الاحدثالملف العربي الصيني

القمة الصينية العربية : تراجع للنفوذ الأميركي وحضور للنفوذ للصيني.. | بقلم علي الهماشي

على خلاف القمة العربية الأميركية التي حملت عنوان (الامن والتنمية) التي كانت لتأمين أمن الدولة العبرية ولم نر لها أثرًا تنمويا بعد مرور ستة أشهر تقريبا وكأنها تحولت الى لقاءات بروتوكولية في هذا المجال وتعهدات شفوية في مجال التطبيع وبالتالي نسجل (موت القمة) بلحاظ نتائجها.

السعودية بوابة المنطقة:

وقبل الحديث عن القمة الصينية العربية أُسجل كمراقب أن المملكة السعودية استطاعت أن تكون محور استقطاب الدول الكبرى و تسجل نوعًا من التوازن في علاقاتها بين الصين والولايات المتحدة وبين روسيا والولايات المتحدة في الحرب الاوكرانية واتخاذها قرارا نفطيا جريئا وخرجت من عنوان الحليف للولايات المتحدة الى صديق (ايجابي) يرى مصالحه ومصالح المنطقة أولا وبدلا من أن تكون منطقة استقطاب وصراع تقول المملكة السعودية أنها تريد لهذه المنطقة أن تتحول الى منطقة تنافس تجاري صناعي استثماري .

الولايات المتحدة تضيع الفرص :

وقد كانت هناك فرصة كافية للولايات المتحدة لمتابعة قرارات قمتها مع العرب وتصلح ما أفسده رئيسها السابق ترامب من فروض على الدول التي زارها ،التي سخرها لخدمته الشخصية فقط، ولم يتابع مشروع القرن الذي نادى به، وقد تعطل لأنه لا يرى مصالح جميع الدول بصورة عادلة ولا يحل مشكلات المنطقة.

ويبدو ان الرئيس بايدن أضاع فرصة تاريخية بإعادة الولايات المتحدة الى المنطقة، مما يفسر بأن سياسة إدارته لا تعطي إلى المنطقة الأولوية المهمة بقدر اهتمامه بالصين وروسيا، واكتفت ادارته بمعالجة اثار كورونا وانعكاساتها على الوضع الاقتصادي داخل الولايات المتحدة .

كما أنَّ البنوك الأميركية وقوانينها فيما يخص تمويل المشاريع خارج الولايات المتحدة تقيد كثيرا من حركة واشنطن في منطقة الشرق الأوسط إضافة الى وجود (استقلالية) معينة للشركات الأميركية التي لاتجازف في البحث عن فرص لها خارج الولايات المتحدة وفي بيئة متوترة مثل الشرق الاوسط، واليد العاملة الأميركية خارج الولايات المتحدة اجرتها أضعاف مضاعفة وهو ما لانؤشره لا في البنوك الصينية التي تخضع لسياسة حكومتها و تملك يدًا عاملة ليست رخيصة فحسب بل يمكن أن تستخدم ممن لديهم عقوبات طويلة المدى في سجونها لتقديم خدمة خارج الصين .

الصين القادمة بلغة الحرير:

وننتقل الى الصين حيث نرى إنَّ زيارة الزعيم الصيني شي جين بيغ جاءت بعد مؤتمر حزبها الحاكم الذي جدد الثقة له ، وهي الاولى للمنطقة في قمة وفرت له لقاءات كثيرة لم تحصل من قبل بهذا الزخم لأي زعيم من زعماء الدول الخمسة(الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والمانيا ) وهو مؤشر على الإعداد المنظم للحكومة الصينية لهذه القمة التي تسعى من خلالها الى بدء المرحلة الثانية من ستراتيجيتها ما وراء حدود الصين.

إنَّ ما يميز الصين مرونتها في تنفيذ ستراتيجيتها في المنطقة بطريقة هادئة كما تفعل دودة القز التي تصنع الحرير ،والمراقب للسياسية الصينية وشعاراتها يجد إصرارًا (صامتا ) على التنفيذ ولا تجد (اليأس السياسي) بل هناك طول نفس لدولة تريد لنفوذها أن يمتد إلى أبعد نقطة و دون استخدام للقوة ويبقى العنوان الاقتصادي هو السائد بأذرع مهمة ابتداءً من بنك التنمية الصيني الى الشركات العملاقة وكذلك مؤسسة موانئ شنغهاي وان لم تكن هذه المؤسسة الوحيدة إلا انها بارزة في مجال بناء وتطوير الموانئ في العالم .

هذه الحيوية الصينية إن جاز التعبير تختلف عن الطريقة الأميركية التي تجد حكومتها صعوبة في تمويل مشاريع تنموية واستثمارية في بيئات (صعبة) فلهذا لا تجد موافقات لتمويل المشاريع الاستثمارية خارج الولايات المتحدة بشكل واضح .

كما أنَّ الميزة الاخرى التاريخية للصين في المنطقة إنها لا تحمل إرثًا (تدميريا ) في المنطقة أي أنها لم تشارك في أي حرب إحتلال في المنطقة ،وموقفها ثابت في القضية الفلسطينية بالرغم من علاقاتها المتنامية مع الدولة العبرية التي ربما تكون الصفحة الثانية بعد استكمال اتفاقات التنمية والاستثمار في قمة جدة أن يكون التطبيع الاقتصادي هو المحصلة النهائية في نهاية المطاف وتنجح في مسعىً فشلت فيه الولايات المتحدة منذ أمد بعيد !.

وقد ضمنت الصين موافقة ايران ضمنا لارتباط الاخيرة باتفاق لا تقل قيمته عن ال300مليار دولار ، او إن ايران تبحث عن مخرج اقتصادي من خلال بوابة الصين للتواصل الاقتصادي وتنهي لغة الصراع بين الطرفين العربي والايراني .

وكأن الصين تقدم طوق النجاة لدول المنطقة التي عانت وتعاني من مشاكل سياسية واقتصادية التي تفاقمت بعد جائحة كورونا .
وعودا على العنوان فقد تكون هذه القمة نقطة تحول في المنطقة وقد تكون الصين راعية بديلة عن الولايات المتحدة لحل الصراع العربي الاسرائيلي في المستقبل .

وبهذا تفقد الولايات المتحدة هذه الصفة شيئا فشيئا وتحل بدلها الصين تدريجيا فالصين تلبس ثوب الحرير وتلوح به بينما ما زالت الولايات المتحدة تلبس قفازات حديدية وتلوح بلكم هذا الطرف او ذاك كلما وصلت سياستها الى طريق مسدود .

كما يلاحظ ابتعاد الدولة العبرية عنها أيضا وهو ما تم تأشيره في مقالات سابقة أيضا .

فهل سترضى الولايات المتحدة بالواقع الاقتصادي السياسي الجديد في المنطقة أم ستفتزها هذه القمة واتفاقاتها وتحاول احياء قرارات قمة الامن والتنمية .


اقرأ أيضًا في نفس الملف:

السيّد علي الهماشي، كاتب عراقي

السيّد علي الهماشي، كاتب عراقي مواليد بغداد، له كتابات سياسية عديدة في الشان العراقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى