ازمة لبنانالاحدث

سنة على اغتيال المدينة (١٨): لا أحد أكبر من بيروت الوطنيّة | بقلم د. رنا منصور

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

ليس في بيروت يمامة واحدة لا تعرف طريقها إلى مرفأ بيروت، ليس في بيروت شخص واحد لا يعرف مرفأ بيروت وإهراءاته التي تتطاير الطيور حولها من أجل لقمة عيشها من الحبوب التي تتناثر من الأكياس الآتية عبر البواخر الكبيرة والصغيرة.

أجمل صباح هو صباح بيروت عبر الأبنية المطلّة على المرفأ حيث الرزق الوفير والعمل الدؤوب في سبيل الإستيراد والتصدير.

لا أحد أكبر من بيروت التي ستبقى منارة الشرق، لكن كل هذا الخير، النور، الأمل والحب لبيروت أرعبه إنفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب من العام الماضي عندما تحوّلت بيروت إلى مدينة مهدّمة تغرق فيها مئات الشهداء وآلاف الجرحى. كان يوم مشؤوم لن ينساه العالم كله طوال عمره، ثالث أقوى إنفجار في العالم من حيث القوة والتدمير، لكن بيروت ستبقى شعلة الأمل والمحبة شاء من شاء وأبى من أبى. ثواني معدودة في ذلك اليوم المشؤوم كانت كافية لتهجير آلاف العائلات وتدمير أكثريّة أجزاء العاصمة من مستشفيات وجامعات ومدارس ومحلات وكل ما يدور في فلكها.

مع كل الأسف يستمر بعض تجار السياسة وناهبي المال العام في تمرير الوقت لعلّ الناس تنسى وتلفلف الموضوع عبر القفز فوق التحقيق الجنائي الذي يؤيّده الشعب اللبناني كافة، فالعدالة يجب أن تأخذ مجراها ولا يجب التدخّل في التحقيق من قِبل أي جهة كانت.

إنّ هذا الموضوع المهم يُعتبر من أبرز الملفات في العالم الجنائي ولا يجوز رمي الإتهامات جزافاً وهي اتهامات لا تستند إلى أي دليل ولا إلى أي توجيه في غير محله، القصد منه فقط تضليل التحقيق وكأنّ شيئاً لم يكن. وهنا أؤيّد رفع الحصانات عن الجميع كما طلب دولة الرئيس سعد الحريري لأنّ في هذا الموضوع لا يجب أن يكون هناك حصانة على أحد، والجميع دون استثناء كما قال الرئيس الحريري.

هناك البعض ممن ينصّب نفسه قاضياً ومحاسباً أو باحثاً قانونيّاً وينظّر بتفسير الدستور والقوانين وفق رغباتهم وخصوصياتهم وغاياتهم، وكأنّ الشعب خراف لا تعرف بالدستور أو أصول المحاكمات الجزائيّة أو قانون العقوبات اللبنانيّ.

الشعب اللبنانيّ في كل لحظة يتحوّل إلى عالمٍ في الاقتصاد وفي القانون وباحثٍ في الشؤون العسكريّة ولم نرَ أي إيجابيّة واحدة ولا مجرماً واحداً تعاقب ولا لصّاً واحداً في السجن، لا بل كلّه تنظير وتضيّيع للوقت.

إنّ المنظرين أصبحوا جهابذة في كل الأمور السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة ونصوص القوانين وتفسير اّتفاق الطائف، وفي النهاية لا يزال الجميع يُعاني ويعاني حتى أصبحت أكثريّة الشعب بلا ماء ولا كهرباء بعد أن تمّ تهريب المال العام، فالدولار إلى تصاعد كالتحاليل السياسيّة بالتأليف والتكليف والأمور الإستراتيجيّة.

يا حكّام لبنان الكرام، إنّ الشعب اللبنانيّ إذا لم يمت من الإنفجارات فسيموت من الجوع حتماً. كفى تجارة… كفى تلفيق… كفى نفاق… كفى مسرحيات سياسيّة بين بعضكم البعض. على الأقل إحترموا شعبكم الذي سرقتموه، كيف تنامون على وسادتكم وأنتم في أعلى مستوى من الرفاهيّة وهو لا يستطيع تأمين لقمة عيشه ولا حتى إنارة بيته بمصباح؟

رحم الله كلّ من استشهد في الرابع من آب من العام الماضي، وفي النهاية لا يصح الّا الصحيح والقانون بإذن الله سيُطبق على الجميع مهما طال الزمن، وإذا هرب المنافقون والمتذلّفون من حساب الناس فإن الله سيُحاسبهم لأنّه يُمهل ولا يُهمل.

 

لمن فاتته متابعة الأجزاء السابقة:

د. رنا هاني منصور

د. رنا هاني منصور دكتوراه في العلوم الاقتصادية- بنوك وتمويل أستاذ محاضر في الجامعة اللبنانية، كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال- الفرع الأول أمينة سر جمعية الخبراء الماليين عضو في اللجنة العلمية للجمعية اللبنانية لتقدم العلوم عضو في اللجنة الإستشارية لمجلة جويدي للإبتكار والتنمية والإستثمار لها أكثر من 150 مقال في العديد من المواضيع المالية، الاقتصادية، السياسية والاجتماعية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى