من انواع الاسلحة منفردة او مجتمعه فمثلا تكتيكات قصف المدن وحصارها تختلف عن تكتيكات اقتحامها والدخول في حرب مدن داخلية تشتعل من شارع الى شارع آخر كما انها تختلف عن تكتيكات حروب الجبال او الصحراء وتختلف عن القتال خارج المدن وفي الأماكن المفتوحة.

عند اختيار طريق السير يجب مراعاة ان تكون محمية او غير مراقبة من طرف اجهزة الرادار بقدر الامكان او نقاط وابراج الرقابة التابعة للعدو.

ان توزيع المعلومات على الجنود حول المهارات الميدانية للعدو وكذلك شرح العادات الخاصة به مثلا كيف يتمركزون او يعملون وكيف يحملون اسلحتهم ونوعيتها وكيف استخدامها وكيف يقراوء تفكير العدو وكيف يعرفوا تفكيرة ويحفظوا ويعرفوا تحركاته حيث تمثل المعلومات التي تناقش في آخر العملية افضل شيء لتحقيق هذا الهدف من وجهة نظر الكثير من القادة العسكريون ان عناصر فن الحرب تتلخص في الكثير من النقاط اهمها:

قياس المسافات ومسح الأرض لتقدير قوة العدو ومعرفة جغرافيته واماكن تواجده.

تقدير كمية الاسلحة والمعدات.

الأخذ في الحسبان حالة العدو المعنوية.

معرفة قدرة العدو على الامدادات الغذائية.

معرفة أعداد القوات واسلحة العدو.

المقارنة المعرفية العلمية لبيان قواتنا مقارنة بقوة العدو واحتمالات النصر نتيجة المقارنة.

توزيع القوات والأسلحة على كل فصيل ومعرفة مدى ما يستخدمه من أسلحة وجاهزيتها ودرجة فاعليتها.

التكتيك العسكري يشمل مناورات القائد بقواته اثناء القتال فلطالما نسمع باعادة تموضع القوات وتمركزها على مسرح العمليات القتالية والانتقال من خطة الى خطة بديلة اخرى واعادة انتشار تلك القوات وتغيير أسلوبها في القتال حسب ظروف المعركة وجغرافية مسرح العمليات القتالي الذي يحدد نوعية التكتيكات الحربية من مواجهات مباشرة واصطدام حي مع العدو الى تنفيذ هجمات سريعة وخاطفة والإغارة على بعض مواقعه ونقاطه القتالية ام عمليات قصف تكتيكي و استخدام قوة نيران عالية يتبعه عمليات توغل مباشر الى داخل اراضي العدو او عمليات تسلل واستطلاع لبعض مواقعه لرصد قواته ومعرفه ودراسه ارض المعركه ومعرفه نقاط الضعف ومكامن القوة او تنفيذ عمليات خاصة وكمائن خلف خطوط العدو او نصب المفخخات والعبوات الناسفة وزرع الالغام في طريق ارتال مدرعاته او تنفيذ عملية تطويق لمحاصرة العدو وزعزعة معنوياته القتالية بضربات استباقية قبل ان يستعد لصد الهجوم والقيام بالتدبيرات الاحترازية والقيام بالهجمات المضادة التي تسبق القيام بعمليات قتالية واسعة او قد تكون الحاجز لصد هجوم واسع او البدء بتنفيذ هجوم ساحق.

لمن فاتته متابعة الأجزاء السابقة :

• فن الحرب (7) : “القوة”
• فن الحرب (6) : الإستراتيجية
• فن الحرب (5) : الجنود | كتب علي أمين
• فن الحرب (٤) : القيادة | كتب علي أمين
• فن الحرب (٣) : الدولة | بقلم علي أمين
• فن الحرب (٢): دور العلم | بقلم علي أمين
• علي أمين يكتب فن الحرب … لمحة تاريخية (1)